كانت الإمبراطورية الفرثية (بالفارسية: شاهنشاهی اشکانی) (247 ق.م – 224 ب.م)، والمعروفة أيضًا باسم الإمبراطورية الأرسكيدية[9] قوة سياسية وثقافية إيرانية كبرى في إيران القديمة.[10] يأتي اسمها الأخير من أرساكيس الأول من مقاطعة بارثيا[11]، حيث كان قائدًا لقبيلة بارني، وأسس هذه الدولة في منتصف القرن الثالث قبل الميلاد عندما غزا منطقة بارثيا[12] في شمال شرق إيران، ثم أصبحت ساتراب (أي مقاطعة) تحت اسم أندراغوراس (وتعني أنها مقاطعة إيرانية مستقلة تحت حكم الدولة السلوقية) في التمرد ضد الإمبراطورية السلوقية. وسع ميترايداتس الأول الفرثي (171-138 ق.م) الإمبراطورية إلى حد كبير من خلال الاستيلاء على منطقة ميديا وبلاد ما بين النهرين من السلوقيين. امتدت الإمبراطورية الفرثية في أوجها من الروافد الشمالية للفرات، في ما يُعرف الآن بوسط تركيا، إلى شرق إيران. أصبحت الإمبراطورية، والتي تقع على طريق الحرير التجاري بين الإمبراطورية الرومانية في حوض البحر الأبيض المتوسط وسلالة الهان في الصين، مركزًا للتجارة والتبادل التجاري والاجتماعي.
إمبراطورية بارثية | ||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|
إمبراطورية بارثية | ||||||||
إمبراطورية | ||||||||
الإمبراطورية البارثية (المنطقة المظللة) في أقصى امتداد
| ||||||||
سميت باسم | فرثيا | |||||||
عاصمة | قطسيفون،[1] إكباتان، قومس، شوشان، نسا، آرشاك، الري | |||||||
نظام الحكم | إقطاعية ملكية[2] | |||||||
اللغة الرسمية | اليونانية العامية المختلطة،[3]اللغة الفرثية[4] | |||||||
لغات مشتركة | اللغة البهلوية، اللغة الآراميّة (لغة تواصل مشترك)،[3][5] اللغة الأكدية[1] | |||||||
الديانة | ||||||||
شاهنشاه (المللك الأعظم) | ||||||||
| ||||||||
التاريخ | ||||||||
| ||||||||
المساحة | ||||||||
1 ب.م[7][8] | 2٬800٬000 كم² (1٬081٬086 ميل²) | |||||||
السكان | ||||||||
السكان | 20000000 | |||||||
بيانات أخرى | ||||||||
العملة | دراخما |
اتخذ البارثيون إلى حد كبير الفن والعمارة والمعتقدات الدينية والشارات الملكية لإمبراطوريتهم غير المتجانسة ثقافيًا، والتي تشمل الثقافات الفارسية والهلنستية وغيرها من الثقافات المحلية. خلال النصف الأول من عصرها، تبنى البلاط الأرسكيدي عناصر من الثقافة اليونانية، رغم أن الدولة شهدت في النهاية إحياء تدريجي للتقاليد الإيرانية. كان الحكام الأرسكيديون يحملون لقب "ملك الملوك"، كادعاء بأنهم ورثة الإمبراطورية الأخمينية؛ إلا أنهه في الواقع قبلوا العديد من الملوك المحليين كإقطاعيين حيث كان للأخمينيين أن يُعينوا مركزيًا، وإن كان الحكم الذاتي مستقلاً إلى حد كبير. عيّنت المحكمة عددًا صغيرًا من الاقطاعيين، غالبًا خارج إيران، ولكن هذه المقطاعات كانت أصغر وأقوى من إمكانات الأخمينيين. مع توسيع سلطة الأرسكيدين، تحول مقر الحكومة المركزية من نيسا إلى قطسيفون على طول نهر دجلة (جنوب بغداد الحديثة في العراق)، على الرغم من أن العديد من المواقع الأخرى كانت بمثابة عواصم.
