ضرب الأسطول الإنجليزي للإسكندرية قبل 77 عاما صدر هذا الكتاب لمرة واحدة فقط في 140 صفحة من القطع المتوسط ومن مطبعة صلاح الدين بالإسكندرية لتنفذ نسخة فورا خاصة وان مؤلفة هو الأمير عمر طوسون ،والأهم ان موضوع الكتاب هو يوم 11 يوليو 1882 الأسود حيث كان اليوم الذي قامت فيه إنجلترا بضرب ودك حصون مدينة الإسكندرية بواسطة مدافع أسطولها البحري دون أسباب – فاقترفت بذلك سبة الاعتداء على امة لم يكن بينهما إلا السلام واجترحت إثم التهجم على بلاد لم تناوئها الحرب ولم تبادئها بالعدوان والخصام –
على حد قول مقدمة الكتاب التي تنضح بالمرارة والألم –حيث كان ذلك الحدث الجلل مقدمة لاحتلال مصر، ولم يطبع الكتاب مرة اخرى طوال السنوات ال77 الماضية، واندثرت كل نسخة بمرور الزمن حتى كان الاسبوع الماضي حينما عثرت الفجر على نسخة منة باهداء من الامير عمر طوسون داخل دهاليز دار المحفوظات بالقلعة ،وتنفرد الفجر بتقديم أول عرض للكتاب بعد 77 عاما من صدورة.
المحتوى
تناولت صفحات الكتاب مايلي:
أولاً: حصون مدينة الإسكندرية من قبل الفتح الإسلامي حتى حكم محمد علي باشا وأسرته كانت الإسكندرية عاصمة مصر منذ أسسها الأسكندر الأكبر وكانت رقعتها قبل الفتح الإسلامي الأول في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أكبر من رقعتها بعد الفتح بقيادة عمرو بن العاص والذي أتخذ من الفسطاط عاصمة لمصر كانت الإسكندرية قبل الفتح غاية في الحصانة منيعة بأسوارها العالية وخنادقها العميقة وأبوابها المحكمة وأبراجها الباذخة والشامخة – عانى العرب في فتحها وحصارها ومهاجمتها أربعة عشر شهراً – وهالهم بعد الفتح ما وجدوه فيها من الحضارة والعمران والقصور والأسواق والعمارة والكنائس.
وعند خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه قام بعزل عمرو بن العاص عن ولاية مصر واستعمل بدلاً منه عبد الله بن سعد بن أبي السرح وبعد أيام من ولايته ثارت الإسكندرية وقتلوا حاميتها واستعانوا بالرومان حتى ملكوا المدينة ومنها إلى باقي مصر حتى أعاد خليفة المسلمين عمرو بن العاص إلى ولاية مصر لهيبته في صدور المصريين ومعرفته بحربهم حتى دانت له الإسكندرية بعد حرب شعواء وقد أقسم أن يهدم حصونها وقد فعل وسواها بالأرض حتى لا تنقض على المسلمين مرة أخرى وذلك هو الفتح الثاني للإسكندرية وبالتالي لمصر.
وفي عهد ولاية أحمد بن طولون على مصر 265 هجري – 878 م أحاط الإسكندرية بسور جديد خوفاً من غارة عسكر الخليفة بعدما أستقل بمصر عن الخلافة – ويقال أن ذلك السور قد استمر حتى الحملة الفرنسية على مصر 1798 م.
وقد وصف عمرو بن العاص رضي الله عنه الإسكندرية عند فتحها الأول في كتاب لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب أن بها أربعة آلاف بنية بأربعة آلاف حمام وأربعين ألف يهودي عليهم الجزية وأربعمائة ملهى للملوك. ويذكر المؤرخون كذلك أنه كان بها أثنى عشر ألف بقال وبها مائتي ألف رجل من الروم وقد بقى بعد فرار الكثير منهم والأسرى ستمائة ألف من الرجال سوى النساء والصبيان.
