أتريب هي جزء صغير داخل مدينة بنها والتي لا يعلم أحد عنها شيء والتي كان لها في الماضي البعيد والقريب شأن عالي حيث انها كانت مدينة لا تقل أهميتها عن مدينة طيبة في عصر الفراعنة ولا الإسكندرية في عصر البطالمة والرومان ثم مع مرور الزمن اندفن تحت ترابها تاريخها.[1]
أتريب | |
---|---|
تقسيم إداري | |
البلد | مصر |
التقسيم الأعلى | محافظة القليوبية |
معنى كلمة اتريب
اشتقت كلمة اتريب من اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) فقد كان اسمها وقتئذا " حت - حرى - إب " وقد اعتبر علماء المصريات ان معناها "قصر الإقليم الأوسط" ثم اشتق الآشورين خلال فترة حكمهم لمصر في اواخر العصور الفرعونية اسم "هاتريب" ليدل عليها أما في العصر القبطى فقد سميت "اتريبى"، أما في الأوساط العلمية المعنيه بعلوم المصريات فيطلق عليها اسم "اتريبس" وهو الاسم الذي كان يطلقه البطالمة والرومان خلال فترة حكمهم لمصر وفي بحثنا هذا فسوف نشير إليها باسمها العربي "اتريب"
عمر مدينة اتريب
لقد تاكد علماء المصريات ان تاريخ مدينة اتريب يرجع على الأقل إلى الأسرة الرابعة من عصور الفراعنة وهي الأسرة التي أسسها الفرعون سنفرو حوالي عام 2613 قبل الميلاد وهذا يعنى ان تاريخ اتريب يرجع إلى ما لايقل عن 4500 سنه من الآن.
اما مكان اتريب في التقسيم الادارى للدلتا في تلك الحقبة من الزمان، فقد قسم قدماء المصريين الدلتا إلى عشرين مقاطعه وكان لكل مقاطعه عاصمة ورمز يدلان عليها وقد كان نصيب اتريب في هذا التقسم ان كانت عاصمه للمقاطعه العاشرة، اما رمز المقاطعة فكان الثور الأسود ويطلق عليه أيضا الثور الأسود العظيم (kem-wer) باعتباره أحد اشكال الإله حورس معبود اتريب المفضل.
المركز الدينى لاتريب في العصور الوسطي
عبد المصريون القدماء عددا كبيرا من الآلهة وكان لكل مدينة أو مقاطعه معبودها المفضل وبالنسبة لاتريب بوصفها عاصمة المقاطعة العاشرة أو المقاطعة الاتريبيه كما كان يطلق عليها فإن معبودها المفضل كان هو الإله حورس.
والآله حورس هو أبن الآلهين إيزيس وأوزوريس وقد كانو يعبدونه في صور شتى تاره على صوره طفل وله خصلة شعر وأصبعه في فمه دلاله على انه لايزال في طفولته وتاره على صورة شاب له رأس صقر أو طائر مقدس دلاله على أنه في مرحلة الرجولة والشباب
اتريب في الأسرات المصرية القديمة
- الأسرة الثانية عشر (1991 - 1780 ق. م)
عثر في اتريب على تمثال من الجرانيت ارتفاعه 63.5 سم وليس عله نقوش ولكن الدراسة أثبتت انه يرجع للأسرة الثانية عشر والتمثال من مقتنيات المتحف البرطانى.
- الأسرة الثالثة عشر (1786 - 1633 ق. م)
عثر في اتريب على لوحه حجريه للفرعون " سعنخ - تاوى - سخم كارع " على شكل صقر متوج وهو يتسلم قربانا من إله النيل واللوحة لامير يدعى مرى رع وهي من مقتنيات المتحف البريطانى.
- الأسرة الثامنة عشر (1575 - 1308 ق.م)
ساهمت اتريب مساهمة فعاله في الفنون المعمارية الضخمة التي أتسمت بها الأسرة الثامنة عشر من خلال نبوغ وعلو قدر أحد أحد أبناء مدينة اتريب وهو أمنحتب بن حابو والذي يعتبره علماء المصريات أهم شخصيه مدنية تتبؤ مكانا مرموقا في الأسرة الثامنة عشر.
أمنحتب بن حابو الاتريبى بالرغم من أن هذه الأسرة تزخر بمجموعة من أشهر فراعنة مصر أمثال أحمس الأول وحتشبسوت وتحتمس الثالث وامينوفيس الثالث وإخناتون وتوت عنخ أمون إلا أن أعظمهم في فن المعمار لضخامته هو الفرعون أمنوفيس الثالث " 1425 - 1375 " ق.م.، ويطلق عليه أيضا أمنحتب الثالث منشئ معبد الأقصر الرائع وبهو الأعمدة بمعبد الكرنك وطريق الكباش بين معبدى الأقصر والكرنك وتمثالا ممنون وقصره بمدينة هابى بالضفة الغربية للأقصر وتماثيله الضخمة وجميع منشآت المعمار العظيمة ورائها الساعد الأيمن لأمينوفيس الثالث والمسؤل الأول بتصميمها وإنشائها هو أمنحتب بن حأبو الاتريبى وفي ذلك يقول: " لقد نصبنى الفرعون مديرا لأعماله في محجر الجبل الأحمر بالقرب من عين شمس فنقلت تمثاله الضخم الذي كان يمثل صوره لجلالته بكل دقه فنيه وقد أحضرته من عين شمس الشمالية إلى عين شمس الجنوبية " يقصد طيبه " وهو لا يزال الآن مكانه وقد حبانى سيدى فسمح لى بإقامة تمثالى هذا في معبد آمون لانه يعلم اننى ملك يده إلى الابد"
معبد اتريب: لاحظ علماء المصريات انه بالرغم من مشاغل أمنحتب ومسؤلياته الضخمة في طيبه وغيرها فإنه كان شديد الوفاء لمسقط رأسه مدينة اتريب في الشمال وقد تميز هذا الوفاء بأسلوب عملى بان طلب من الفرعون القيام بإنشاءات معماريه في مدينة اتريب وقد استجاب الفرعون ووافق على إنشاء معبد لعبادة إله المنطقة "حورس - خنتى - ختى" وقد عثر في حفائر في اتريب على قطعه أثرية تحمل اسم أمينوفيس الثالث ويعتقد أنه كان جزء من حائط المعبد.