كان الأعداء الأوائل للفارثيين هم السلوقيين في الغرب والسكوثيين في الشمال. ومع ذلك، مع توسع فرثيا غربًا، دخل الفارثيون في صراع مع مملكة أرمينيا، وفي النهاية مع الجمهورية الرومانية المتأخرة. تنافست روما وفرثيا مع بعضهما البعض لتجنيد ملوك أرمينيا كعملاء تابعين لهم. هزم الفارثيون بشكل صحيح ماركوس ليكينيوس كراسوس في معركة كارهاي في 53 ق.م، واستولت القوات الفارثية على بلاد الشام بأكملها باستثناء صور من الرومان في 40-39 ق.م. ومع ذلك، قاد مارك أنتوني هجومًا مضادًا ضد فرثيا، على الرغم من أن نجاحاته تحققت عمومًا في غيابه، تحت قيادة ملازمه فنتيديوس. غزا مختلف الأباطرة الرومان أو جنرالاتهم بلاد ما بين النهرين خلال الحروب الرومانية-الفرثية التي تلت ذلك في القرون القليلة القادمة. استولى الرومان على مدينتي سلوقية وقطسيفون في عدة أحداث خلال هذه الصراعات، لكنهما لم يتمكنا من الاحتفاظ بهما. أثبتت الحروب الأهلية المتكررة بين المتنافسين الفرثيين على العرش أنها أكثر خطوررة على استقرار الإمبراطورية من الغزو الأجنبي، وتبخرت السلطة الفرثية عندما ثار أردشير الأول، حاكم إصطخر في بلاد فارس، ضد الفرثيين وقتل آخر حكامهم أرطابنوس الرابع في 224 م. أسس أردشير الإمبراطورية الساسانية، التي حكمت إيران ومعظم الشرق الأدنى حتى الفتوحات الإسلامية في القرن السابع الميلادي، على الرغم من أن الأسرة الحاكمة من الأرسكيديين عاشت خلال أسرة الأرسكيدية في أرمينيا والسلالة الأرسكيدية من أيبيريا والسلالة الأرسكيدية في ألبانيا القوقازية. وهم جميعًا فروع للأرسكيديون الفرثيون.
المصادر الفرثية الأصلية، المكتوبة باللغات الفارسية واليونانية ولغات أخرى، نادرة بالمقارنة مع المصادر الساسانية وحتى المصادر الأخمينية السابقة. بصرف النظر عن الألواح المسمارية المتناثرة والشقفات المنقوشة والنقوش الصخرية، وعملات الدراخما، وفرصة نجاة بعض وثائق البرشمان، لا يُعرف الكثير من تاريخ الفرثيين إلا من خلال مصادر خارجية. وتشمل هذه التاريخ اليوناني والروماني بشكل رئيسي، وكذلك التاريخ الصيني، مدفوعًا برغبة الصينيين الهان في تشكيل تحالفات ضد شيونغنو.[13] ينظر المؤرخون إلى الأعمال الفنية الفرثية كمصدر صالح لفهم جوانب المجتمع والثقافة التي تغيب عن المصادر النصية.
تاريخ الإمبراطورية
النشأة والتأسيس
قبل أن يؤسس أرساكيس الفرثي سلالة الأرسكيديون، كان قائدًا لقبيلة بارني، وهي قبيلة قديمة من آسيا الوسطى تضم إيرانيين وواحدة من القبائل البدوية العديدة في اتحاد داهان.[14] من المرجح أن فبيلة بارني كانت تتحدث اللغات الإيرانية الشرقية، في حين كانت اللغة الإيرانية الشمالية الغربية هي المنتشرة في ذلك الوقت في فرثيا.[15] كانت الأخيرة مقاطعة شمالية شرقية تحت حكم الأخمينيين أولًأ، ثم تحت حكم الإمبراطورية السلوقية.[16] بعد احتلال المنطقة، اعتمدت بارني اللغة الفارسية كلغة رسمية للمقاطعة، وتحدثتها إلى جانب اللغة الفارسية الوسطى والآرامية واليونانية والبابلية والصغدية وغيرها من اللغات في المناطق متعددة اللغات التي كانوا يغزونها.
