يستهلك الدماغ نسبيًا كمية كبيرة من الطاقة مقارنة ببقية الجسم. على الأرجح أن الآليات التي تتضمن انتقال الطاقة من الغذاء إلى الخلايا العصبية هامة جدًا للتحكم بوظيفة الدماغ.[1] تتطلب العمليات الجسدية البشرية بما فيها الدماغ كل من المغذيات الكبيرة والمغذيات الدقيقة.[2]
قد تتأثر العمليات المعرفية بسبب عدم تناول ما يكفي من الفيتامينات المختارة أو بسبب اضطرابات استقلابية وذلك من خلال عرقلة العمليات المعرفية التي تعتمد على المغذيات والتي تكون مرتبطة بإدارة الطاقة في الخلايا العصبية، ما ينتج عنه التأثير على اللدونة المشبكية أو القدرة على تشفير ذكريات جديدة.[2]
المغذيات الضرورية لتطور الذاكرة
الكولين
يعتبر الكولين مغذيًا ضروريًا وظيفته الأساسية ضمن جسم الإنسان هي تركيب الأغشية الخلوية[3] على الرغم من أن له وظائف أخرى أيضًا. إنه جزيء سلائف للناقل العصبي أستيل كولين الذي يلعب دورًا في وظائف كثيرة منها التحكم بالحركة والذاكرة. قد يرتبط نقص الكولين باضطرابات عصبية[4] أو اضطرابات الكبد. يلعب الكولين دورًا في التركيب الخلوي فيُعد مغذيًا هامًا في مرحلة ما قبل الولادة، وخلال أول فترة من نمو المولود. قد يتناول الرجال والنساء والأطفال كمية كولين من الطعام أقل من المستويات الملائمة منه. تعد النساء وخصوصًا الحوامل أو المرضعات في خطر نقص الكولين،[5] وتطال الخطورة أيضًا كلًّا من المسنين والأطفال. من الأطعمة التي تحوي الكولين: كبد البقر وجنين القمح وصفار البيض.[3][4]
اللوتين والزيازانثين
يعتبر اللوتين والزيازانثين من أشباه الكاروتين التي تحتوي على مضادات أكسدة قوية. ركزت الأبحاث حتى الآن على تأثير أشباه الكاروتين هذه على البصر وازدياد سرعة المعالجة في العين. في السنوات الأخيرة انتقل تركيز العلماء إلى مساهمة هذه المواد في تطور الدماغ والإدراك بسبب اكتشافهم الحديث للتراكم الأحيائي للوتين والزيازانثين في الدماغ. توجد هذه المغذيات غالبًا في الخضراوات ذات الأوراق الخضراء الداكنة، وفي أغذية أخرى مثل البيض، والذرة، والكوسا، والبروكولي، وكرنب بروكسل. يجب تناول هذه الأطعمة نيئة أو مطهية على البخار لضمان الحصول على أكبر كمية مغذيات منها.[6]
أحماض أوميغا 3 الدهنية
تدعم أحماض أوميغا 3 الإدراك وتعتبر ضرورية لتطور الدماغ. تؤثر هذه الأحماض على طريقة تفاعل مستقبلات الخلية ضمن أغشيتها. لا يستطيع الجسم البشري تركيب أحماض أوميغا 3 أو أحماض الدوكوساهكسانويك (DHA) بمفرده. هذا يعني أن الطعام الذي نتناوله هو المصدر الوحيد للحصول على هذه الأحماض الدهنية الأساسية. أظهرت دراسات عديدة أن الناس الذين يتناولون كميات كبيرة من السمك في طعامهم هم الأقل عرضة للإصابة بالاكتئاب. تحتوي الأسماك على كمية كبيرة من أحماض أوميغا 3 وحمض الدوكوساهكسانويك وخصوصًا سمك السلمون. في المئة عام الأخيرة انخفض استهلاك الحضارات الغربية من أحماض أوميغا 3 وحمض الدوكوساهكسانويك، وزاد استهلاكهم للدهون المتحولة والمشبعة. على سبيل المقارنة زادت حالات الكآبة الحادة بشكل كبير في مناطق مثل الولايات المتحدة وألمانيا أكثر مما هي عليه في اليابان، حيث تشكل الأسماك المورد الأساسي لطعامهم.[7]
أغذية ممتازة لتطور الدماغ الصحي عند الأطفال
هناك عدة أطعمة من شأنها أن تعزز التطور الصحي للدماغ. يوصي العديد من الخبراء بإدخال بعض الأطعمة التالية ضمن غذائك اليومي:
السلمون
غني جدًا بأحماض أوميغا 3 وحمض الدوكوساهكسانويك، وهناك أنواع أخرى للحوم السمك البيضاء خالية الدهون مثل سمك التون الأبيض الأصفر الزعنف، وتعتبر غنية بالبروتين لكنها لا تحوي على كمية دهون مرتفعة. يمكن استبدال سلطة التونا بشطائر سلطة السلمون للحصول على البروتين وأحماض أوميغا 3 الدهنية.[8]
بذر الكتان
تحوي ملعقة طعام من بذر الكتان على 1.597 ملغ من أحماض أوميغا 3 بالإضافة إلى العديد من المغذيات الأخرى.
