النوبة هي منطقة على طول نهر النيل تشمل المنطقة الواقعة بين أسوان في جنوب مصر والخرطوم في وسط السودان. كانت مقرًا لواحدة من أقدم الحضارات في أفريقيا القديمة، حيث استمرت حضارة كرمة من حوالي 2500 قبل الميلاد حتى غزوها من قبل المملكة المصرية الحديثة تحت حكم تحتمس الأول حوالي 1500 قبل الميلاد. كانت النوبة موطنًا للعديد من الإمبراطوريات، منها مملكة كوش، التي غزت مصر خلال القرن الثامن قبل الميلاد في عهد بعنخي وحكمت البلاد باعتبارها الأسرة الخامسة والعشرين (التي حل محلها بعد قرن من الزمان الأسرة السادسة والعشرين المصرية الأصلية).
وقد عجَّل انهيار كوش في القرن الرابع الميلادي بعد أكثر من ألف سنة من وجودها غزو مملكة أكسوم وشهدت النوبة بعد ذلك صعود ثلاث ممالك مسيحية، نوباتيا، المقرة وعلوة. أدى تراجعهم النهائي إلى تقسيم النوبة إلى النصف الشمالي الذي غزاه العثمانيون والنصف الجنوبي لسلطنة سنار في القرن السادس عشر، وتبع ذلك أسلمة سريعة وتعريب جزئي للنوبيين. توحدت النوبة مرة أخرى مع الخديوية المصرية في القرن التاسع عشر. واليوم تنقسم منطقة النوبة بين مصر والسودان. يسمى العلم الأثري الذي يدرس النوبة القديمة علم النوبيات.
الاسم
اسم النوبة مشتق من قبائل النوبة البدو، أو النوبادي، والذين استقروا في المنطقة في القرن الرابع الميلادي، بعد انهيار مملكة كوش (بعاصمتها مروي).
جغرافيا
كانت النوبة تنقسم إلى منطقتين رئيسيتين: النوبة العليا والنوبة السفلى، وتم تسميتها بذلك بسبب موقعها في وادي نهر النيل، وتقع النوبة السفلى بين الشلال الأول والثاني، وتشمل هذه المنطقة جنوب مصر الحديثة وشمال السودان، في حين تقع النوبة العليا بين الشلال الثاني والشلال السادس لنهر النيل، أي في شمال ووسط السودان الحديث. واليوم اقتصر لفظ النوبة على منطقة أصغر، تقع جنوب مصر وشمال السودان، متناسين بذلك منطقة وسط السودان.
التاريخ
ما قبل التاريخ
المجموعة (أ) 3500–2700ق.م
نشأت المستوطنات المبكرة في النوبة العليا والسفلى، وأشار المصريون إلى النوبة ب"تا-سيتي"، أو "أرض القوس" حيث كان معروفا أن النوبيين رماة خبراء.[1] وعادة ما يشير العلماء الحديثون إلى الناس من هذه المنطقة ب"المجموعة (أ)".
من المرجح أن سكان العصر الحجري الحديث في وادي النيل جاءوا من السودان، فضلا عن الصحراء، وكانت هناك ثقافة مشتركة مع المنطقتين ومع مصر خلال هذه الفترة.[2] وبحلول الألفية الخامسة قبل الميلاد، شارك السكان الذين سكنوا أرض النوبة في الثورة الزراعية. ويعد الميغليث الذي اكتشف في نبتا بلايا مثالا مبكرا لما يبدوا أنه واحد من أول الأجهزة الفلكية الموجودة بالعالم، سابقا ستونهنج بنحو 2000 سنة.[3] وفي حوال 3500 ق.م، كانت ثقافة "المجموعة (أ)" مشابهة عرقيا وثقافيا، لثقافة نقادة في صعيد مصر في عصر ما قبل الأسر.[4][5] وقد شارك أفراد المجموعة (أ) في التجارة مع المصريين، وتوجد دلائل أثرية على وجود كميات كبيرة من السلع المصرية المودعة في قبور أفراد المجموعة (أ)، وتتألف الواردات من أجسام ذهبية، وأدوات نحاسية وتمائم من القشور والخرز، وأختام، وألواح حجرية ومجموعة متنوعة من الأواني.[6]
ويوجد دليل أنه في عام 3300 ق.م، كانت هناك مملكة موحدة، كما يتبين من الاكتشافات في قسطل. وربما ساهمت الثقافة النوبية في توحيد وادي النيل. وقد قاد الفرعون سنفرو في عهد الأسرة الرابعة حملة إلى بلاد "تانحسي" (النوبة)، وقبض على 7000 أسير و 200,000 من الماشية والأغنام، والمبالغة في الأرقام واضحة، إلا أنها لها دلالتها على المصالح المصرية في ذلك الوقت، ومقاومة المجموعة (أ) أدت إلى مثل هذه الحملات، والتي قادت في النهاية إلى ضعف المجموعة (أ).
