العدوان [1][2] هو سلوك موجه لإيذاء الآخرين عمداً، ويرتبط العدوان والعنف ببعض الحالات المرضية مثل اضطرابات الشخصية المضادة للمجتمع، والاضطرابات الذهانية، وتحت تأثير بعض الأدوية، ويدخل تحت بند العدوان جرائم العنف مثل القتل والاغتصاب والسرقة بالإكراه والمشاجرات، ويهتم الطب النفسي بتحديد دوافع السلوك العدواني، والعوامل الاجتماعية والنفسية، وأساليب الوقاية والسيطرة على العنف والعدوان.[1] يكون السلوك العدواني شائعاً بين الحيوانات؛ بالمقابل يكون سلوك الإنسان عدوانياً عند حدوث إحباط نتيجة عدم تحقيق الأهداف.
يكون العدوان حسب التعريف في مجال العلوم الاجتماعية والعلوم السلوكية، هو رد فعل من شخص يكون على شكل يوصل رسالة غير سارة إلى شخص آخر،[3] وقد يتضمن رد الفعل نية الإيذاء.[4]
الفرق بين العدوان وبعض الصفات المشتبهة
- الفرق بين العُدْوَان والظُّلم:
قال ابن رجب: (وقد يُفَرَّق بين الظُّلم والعُدْوَان: بأنَّ الظُّلم ما كان بغير حقٍّ بالكلِّيَّة، كأخذ مال بغير استحقاق لشيء منه، وقتل نفس لا يحلُّ قتلها، وأما العُدْوَان: فهو مجاوزة الحدود وتعدِّيها فيما أصله مباح، مثل أن يكون له على أحد حقٌّ مِن مالٍ أو دمٍ أو عرضٍ فيستوفي أكثر منه، فهذا هو العُدْوَان، وهو تجاوز ما يجوز أخذه، فيأخذ ما له أخذه وما ليس له أخذه..)[5].
- الفرق بين العُدْوَان والبغي:
قال أبو البقاء الكفوي: (والعُدْوَان: تجاوز المقدار المأمور به بالانتهاء إليه والوقوف عنده، وعلى ذلك ((فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ)) [البقرة: 194] والبغي: طلب تجاوز قَدْرِ الاستحقاق -تجاوزه أو لم يتجاوزه-، ويستعمل في المتكَبِّر)[6].
- الفرق بين العُدْوَان والإثم:
قال أبو هلال العسكري: (الإثم: الجُرْم كائنًا ما كان. والعُدْوَان: الظُّلم. قاله الطبرسي، وعلى هذا فقوله تعالى: ((يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)) [المائدة: 62] مِن عطف الخاص على العام[7].
قال الراغب الأصفهاني: (الإثم أعمُّ مِن العُدْوَان)[8].
- الفرق بين العُدْوَان والطُّغيان:
قال أبو البقاء الكفوي: (الطُّغيان: هو تجاوز الحدِّ الذي كان عليه مِن قبل، وعلى ذلك ((إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء)) [الحاقة: 11] والعُدْوَان: تجاوز المقدار المأمور به بالانتهاء إليه والوقوف عنده، وعلى ذلك ((فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ)) [البقرة: 194])[6].
موقف الإسلام من العدوان
العدوان اصطلاحًا: قال الراغب الأصفهاني: (العُدْوَان: الإخلال بالعدالة في المعاملة)[9]. وقال المناويُّ: (العُدْوَان: سوء الاعتداء في قول أو فعل أو حال)[10].
ذم العدوان في القرآن الكريم
وقال عز وجل في سورة المجادلة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾
وقال أيضًا في سورة المائدة: ﴿ وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾
قال ابن كثير: (أي: يبادرون إلى ذلك مِن تعاطي المآثم والمحارم، والاعتداء على النَّاس، وأكلهم أموالهم بالباطل، لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ أي: لبئس العمل كان عملهم، وبئس الاعتداء اعتداؤهم)[11].