وقد أعطى الفرعون لأمنحتب بن حأبو لقبا شرفيا وهو " رئيس كهنة اتريب " وقد ساوى مستر برستيد أحد علماء المصريات الإنجليزين هذا اللقب بلقب لورد ولذلك أطلق عليه اسم أمنحتب بن حابو لورد اتريب.
- الأسرة التاسعة عشر (1308 - 1200 " ق.م)
رمسيس الثاني هو أشهر فراعنة مصر جميعها ففى طوال حكمه لمصر على مدى 67 سنه سواء في شبابه أو في كهولته قام بالعديد من الفتوحات العظيمة والمنشأت الكثيرة المتنوعة على طوال الوادى من جنوبه في النوبة إلى أقصى الشمال في الدلتا.
أما منشأته في اتريب فقد اندثرت جميعها بفعل الزمن وبسبب طبيعة الأرض الرخوه إلا أنه أمكن الاستدلال عليها مما أمكن العثور عليه من بقاياها وأهمها ما يلى: مسلتان في اتريب ففى عام 1937 تمكنت البعثة الألمانية أثناء حفرها في تلال اتريب من العثور على قاعده من الجرانيت لمسلة منسوبة إلى رمسيس الثاني ثم عثرت على جزء من المسلة ذاتها.
أما المسلة الثانية فقد عثر على قاعدتها وجزء منها في بعض المبانى المعمارية بمدينة الفسطاط عاصمه مصر لاستخدامها في بناء المدينة في القرن السابع الميلادى وقد وجد مدونا على القاعدة معلومات عن رمسيس الثاني وكذلك عن معبود اتريب "حورس -خنتى -ختى "، ان إحدى قطعتى المسل موجوده حاليا في متحف برلين بألمانيا أما الأخرى مع قاعدتى المسلتين فموجوده بالمتحف المصري.
معبد رمسيس الثاني: ان العثور على بقايا هاتين المسلتين يشير إلى تواجد معبد كانت هاتان المسلتان مقامان أمامه إلا أن البعثة الألمانية لم تتمكن من العثور على دليل على ذلك ولكن بعد سنوات تمكنت بعثه ليفربول من حفرياتها خلال عام 1938 من العثور على هذا الدليل وهو عباره عن قاعده من عمود جرانيتى لأحد أعمدة المعبد المنقوش عليها ما يدل على انها جزء من المعبد.
كما عثرت البعثة أيضا على تمثال من الجرانيت لاسد من عهد رمسيس الثاني وهو حاليا من مقتنيات المتحف البريطانى.
لوحه حجريه لرمسيس الثاني مع ابنه الأمير مرنبتاح: في عام 1898 عثر في تلال اتريب على لوحه حجريه أودعت بالمتحف المصري وهي عبارة عن لوحه ناقصه كانت لصلابتها تستعمل في العمليات المعمارية ولكنه بعد فك رموزها أصبحت تعنى لعلماءالمصريات الشى الكثير.
فعلى الوجه الأول من اللوحة يوجد رسم محفور لرمسيس الثاني وهو يقدم قربانا من الخبز إلى الإله بتاح مع وصف رمسيس الثاني بأوصافه الملكية المعتادة وقف خلفه أبنه الأمير مرنبتاح مع تدوين ألقابه وهي رئيس الجيش وحامل الأختام والمنفذ لأوامر أبيه وعلى الجانب الآخر من اللوحة يوجد منظر أن الأمير مرنبتاح يقدم القرابين للالهه حاتحور، أما في صدر اللوحة فقد كتبت ألقاب الفرعون وألقاب الأمير مع دعوات الآلهة لاطاله العمر وأن يعم الرخاء للبلاد في عهد الفرعون.
وقد لاحظ العلماء ان تعديلات كانت قد دخلت على اللوحة تنحصر في: - إضافة ألامير مرنبتاح وهو يقدم القرابين للالهه. - إزاله بعض الآلهة وإحلال غيرهم محلهم.
قطعه من حائط معبد اتريب: في عام 1938 عثرت بعثة جامعة ليفربول في حفرياتها على قطعه حجريه اعتبرت أنها جزءا من حائط معبد اتريب فقد وجد عليها صور تان محفورتان إحداهما للفرعون رمسيس الثاني وهو يقدم القرابين للالهه والثانية لابنه ألامير مرنبتاح وهو يقوم بذات العمل.
لوحة اتريب:عثر على هذه اللوحة في " الكوم الأحمر " عام 1882 وهي عباره عن شاهد من حجر الجرانيت الوردى ارتفاعه متران ومكتوب على وجهه شرح للحروب التي خاضها مرنبتاح ضد الأعداء القادمين من جزر البحر الأبيض المتوسط ومع الليبين القادمين من الغرب وتقع كلمات اللوحة في 20 سطر على وجه اللوحة و21 سطر على الوجه الآخر.