المجموعة (ب) 2700–2300ق.م
بدأت المجموعة (أ) في التدهور في أوائل القرن الثامن والعشرين ق.م، وقد هبطت مجموعة إلى المنطقة فوجدت حضارة المجموعة (أ) في حالة من الضعف والانهيار، مما جعل المجموعة الجديدة (ب) تسيطر على المنطقة، لكن العديد من العلماء أثبتوا أن المجموعة (ب) ماهم إلا أحفاد المجموعة (أ) عادوا في وقت لاحق إلى النوبة، أو جزءا وسيطا بين المجموعتين (أ) و (ج).
المجموعة (ج) 2300–1600ق.م
بدأت هذه المجموعة تظهر في النوبة منذ أن بدأ الانحلال يعتري جسم الدولة المصرية، فتطور السودان بحضارته بعيدا عن التأثيرات والحملات المصرية، وعند قيام الدولة الوسطى في مصر بعد عصر الانحلال والتدهور، اتجهت الأنظار نحو الجنوب، فبسطوا سيطرتهم على النوبة السفلى إلى الشلال الثاني، وبهذا الاحتلال المصري خضع النوبيون للحكم الجديد وعاشوا في أمن وسلام، واختفت مقاومتهم متأثرين بالحضارة المصرية.
حضارة كرمة
- مقالة مفصلة: حضارة كرمة
قامت حضارة كرمة قبل نحو 2500 عام قبل الميلاد في مدينة كرمة، وتعتبر واحدة من أقدم المراكز الحضارية في وادي النيل، وقد تحدث سكانها بلغة كوشية.[7][8][9] ومن المرجح أن سكان منطقة حضارة كرمة هم الأصل الذي يرجع إليه الكوشيون.[10] بحلول عام 1750 قبل الميلاد كان ملوك كرمة أقوياء كفاية لإنشاء جدران هائلة وهياكل ضخمة من الطوب اللبن، كما كانت لديهم مقابر غنية بالممتلكات التي باعتقادهم ستذهب معهم إلى الآخرة.
في نقطة واحدة كانت حضارة كرمة قريبة جدا من غزو مصر واحتلالها. تعرضت مصر لهزيمة خطيرة على يد مملكة كوش.[11][12]
عندما تم إحياء السلطة المصرية تحت حكم المملكة المصرية الحديثة (1532-1070 ق.م)، بدأ المصريون بالتوسع جنوبا فدمروا مملكة كرمة، ووسعوا إمبراطوريتهم إلى الشلال الرابع، وبحلول نهاية عهد تحتمس الأول (1520 ق.م) تم ضم كل النوبة السفلى، كما بنى المصريون مركزا إداريا جديدا في نبتة.
وعاء من كرمة القديمة محفوظ في متحف الفنون الجميلة، بوسطن.
