الرئيسيةعريقبحث

نقد الحديث النبوي


☰ جدول المحتويات


يشير نقد الحديث النبوي إلى النقد الموجه نحو مجموعات الحديث. الحديث عبارة عن مجموعات من تقارير الكلمات والأعمال والموافقة الصامتة للنبي محمد حول أي أمر.[1] بمعنى آخر، الأشياء التي تُعزى إلى النبي محمد ولكنّها غير موجودة في القرآن.[2] يأخذ نقد الحديث عدة أشكال.

في دراسات الحديث الإسلامية التقليدية، ينصب التركيز على تقييم صحة تقارير حديث محددة وما إذا كانت تُنسب إلى النبي محمد. العناصر الرئيسية التي تُفحَص هي ما إذا كانت هناك «تقارير أخرى متطابقة من مرسلين آخرين»؛ موثوقية مرسلي التقرير؛ و«استمرارية سلسلة النقل».[3]

سؤال آخر هو المدى الذي ينبغي الاعتماد عليه في الحديث باعتباره مصدرًا للشريعة الإسلامية. تشمل الانتقادات الإسلامية للحديث والدراسات الإسلامية الكلاسيكية مُحيي النهضة الإسلامية والذين يؤمنون بقوّة أن الحديث جزء من الإسلام ولكنهم يرغبون في إعادة النظر في الحديث حسب متنه (محتواه) استعدادًا لمراجعة قانون الشريعة وجعله أكثر عملية حتى يمكن تطبيقه في المجتمع الإسلامي؛[4] وأولئك الذين يؤمنون فقط بالعدد القليل من الحديث المتواتر الموثوق به لدرجة كافية لكي يُتّبع؛ و«منكرو» الأحاديث الذين يزعمون أن المسلمين يجب أن يتّبعوا القرآن بمفرده لأن المسلمين لا يزالون غير متأكدين حتى من صحّة أعلى الأحاديث تقييمًا (صحيح أو «سليم») على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها علماء دراسات علم الحديث للتحقق من صحة الحديث. يتساءل «المنكرون» إذا كان الحديث يمكن أن يُقدّم أحكامًا في المسائل القانونية والدينية في الوقت الذي سبق وأُعلن أن القرآن بحد ذاته «كامل» و«واضح» و«مفصّل بالكامل» و«مثالي».

بالإضافة إلى أسئلة من داخل المجتمع الإسلامي، قدّم علماءٌ من الغرب مثل إجناتس جولدتسيهر ويوسف شخت انتقادات للحديث منذ القرن التاسع عشر.

حججٌ بوجود حديث خاطئ

من بين العلماء الذين يعتقدون أنه حتى الحديث الصحيح يعاني من الفساد أو الذين اقترحوا قيودًا لاستخدام الحديث، شمل المسلمون الأوائل النظام (775-845) وابن سعد (784–845) والنووي (1233-1277) وابن حجر (1372–1449) والإصلاحيون اللاحقون سيد أحمد خان (1817-1898) ومحمد إقبال (1877-1938)؛ وعلماء من الغرب مثل إجناتس جولدتسيهر ويوسف شخت وجي. إتش. إيه. جانبول. وفقًا لبرنارد لويس، «في أوائل القرون الإسلامية، لا يمكن أن توجد طريقة أفضل للترويج لقضية أو رأي أو طائفة أكثر من الاستشهاد بعمل أو كلام مناسب للنبي». أعطى هذا حافز قوي لفبركة الحديث.[5] لعلّ أشهر جامع للأحاديث هو محمد البخاري، ذُكِر أنه كرّس من حياته 16 عامًا لتنقيح ما يقارب من 600,000 رواية، ووصل إلى حوالي 7400 سند، بشكل عام، قدّر عدد روايات الإسناد الكامل بـ 7,397، ودون اعتبار التكرار أو الإصدارات المختلفة من نفس التقرير، ينخفض عدد التقاليد النبوية إلى حوالي 2,602 تقريبًا.[6]

وفقًا لدانييل براون، فإن الأسباب الرئيسية لفساد أدب الحديث هي:

  1. الصراعات السياسية، [7]
  2. التحيز الطائفي، و
  3. الرغبة في ترجمة المعنى الكامن، بدلاً من الكلمات الأصلية حرفيًا.[8]

تشمل الانتقادات الأخرى للحديث ما يلي:

  • أن الأداة الرئيسية للأرثوذكسية العلمية الحديثة (علم الحديث) للتحقق من صحة الحديث هي إسناد الحديث (سلسلة) للمرسلين. ولكن في أقدم مجموعات الحديث (التي كانت فرصتها أقل للتلف بسبب الذاكرة الخاطئة أو التلاعب بها)، يعتبر الإسناد «بدائيًا»، في حين أن الإسنادات التي عُثِر عليها في مجموعات لاحقة «كلاسيكية» عادة ما كانت «مثالية».[9]
  • أنه مهما كان الدافع، فهناك تناقضات في الحديث لا جدال فيها، ما يعني أن بعض الأحاديث الصحيحة يجب أن تكون خاطئة.
  • الحديث هو مصدر رئيسي للشريعة الإسلامية يشمل شرف وممتلكات وأرواح المسلمين، وعلى الرغم من تعريف الحديث الصحيح على أنه «أصيل» -تقييمه أعلى من الحديث الحسن (الجيد) والضعيف (الركيك)- هذه الفئة من الحديث لا توفّر «يقين المعرفة» اللازم لصنع القانون. الحديث المتواتر (بمعنى تقارير من «عدد كبير من الرواة الذين لا يمكن تصديق اتفاقهم على كذبة») يحققون هذا المعيار، لكن ندرة هذه الأحاديث الشديدة تحد من استخدامها في تطوير الشريعة الإسلامية.

تناقضات بين الحديث

أحد أوائل العلماء المسلمين الذين يتحدثون حول وجود الحديث المتناقض بمثابة حجة ضد استخدام الأحاديث هو المعتزلة إبراهيم النظام (حوالي 775-845)، (رغم وجوده على الأرجح قبل تطوير كتاب صحيح الحديث).

لاحظ الصحافي والناشط والباحث الإسلامي الهندي مولانا محمد أكرم خان (1868-1969) وجود تناقضات في صحيح الحديث،[10] رغم حقيقة أن هذا الشرط من هذه الفئة من الأحاديث النبوية -بالإضافة إلى كونها تنتقل عبر مرسلين جديرين بالثقة وبذاكرة جيدة وغيرها- من المفترض أن تكون خالية من الشذوذات، أي لا تتعارض مع حديث آخر مقبول بالفعل على أنه موثوق. استشهد محمد أمين ومحمد عمر فاروق بعمل محمد أكرم خان، مع إعطاء أمثلة على هذه الأحاديث النبوية.[11]

أحد الأمثلة على ذلك أنه وفقًا لحديثَين «سليمين» يجب أن يكون محمد بلغ من العمر 60 عامًا عندما توفي. (صحيح البخاري، في مثال لحديث جُمع وقُيّم للتأكد من دقته من قبل الباحث محمد البخاري 4:56:747 (المجلد 4، كتاب 56، العدد 747) و4:56:748 ينص هذا الحديث على أن محمد توفي عن عمر يناهز 60 عامًا العمر (40 + 10 + 10).[12] ولكن وفقًا لحديث «سليمٍ» آخر، يجب أن يكون قد بلغ 63 عامًا (صحيح البخاري 5:58:242 و5:59:742) واستناداً إلى حديث سليمٍ آخر -من كتاب صحيح مسلم (حديث جُمِع وقُيّم للتأكد من دقته من قبل الباحث مسلم بن الحجاج) 030:5805- يصل عمر محمد إلى 65 سنة (40 + 15 + 10) عندما توفي.)[13]

يختلف صحيح الحديث أيضًا حول المدة التي قضاها محمد في مكة المكرمة بعد أن بدأ الكشف عنه. يصرّح صحيح البخاري 4:56:747 و4:56:748 أن محمد بقي 10 سنوات، بينما يقول صحيح البخاري 5:58:190 و5:59:741 إنه بقي لمدة 13 عامًا.

يستشهد أمين بالعديد من الأحاديث التي تصف بيع جمل لمحمد من قبل رفيق -جابر بي. عبد الله. على الرغم من أن خمسة أحاديث نقلت عن أمين ذكر كل منها نفس نوع البيع، فإن كلًّا منها أعطى سعرًا مختلفًا للجمل. مسلم 010:3886–قياس واحد (حوالي 28.6 غرام من الفضة)؛ مسلم 010:3891-خمسة قياسات؛ مسلم 010:3893-اثنان من القياسات ودرهم (2.975 غرام من الفضة) أو درهمان؛ مسلم 010:3895-خمسة دنانير.[14]

يشكو فاروق من أنه إذا لم تتفق هذه الأحاديث على حقائق أساسية مثل الأرقام، فما أنواع المشاكل التي قد تنشأ في الأحاديث «نقل المفاهيم والإدراك، في كثير من الأحيان ليس بكلمات النبي بالضبط، ولكن إعادة الصياغة من قبل المرسلين؟»[15]

يقول جوزيف شاخت أن العدد الكبير جدًا من الأحاديث المتناقضة يحتمل أن يكون نتيجة الحديث المُلفّق «بشكل جدلي بهدف دحض مذهب أو ممارسة مخالفة» والمدعوم بحديث آخر.[16]

تأثير الديانات الأخرى

جادل محمود أبو رية (توفي عام 1970)، صديق وتلميذ زميل لرشيد رضا،[17] في كتاب صدر عام 1958 بعنوان «أضواءٌ على سُنّة محمد» (أضواء السُنَّة المحمّدية) أن «العديد من الأحاديث الحقيقية المفترضة كانت في الواقع تقاليد يهودية نُسِبَت إلى محمد».[18]

أوّل باحث غربي لاحظ وجود علاقة بين الحديث والتأثير اليهودي هو المستشرق الفرنسي باتيلمي هربلو (المتوفى عام 1695)، الذي «ادّعى أن معظم الكتب الستة (أهم كتب الحديث) وأجزاء كثيرة من أدب الحديث استُولي عليها من التلمود»، وتابع لاحقًا العديد من الباحثين الآخرين، مثل ألويس اشبرنجر (المتوفي عام 1893) وإجناتس جولدتسيهر (المتوفي عام 1921) وغيرهم في هذا الاتجاه.