- الأسرة العشرون (1200 - 1090 " ق.م)
بعد موت مرنبتاح سادت البلاد فرضى عدة سنوات بسبب النزاع الداخلى على الحكم حتى حسم هذا النزاع الفرعون ست ناختي الذي استطاع أن يسيطر على البلاد ولكن حكمه لم يدم طويلا فجاء أبنه بعده رمسيس الثالث الذي كان أكثر منه قوه وشجاعه ولذلك أسس الأسرة العشرون.
انعامات رمسيس الثالث لمعبد اتريب: جاء في " بردية هاريس" ان الأعمال والانعامات والهبات التي منحها رمسيس الثالث لمعبد حورس بمدينة اتريب قد جاء ذكرها بدون ارقام وفقا للنص التالى: (منحت انعامات عديده من الماشية المقدسة إلى الأب الإله " حورس- خنتى- ختى)إله اتريب واصلحت جدران معبده وجددته فأصبح مصقولا وضاعفت القرابين الالهيه فجعلتها قربانا يوميا أمام وجهه كل صباح.... وفي النهاية اختتم رمسيس الثالث النص بإضاح التعديل الذي أدخله لإدارة المعبد ضد المفسدين وعزل الوزير الذي أساء للمعبد كما يلى: (وكنت اراقب الدخلاء فخلعت الوزير الذي افسد كل شيء واستوليت على كل اتباعه واعدت الأهالي الذين قد طردهم من الخدمة وبذلك أصبح المعبد كالمعابد العظيمة محميا من السوء ومحفوظا إلى الابد.
- الأسرة الرابعة والعشرون (722 - 712 " ق.م)
بعد انتهاء حكم رمسيس الثالث بدأت عوامل الضعف والإضمحلال تدب في البلاد فقد حكمها في فترة قصيره تسع ملوك جميعهم من الرعامسة وكان اخرهم رمسيس الثاني عشر وبذلك انتهت الأسرة العشرون وانتهى حكم الرعامسة للبلاد.
وفى تلك الأوقات ظهرت في بلاد النوبة مملكه قويه منظمة واتخذت عاصمة لها مدينة " نابتا" بالقرب من مدينة" مروى " الحالية وبدا في عهد ملكها " بعنخى" الزحف على مصر من الجنوب واستولى على طيبه ومنف وعين شمس وأصبح على مشارف الدلتا.
وصول الملك بعنخى إلى اتريب: وبدا بعنخى الزحف شمالا ليستولى على الدلتا حيث يمكن الأمراء الذين يحكمون شمال البلاد وكان أول اتجاهه هو مدينة اتريب عاصمه المقاطعة العاشرة وفيها أميرها القوى بدى ازيس ولما احس امراء الولايات باقتراب نهاية ملكهم وأن محاربة هذا الملك فيها القضاء عليهم استقر بهم الرأى بإن يجتمعوا في اتريب لدى حاكمها ليقدمو لهذا الملك فروض الطاعة عند دخوله اتريب
معاهدة اتريب: قبل الملك أن يزور اتريب وأن يتم فيها مراسم المعاهدة بينه وبين حكام اتريب والوجه البحرى وكان أول ما زاره فيها معبد الإله " حورس - خنتى - ختى " وقدم له قربانا ثم اتجه إلى مقر الحكم في اتريب حيث كان في استقباله ملوك وأمراء الدلتا وعلى رأسهم الملك اوسركون وخروا جميعهم أمامه ساجديين.
- الأسرة الخامسة والعشرون (712 - 654ق.م)
بعد الاتفاق الذي تم في اتريب عاد الملك بعنخى إلى عاصمة بلاده نابتا ولكن سرعان ماتمرد عليه أمير سايس في غرب الدلتا وتبعه غيره من أمراء الدلتا وسرعان ماتفككت البلاد مره أخرى ولا سيما بعد موت بعنخى.
ثم جاء الملك شباكا الذي تولى ملك بلاده خلفا لأخيه بعنخى وبسط سلطانه على مصر ثم قام بأعمال عظيمة نحو المعابد المختلفة وقد عثر له في اتريب على قطعه أثرية عليها اسم التتويج له مما يدل بأن أعماله قد وصلت إلى هذه المنطقة.
إلا أنه بدأ يظهر في شرق البلاد قوه جديده هم الاشورين الذين سرعان ما أستولوا على بلاد الشام وهددوا البلاد من جهة الشرق ولكن بسبب حكمة شباكا لم تحدث مواجه معهم في عهده وإنما حدثت المواجهة بعد موته بين طهراقه ابن بعنخى وبين الآشورين ثم أستكملهما بعد موته تانوب أمون ابن اخيه الذي خاض معارك كثيرة معهم بقيادة قائدهم آشوربانيبال الذي انتصر في بعضها وأنهزم في الأخرى وانتهت الحروب بعودة تانون امون إلى عاصمة بلاده تاركا الآشورين يعيثون في البلاد فسادا ونهبا وقد سهل لهم مهمتهم حاكم سايس وقد كافأه آشور على ذلك بأن نصب أبنه إبسماتيك الأول حاكما على اتريب حوالي عام 663 ق.م بل وان تصبح المقاطعة بأكملها إقطاعيه له يتحكم فيها كيف يشاء.
وقد وردت هذه الأحداث باللغة الهيروغليفيه على لوحة تانوب امون المسماة "لوحة الأحلام" المعروض بالدور الأرضى من المتحف المصري.
ولكن بسماتيك حاكم اتريب كانت قد أسندت إليه أيضا إمارتى سايس ومنف ومن ثم أصبح ذا نفوذ كبير ولا سيما بعد موت أبيه أمير سايس وقد سنحت له فرصة انشغال الاشورين بالحرب مع بابل فانتهز هذه الفرصة وطردهم من البلاد ونصب نفسه فرعونا على مصر شمالها وجنوبها وبذلك اعتبره المؤرخين مؤسسا للأسرة السادسة والعشرون وعرف باسم إبسماتيك الأول.