واستمرت مناعة حصون الإسكندرية في عهد السلطان الأشرف برسباي من سلاطين دولة المماليك الجراكسة المتوفى 850 هجري – 1468م ووصف حصن الإسكندرية بأنه محاط بسورين بينهما يطلق الماء من البحر وقت الضرورة وبأعلى أبراجها مناجيق وحرس – وأكد المؤرخون أن التحصين المشار إليه تم في زمن حكم العرب وكان يسمى سور العرب ووصف الكتاب أطوال السور من كل الجهات وأبوابه ومكوناته وأبراجه.
ثم يتعرض الكتاب إلى حصون الإسكندرية بعد أن أحتلها الفرنسيون سنة 1798 م وقد أقاموا أربعة حصون منها ثلاثة بأسماء فرنسيون والرابع باسم كليو بطره وأقاموا بها صفوفاً من المدفعية للدفاع عنها.
وينتقل الكتاب إلى حقبة حكم محمد علي الذي عهد إلى جاليس بك تحصين الإسكندرية حيث وصفها الملازم نيو جنت من رجال البحرية البريطانية 1840 م بعدد ستة عشر طابية داخل الحصون مسلحة بعدد 330 مدفع , 95 هاون ( نوع آخر من المدافع ) – وفي راوية أخرى وصفها إسماعيل سرهنك باشا في كتابه ( حقائق الأخبار عن دول البحار ) بأنها تحتوي على خمسة وعشرين طابية بها 617 مدفع , 69 مدفع هاون وذلك التطور تم في أواخر عهد محمد علي سنة 1848 م – وقد أعد حسن باشا الإسكندراني ناظر البحرية المصرية قائمة بالحصون وتسليحها تلك التي تم الإشارة إليها أخيراً – وقد غرق مع آخرين بسفينة القيادة ( مفتاح الجهاد ) في حرب القرم 1855م.
ويستمر الأمير عمر طوسون بكتابه إلى أن يتحدث عن عهد حكم إبراهيم باشا الذي أستمر في دعم الحصون وتسليحها خلال فترة ولايته من يونيو – نوفمبر 1848 م ولم يمهله العمر لاستكمال ما بدأ.
وأما عن فترة حكم عباس الأول فقد جرى إتمام الاستحكامات والقلاع والطوابي وأضاف حصون أخرى وأنشأ مخازن للبارود ومخبزاً وطواحين تدور بالهواء واسبتالية ( مستشفى ) لمرضى العساكر وألحق بها الورش مما جعل الحصون والقلاع لا تحتاج إلى شئ من خارجها ووفاها جميع لوازمها من مفروشات وملبوسات وأدوية وآلات وجعل بها أجزاخانة وبيتاً لتركيب الأدوية – وقام بتدبير موارد الماء وكشف الصهاريج التي بداخل الإسكندرية وخارجها وقدر ما تسع من ماء والمجاري المائية التي تغذيها.
واستمرت حصون الإسكندرية كما هي في عهد سعيد باشا 1854-1863م حتى تولى الحكم الخديوي إسماعيل 1863- 1879م حيث قام بتعزيز حصون المدينة بمدافع أحدث طرازاً من الموجودة بها لضمان سلامتها من أي عدوان فقام خلال الفترة من 1869 حتى 1873م بشراء 200 مدفع من إنجلترا من عياري 7بوصات وزن 8طن , 8 بوصات وزن 9طن للمدفع الواحد , 10بوصات وزن 18طن !؟ ومدافع عيار 40رطلاً تم توزيعها جميعاً على الحصون بالإسكندرية وباقي سواحل بورسعيد. وقد عرض الكتاب تفاصيل تسليح الحصون الخمسة عشر بالإسكندرية بمدافع من عيارات مختلفة – وبالرغم مما سبق عرضه إلا أن ميزان القوى كان في صالح أسطول الغزو البريطاني بصورة ساحقة حيث كانت معظم مدافع الحصون وذخيرتها لاتقارن بما لدى العدوان من أسلحة على قطع الأسطول المنيع – والدليل هو تعرض سفينة قيادة الأسطول ( الكسندرا ) إلى ستين قذيفة من الحصون لم تسفر إلا على قتل جندي واحد وجرح ثلاثة دون أن تغرق السفينة – وكان الأسطول الإنجليزي الذي قام بضرب الإسكندرية مكونا تحت قيادة الأميرال سيمور من ثماني سفن مدرعة كبيرة وخمس سفن صغيرة بلغت جملة المدافع عليها 77 قطعة ذات كفاءة عالية قوة نيران هائلة – منها المدافع عيار 16 بوصة وزن الواحد منها 80 طن ( ثمانون ) تقذف قنابل زنة الواحدة منها 1700 رطلاً.