الفراولة والتوت البري
أثبتت العديد من أنواع التوت ذات اللون الغني الداكن مقدرتها في تحسين الذاكرة.[9]
زبدة الفول السوداني/ المكسرات/ البذور
تعتبر زبدة الفول السوداني مصدرًا جيدًا لفيتامين (هـ E) الذي يعتبر من مضادات الأكسدة. تحتوي أيضًا على الثيامين الذي يدعم الدماغ والجهاز العصبي. تعد أيضًا مصدرًا جيدًا للبروتين الذي يزودنا بالطاقة ويحسن التركيز.[7]
الحبوب الكاملة ولحم البقر قليل الدهون
تحوي الحبوب الكاملة على الكثير من الغلوكوز والألياف التي تساعد في ضبط السكر في الدم. يستخدم الجسم سكر الغلوكوز من أجل الطاقة. أظهرت معدلات الطاقة المرتفعة قدرتها على تحسين مستويات التركيز في الدماغ. أما لحم البقر قليل الدهون فيعتبر مصدرًا ممتازًا للحديد الذي يحسن مستويات الطاقة ويزيد التركيز.[7]
الخضار الملونة
تعتبر هذه الأغذية غنية بمضادات الأكسدة الضرورية لتنقية الدم، والمساعدة في الحفاظ على قوة خلايا الدماغ.[7]
الحليب/ اللبن/ مشتقات الألبان
تقدم مشتقات الألبان فيتاميني (د) و(ب) للجسم. يعتبر فيتامين (ب) ضروريًا لنمو أنسجة الدماغ، إضافة إلى أنه يزود الجسم بالأنزيمات.[7]
الخضروات الخضراء
تعد الخضار الورقية مثل الكرنب الأخضر، والسبانخ، والملفوف، والخس الرومي، والطحالب، مصدرًا جيدًا للفولات، بالإضافة إلى أنها غنية أيضًا بالفيتامينات.[9]
نقص فيتامين (ب) والإدراك
تعرف فيتامينات ب بفيتامين (ب) المركب، وهي مجموعة متداخلة من المغذيات التي غالبًا ما تتواجد مع بعضها في الغذاء. يتألف (ب) المركب من الثيامين (ب1)، والريبوفلافين (ب2)، والنياسين (ب3)، وحمض البانتوثينك (ب5)، والبيريدوكسين (ب6)، وحمض الفوليك (ب9)، والكوبالامين (ب12)، والبيوتين.[10] لا يركب جسم الإنسان هذه الفيتامينات وبالتالي يجب أن يحصل عليها من الغذاء. تعد فيتامينات (ب) من الفيتامينات الذوابة في الماء أي أنها لا تخزن في الجسم، ولذلك يجب أن تتجدد في الجسم بشكل مستمر.[11] يُمكن تحديد آثار إدراكية واسعة لفيتامينات محددة من الفيتامين (ب)، وذلك لأنها تدخل في عدة عمليات استقلابية هامة ضمن الدماغ.[2]
أجرى مجموعة من الباحثين دراسة في عام 2012، وقاسوا مستويات الفيتامينات في دم الأشخاص الخاضعين للدراسة، وقورنت مع نتائج اختبارات الذاكرة التي قاموا بها. أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين كانت معدلات الفيتامين مرتفعة لديهم، وبشكل رئيسي فيتامين (ب)، قد أحرزوا نتائج أعلى في اختبارات الذاكرة. جرت الدراسة في جامعة أوريغون للعلوم والصحة. على الرغم من أن الأمر يحتاج لتأكيد رسمي، لكن ثمة دليل كافٍ يدعم حقيقة أن تحسين الحمية الغذائية يستطيع رفع حدة تركيز الدماغ بشكل واضح.[1]
فيتامين ب1 (الثيامين)
يعتبر هذا الفيتامين مهمًا لتسهيل استخدام الغلوكوز، وبالتالي يضمن إنتاج الطاقة للدماغ[2] والأداء الطبيعي للجهاز العصبي والعضلات والقلب.[11] يوجد الثيامين في النسيج العصبي عند الثدييات، بما يتضمن الدماغ والنخاع الشوكي. يتمتع الثيامين بدور مميز ضمن الجهاز العصبي بسبب وظيفته كمساعد للأنزيم،[12] ودوره في الاستقلاب. يحتفظ الدماغ بالثيامين بتشبث كبير عندما يكون النظام الغذائي فقيرًا به، وبينت الدراسات أن الثيامين آخر من ينفد من كل الأنسجة العصبية المدروسة.[13] يسبب عوز الثيامين مرضًا يعرف بالبري بري،[14] وهناك نوعان منه: الرطب والجاف. يعرف البري بري الجاف بأنه البري بري الشوكي، ويتسم باعتلال الأعصاب المحيطية.[12] يتواجد عوز الثيامين لدى 80% ممن يشربون الكحول بسبب تغذيتهم غير الملائمة، وقلة الامتصاص، وتعطل استخدام الثيامين.[15][16] تشمل العلامات السريرية لعوز فيتامين ب1 تغيرات نفسية مثل عدم الاكتراث، وتراجع الذاكرة قصيرة الأمد، وتشوش الذهن، والعصبية،[14] وتزايد معدلات الكآبة، والخرف، وحالات السقوط والكسور في سن كبير.[16]
مقالات ذات صلة
مراجع
- Gómez-Pinilla, Fernando (2008). "Brain foods: The effects of nutrients on brain function". Nature Reviews Neuroscience. 9 (7): 568–78. doi:10.1038/nrn2421. PMC . PMID 18568016.