لايزال سبب اختيار سنة 247 ق.م لبداية الحقبة الأرسكيدية (الفرثية) غير معروفٍ على وجه التحديد. يخلص أدريان ديفيد هيو بيفار إلى أن هذا كان العام الذي فقد فيه السلوقيون السيطرة على فرثيا لأندراغوراس، وهي مقاطعة تمردت عليهم. ومن ثم، فإن أرساكيس الاول "عمد إلى تأجيل سنة بداية عصره" إلى اللحظة التي انتهت فيها السيطرة السلوقية على فرثيا.[17] ومع ذلك، تؤكد فيستا شاخوش كورتس أن هذا كان مجرد عام تنصيب أرساكيس قائدًا لقبيلة بارني.[18] يزعم هوما كاتوزيان[19] وجين رالف جارثويت [20] أنها كانت السنة التي غزا فيها أرساكيس فرثيا وطرد القوات السلوقية منها، لكن صرح كورتس[18] وماريا بروسيوس[21] بأن أندراغوراس لم تقع تحت يد أرساكيس حتى عام 238 ق.م.
من غير الواضح من الذي خلف فورًا أرساكيس الأول. حيث يؤكد كلٌ من بيفار[22] وكاتوزيان[19] أن شقيقه تيرايداتس الأول الفرثي قد خلفه، ومن بعده ابنه أرساكيس الثاني الفرثي في 211 ق.م. مع ذلك، يذكر كورتس[23] وبروسيوس[24] أن أرساكيس الثاني كان قد خلف أرساكيس الأول مباشرةً، حيث ادعى كورتس أن الخلافة حدثت في 211 ق.م، وبروسيوس في 217 ق.م. يصر بيفار على أن عام 138 ق.م، كانت آخر سنوات حكم لميثريداتس الأول، وهي "أول سنة توضح حكم فرد ما بدقة في تاريخ فرثيا."[25] بسبب هذه التناقضات وغيرها، حدد بيفار تسلسلين تاريخيين متميزين قبلهما المؤرخون.[26] ظهرت ادعاءات مزيفة في وقت لاحق تعود للقرن الثاني قبل الميلاد فصاعدًا مستندةً إلى الفرثيين أنفسهم، والذين قدموا أنفسهم كأحفاد ملك الملوك الأخمينيين، ومنهم أرتاكسيركسيس الثاني في بلاد فارس (حكم من 404 إلى 358 قبل الميلاد).[27]
لفترة من الوقت، عزز أرساكيس موقفه في فرثيا وهيركانيا من خلال الاستفادة من غزو الأراضي السلوقية في الغرب من قبل بطليموس الثالث ( 246 - 222 ق.م) الذي كان يحكم مصر وقتها. سمح هذا الصراع مع بطليموس والمعروف بالحرب السورية الثالثة (246-241 ق.م) لديودوتوس الأول بالتمرد وتشكيل المملكة الإغريقية البخترية في آسيا الوسطى.[21] قام خَلَفُ الأخير، ديودوتوس الثاني، بتشكيل تحالف مع أرساكيس ضد السلوقيين، ولكن تم طرد أرساكيس مؤقتًا من فرثيا على أيدي قوات سلوقس الثاني كالينيكوس (حكم 246-225 ق.م).[28] بعد قضاء بعض الوقت في المنفى بين قبيلة آباسياك البدوية، قاد أرساكيس هجومًا مضادًا واستعاد فرثيا. لم يتمكن خليفة سلوقس الثاني، أنطيوخوس الثالث العظيم (حكم من عام 182 إلى 187 قبل الميلاد)، من الانتقام بسرعة لأن قواته كانت منخرطة في إخماد تمرد مولون في منطقة ميديا القريبة.[28]
أطلق أنطيوخوس الثالث حملة ضخمة لاستعادة فرثيا وبختيريا في 210 أو 209 قبل الميلاد. لم ينجح في ذلك وإنما تفاوض على تسوية سلمية مع أرساكيس الثاني. تم منح الأخير لقب ملك (باللغة الإغريقية: بازيليوس) في مقابل خضوعه واستسلامه لأنطيوخوس الثالث كملك عليه.[29] لم يكن السلوقيون قادرون على مواصلة التدخل في الشؤون الفرثية بعد الزحف المتزايد من قبل الجمهورية الرومانية وهزيمة السلوقيين في مغنيسيا في عام 190 قبل الميلاد.[29] نجح فرياباتيوس الفرثي (حكم سنة 191-176 قبل الميلاد) في هزيمة بأرساكيس الثاني، ثم صعد فرايتس الأول الفرثي (حكم في 176-171 قبل الميلاد) العرش. حكم فرايتس الأول فرثيا دون أي تدخلٍ من السلوقيين.[30]
مقالات ذات صلة
مصادر
- Fattah, Hala Mundhir (2009). A Brief History of Iraq. Infobase Publishing. صفحة 46. .