وواقع الأمر أن مصر عاشت في عهدة عصرا زهيا لم تعشه منذ عدة قرون وقد اعتبر المؤرخون أن مجد مصر القديم وعلو شانها وحضاراتها قد عاد مره أخرى مع بداية هذه الأسرة، ولقد حكم إبسماتيك الأول البلاد من عاصمة ملكه سايس بالوجه البحرى وكانت مدة حكمه 54 سنه.
أما ابنه نخاو فقد حكم البلاد لمدة 15 سنه فقط ثم جاء بعده بسماتيك الثاني ابن نخاو الذي كان له مع مدينة اتريب ارتباط قوى أكده الكشف التالى:
الملكة تاخوت زوجة بسماتيك الثاني في اتريب: أن الصدفة وحدها كانت السبب الأساسي في هذا الكشف ففى عام 1949م عثر بعض الفلاحين من اتريب على تابوت من الجرانيت أثناء عملهم في إصلاح قطعة أرض كانت جزءا من تل اتريب وقد أبين من المعاينة أن على التابوت اسم الملكة تاخوت إحدى ملكات الأسرة السادسة والعشرون وبالرغم من انه لم يتبين للوهله الأولى ان صاحبة المومياء هي زوجة بسماتيك الثاني إلا أن ذلك قد تأكد فيما بعد من مقارنة ذلك بالتابوت الذي كان قد عثر عليه في معبد الرمسيوم بطيبة لابنته وتدعى عنخس نفر ان رع ومدون عليه صيغ مكتوبة تؤكد نسبها لأبيها الفرعون بسماتيك الثاني وإلى والدتها الملكة تاخوت.
أما الصيغة المكتوبة على تابوت الملكة تاخوت والذي عثر عليه في اتريب فهذا نصه: " قر بان يقدمه الملك لاوزير أول اهل الغرب وللاله العظيم رب القوة ليعطى قربانا من البخور والعطور كل شيء جميل مما يعيش منه الاله إلى روح الاميره الوراثيه والسميره الوحيدة يسدة اللطف والحلاوة والحب والزوجة المليكه تاخوت ".
أما داخل التابوت فكانت مومياء الملكة مسجاه فيه وكاملة التحنيط كما كان عليها مجموعه من الحلى الجنائزى والتقليدى، وقد أودع التابوت بمحتوياته في المتحف المصري
الملك أحمس الثاني (570 - 526 ق.م) جاء بعد بسماتيك الثاني ابنه الملك ابريس الذي كتر على أعتماده في الجيش على الأجانب فزاد نفوذهم ولا غرابه في ذلك انه نفسه كان من سلاله أجنبية ولكن رجلا من عامة الشعب كان يشغل وظيفة رئيس الجيش اسمه أمازيس استطاع أن ينهى حكم ابريس ونصب نفسه ملكا على البلاد وأستمر حكمه 44 سنه.
ولقد نهضت البلاد في عصره نهضة عظيمه فكثر رخاؤها ونماؤها وقد اهتم بتشييد المبانى الفخمة والمعابد المختلفة، وإلى عهده ترجع بعض الآثار فقد وجدت في اتريب مائدة من الجرانيت تقدم عليها القرابين للالهه وهي من عهده ومذكور عليها اسمه وبالمثل وجد خاتم يحمل اسمه وهو من مقتنيات متحف اشموليان بإنجلترا وعلى ان أهم ما وجد هو ناووس صنعه الملك خصيصا لمعبد اتريب.
ناووس معبد اتريب: يطلق بعض الاثريون لفظ ناووس على محراب عميق مسقوف يوضع فيه تمثال للاله في المعبد وعاده يتكون من قطعه حجريه أو جرانيتية واحدة تختلف أبعادها باختلاف الاهتمام والمقدرة اللازمة لصنعها ولم يكن يسمح لاحد بالدخول إلى الناووس الا لكبار رجال الدين فقد كان للناووس باب يغلق على تمثال للاله ويوضع في قدس الأقداس بالمعبد.
الناووس الأول: يوجد هذا الناووس في متحف اللوفر بباريس وهو قطعه واحده من الجرانيت وقد عثر عليه في البحر بالإسكندرية وواضح نقوشه انه كان مقاما بمعبد اتريب لعبادة الإله " حورس خنتى ختى " وكان الناووس مهدى من الملك أمازيس للاله أوزوريس وإلى أبنه حورس.
الناووس الثاني: يومجد هذا الناووس في المتحف المصري وقد عثر عليه عام 1907 ولم يتبق منه الا سقفه، ويتبين من صورة السقف ضخامة الناووس ودقه صنعه فهو من الجرانيت المحبب ومهدى من الملك أمازيس إلى الإله " كم - رو" (الثور الأسود) وقد نقش على الجدار الخارجي من اليمين سطر افقى جاء فيه: يعيش حورس ملك الوجة القبلى والبحرى وقد صنعه بمثابة ذكرى لولده (كم - رو) الإله الاعظم
كنز اتريب: أطلق الاثروين التعبير " كنز اتريب " على الكشف الذي تم مصادفة في تل اتريب يوم 27 سبتمبر 1927م عندكا كان بعض المزارعين يستصلحون بعض الأراضي التل، وقد أطلقوا هذه التسمية بسبب ضخامة كمية الفضة التي تحتويها انيتان من الفخار وبلغ وزنها حوالي 50 كجم.
