الرئيسيةعريقبحث

كلابية

طائفة اسلامية

☰ جدول المحتويات


كُلَّابِيَّة (بضم الكاف وتشديد اللام ثم كسر الباء). فرقة إسلامية،[1] من أهل السنة والجماعة.[2] ظهرت في النصف الأول من القرن الثالث الهجري على يد عبد الله بن كلاب وإليه ينتسبون.

قامت الكلابية دفاعاً عن مذهب السلف في مقابل الأفكار المنحرفة التي خرجت بها المعتزلة والجهمية وغيرهم، ولكن الكلابية اعتمدت في ذلك على منهج خاص ترى أنه الأفضل في ذلك الوقت ففي مقابل المعتزلة والتي تعتمد على العقل كان النصيّون الذين تقيدوا بالنص في نظر الكلابية ولم يستطيعوا الرد على المعتزلة بالحجة العقلية فرأت الكلابية الجمع بين هذين المنهجين الحجة العقلية والحجة النقلية في الرد والدفاع عن العقيدة الإسلامية.[3]

النشأة والتطور

نشأت الكلابية على يد عبد الله بن سعيد بن كلاب الذي عاش في زمن شهد سطوة المعتزلة وتسلطهم واستمالتهم للخلفاء، وبلغ ذلك ذروته في عهد الخليفة المأمون بن هارون الرشيد، واستمر في عهد المعتصم والواثق إلى أن رفع الله هذا البلاء في زمن المتوكل. وقد وقعت مناظرات ومساجلات بين ابن كلاب وبين المعتزلة والجهمية، وأراد ابن كلاب نصرة عقيدة السلف الصالح بالطرق والبراهين العقلية والأصولية؛ حتى عده كثير من المؤرخين للفرق من متكلمة أهل السنة والجماعة.

قال الإمام الشهرستاني في (الملل والنحل): (حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي وأبي العباس القلانسي والحارث بن أسد المحاسبي وهؤلاء كانوا من جملة السلف، إلا أنهم باشروا علم الكلام وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية وبراهين أصولية، وصنَّف بعضهم ودرَّس بعض، حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري وبين أستاذه مناظرة في مسألة من مسائل الصلاح والأصلح، فتخاصما وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة، فأيَّد مقالتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهباً لأهل السنة والجماعة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية).[4]

والمحاسبي والقلانسي وغيرهما، هم من تلامذته الذين نشروا مذهبه، إلى أن تلقف هذا المذهب في القرن الرابع الهجري كل من أبي منصور الماتريدي المتوفى سنة(ت 333 هـوأبي الحسن الأشعري المتوفى سنة(ت 324 هـ)، فنشرا أقوال ابن كلاب، وأشاعاها، وهكذا تطور المذهب الكلابي على أيدي هؤلاء ومن جاء بعدهم من الماتريدية والأشعرية.

وليس الإمام الأشعري وحده الذي كان على طريق الإمام ابن كلاب، بل كان على نفس المعتقد أئمة كبار مثل الإمام البخاري. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: (البخاري في جميع ما يورده من تفسير الغريب إنما ينقله عن أهل ذلك الفن كأبي عبيدة والنضر بن شميل والفراء وغيرهم، وأما المباحث الفقهية فغالبها مستمدة له من الشافعي وأبي عبيد وأمثالهما، وأما المسائل الكلامية فأكثرها من الكرابيسي وابن كُلاَّب ونحوهما).[5]

معتقدهم

بحسب رؤية الأشاعرة والماتريدية؛ اتبع عبد الله بن كلاب عقيدة السلف،[6] حيث نصر عقيدة السلف بالبراهين العقلية والحجج الكلامية في مواجهة الفلاسفة والمعتزلة والفرق الأخرى المخالفة لأهل السنة والجماعة وكثير من هؤلاء لا يقنع إلاّ بالأقيسة المنطقية، ومنهم فلاسفة لا يقطعهم إلا دليل العقل.[7] فواجههم ابن كلاّب وأصحابه بأسلوبهم مدافعًا عن عقيدة أهل السنة لكي لا يتأثر العوام بأقوال المعتزلة والفرق المخالفة الأخرى. وبحسب هذا الطرح، وافق الكلابية الأثرية في مجمل عقائدهم.[8]