One characteristic of the فرثياns that the kings themselves maintained was their رحلic urge. The kings built or occupied numerous cities as their capitals, the most important being قطيسفون on the دجلة, which they built from the ancient town of أوبيس.
- Sheldon 2010، صفحة 231
- Green 1992، صفحة 45
- Skjaervo, Prods Oktor. "IRAN vi. IRANIAN LANGUAGES AND SCRIPTS (2) Doc – Encyclopaedia Iranica". www.iranicaonline.org (باللغة الإنجليزية). Encyclopedia Iranica. مؤرشف من الأصل في 17 نوفمبر 20168 فبراير 2017.
Parthian. This was the local language of the area east of the Caspian Sea and official language of the Parthian state (see ARSACIDS) and is known from inscriptions on stone and metal, including coins and seals, and from large archives of potsherd labels on wine jars from the Parthian capital of Nisa, as well as from the Manichean texts.
- Chyet, Michael L. (1997). Afsaruddin, Asma; Krotkoff, Georg; Zahniser, A. H. Mathias (المحررون). Humanism, Culture, and Language in the Near East: Studies in Honor of Georg Krotkoff. Eisenbrauns. صفحة 284. .
In the Middle Persian period (Parthian and ساسانيونs), اللغة الآرامية was the medium of everyday writing, and it provided أبجدية أرامية for writing اللغة البهلوية, Parthian, Sogdian, and Khwarezmian.
- Brosius, Maria (2006). The Persians. روتليدج. صفحة 125. .
The Parthians and the peoples of the Parthian empire were تعدد الآلهة. Each ethnic group, each city, and each land or kingdom was able to adhere to its own gods, their respective cults and religious rituals. In بابل the city-god مردوخ continued to be the main deity alongside the goddesses إنانا and Nanai, while مملكة الحضر's main god, the sun-god أوتو, was revered alongside a multiplicity of other gods.
- Turchin, Peter; Adams, Jonathan M.; Hall, Thomas D (ديسمبر 2006). "East-West Orientation of Historical Empires". Journal of World-systems Research. 12 (2): 223. ISSN 1076-156X. مؤرشف من الأصل في 17 سبتمبر 201616 سبتمبر 2016.
- Taagepera, Rein (1979). "Size and Duration of Empires: Growth-Decline Curves, 600 B.C. to 600 A.D.". Social Science History. 3 (3/4): 121. doi:10.2307/1170959. JSTOR 1170959.
- From اللغة الإغريقية Ἀρσάκης Arsakēs, from Parthian 𐭀𐭓𐭔𐭊 Aršak.
- Waters 1974، صفحة 424.
- Brosius 2006، صفحة 84
- "roughly western خراسان الكبرى" Bickerman 1983، صفحة 6.
- Ball 2016، صفحة 155
- Katouzian 2009، صفحة 41; Curtis 2007، صفحة 7; Bivar 1983، صفحات 24–27; Brosius 2006، صفحات 83–84
- Bivar 1983، صفحة 24; Brosius 2006، صفحة 84
- Bivar 1983، صفحات 24–27; Brosius 2006، صفحات 83–84
- Bivar 1983، صفحات 28–29
- Curtis 2007، صفحة 7
- Katouzian 2009، صفحة 41
- Garthwaite 2005، صفحة 67
- Brosius 2006، صفحة 85
- Bivar 1983، صفحات 29–31
- Curtis 2007، صفحة 8
- Brosius 2006، صفحة 86
- Bivar 1983، صفحة 36
- Bivar 1983، صفحات 98–99
- Daryaee 2012، صفحة 179.
- Brosius 2006، صفحات 85–86
- Bivar 1983، صفحة 29; Brosius 2006، صفحة 86; Kennedy 1996، صفحة 74
- Bivar 1983، صفحات 29–31; Brosius 2006، صفحة 86