قول تعالى: ((وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)) [المائدة:2]
قال الطَّبري: (وَالْعُدْوَانِ يقول: ولا على أن تتجاوزوا ما حدَّ الله لكم في دينكم، وفرض لكم في أنفسكم وفي غيركم)[12].
وقال تعالى أيضًا في سورة المائدة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله، وأقرُّوا بما جاءهم به نبيُّهم ﷺ أنه حق من عند الله "لا تحرّموا طيبات ما أحل الله لكم"، يعني بـ"الطيبات"، اللذيذات التي تشتهيها النفوس، وتميل إليها القلوب، فتمنعوها إيّاها، كالذي فعله القسِّيسون والرُّهبان، فحرَّموا على أنفسِهم النساءَ والمطاعمَ الطيَّبة، والمشاربَ اللذيذة، وحَبس في الصَّوامع بعضُهم أنفسَهم، وساحَ في الأرض بعضهم. يقول تعالى ذكره: فلا تفعلوا أيُّها المؤمنون، كما فعل أولئك، ولا تعتدُوا حدَّ الله الذي حدَّ لكم فيما أحلَّ لكم وفيما حرم عليكم، فتجاوزوا حدَّه الذي حدَّه، فتخالفوا بذلك طاعته، فإن الله لا يحبُّ من اعتدى حدَّه الذي حدّه لخلقه، فيما أحل لهم وحرَّم عليهم [13].
وقال عز وجل في سورة البقرة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
يقول تعالى: (كتب عليكم) العدل في القصاص أيها المؤمنون حركم بحركم، وعبدكم بعبدكم، وأنثاكم بأنثاكم، ولا تتجاوزوا وتعتدوا، كما اعتدى من قبلكم وغيروا حكم الله فيهم[14].
وقال عز وجل في سورة الأعراف: ﴿ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
في الصحيحين، عن أبي موسى الأشعري "رضي الله عنه" قال: رفع الناس أصواتهم بالدعاء، فقال رسول الله ﷺ: "أيها الناس، اربعوا على أنفسكم; فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إن الذي تدعونه سميع قريب[15].
في السنة النبوية
عن أبي هريرة أنَّ رسول الله ﷺ قال:المستبَّان ما قالا، فعلى البادئ، ما لم يعتد المظلوم [16].
قال النَّوويُّ: (معناه أنَّ إثم السُّباب الواقع مِن اثنين مختصٌّ بالبادئ منهما كلُّه، إلَّا أن يتجاوز الثَّاني قدر الانتصار، فيقول للبادئ أكثر ممَّا قال له)[17].
عن عبد الله بن مغفل: ((أنَّه سمع ابنه يقول: اللَّهمَّ إنِّي أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنَّة إذا دخلتها. فقال: أي بني، سل الله الجنَّة، وتعوَّذ به مِن النَّار؛ فإنِّي سمعت رسول الله ﷺ يقول: إنَّه سيكون في هذه الأمَّة قوم يعتدون في الطُّهور والدُّعاء))[18].
قال القاري: (... ((قومٌ يعتدون)) -بتخفيف الدَّال-: يتجاوزون عن الحدِّ الشَّرعي... والاعتداء في الدُّعاء يكون مِن وجوهٍ كثيرة، والأصل فيه أن يتجاوز عن موقف الافتقار إلى بساط الانبساط، ويميل إلى أحد طرفي الإفراط والتَّفريط في خاصَّة نفسه، وفي غيره إذا دعا له أو عليه، والاعتداء في الطُّهور استعماله فوق الحاجة، والمبالغة في تحرِّي طهوريته حتى يفضي إلى الوساوس)[19].