مملكة كوش
- مقالة مفصلة: مملكة كوش
الفترة النبتية
بعد تفكك المملكة المصرية الحديثة استقل الكوشيون وأسسوا مملكتهم التي تمركزت في نبتة خلال مرحلتها المبكرة. وقد قام الكوشيون خلال تلك الفترة بغزو مصر تحت قيادة الفرعون بعنخي، وسيطروا على مصر في القرن الثامن ق.م، وقد حكموا مصر باعتبارهم الأسرة الخامسة والعشرين.[13]
قام الكوشيون بحكم مصر لمدة تقرب من مائة عام، ومن أشهر ملوك تلك الحقبة الفرعون النوبي طهارقة، وهو الخليفة الثالث لبعنخي، تم تتويجه في ممفيس بمصر وذلك عام 690 ق.م.[14] حكم طهارقة النوبة ومصر معا، وقام بترميم المعابد المصرية في الكرنك، كما قام ببناء العديد من المعابد والأهرامات الجديدة في النوبة، وذلك قبل أن يتم تراجعه من مصر إلى النوبة بسبب الآشوريين.[15][16][17][18]
الفترة المروية
بعد هزيمة الكوشيين من قبل الآشوريين وخروجهم من مصر إلى النوبة، قاموا بنقل عاصمتهم جنوبا من نبتة إلى مروي. احتفظ الناس هناك بالعادات والتقاليد الفرعونية، ولكنهم كانوا فريدين من عدة نواحي. قاموا بتطوير شكلهم الخاص من الكتابة، حيث أنهم كانوا يستخدوم الأبجدية الهيروغليفية، واستبدلوها بنص أبجدي يتكون من 23 علامة.[19] ومنذ عهد الملك أركماني أصبح الملوك يدفنون في مروي.
قام الرومان باحتلال مصر عام 31 ق.م، وخلال تلك الفترة قامت العديد من المعارك بين الكوشيين والرومان، وقد اشتبكت القوات الرومانية مع جيوش الكوشيين بالقرب من طيبة، وفي تلك الفترة برزت الكنداكة أماني ريناس ملكة مروي التي قادت الجيوش النوبية وهاجمت أسوان وهزمت الجيوش الرومانية في أسوان وفيلة، وقامت بأخذ العديد من الأسرى من الرومان، وقامت بأخذ العديد من تماثيل الإمبراطور أغسطس، وقد وضعت التمثال البرونزي للإمبراطور أغسطس تحت مدخل قصرها حتى يدوس عليه كل من دخل وخرج من القصر.[20]
بعد هذا النصر الأولي قام الإمبراطور أغسطس بإرسال جيش إلى النوبة بقيادة بترونيوس الذي يشغل منصب الحاكم الروماني في مصر آنذاك، فضغطوا على الجيش الكوشي في أسوان فتراجعوا إلى المحرقة والدكة، وقد طاردتهم الجيوش الرومانية حتى تراجعوا إلى قصر إبريم، وقد هزمت الجيوش الرومانية أماني ريناس. أمر بترونيوس بإقامة حامية رومانية في قصر إبريم واعتبر ذلك نهاية الحدود الرومانية مع النوبة، وقد تقدمت الجيوش الرومانية جنوبا حتى وصلت إلى نبتة وهاجمتها. لاحقا تم توقيع معاهدة سلام بين الكوشيين والرومان بشروط ملائمة.[21] وقد زادت ونمت بعدها التجارة بين البلدين، واستمرت بعدها العلاقة سلمية بين البلدين.
وبحلول القرن الأول أو الثاني الميلادي بدأت المملكة تضعف تدريجيا حتى سقطت نهائيا على يد الملك المسيحي عيزانا ملك مملكة أكسوم (الحبشة).
الممالك المسيحية
تلت فترة انقضاء الحضارة المروية حقبة غامضة لا يعرف عنها الكثير لقلة المصادر عنها. في القرن الخامس الميلادي وبعد سقوط مروي بيد عيزانا أسس البليميون (جزء من البجا) دولة قصيرة العمر في النوبة تتمركز في الغالب حول كلابشة، ولكن تمت إزاحتهم من قبل الملك النوبي سليكو الذي انتصر عليهم وسجل نصره في نقش في معبد كلابشة وذلك حوالي 500 للميلاد. وبحلول القرن السادس الميلادي أصبحت هناك ثلاث ممالك نوبية في بلاد النوبة هي مملكة نوباتيا في الشمال وعاصمتها فرس، وفي الوسط مملكة المقرة وعاصمتها دنقلا العجوز، وفي الجنوب مملكة علوة وعاصمتها سوبا (بالقرب من الخرطوم). وفي القرن السادس الميلادي تحولت هذه الممالك إلى المسيحية.