ثانياً: ميزان القوى بين سلاح الحصون المصري وسلاح الأسطول البريطاني:
- بلغ عدد مدافع سلاح الحصون بالإسكندرية ذات العيار الواسع 45 مدفعاً.
- جملة العيار بالبوصات 395 بوصة
- جملة الوزن بالأطنان 381 بوصة
- أقصى عيار للمدفع 10 بوصة
أما الأسطول البريطاني بلغت قوته الآتي:
- جملة العيار بالبوصات 779 بوصة
- جملة الوزن بالأطنان 1525 بوصة
- أقصى عيار للمدفع 16 بوصة
- عدد المدافع 77 مدفع
ويضاف إلى التفوق الساحق للأسطول البريطاني خفة الحركة وحداثة المدفعيات والسرعة – في ذات الوقت الذي لم يكن فيه مدافع عدد من الحصون بالإسكندرية موجها في اتجاه الأسطول البريطاني – ويستطيع الأسطول مهاجمة كل حصن بكل قوته دفعة واحدة ثم الاتجاه إلى آخر بعد تدمير الأول وهكذا.
ويضيف الكتاب أن قوة حامية الحصون كانت مكونة من 1762 ضابطاً وصف ضابط وجندي دافعوا بأرواحهم ودمائهم الذكية عن شرف الوطن وعلمه بكل بسالة.
إنها قصة كل زمان القوى الغاشمة في مواجهة السلام والأمان والحياة 000 الظلم والقهر وسرقة الثروات وقتل الأنفس الطاهرة التي حرمها الله سبحانه وتعالى - نفس الصراع 00 نفس المنهج 00 نفس الأحداث منذ آدم حتى يوم القيامة 00 الطمع 00 غرور القوة 00 أوهام الإمبراطوريات على حساب الشعوب. كان حلم الإمبراطورية البريطانية احتلال مصر حيث بها قناة السويس الممر المؤدي إلى مستعمراتها شرق العالم – وموقع جغرافي متفرد. إذن كيف يبدأ العدوان 000 ما هي المبررات ؟ كان الأميرال سيمور قائد الأسطول البريطاني يسابق الزمن من أول يوليو 1882 لخلق سبب للعدوان قبل أن يشاركه الأسطول البريطاني ببحر المانش بقيادة الأميرال دويل الأرقى منصباً منه – ولذلك أرسل في ذاك اليوم السابعة والنصف صباحاً إلى مجلس الأميرالية البريطانية برقية تفيد عن مشاهدة مراكب مشحونة بالمواد المفرقعة قريبة من الجسر (قناة السويس) وأن هناك معسكر كبير من البدو ومعسكر الزقازيق تلقى أوامر بحشد ثلاثين ألف رجل مسلحين بالفؤوس والزنابيل بغرض غلق أو سد مجرى قناة السويس – وتسلح الأهالي بالأسلحة وأن بالإسكندرية وحصونها ما يربو على عشرة آلاف جندي والإمدادات بلا انقطاع – وأن عرابي قائد الجيش ناظر الحربية يقول بزيارة النبي (ص) له كل ليلة من أجل أن تقع الأساطيل المتحدة في فخ وأن يغرق مراكب محملة بالأحجار في البوغاز. وطالبت بريطانيا الأسطول الفرنسي والقيادة الفرنسية المساهمة في منع مصر من تهديد العمل بقناة السويس – إلا أن فرنسا رفضت – وتتابعت الأيام ففي 4 يوليو 1882 برقية صادرة من الأميرال سيمور إلى مجلس الأميرالية البريطانية تفيد نصب مدفعان جديدان في قصر فاروس ( قلعة قايتباي ) وأن هناك تقوية لجدار الحصن وهكذا كانت الحجة وراءها صلف القوة وغرور الاستعمار وجبروت وطغيان إنجلترا - ورغم التطمينات الصادرة من مصر 000 من الحمل إلى الذئب وصدور أوامر السلطان العثماني لخديوي مصر بوقف أي أعمال في الحصون والاستجابة لذلك - وتحقق الجنرال سيمور قائد الأسطول البريطاني من عدم دعم الحصون بأي مدفع جديد.