عن عائشة رضي الله عنها:((أتى النَّبيَّ ﷺ أناس مِن اليهود، فقالوا: السَّام عليك يا أبا القاسم. قال: وعليكم. قالت عائشة: قلت: بل عليكم السَّام والذَّام. فقال رسول الله ﷺ: يا عائشة لا تكوني فاحشة. فقالت: ما سمعتَ ما قالوا؟ فقال: أوليس قد رددت عليهم الذي قالوا؟ قلتُ: وعليكم))[20].
والفحش هنا هو عدوان الجواب.
في كتب العلماء
- كتب الفضل بن يحيى إلى عامل له: (بئس الزَّاد إلى المعاد العُدْوَانُ على العباد)[21].
- كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عمَّاله: (إن قَدَرت أن تكون في العدل والإحسان والإصلاح كقَدْر مَن كان قبلك في الجور والعُدْوَان والظُّلم فافعل، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله)[22].
- عن أيوب قال: (مَرَّ ابن عمر برجل يكيل كيلًا كأنَّه يعتدي فيه، فقال له: ويحك! ما هذا؟ فقال له: أمر الله بالوفاء. قال ابن عمر: ونهى عن العُدْوَان)[23].
- كتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل الموسم: (أمَّا بعد: فإنِّي أُشهد الله، وأبرأ إليه في الشَّهر الحرام والبلد الحرام ويوم الحجِّ الأكبر أنِّي بريء مِن ظُلْم مَن ظلمكم، وعُدْوَان مَن اعتدى عليكم، أن أكون أمَرْت بذلك أو رضيته أو تعمَّدته، إلَّا أن يكون وهمًا منِّي، أو أمرًا خفي عليَّ لم أتعمَّده، وأرجو أن يكون ذلك موضوعًا عنِّي مغفورًا لي إذا علم منِّي الحرص والاجتهاد)[25].
نتائج وعواقب العدوان
1- عقوبة في الدنيا:
قال عز وجل في سورة آل عمران: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ﴾
2- عقوبة الآخرة:
قال عز وجل في سورة ق: ﴿ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ﴾
3- يحرم من محبة الله:
قال عز وجل في سورة الأعراف: ﴿ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
4- مكروه من الناس:
لاعتدائه على حقوقهم.
5- تقطيع الصلات:
فاعتداء الناس بعضهم على بعضٍ يورث في قلوبهم جفاءً لبعضهم.
6- صعوبة حل المشاكل:
فالاعتداء بمضاعفة العقوبة أو مضاعفة الشتيمة وردها بأضعافها، وكان المتخاصمان من شيمهما الاعتداء كبرت المشكلة من مشكلة بسيطة حتى كبيرة.
أسباب الوقوع في العدوان
1- عدم طاعة أوامر الله والخوف منه:
قال عز وجل في سورة البقرة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
2- الانقياد للهوى:
قال عز وجل في سورة الأنعام: ﴿ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ﴾
3- الخمر والميسر:
قال تعالى في سورة المائدة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ﴾
4- الحقد والكره. 5- سوء التربية.
6- صديق السوء:
قال تعالى في سورة الزخرف: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾
أنواع العدوان
- العدوان المحرم: والعدوان بشكل عام، محرم في الإسلام ومذموم، ويستثنى منه بعض الحالات بشروط.
- العدوان المباح: يباح مِن العُدْوَان الرَّدُّ على المبتدئ به على سبيل مُجازاته:
قال تعالى: ((فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)) [البقرة: 194]
قال الطَّبري: (فالعُدْوَان الأوَّل ظُلْمٌ، والثَّاني جزاءٌ لا ظُلْم، بل هو عدلٌ؛ لأنَّه عقوبةً للظَّالم على ظلمه، وإن وافق لفظه لفظ الأوَّل)[26].
قال السَّمعاني: (وإنَّما سمَّى الجزاء على الظُّلم: اعتداء، على ازدواج الكلام، ومثله قوله تعالى: ((وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا)) [الشُّورى:40] وتقول العرب: ظلمني فلان فظلمته، أي: جازيته على الظُّلم. ويقال: جهل فلان عليَّ فجهلت عليه)[27].