اتريب في العصر البطلمى الرومانى
أن نصيب اتريب من نتاج الاكتشافات الأثرية عن العصر الفرعونى يفوق كثيرا نصيبها عن العصر البطلمى الرومانى وقد يكون سبب ذلك للوهلة الأولى هو طول المدة التي عاشتها اتريب في العصر الأول حيث بلغت 2290 سنه أي من الأسرة الرابعة إلى العصر البطلمى (2613 - 322 ق.م) مقابل حوالي 960 سنه أي من العصر البطلمى إلى العصر الإسلامي (322 ق.م - 640 م) في العصر الثنى أو قد يكون سبب ذلك نوعية حكام العصر الأول المعروفيين بانتمائهم المصرية لاهل مصر ولتراب مصر فهم أهلها ومن أهلها باستثناء قله دخيلة وذلك مقابل نوعية حكام العصر الثاني فقد كانو غرباء عن مصر اما من اليونانيين أو من الرومان وجميعهم كانوا ينظرون إلى مصر وإلى أهلها نظرة المستعمر المستغل الذي كان يركز نشاطه على تعمير البلاد بالقدر الذي يعود عليه بالنفع وأخذ خيراتها.
ورغم قلة عدد الاكتشافات الاثريه عن الفترة الثانية إلا أن ما تم كشفه منها يعكس بوضوح طبيعه الحياة الاجتماعية والاقتصاديه والسياسية في مصر وانعكاساتها على الحياة في مدينة اتريب
- اتريب تحت الحكم البطلمى (322 - 30 ق.م)
بدأ الحكم البطلمى لمصر بعد حوالي عشر سنوات من فتح الأسكندر الأكبر لمصر عام 332 ق.م إذ انه بعد وفاة الاسكندر في بابل عام 323 ق.م انقسمت الإمبراطورية على نفسها فاستقل بطليموس أحد قواده بحكم مصر عام 322 ق.م وبهذا بدأ حكم البطالسة للبلاد من العاصمة الجديدة الإسكندرية أبتداء من بطليموس الأول إلى الملكة كليوباترا لقد حكم بطليموس الأول مصر قرابه أربعين عاما وضع خلالها الأسس الكفيلة باستمرار حكم أسرته من بعده واستغلال خيرات البلاد بما يعود عليهم وعلى اتباعه اليونانين والاجانب بالاستمرار والنفع.
وفى أوائل حكم بطليموس ظهر في مدينة اتريب شخصيه دينية ذات نفوذ قوى مستمده من قوة بطليموس حاكم البلاد اسم هذه الشخصية " زد هير "
زد هير الملقب بالنقذ: أن جميع المعلومات عن هذه الشخصية مستمدة من تمثال له عثر عليه في سبتمبر سنه 1918 بالقرب من جبانة الأقباط بقرية اتريب وهو من الجرانيت الأسود دقيق الصنع وفي حاله ممتازة ويرجع إلى عصر بطليموس الأول ويتكون التمثال من قطعتين منفصلين الأولى وهي تمثال زد هير صاحب التمثال وهو جالس القرفصاء وواضع يديه معكوفتين على ركبته وقد لبس رداء منقوشا عليه وعلى كل مكان من جسمه كلمات هيروغليفيه أما أمام ساقيه فتوجد لوحه رأسية هي جزء من التمثال منحوت عليها رسم لاله اتريب " حورس خنتى ختى " وهو على صورة طفل واقف له ضفيرة من الشعر متدليه على صدره ويقف على تمساح.
اما القطعة الثانية فهي قاعدة التمثال ولكنها تختلف عن المعتاد في أن لها فجوة تثبت فيها التمثال بحيث تصبح معظم القاعدة امام التمثال ومحفور بنها قنوات تنتهى بحوض بيضاوى الشكل ليستقر فيه الماء. وقد فك رموز التمثال وشرحها العلامة عالم المصريات ميسو دارسى ويقول دارسى في بحثه بان التمثال يعتبر قطعه فنيه رائعه كما وان ما كتب عليها من نصوص تعتبر إضافة جديدة لمعلوماتنا عن الديانة المصرية القديمة.
اما عن صاحب التمثال فهو لرجل من المدنيين قد صنع تمثالا لنفسه في زهو وغرور وخيلاء ولكنه يعود ويقول انه صنعه بتكليف من الملك بطليموس الأول الذي كلفه أيضا بإنشاء معبد في اتريب إلى الجنوب من المعبد الأصلي.
ومن أحد نصوص التمثال: " انا المخلص لاوزيريس وسيد (ات - كميات) و(روساتى) المقدستين الواقعين جنوب اتريب وشمالها وانا الحارس والمسؤل عن أبواب (حورس خنتى ختى) وكبير اتريب والمسئول عن الطيور المقدسة وعن تسجيل كل ما يخصها انا زد هير المنقذ " وان جميع النصوص المسجلة على التمثال وقاعدته يتحدث فيها زد هير عن نفسه كا لو كان هو المتصرف الأول والأخير في شؤون مدينة اتريب وفي معبدها وقد زكر أسماء عائلته وأيضا اسم المثال الذي صنع له التمثال.
وأخيرا فقد تبين أن هذا التمثال كان يستعمل في الطقوس الدينية وذلك لصب الماء فوقه واستخدام ما تجمع من الماء منه في الحوض للاستشفاء ولاخذ البركاتمن الآلهة عن طريق زد هير المنقذ.
بقايا مبنى محترق في اتريب: توصلت البعثة البولندية أثناء حفرياتها حول تل سيدى يوسف في اتريب والتي تمت في نوفمبر 1985 من العثور على بقايا مبنى شيد في القرن الثالث قبل الميلاد أي في العصر البطلمى وقد احترق من حوالي بداية القرن الأول قبل الميلاد.