مملكة نوباتيا
- مقالة مفصلة: نوباتيا
مملكة نوباتيا وتعرف أيضا بمملكة المريس،[22] تقع نوباتيا في النوبة السفلى، شمالاً تحدها مصر الخاضعة للرومان، وجنوبها تقع مملكة المقرة، ويعتقد أن المملكة كانت مستقلة بالفعل قبل السقوط النهائي لمملكة مروي في منتصف القرن الرابع الميلادي.[23] وقد دون ملك نوباتيا الملك سليكو انتصاراته على البليميين وهزيمتهم ودفعهم إلى الصحراء الشرقية. حول هذا الزمن تم تأسيس عاصمة نوباتيا في فرس، وبعد فترة وجيزة تحولت المملكة إلى المسيحية. لاحقا وفي ظروف غامضة تم اندماج مملكة نوباتيا في جارتها الجنوبية مملكة المقرة، ومن غير المعروف ماذا حدث للأسرة المالكة في نوباتيا بعد ذلك.[24]
مملكة المقرة
- مقالة مفصلة: مملكة المقرة
امتدت مملكة المقرة على طول نهر النيل من الشلال الثالث حتى جنوبي منطقة أبو حمد، وشملت كذلك أجزاء من شمال كردفان، ولاحقا شملت أيضا النوبة السفلى (مملكة نوباتيا). عاصمتها هي مدينة دنقلا، والتي تعرف الآن بدنقلا العجوز. بحلول القرن السادس الميلادي تحولت المملكة إلى المسيحية، وكانت المقرة من الدول القليلة في العالم التي صدت الفتوحات الإسلامية التي قادهتها الخلافة الراشدة وذلك عندما هزموا المسلمين في معركة دنقلا الأولى عام 642، وكررت المقرة هذا الانتصار في معركة دنقلا الثانية عام 652 عندما حاصرت الجيوش الإسلامية مدينة دنقلا بقيادة عبدالله بن سعد بن أبي السرح حتى ضربتها بالمنجنيق،[25] فأظهر الرماة النوبيون مهارتهم في تصويب الأسهم، حتى تم فك الحصار وتوقيع معاهدة البقط بين المسلمين والنوبة، واستمرت هذه المعاهدة نحو ستة قرون.[26]
كانت المرأة في النوبة تتمتع بمكانة عالية، فهن يحصلن على التعليم، ويمكنهن شراء وبيع الأراضي، كما أن نظام الوراثة في العرش كان أموميا، فكان الملك يورث لإبن الأخت، وهو ما مكن العرب من حكم بلاد النوبة فيما بعد.