هناك دراسة أكثر تفصيلاً بعنوان «البخاري والآقداة» من تأليف دبليو. آر. تايلور، الذي «استولى على بعض هذه الأحاديث من صحيح البخاري وبعض النصوص الهاجادية من التلمود والمدراش. قارن تايلور هذه الأحاديث بالنصوص، واستنتج أن هذه الأحاديث مستمدّة من التلمود والمدراش، وبعد ذلك، قال أيضًا إن هناك العديد من الروايات في أدب الحديث بشكل عام، لاسيما في البخاري، والتي أُخذَت من الأدب الهاجادي. ثم درس طرق وكيفية نقل هذه الروايات إلى أدب الحديث. وفقًا لرأي تايلور، هناك قدر كبير من المعلومات الشفوية والسرد والقصص والمعلومات الفولكلورية التي أُدخلت إلى الأدب الإسلامي بشكل عام، وأدب الحديث بشكل خاص، أثناء نسخ التلمود والمِشناه وبعد تشكيل الأحاديث عن طريق اليهود الذين يعيشون في شبه الجزيرة العربية، وكذلك آباء الكنيسة والمجتمع المسيحي». لدى علماء آخرين آراء مختلفة حول الموضوع نفسه: يربط فرانز بوهل الحديث بخلفية إيرانية/زرادشتية، وويربط ديفيد صموئيل مارغولوث الحديث مع أبوكريفا التوراتية ويُشدّد آلفريد جيوم على التأثير المسيحي العام.[19]

المراجع

  1. Campo, Juan Eduardo. "Hadith". Encyclopedia of Islam.
  2. al-Asqalani, Ahmad ibn 'Ali (2000). Fath al-Bari. 1. Egypt: al-Matba'ah al-Salafiyyah. صفحة 193.  .
  3. نقد الحديث النبوي: p.110
  4. نقد الحديث النبوي: p.109
  5. Lewis, Bernard (2011). The End of Modern History in the Middle East. Hoover Institution Press. صفحات 79–80. مؤرشف من الأصل في 03 مارس 202028 مارس 2018.
  6. A.C. Brown, Jonathan (2009). Hadith: Muhammad's Legacy in the Medieval and Modern World (Foundations of Islam series). Oneworld Publications. صفحة 32.  .
  7. نقد الحديث النبوي: p.113
  8. نقد الحديث النبوي: p.134
  9. Schacht, Joseph (1959) [1950]. The Origins of Muhammadan Jurisprudence. Oxford University Press. صفحة 163.
  10. Farooq, Mohammad Omar (June 2006). "Islamic Law and the Use and Abuse of Hadith". zaharuddin.net. مؤرشف من الأصل في 17 فبراير 202029 مارس 2018.
  11. Khan, Mohammad Akram. "Excerpts from Maulana Mohammad Akram Khan's Mostafa Charit (in Bangla)". scribd.com. مؤرشف من الأصل في 21 مارس 201931 مارس 2018.
  12. al-Bukhari. "Translation of Sahih Bukhari, Book 56:". The Religion of Peace. مؤرشف من الأصل في 24 أغسطس 201710 مايو 2018.
  13. Amin, Mohammed. "How reliable are Hadith? Some are contradictory". mohammedamin.com. مؤرشف من الأصل في 17 فبراير 202029 مارس 2018.
  14. Powell, Russell (2009). "Zakat: Drawing Insights for Legal Theory and Economic Policy from Islamic Jurisprudence". Seattle University School of Law Digital Commons. صفحة 51. مؤرشف من الأصل في 4 مارس 202031 مارس 2018.
  15. "How much was 1 Gold Dinar worth in the time of the Sahaba (ra) ?". Ummah. 29 November 2011. مؤرشف من الأصل في 03 مارس 202002 أبريل 2018.
  16. Schacht, Joseph (1959) [1950]. The Origins of Muhammadan Jurisprudence. Oxford University Press. صفحة 152.
  17. Jonathan A.C. Brown, Misquoting Muhammad: The Challenge and Choices of Interpreting the Prophet's Legacy, Oneworld Publications (2014), p. 69
  18. Jeffrey T. Kenney, Islam in the Modern World, روتليدج (دار نشر) (2013), p. 21
  19. Özcan Hıdır, "Discussions on the Influence of the Judeo‐Christian Culture on Hadiths" in The Journal of Rotterdam Islamic and Social Sciences, Vol. 1, No. 1, 2010, pp. 2-5

موسوعات ذات صلة :