في حين يرى السلفية أنهم خالفوا السلف في بعض المسائل، منها:

  1. إثبات الأسماء والصفات إجمالاً، سوى الفعلية منها والاختيارية، وكان الناس قبل ابن كلاب إما مثبت للصفات أو ناف لها، فجاء بهذا التفريق في الصفات، فكان أول قائل به[9]. كما أول بعض الصفات: مثل تأويله لصفة الأصابع بأنها نعم الله[10].
  2. يعتقدون أن القرآن ليس كلام الله حقيقة ولكنه حكاية عنه، وأنه كلام الله هو معان قديمة قائمة بنفس الله، وليس بحروف ولا أصوات. وإن كانوا يقرون بأن القرآن كلام الله غير مخلوق.
  3. يقولون أن الإيمان هو التصديق القلبي، وأنه قول باللسان، وأنه لا يزيد ولا ينقص، وأنه يجب الاستثناء فيه، وأن مرتكب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان. ولا يدخلون عمل الجوارح في تعريف الإيمان..
  4. يعتقدون أن أخبار الآحاد لا توجب علماً.

يقول الذهبي نقلا عن ابن خزيمة أن الإمام أحمد بن حنبل كان من أشد الناس على ابن كلاب وأصحابه.[11] قال ابن الجوزي في المنتظم: «كان الإمام أحمد بن حنبل ينكر على الحارث المحاسبي خوضه في الكلام، ويصد الناس عنه، فهجره أحمد فاختفى في داره ببغداد، ومات فيها».[12] وروى الهروي أن أبو بكر ابن خزيمة نفسه لعنهم وكذبهم وتبرأ منهم.[13] في حين يفسر تاج الدين السبكي نقد ابن حنبل للمحاسبي لخوضه في علم الكلام كان "خوفا أن يجر ذلك إلى ما لا ينبغى"، وتابع «والظن بالحارث أنه إنما تكلم حين دعت الحاجة ولكل مقصد والله يرحمهما» ثم أردف رواية في طبقاته يثني فيها ابن حنبل على المحاسبي.[14]

من أعلام الكلابية

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: "وكان ممن اتبعه - أي: ابن كلاب - الحارث المحاسبي وأبو العباس القلانسي ثم أبو الحسن الأشعري وأبو الحسن بن مهدي الطبري وأبو العباس الضبعي وأبو سليمان الدمشقي وأبو حاتم البستي وغير هؤلاء: المثبتين للصفات المنتسبين إلى السنة والحديث المتلقبين بنظار أهل الحديث".[15]

الانتشار

تلقف الأشعرية والماتريدية أصول الكلابية وطوروها وزادوا عليها، فحيثما وجد الأشعرية والماتريدية فهم حاملوا أصول الكلابية. ومن المعلوم أن كثيراً من الشافعية والمالكية هم من الأشعرية، وكثيراً من الحنفية هم من الماتريدية. وهذا موجود في أكثر البلدان الإسلامية.[16]