وقد قام قناصل الدول الكبرى بمخاطبة الجنرال سيمور للوقوف على قناعته برد الحكومة المصرية أم أن الأمر يحتاج منهم الحصول على تأكيدات ترضيه الرضا التام - أم أن النية تتجه لضرب الإسكندرية وبذلك تتضرر أملاكهم ورعاياهم وأن هؤلاء الرعايا يجب ترحيلهم قبل تعرضهم لمخاطر جسيمة 000 هكذا كانت نظرة الدول الكبرى 00 الرعايا 00 الأملاك - لاشئ غير هذا – أما مصر والمصريون فلا وزن أو قيمة 00 قضية زماننا حالياً 00 نحن العرب لم تذهب قوات مصرية لغزو إنجلترا – أو الاقتراب حتى من مياهها الإقليمية كل ما في الأمر دعم الدفاعات الساحلية - أو ربما لم يحدث حتى مجرد الدعم وهو إجراء دفاعي بحت.
وأستمر التصعيد بلا أسباب ما بين برقيات متبادلة بين الجنرال سيمور إلى مستر كارترايت قنصل إنجلترا إلى الأميرالية الإنجليزية إلى لورد جرانفيل وزير خارجيتها إلى مسيو فريسينيه رئيس وزراء فرنسا إلى لورد ليونز سفير إنجلترا في باريس إلى السلطان بتركيا إلى الخديوي توفيق والي مصر - والجريمة التي تتهم بها مصر هو دعم حصون الإسكندرية وتهديد الملاحة في بوغاز الإسكندرية - حتى صدر خطاب اللواء طلبة عصمت باشا القائد الحربي المصري يوم 7 يوليو 1882 ينفي تماماً اتهامات قائد الأسطول الإنجليزي - فلا تحصينات تمت ولا مدافع أضيفت ولا تهديد بسد مدخل البوغاز - وانتهى بهذه الجملة.
وخاطب الخديوي الباب العالي ليؤكد للسلطان أنه لم تحدث أي أمور تهدد الأسطول الإنجليزي.
وأستعرض الكتاب تقييم القوى بين حصون الإسكندرية والأسطول البريطاني والتي تراوحت النسبة بينهما 4 : 3 3 لصالح الأسطول والذي خطط قائده لتوجيه النيران كلها لكل حصن في وقت واحد ثم الانتقال إلى الحصن التالي - وذكر الكتاب أسماء القادة المصريون لكل حامية عسكرية وأن عدد الضباط والجنود بكل الحصون 9487 موزعه على حصون قايتباي، الأطة، رأس التين، الفنار، المكس.