ازدهرت المملكة ازدهارا كبيرا في الفترة من منتصف القرن الثامن إلى منتصف القرن الحادي عشر وعرفت هذه الفترة ب"العصر الذهبي" للمملكة،[27] حيث بلغت قوتها السياسية ذروتها وكذلك تطورها الثقافي، وازدهرت فيها الفنون مثل اللوحات الجدارية والفخار المزخرف وتم بناء العديد من القلاع والكنائس. ومنذ أواخر القرن الحادي عشر والثاني عشر ميلادي بدأت المملكة تضعف تدريجيا، فبدأ المماليك في مصر بالتدخل في شؤون المقرة، وبدأت القبائل العربية بالتدفق نحو بلاد النوبة بأعداد كبيرة وهجرات متفرقة، وبحلول القرن الخامس عشر اجتاحت القبائل العربية البدوية معظم بلاد النوبة، مهاجرين إلى البطانة، الجزيرة، كردفان، دارفور. وعمرت المملكة بالعرب فتزاوج العرب مع النوبيين. وانتشر الإسلام بكثرة بين النوبيين فأصبحوا يدخلون الإسلام. ولا يعرف التاريخ الدقيق لزوال المملكة ولكن عندما تغلب الفونج في بداية القرن السادس عشر على مملكة علوة في الجنوب وجاءوا إلى أرض المقرة ليضموها لم يجدوا أي سلطة مركزية تحكم الإقليم بكامله، بل وجدوها وحدات قبلية أو إقليمية صغيرة، وهذا من تأثير القبائل العربية.[28]
مملكة علوة
- مقالة مفصلة: مملكة علوة
تقع مملكة علوة جنوب مملكة المقرة، وعاصمتها سوبا التي تقع في الضفة الشرقية للنيل الأزرق، بالقرب من مكان التقاء نهري النيل الأزرق والأبيض، وقد شملت المملكة المنطقة الوسطى والجنوبية من بلاد النوبة. وقد ورثت مملكة علوة حضارة مروي المتداعية. تحولت المملكة إلى المسيحية كجاراتها في الشمال بحلول القرن السادس الميلادي. حيث علم ملك علوة بشأن تنصير مملكة نوباتيا، فطلب أن يرسل له أسقفا أسوة بنوباتيا ليتم تنصير شعبه أيضا، فتم تعميد الملك وأسرته والنبلاء في المملكة، وهكذا أصبحت علوة مملكة مسيحية رسميا.
يصف المؤرخون والرحالة العرب مملكة علوة بأنها كانت أكبر وأقوى من جارتها الشمالية، وتم وصف سوبا عاصمة المملكة بأن فيها أبنية حسان، ودور واسعة، وكنائس كثيرة الذهب، وبساتين، كما أن مملكة علوة أقوى جيوشا من المقرة، وكانت المملكة خصبة الأراضي، حتى أن اتساع رقعة علوة وهطول الأمطار فيها وتوفر المراعي والزراعة المطرية جعلها أكثر إمكانيات من المقرة.[29] مما جعلها مجالا حيويا لحشود القبائل العربية المتدفقة من الشمال، فطبيعة أراضي علوة أنسب لهم من رقعة دنقلا.[30] وبحلول القرن الثالث عشر الميلادي بدأت المملكة تضعف، فتكاثر العرب في أقاليم علوة، وتغلبوا عدديا على السكان الأصليين.[31] وفي تلك الفترة بدأ العرب بتكوين إمارات صغيرة ومشيخات، وقد قام شيخ عرب القواسمة عبد الله جماع بتجميع وتوحيد القبائل العربية لمحاربة العنج (شعب علوة)، وتحالف مع الفونج القادمين لغزو المملكة من الجنوب، فسقطت سوبا عاصمة مملكة علوة بيد عمارة دنقس سلطان الفونج عام 1504م.
الحقبة العربية والإسلامية
دخول العرب
تتقاطع الحقبة المسيحية مع فترة دخول العرب إلى النوبة، ففي ذلك العهد دخلت الجماعات العربية المهاجرة إلى بلاد النوبة ونشروا الإسلام، وهنالك عدة أسباب لهجرتهم لهجرتهم إلى النوبة، من أهمها سوء أحوال القبائل العربية في مصر، خصوصا في أيام الخليفة العباسي المعتصم بالله، الذي اعتمد في جيوشه على الجنود الأتراك دون العرب، كما أن من الأسباب المهمة خصوبة المراعي في السهول الواقعة على جانبي النيل من الشرق ومن الغرب، إلى جانب فرص الغنى التي أتاحتها منذ فترة مبكرة مناجم الذهب والزمرد في شرق السودان (بلاد النوبة)، وفي منطقة وادي العلاقي بالذات.[32]