انظر أيضاً

المراجع

  1. في "مقالات الإسلاميين" لأبي الحسن الأشعري: (اختلف المسلمون عشرة أصناف: الشيع الخوارج المرجئة والمعتزلة، والجهمية، والضرارية، والحسينية، والبكرية، والعامة وأصحاب الحديث، والكلابية أصحاب عبد الله بن كلاب القطان).
  2. حمد السنان; فوزي العنجري. أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم. دار الضياء للنشر والتوزيع. صفحة 47-51.
  3. كتاب: آراء الكلابية العقدية وأثرها في الأشعرية، الناشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، سنة النشر: 2000م، ص: 284-285.
  4. حمد السنان; فوزي العنجري. أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم. دار الضياء للنشر والتوزيع. صفحة 50.
  5. حمد السنان; فوزي العنجري. أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم. دار الضياء للنشر والتوزيع. صفحة 51.
  6. ((عبد الله بن سعيد بن كلاب..كان إمام أهل السنة في عصره، وإليه مرجعها، وقد وصفه إمام الحرمين..وإمام أهل السنة في عصره: بأنه من "أصحابنا"، كما يقول أيضًا التاج السبكي:"..ابن كلاب القطان أحد أئمة المتكلمين"، كما أن ابن تيمية مدحه في كثير من المواضع في منهاج السنة وفي مجموعة رسائله ومسائله، وهذا يدل على ما كان للرجل من أثر عظيم في مدرسة أهل السنة والجماعة))ص 295 من كتاب "نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام" الجزء الأول، تأليف أ.د علي سامي النشار، دار السلام، الطبعة الأولى 2008.
  7. تاريخ المذاهب الإسلامية/الجزء الأول-في السياسة والعقائد/محمد أبو زهرة
  8. "الملل والنحل" للشهرستاني.
  9. موسوعة الفرق: من إعداد موقع الدرر السنية نسخة محفوظة 04 فبراير 2012 على موقع واي باك مشين.
  10. ذكره الفراء في "طبقات الحنابلة" (2[) حيث قال: ((فقلت له: هذا الخبر يقول: "إن الأصبعين نعمتان" واليدين صفة للذات، ولم يتقدمك بهذا أحد إلا عبد الله بن كلاب القطان الذي انتحلت مذهبه، ولا عبرة في التسليم للأصابع والتأويل لها على ما ذكرت: إن القلوب بين نعمتين من نعم الله عز وجل)). نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  11. في سير أعلام النبلاء (14/380) للذهبي: قال الإمام أبو بكر ابن خزيمة لما قال له أبو علي الثقفي: ((ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟ قال -أي ابن خزيمة- : ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره)).
  12. المنتظم في التاريخ لابن الجوزي، 11-309 نسخة محفوظة 05 أبريل 2005 على موقع واي باك مشين.
  13. في "ذم الكلام وأهله" للهروي، ج4 ص388 أن ابن خزيمة قال: ((من نظر في كتبي المصنفة في العلم ظهر له وبان أن الكلابية لعنهم الله كذبة فيما يحكون عني مما هو خلاف أصلي وديانتي)). نسخة محفوظة 07 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  14. «وذكر الحاكم أبو عبد الله أن أبا بكر أحمد بن إسحاق الصبغى أخبره قال سمعت إسماعيل بن إسحاق السراج يقول قال لى أحمد بن حنبل بلغنى أن الحارث هذا يكثر الكون عندك فلو أحضرته منزلك وأجلستنى من حيث لا يرانى فأسمع كلامه فقصدت الحارث وسألته أن يحضرنا تلك الليلة وأن يحضر أصحابه فقال فيهم كثرة فلا تزدهم على الكسب والتمر فأتيت أبا عبد الله فأعلمته فحضر إلى غرفة واجتهد قي ورده وحضر الحارث وأصحابه فأكلوا ثم صلوا العتمة ولم يصلوا بعدها وقعدوا بين يدى الحارث لا ينطقون إلى قريب نصف الليل ثم ابتدأ رجل منهم فسأل عن مسألة فأخذ الحارث قي الكلام وأصحابه يستمعون كأن على رؤوسهم الطير فمنهم من يبكى ومنهم من يحن ومنهم من يزعق وهو قي كلامه فصعدت الغرفة لأتعرف حال أبى عبد الله فوجدته قد بكى حتى غشى عليه فانصرفت إليهم ولم تزل تلك حالهم حتى أصبحوا وذهبوا فصعدت إلى أبى عبد الله فقال ما أعلم أنى رأيت مثل هؤلاء القوم ولا سمعت قي علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل ومع هذا فلا أرى لك صحبتهم ثم قام وخرج وفى رواية أخرى أن أحمد قال لا أنكر من هذا شيئا»
    ذكر البحث عما كان بينه وبين الإمام أحمد، الطبقة الثانية، الطبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين السبكي نسخة محفوظة 04 سبتمبر 2007 على موقع واي باك مشين.
  15. "مجموع فتاوى ابن تيمية". شبكة إسلام ويب. مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
  16. كتاب: الماتريدية ربيبة الكلابية (ضمن مجموع: حوار مع أشعري) -مكتبة المعارف للنشر والتوزيع- الرياض/الطبعة الأولى: 2005م، ما بين ص: 169 وص:182.

موسوعات ذات صلة :