ثالثاً: العدوان الغادر:- وفي الليلة الموعودة 11 يوليو 1882 وقد أيقن القادة المصريون أن الصباح سيأتي بالغدر والعدوان وفقاً لإنذار قائد الأسطول الإنجليزي – اجتمع عرابي باشا ناظر الحربية لمصر بقادة الحصون وأخبرهم أن الخديوي في اجتماع مجلس الوزراء بقصر رأس التين أخبرهم بعدم الرد على النيران إلا بعد الطلقة الخامسة - إلا أن عرابي باشا أصدر أوامره بالرد بعد الطلقة العاشرة - وبدأ تنظيم دفاعات الحصون - وكذلك قائد أسطول الغدر البريطاني وضع خطته لإسقاط حصون الإسكندرية بعد إنذاره يوم 10 يوليو 1882 بتسليم الحصون له وإلا تم ضربها بعد 24 ساعة أي يوم 11 يوليو 1882 ولما تم رفض التسليم 00 كان العدوان في السابعة صباحاً على المدينة الآمنة والجو صحو والنسيم ينشر زخات البحر – بدأ دخان المقذوفات والنيران تفسد السلام والأمان وتسفك الدماء الطاهرة - وأستمر القصف حتى الحادية عشر صباحاً - وقاومت القوات المصرية داخل الحصون مقاومة نبيلة لم تكن تخطر على بال الإنجليز - وبدأ الأسطول الإنجليزي في تعزيز قوته بالبوارج حتى أمكن للمعتدي إسكات مدافع حصون رأس التين والفنار والاسبتالية منتصف الواحدة ظهراً - وفي الخامسة مساء تم إسكات آخر مدافع بحصن الاسبتالية وأصابت القذائف المعتدية سراي الحريم بقصر رأس التين حتى التهمتها النار في العاشرة مساءً.
وشهد أحد قواد الأسطول المعتدي وهو القومندان جودريتش أن جنود المدفعية المصرية جاوبوا نيران الأسطول بصورة مدهشة وبسالة عجيبة لم تكن متوقعة رغم التفوق الساحق للأسطول.
ثم اتجه الأسطول إلى حصن الأطة الذي قام قائده بالدفاع عنه ببسالة تفوق الخيال مستهيناً بالموت وبكل المخاطر حتى طار جسده وسارية العلم المصري بجواره في الهواء بعد تفجير مخزن الذخيرة واستشهاد الجنود بعد وقفة الأسود الباسلة وشهد بذلك الكابتن وولتر جود سول أحد قواد الأسطول - حتى تم تدمير الحصن في الثالثة والنصف بع الظهر.
ثم اتجه الأسطول الغادر إلى حصن قايتباي لتصليه نيرانها حتى الخامسة مساء حتى صدر الأمر بالتوقف عن القصف بعد إصابة الحصن بأضرار جسيمة - وهكذا استمر التدمير للحصون واحداً تلو الآخر - والصدق ما شهد به الأعداء فقد وصف الماجور تلوك من المخابرات البريطانية رجال المدفعية بحصن المكس بأن أعمالهم البطولية تدخل في نطاق العجائب - وقد كانت خسائر الإنجليز البشرية خمسة قتلى , 28 جريحاً أما جند مصر فقد قدرت خسائرهم البشرية بنحو 700 جندي وضابط افتدوا الوطن بأرواحهم ودمائهم، سلام عليهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر يوم الثلاثاء 24 شعبان سنة 1299 هجرياً – 11 يوليو 1882 ميلادياً.
وأخيراً استعرضت صفحات الكتاب خسائر حصون الإسكندرية وكذلك إصابات قطع الأسطول البريطاني وتقارير الأميرال "سيمور" عن ضرب الحصون - تقارير تتضمن أكاذيب عن أسباب ضرب الحصون - هي ذات أكاذيب ومبررات الحرب على العراق في العصر الحديث مع فارق الأسباب 00 أسلحة دمار شامل يعقبها دمار شامل من جراء العدوان على العراق - وفيما مضى حصون يتم صيانتها وإصلاحها وإمدادها ببعض المدافع بالإسكندرية تزعج وتهدد سلامة الأسطول البريطاني ومصالح الغرب 00 صراع الخير والشر 00 الحرب والسلام 00 القوة الطاغية المنتفخة بالغرور والضعف والوهن المهين.