كانت ربيعة أكبر القبائل التي سكنت منطقة البجا وتصاهرت معهم،[32] ولم يمض وقت طويل حتى آل إليهم عرش البجا عن طريق الخؤولة، فسيطروا على المنطقة ونشروا الإسلام والعربية بين البجا،[33] ويذكر المسعودي الذي زار مصر حوالي 940م أن عرب ربيعة اختلطوا بالبجة، كما يتحدث أيضا عن جماعات من قبائل قحطان وربيعة وقريش دخلوا إلى النوبة السفلى.[34] قامت ربيعة بتكوين إمارة بني كنز العربية في المنطقة الشمالية من بلاد النوبة.[33] أما جهينة فيقول ابن خلدون عنهم أنهم كاثروا الناس هناك وغلبوا على بلاد النوبة، وفرقوا كلمتهم وأزالوا ملكهم.[35] وتأسس حكم إسلامي بمملكة المقرة في آخر عهدها واختلط العرب بالنوبة، وقبل معظم النوبة الإسلام، وهذا ما حدث أيضا في علوة حيث تغلب العرب عدديا على شعب العنج، واعتنق شعب مملكة علوة الإسلام فيما بعد.[31] وأيضا فيما بعد بسطت قبائل الجعليين العباسية سيطرتها على المنطقة الممتدة من دنقلا إلى السبلوقة.[36]
أصبحت بلاد النوبة عبارة عن إمارات ومشيخات عديدة كل منها مستقل عن الآخر، ولم تكن هناك غير مملكة علوة في الجنوب والتي زاحمها العرب.
قيام سلطنة سنار الإسلامية
- مقالة مفصلة: سلطنة سنار
حوالي أوائل القرن السادس عشر وفي الفترة التي كانت فيها مملكة علوة تلفظ أنفاسها الأخيرة ظهرت مملكة إسلامية قادمة من الجنوب يرأسها الملك عمارة دنقس الذي ينتمي إلى شعب الفونج، زحف الملك عمارة إلى الشمال نحو مملكة علوة، وهناك تحالف مع شيخ عرب القواسمة عبدالله جماع، وهاجما سوبا عاصمة العنج وبذلك انقضت مملكة علوة وتم ضمها لمملكة الفونج،[37][38] واصل الفونج زحفهم شمالا حتى وصلوا الشلال الثالث، وهناك التحموا مع العثمانيين الذين زحفوا إلى المنطقة من الشمال، فدارت بينهم معركة حنك الشهيرة، ومن نتائجها أنه تم الاتفاق على أن بلد حنك الواقعة عند الشلال الثالث هي الحد الفاصل بين الفونج والعثمانيين،[39] وبذلك امتدت سلطنة الفونج في بلاد النوبة من الشلال الثالث شمالا إلى الهضبة الحبشية جنوبا، ومن سواكن شرقا إلى كردفان غربا.[39] أما المنطقة الواقعة بين أسوان والشلال الثالث فقد ظلت تحت حكم الكشاف الأتراك التابعين للدولة العثمانية.
انظر ايضا
المصادر
- Emberling, Geoff (2011). Nubia: Ancient Kingdoms of Africa. New York: Institute for the study of the ancient world. p. 8. ISBN .
- – S.O.Y. Keita, American Journal of Physical Anthropology (1990)
- PlanetQuest: The History of Astronomy – Retrieved on 2007-08-29 نسخة محفوظة 31 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Hunting for the Elusive Nubian A-Group People – by Maria Gatto, archaeology.org نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2012 على موقع واي باك مشين.
- "Further Studies of Crania From Ancient Northern Africa: An Analysis of Crania From First Dynasty Egyptian Tombs, using Multiple Discriminant Functions". – American Journal of Physical Anthropology, 87: 245–254 (1992)
- "Hierarchy and heterarchy - the earliest cross-cultural trade along the Nile". www.academia.edu. Retrieved 2016-06-08. نسخة محفوظة 9 أغسطس 2019 على موقع واي باك مشين.
- Bechaus-Gerst, Marianne; Blench, Roger (2014). Kevin MacDonald (المحرر). The Origins and Development of African Livestock: Archaeology, Genetics, Linguistics and Ethnography - "Linguistic evidence for the prehistory of livestock in Sudan" (2000). Routledge. صفحة 453. . مؤرشف من الأصل في 31 يناير 201515 سبتمبر 2014.