وقد حددت البعثة مكان المبنى وما يحتويه من آثار باستخدام أسلوب التغير في المقاومة الكهربية لمكونات الأرض كما تمكنت من تحديد تاريخ الحريق وذلك بتطبيق نظرية الكربون المشع على المكونات الكربونيه للقطع الخشبيه المتفحمة.
أما عن محتويات المبنى فقد عثرت البعثة على بقايا تماثيل كثيره للالهه الاغريقيه افروديت مما اعتبرته البعثة مؤشرا على تأثر اتريب وقتئذ بالديانة الاغريقية وعثرت البعثة أيضا على الكثير من بقايا أدوات منزلية من الفخار والسيراميك المصنوع أو المستورد من جنوب إيطاليا ويرجع في هجملة القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد وقد تاكد هذا الراى أيضا بالعثور بين محتويات المبنى عملات معدنية ترجع إلى تلك الحقبة من التاريخ.
حق حماية اللاجئين لمعبد اتريب: بعد حوالي 200 سنه من حكم بطليموس الأول كانت النزاعات والضعف وسوء الإدارة هي سمة حكام مصر من البطالسة ولذلك أزداد تقربهم لأهالي البلاد عن طريق الكهنة ورجال الدين الذين يستطيعون السيطرة على الناس وقد طهر ذلك في السلطات الجديدة التي أعطيت لمعبد اتريب من بطليموس العاشر حوالي عام 95 ق.م.
وتقضى هذه السلطات بان اعطى الملك لمعبد اتريب الحق في حماية الذين يلجؤن اليه وهي حماية فوق القانون تجعل اللاجئ إلى المعبد محصنا ضد أي احكام صادره ضده فلا يمكن تنفيذها مهما كانت هذه الاحكام بمجرد احتمائه في المعبد، وقد وردت النصوص هذا الحق لمعبد اتريب منقوشه على لوح حجري بثلاث لغات هي الهيروغليفيه والديموقيطيه واليونانيه
- اتريب تحت الحكم الرومانى (30 ق.م - 640 م)
كانت مصر في أواخر حكم البطالسة في أسوء أحوالها الاقتصادية والسياسية مهد ذلك لاحتلال الرومان مصر عام 30 ق.م وبدخول الرومان ركزو على الإصلاحات الداخلية مثل استصلاح الأراضي القابلة للزراعة مع تحسين وسائل الزراعة بشق الترع وتطهير القنوات وقد أنعكس هذا بطبيعه الحال على مدينة اتريب نظرا لكونها عاصمة لأحد أقاليم مصر ولوجودها قى ملتقى عدة طرق داخل الرقعة الزراعية وهذا ما أثبتته بعثه ليفربول في حفرياتها ودراستها في تل اتريب خلال عام 1938 وهو كالاتى:
نظام لتوصيل مياه الشرب لمدينة اتريب: عثرت بعثة جامعة ليفربول على نظام متكامل وعلى مستوى عالي من الدقة لتوصيل مياه الشرب من النيل إلى مدينة اتريب فهو يتكون من مجموعه من القنوات المائية المسقوفة بالطوب الأحمر ومتصلة بعضها بالبعض بأبار صغيرة ومفتوحة لاستخراج الماء وتستعمل هذه الابار في ذات الوقت كوصلات بين القنوات المتفرعة منها.
وقد لاحظت البعثة أن القنوات في حاله جيدة ولا زال أجزاء منها يعمل وكانت المقاييس للأجزاء التي تمت دراستها على الطبيعة هي عبارة عن جزء مسقوف طوله حوالي 18 مترا ويقع على عمق متر ونصف من سطح الأرض وكان سمك جدرانه 40 سم بارتفاع 180 سم.
الحياة الاجتماعية وكثافة السكان: لاحظت بعثة جامعة ليفربول ضخامة مخلفات الاوانى الفخارية في أطلال اتريب بالإضافة إلى مجموعه من التماثيل والجعارين ومسارج الإضاءة السليمة كما عثرت على عدد كبير من المقابر الرومانية المعروفة باسقفها المقببة هذا يدل على ان هذه المدينة كانت زاخرة بالسكان آنذاك.
ولقد اكد الدكتور كارول مسليفيك رئيس البعثة البولندية ان المراجع الأثرية الصادرة في إيطاليا عن تاريخ الإمبراطورية الرومانية تذكر مدينة اتريب في دلتا نهر النيل على أنها كانت واحدة من أربع مدن كبيرة من دول شرق البحر المتوسط تعتمد عليها في تزويدها بالمنتجات المختلفة.
ولقد كان سكان مدينة اتريب مكونين من طبقتين هما الاجانب والمصرين.
قوس النصر: عند قيام بعثة جامعة ليفربول بعمل حفرياتها في تل اتريب عام 1938 عثرت على جزء من قوس النصر على شكل بوابة مربعة رومانية الطراز يرجع تاريخها إلى عام 374 ميلاديه وعليها إهداء مكتوب باللغة اليونانية إلى ثلاث من الاباطرة الرومان كما اضيف إليهم اسم الحاكم الرومانى لمصر وذكر اسم المهندس الذي قام بالعمل.
المعبد الرومانى باتريب: توصلت بعثة ليفربولأأيضا من العثور على بقايا المعبد الرومانى الذي كان مقاما في مدينة اتريب وقد حددت البعثة موقعه من دراسة بقايا أعمدة الرخام وبعض الأجزاء المتبقية ولكنها لم تسطيع مواصلة التنقيب نظرا لوقوع باقى المعبد تحت الطريق الجديد الممتدد من الرايح التوفيقى إلى كوبرى بنها الجديد (وقتئذ)المقام على النيل.