واختتم الأميرال سيمور أسطول العدوان البريطاني تقريره بأن شهد بما نصه. " ولقد قاتل المصريون قتال الأبطال بأقدام ثابتة 00 " وواصل تقريره في 19 يوليو 1882 الحديث عن احتراق الإسكندرية وبدء تطهير بعض أجزاء المدينة من المقاومة والتوجس من عمل عرابي باشا ناظر الجهادية والبحرية لمواجهة الإنزال البريطاني بالمدينة وقيام البريطانيين بعد ذلك بتأمين سلامة الخديوي بسراي الرمل بعد أن غادر سراي رأس التين وقد تم ذلك يوم 12 يوليو 1882 ثاني أيام العدوان.
وجدير بالذكر أن القومندان جودريتش قائد السفينة الحربية الأمريكية والذي راقب العدوان البريطاني قد أشاد وعبر عن دهشته من بسالة المصريون وثباتهم في مواقعهم تحت النيران الكثيفة.
وفي كتاب الجنرال تولك من المخابرات البريطانية " ذكريات أربعين عاماً في الخدمة " ص 286 - ذكر أن منظر جثث الشهداء ينفطر لها القلوب وعددهم حوالي ثمانمائة - ثم حفر حفرة واسعة في راس التين وألقيت الأجساد فيها ووريت التراب إلا أنها في بعض المواضع تظهر الطبقة العليا من الأجساد - وقد سقط الحصن على بعض الجنود فأزهق أرواحهم ولم يستطع أحد إخراج أجسادهم - ووجدت جثة ضابط مصري وست جنود تحت مدفع أنقلب عليهم.
وأستمر الجنرال في كتابه مسجلاً أنه لا يستطيع إلا القليل من الناس أن يؤدوا واجبهم مثلما أداه جنود مصر في الحصون ولا يستطيع الإنسان أن يخفي دهشته وإعجابه ببسالتهم وشجاعتهم.
وكذلك شهادة البارون دكيوزل في كتابه " ذكريات رجل إنجليزي عن مصر " – وشهادة مسيو سكوتيدس وكيل قنصل اليونان في الإسكندرية بكتابه " مصر المعاصرة وعرابي باشا " الذي أشاد ببسالة وشجاعة جند مصر قائلاً " كان هؤلاء الجنود الشجعان 00 يمثلون بحق الأبطال الذين يدفعون غارات الجبابرة " .
حتى الأعداء وحلفاء الأعداء أشادوا بجنود مصر في الحصون المدافعون عن شرف مصر وتراب مصر تحت أسوأ الظروف.
وأختتم الكتاب الرائع صفحاته بعرض لأسماء الضباط والقادة والجنود الشهداء الذين أمكن التعرف عليهم ومن خلال المسجل بدفاتر دار المحفوظات العمومية - ص 131 وما بعدها.
وهكذا سجل الكتاب القيم يوماً واحداً " 11يوليو 1882 "وجعله عنوانا له 00 يوماً فاضت فيه الأرواح الطاهرة إلى بارئها وارتوت حصون الإسكندرية بدماء الشهداء وافترشت أرض الإسكندرية بأجساد أبطال ما وهنوا وما استكانوا - اختاروا أحد الحسنيين النصر أو الشهادة - فكانت الشهادة 00 يوم أسود أعقبه أياماً عصيبة وسنوات طويلة مريرة من الاحتلال الإنجليزي لمصر - استمر بعده تدافع طوابير الشهداء حتى تحرر الوطن بعد ثورة يوليو 1952 – هي قصة الطغاة والظلم والقهر 00 القوة في مواجهة الضعف - الاستعمار لنهب ثروات الشعوب واستعبادها