- Bourre, JM (2006). "Effects of nutrients (in food) on the structure and function of the nervous system: Update on dietary requirements for brain. Part 1: Micronutrients". The Journal of Nutrition, Health & Aging. 10 (5): 377–85. PMID 17066209.
- "Choline". Micronutrient Information Center, Linus Pauling Institute, Oregon State University. 1 January 2015. مؤرشف من الأصل في 22 مارس 201522 أكتوبر 2019.
- Zeisel, Steven H; Da Costa, Kerry-Ann (2009). "Choline: An essential nutrient for public health". Nutrition Reviews. 67 (11): 615–23. doi:10.1111/j.1753-4887.2009.00246.x. PMC . PMID 19906248.
- Zeisel, Steven H; Da Costa, Kerry-Ann (2009). "Choline: An essential nutrient for public health". Nutrition Reviews. 67 (11): 615–23. doi:10.1111/j.1753-4887.2009.00246.x. PMC . PMID 19906248.
- Foods and Raw Materials. Kemerovo State University. doi:10.12737/issn.2308-4057.
- Gómez-Pinilla, Fernando (July 2008). "Brain foods: the effects of nutrients on brain function". Nature Reviews. Neuroscience. 9 (7): 568–578. doi:10.1038/nrn2421. ISSN 1471-003X. PMC . PMID 18568016.
- Davis, Jeanie Lerche. "Top 10 Brain Foods for Children". WebMD. مؤرشف من الأصل في 22 أكتوبر 201922 أكتوبر 2019.
- "11 Best Foods to Boost Your Brain and Memory". Healthline. مؤرشف من الأصل في 3 أكتوبر 201922 أكتوبر 2019.
- Dietary Reference Intakes for Thiamin, Riboflavin, Niacin, Vitamin B6, Folate, Vitamin B12, Pantothenic Acid, Biotin, and Choline ( كتاب إلكتروني PDF ). Washington, DC: National Academy Press. 1998. . مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 06 سبتمبر 2015.
- Thompson, J (2005). "Vitamins, minerals and supplements: Part two". Community Practitioner. 78 (10): 366–8. PMID 16245676.
- Cooper, Jack R.; Pincus, Jonathan H. (1979). "The role of thiamine in nervous tissue". Neurochemical Research. 4 (2): 223–39. doi:10.1007/BF00964146. PMID 37452.
- Bond, Nigel W.; Homewood, Judi (1991). "Wernicke's encephalopathy and Korsakoff's psychosis: To fortify or not to fortify?". Neurotoxicology and Teratology. 13 (4): 353–5. doi:10.1016/0892-0362(91)90083-9. PMID 1921914.
- Dietary Reference Intakes for Thiamin, Riboflavin, Niacin, Vitamin B6, Folate, Vitamin B12, Pantothenic Acid, Biotin, and Choline ( كتاب إلكتروني PDF ). Washington, DC: National Academy Press. 1998. . مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 06 سبتمبر 2015.
- Hoyumpa, Anastacio M. (1983). "Alcohol and Thiamine Metabolism". Alcoholism: Clinical and Experimental Research. 7 (1): 11–14. doi:10.1111/j.1530-0277.1983.tb05403.x. PMID 6342440.
- Singleton., C.K.; Martin, P.R. (2001). "Molecular Mechanisms of Thiamine Utilization". Current Molecular Medicine. 1 (2): 197–207. doi:10.2174/1566524013363870. PMID 11899071.