اتريب من الفتح الإسلامي إلى الحملة الفرنسية
- اتريب في الخطط التوفيقية
وصف مدينة اتريب: جاء في وصف اتريب نقلا عن اياس وابن كندى والمقريزي وما ورد في كتب الفرنج الاتى: "اتريب من المدائن العظيمه على شاطئ النيل ويقال لها (اتريبس) طولها 12 ميلا وعرضها كذلك وكان لها أثنى عشر بابا وكان بها خليج تجرى به مياه النيل تتفرع منه ترع صغيرة يحمل منها الماء للمساكن وكانت بيوتها في غاية الحسن وكان شارعها الأكبر عموديا على خط النيل وبه منتزه باهر وشارع أصغر منه عمودى عليه يخترقها جنوبا وشمالا ".
اما عن معالمها العمرانيه فقد ورد في الخطط الاتى: " كان في اتريب دير للعذراء البتول يعرف بدير مارى مريم مقاما على شط النيل بالقرب من بنها وكان يقام لها عيد سنوى يوم الحادى عشر من بؤونه كما كان بنها كرسى أسقفية ودارا لإقامة الحكام في عاصمة الإقليم اتريب والتي كان يتبعها كثير من القرى التي بلغ مائة قرية وثمانية".
كما جاء في الخطط التوفيقيه أيضا نقلا عن المقريزى في رسالته عن قبائل العرب من ياتى: "ان اتريب كانت من ضمن المدن التي أستوطنها العرب وكان أهالى المدينة يحفرون في تلالها فإذا وجدوا بها رخاما أو أحجارا عملوا منها جيرا للبناء وعلى ذلك وجدو فيها أشياء كثيرة عتيقه بها آثار قبور مقببه تشبه قبور المسلمين ".
قصة محاولة حرق اتريب: جاء في الخطط التوفيقية نقلا عن مؤرخى بطارقة الإسكندرية انه لما علم الخليفة بان جيوش الفرنسيس قد وصلوا إلى فارما شرقي البلاد وجه حملة من العساكر في المراكب إلى الجهات البحرية وأمرهم بحرق ما يجدونه نافعا للعدو من سفن ومؤن كما أرسل حمله أخرى عن طريق البر والتي كانت مهمتها أعاقة تقدم العدو وأحراق كل ما يجدونه نافعا لهم وقد نفذوا ما أمروا في المزارع والقرى والمدن التي في طريق مسارهم.
وعندما وصلوا إلى مدينة اتريب وهمو بإحراقها هالهم ما سوف يرتكبونه من خطأ نظرا لما رأوه من حسن المدينة ونظامها وما فيها من مجار مائية عددها خمسه بخلاف الخليجان فامتنعوا عن تنفيذ مخططهم ونجت المدينة من الاختراق.
الطائر المقدس يعود إلى اتريب: قبل اعتناق المصرين للدين المسيحي كان لاتريب آلهها المفضل وهو حورس وكانت إحدى صوره طائر أبيض على شكل باشق ولذلك اعتبره أهل مقاطعة اتريب طائرا مقدسا فقاموا برعايته والقيام على خدمتة التي كان يتولاها كهنة معبد اتريب وخدمه.
وقد كانت له في جنوب اتريب حظيرة خاصة له اسمها (ات - كيمات) يتم فيها تفريخ سلالته والقيام على نظافته وتقديم الاطعمة له.
نعود إلى ما جاء في الخطط التوفيقية عمن سبقه فقد جاء بها ان حمامة بيضاء تأتى كل عام في تاريخ محدد أثناء الاحتفال بعيد القديسة مريم في اتريب وتدخل أحد الاديرة وتستقر على المذبح وتمكث في مكانها عدة ايام ثم تغادى ولا تعود إلا في ذات اليوم من العام القادم من التقويم القبطى.
ويعلق على هذا الحدث محرم كمال في كتابه " اثار حضارة الفراعنة في حياتنا الحالية " بأن ما يحدث انما هو امتداد لما كان يحدث في اتريب من تقديس لهذا الطائر في الماضي فلقد كانت اتريب تعبد الإله حورس والذي كان يتمثل في هذا الطائر.
تدهور أوضاع اتريب: بالرغم من أن مدينة اتريب كانت في أوائل الفتح الإسلامي امتداد للنظام الرومانى حيث كانت عاصمة لمنطقة إدارية واسعة إذ بها توصف في كتاب " وصف مصر " للحملة الفرنسية حوالي عام 1800 م أي بعد حوالي 1160 سنه من نهاية الحكم الرومانى بإن اتريب قرية تابعة لمديرية الشرقية وأنها تقع على حافة تلال واسعه لقرية أثرية تحمل ذات الاسم كانت في الماضي إحدى المدن المقدسة في العصور القديمة وهكذا أصبحت قرية عادية تابعة لغيرها وبالتالى حظها النسيان.
أما متى حدث لها هذا الإهمال فقد جاء في القاموس الجغرافى للاستاذ محمد رمزى ان ذلك حدث في القرن السابع الهجري ابتداء من العصر المملوكي.
اتريب في عهد أسرة محمد على باشا
أن التدهور الذي حدث لمدينة اتريب الفرعونية خلال عصرى المماليك والحكم العثماني قد ظهرت معالمه في تناقص أراض تل اتريب فقد ورد في القاموس الجغرافى نقلا عن الانتصار والتحفه ان وحدة اتريب المالية كما وردت في دفاتر الأموال في الوثائق القديمة بلغت 758 فدانا وبعد ذلك ورد في الخطط التوفيقية ان مساحة هذه التلال فترة حكم محمد على باشا وأسرته حتى تاريخ صدور الخطط حوالي عام 1886 م حوالي 300 فدانا ثم تناقص هذا القدر فوصل في عام 1900 م إلى حوالي 200 فدان فقط حسبما ورد في القاموس الجغرافى.