قال الرَّاغب: (أي: قابلوه بحسب اعتدائه، وتجاوزوا إليه بحسب تجاوزه... ومِن العُدْوَان الذي هو على سبيل المجازاة، ويصحُّ أن يُتعاطى مع مَن ابتدأ، قوله: ((فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ)) [البقرة: 193][28].
علاج العدوان
1- الصحبة الصالحة.
قال رسول الله ﷺ: ((الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))[29].
2- معرفة عواقب العدوان السيئة في الدنيا والآخرة
3- مجاهدة النفس وتزكيتها:
قال تعالى في سورة الأعلى: ﴿ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾
4- عدم مقابلة العدوان بالعدوان:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ((إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ: «يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أَمَّهُ))[30].
5- الإيمان بالآخرة والرغبة بها، بحيث تغلب هوى نفسه:
قال تعالى في سورة القصص: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾
6- ترك المحرمات، وخصوصًا الخمر والميسر:
قال تعالى في سورة المائدة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ﴾
7- ذكر الله، والدعاء:
قال عز وجل في سورة الأعراف: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴾
أقوال وأشعار في ذم العدوان
- «قيل: مَن طال عُدْوَانه زال سلطانه.»
- «وقيل: مَن جمح به العُدْوَان، جنح عليه الإخوان[31].»
- قال الشوكانيُّ:
وكُفَّ يدَ العُدْوَانِ عن كلِّ مسلمٍ | سوى ما أتَى في شرعِ ربِّ العوالمِ |
- قال ابن الرومي[32]:
ولا يرَى الظُّلمَ والعُدْوَانَ فاعلُهم | إلَّا إذا رابهُ ظُلْمٌ وعُدْوَانُ |
- قال أحمد محرَّم:
ولا ابتغت صالحُ الأعمالِ ناهضةً | إلَّا انبرى ناهضُ العُدْوَانِ يُثنيها |
لا تجمعِ الإثمَ مع البهتانِ | وكنْ على خوفٍ مِن العُدْوَانِ |
اقرأ أيضاً
المراجع
- ترجمة Aggression حسب معجم مصطلحات الطب النفسي، مركز تعريب العلوم الصحية - تصفح: نسخة محفوظة 15 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.
- ترجمة Aggression حسب المعجم الطبي الموحد - تصفح: نسخة محفوظة 07 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
- Buss, A. H. (1961). The psychology of aggression. Hoboken, NJ: John WIley.
- Anderson, C. A., & Bushman, B. J. (2002). Human aggression. Annual Review of Psychology, 53(1), 27-51.
- شرح حديث لبيك، ص. 103
- الكليات، ص. 584
- الفروق اللغوية، العسكري، ص. 16
- مفردات القرآن، ص. 64
- مفردات القرآن، الراغب الأصفهاني، 553
- التوقيف على مهمات التعاريف، ص. 508
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير (144/3)
- جامع البيان، 490/9
- تفسير الطبري، سورة المائدة
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير سورة البقرة
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير سورة الأعراف
- رواه مسلم، (2587)
- شرح النووي على صحيح مسلم (140/141-16)
- رواه أبو داوود، (96)
- مرقاة المفاتيح،الملا علي القاري، 416/2
- رواه مسلم، 2165
- التذكرة الحمدونية، ابن حمدون (177/3)
- رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى، (384/5)
- المصنف، رواه عبد الرزاق، 67/8
- رواه أبو نعيم في حلية الأولياء، (123/9)
- التذكرة الحمدونية، ابن حمدون، (153/154-1)
- جامع البيان، (314/1)
- تفسير السمعاني، 194/1
- مفردات القرآن، الراغب الأصفهاني ص. 554
- رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح.
- رواه البخاري، 5636
- ربيع الأبرار، الزمخشري، 311/3
- ديوان ابن الرومي، 2426/6
- يتيمة الدهر، الثعالبي، 438/1