- Behrens, Peter (1986). Libya Antiqua: Report and Papers of the Symposium Organized by Unesco in Paris, 16 to 18 January 1984 - "Language and migrations of the early Saharan cattle herders: the formation of the Berber branch". Unesco. صفحة 30. . مؤرشف من الأصل في 31 يناير 201514 سبتمبر 2014.
- "The Kingdom of Kush: An African Centre on the Periphery of the Bronze Age World System". www.academia.edu. مؤرشف من الأصل في 19 نوفمبر 201808 يونيو 2016.
- السودان عبر القرون- مكي شبيكة، ص13.
- Tomb Reveals Ancient Egypt's Humiliating Secret The Times (London, 2003)
- "Elkab's hidden treasure". الأهرام (جريدة). مؤرشف من الأصل في 15 فبراير 2009.
- "Ancient Sudan~ Nubia: History: The Kushite Conquest of Egypt". ancientsudan.org. مؤرشف من الأصل في 29 مايو 2018.
- Diop, Cheikh Anta (1974). The African Origin of Civilization. Chicago, Illinois: Lawrence Hill Books. صفحات 219–221. .
- Bonnet, Charles (2006). The Nubian Pharaohs. New York: The American University in Cairo Press. صفحات 142–154. .
- Mokhtar, G. (1990). General History of Africa. California, USA: University of California Press. صفحات 161–163. .
- Emberling, Geoff (2011). Nubia: Ancient Kingdoms of Africa. New York: Institute for the Study of the Ancient World. صفحات 9–11. .
- Silverman, David (1997). Ancient Egypt. New York: Oxford University Press. صفحات 36–37. . مؤرشف من الأصل في 9 يناير 2020.
- Meroë: writing – digitalegypt نسخة محفوظة 04 سبتمبر 2006 على موقع واي باك مشين.
- Jameson 1986: 71-84
- Arthur E. Robinson, "The Arab Dynasty of Dar For (Darfur): Part II", Journal of the Royal African Society (Lond). XXVIII: 55–67 (October, 1928) - تصفح: نسخة محفوظة 05 مارس 2009 على موقع واي باك مشين.
- موسوعة القبائل والأنساب في السودان- عون الشريف قاسم، ج6، ص2510.
- Obluski, Artur (2014). The Rise of Nobadia. Social changes in northern Nubia in late Antiquity), p. 195-196. نسخة محفوظة 9 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- Welsby, Derek (2002). The Medieval Kingdoms of Nubia. Pagans, Christians and Muslims along the Middle Nile. The British Museum. . p. 88.
- السودان عبر القرون- مكي شبيكة، ص29.
- السودان عبر القرون- مكي شبيكة، ص30.
- Michalowski, K. (1990). "The Spreading of Christianity in Nubia". UNESCO General History of Africa, Volume II. University of California. . p. 338.
- السودان عبر القرون- مكي شبيكة، ص52.
- السودان عبر القرون- مكي شبيكة، ص54–55.
- السودان عبر القرون- مكي شبيكة، ص55.
- السودان عبر القرون- مكي شبيكة، ص57.
- موسوعة القبائل والأنساب في السودان- عون الشريف قاسم، ج1، ص11.
- موسوعة القبائل والأنساب في السودان- عون الشريف قاسم، ج1، ص12.
- السودان عبر القرون- مكي شبيكة، ص36.
- موسوعة القبائل والأنساب في السودان- عون الشريف قاسم، ج1، ص13.
- موسوعة القبائل والأنساب في السودان- عون الشريف قاسم، ج1، ص247،472.
- السودان عبر القرون- مكي شبيكة، ص59.
- موسوعة القبائل والأنساب في السودان- عون الشريف قاسم، ج2، ص888.
- أحمد حسين عبدالرحمن آدم: الدلالات الآثارية للإمتداد السياسي والديني لدولة الفونج: الخرطوم: دار جامعة الخرطوم للنشر، 2004.
- السودان عبر القرون - مكي شبيكة.