وبالرغم من أن اتريب قد أصبحت ابان الحملة الفرنسية إحدى القرى التابعة لمدرية الشرقية إذا بالقرية التابعة لها وهي بنها قد انفصلت عنها هي الأخرى فقد جاء في كتاب وصف مصر للحملة الفرنسية ان بجوار اتريب قريتان تابعتان لمحافظة القليوبية إحداهما كفر بنها(أبو ذكري ) والأخرى بنها العسل.
- عباس الأول واتريب (1849 - 1854)
عندما تولى عباس الأول الحكم في عام 1849 م بنى له قصرا على النيل في بنها غريبى تل اتريب الاثرى اما قرية اتريب فكانت تقع شرقي التل وعلى ذلك فقد كانت تلال اتريب تقع بين الغرب والقرية في الشرق.
كان عباس الأول معروفا بمزاجه المتقلب فلم يعجبه مايسمعه من نزاعات في قرية اتريب والتي تمتد آثارها إلى طرقات التل وبين أطلاله الذي كان مأوى للمتنازعين فقرر نقل هالى اتريب إلى مكان آخر يبعد عدة كيلومترات إلى الشرق وأسكن أهل القرية مكانا سمى بذات الأول وهو اتريب بالقرب من قرية ميت السباع ولم يدم حكم عباس الأول طويلا فبعد حادث اغتياله في قصره ببنها بعدة سنوات ألتمس أهالي اتريب من الجهات الإدارية العودة إلى مواطنهم الأصلي اتريب فسمح لهم بذلك واستمرت هناك قريتان تحملان نفس الاسم ولذلك قرر من النواحى الاذارية إعادة تسميتها فسميت القرية الجديدة نصف اتريب الشرقية وسميت القرية الاصلية نصف اتريب الغربية أو تل اتريب.
- بنها واتريب
وعلى العكس ما حدث لاتريب تحسن في أوضاع بنها التي لم تكون سوى قريتان صغيرتان هما كفر بنها وبنها العسل تابعتان لمديرية القليوبية وعاصمتها قليوب.
فأصدر عباس الأول قرارا عام 1850م بان تصبح بنها عاصمة لمديرية القليوبية بدلا من قليوب وذلك حتى تاخذ وضعا إداريا أفضل ليتناسب مع وجود ملك البلاد في قصره ببنها وما يحتاجه من استقبالات وحفاوه وخدمات للقصر والحاشية وأستمرت قرية تل اتريب الغربية تابعة لمديرية الشرقية حتى صدر قرار بنقل تبعيتها مع بعض القرى المجاورة لها إلى مديرية القليوبية وبذلك أصبحت قرية اتريب إحدى القرى التابعة لمدينة بنها.
اتريب في العهد المعاصر
نحن الآن مع نهاية مدينة " حت حرى اب " الفرعونية أو اتريبس المصرية البطلمية الرومانية وهي كما يقول الاثريون مدفونة على اعماق مختلفة من سطح الأرض وذلك لان طبيعة الأرض التي كانت هذه المدينة مقاما عليها مكونة من رواسب طمى نهر النيل وهي رواسب لينه ثقيله سهله الغوص في جوف الأرض وهو ما سبق أن أكدته الحفريات التي تمت فيها حيث عثر على آثارها على عمق يزيد عن مترين من سطح الأرض.
أما على سطح الأرض وفي مكانها فإن العمران قد أجتاح المنطقة من كل جانب فقد أنشئ طريق مصر إسكندرية الزراعى والذي شطر تلال تل اتريب إلى قسمين إحداهما في شمال الطريق والأخرى في جنوبه ولما نقل مقر محافظة القليوبيه وأجهزته الإدارية والثقافية وغيرها إلى حيث كان عباس الأول وبدء العمران يتجه تدريجيا إلى مساحات من تل اتريب فإنشئ الأستاد الرياضى وأنشئت المستشفيات ومبانى جامعة بنها وكثير من الإنشاءات السكنية بحيث لم تمض سنوات قليلة حتى انتهت معالم المدينة الآثرية تماما ولم يبقى منها سوى المنطقة الآثرية في كفر السرايا بجوار اتريب وثلاث تلال صغيره أكبرها يستخدم جبانه للمسلمين أما الاخران فيعرفان باسم تل سيدى يوسف والاخر تل سيدى نصر.
والان أسدل الستار على مدينة اتريب الأثرية ويعيش الآن على أنقاضها قوم آخرون أو سلالات من قومها السابقين وقد جرفهم تيار الحياة وأستبدت بهم مشاكل اليوم والغد فلم تترك لهم الفرصة سانحة للنظر إلى الوراء لاخذ العبرة أو البحث عن الجذور لاستلهام الهمم.
وكم من أقوام في العالم اليوم يبحثون عن جذور لهم فلا يجدون لهم أصلا فيحاولون جاهدين ان يصنعوا لهم تاريخا عمره بضع مئات السنين ليضعوه نصب أعينهم ليكون منارا ينير لهم الطريق.
المصادر
- نهاية مدينة فرعونية / تأليف: الحسيني صالح
سنة الإصدار: 1991 عدد الصفحات: 92 صفحة
- Doffinger, André. "Inscriptions of Amenhotep, son of Hapu". reshafim.org.il. مؤرشف من الأصل في 28 ديسمبر 201720 ديسمبر 2017.
تأليف: الحسيني صالح/
سنة الإصدار: 1991/
عدد الصفحات: 92 صفحة
- سكان اتريب