أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب إحدى زوجات الرسول محمد، وابنة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وشقيقة الصحابي عبد الله بن عمر. أسلمت حفصة في مكة، ثم هاجرت مع زوجها الأول خنيس بن حذافة السهمي إلى المدينة المنورة، ثم تزوجها النبي محمد بعد وفاة زوجها الأول إثر جروح أصابته في غزوة احد.
أم المؤمنين حفصة بنت عمر | |
---|---|
حفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى العدوية القرشية | |
معلومات شخصية | |
الميلاد | 18 ق.هـ / 605م (5 أعوام قبل البعثة) مكة المكرمة |
الوفاة | 41 هـ / 661م المدينة المنورة |
مكان الدفن | البقيع |
مواطنة | الخلافة الراشدة |
اللقب | أم المؤمنين |
الزوج | خنيس بن حذافة السهمي محمد بن عبد الله |
الأب | عمر بن الخطاب |
أخوة وأخوات |
نشأتها
ولدت حفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قُرط بن عدي بن كعب في مكة، قبل بعثة النبي محمد بخمس سنوات، وهو العام الذي أعادت فيه قريش بناء الكعبة،[1] ويجتمع نسبها مع النبي محمد في كعب بن لؤي.[2] اسم حفصة يعني الرَّخَمَةُ، وقيل مؤنث حفص وهو ولد الأسد،[3] ولا يُعرف لحفصة بنت عمر كُنية كعادة العرب في ذلك الوقت.[4] أبو حفصة هو عمر بن الخطاب أحد كبار الصحابة والخليفة الثاني للنبي محمد بعد أبي بكر الصديق، وأمها زينب بنت مظعون الجمحية أخت الصحابة عثمان وعبد الله وقدامة بني مظعون الجمحي، وعمة الصحابي السائب بن عثمان بن مظعون، وقيل أنها هاجرت ولكن لم يثبت بذلك دليل.[5]
وحفصة هي أكبر أبناء عمر بن الخطاب سناً،[6] ولها العديد من الإخوة أشهرهم أخوها لأبيها وأمها عبد الله[7] ولهما أخ آخر شقيق اسمه عبد الرحمن الأكبر تمييزًا له عن أخوين آخرين من أبناء عمر بن الخطاب ثلاثتهم يحملون نفس الاسم عبد الرحمن. وقد أشار ابن سعد في طبقاته إلى أخت لحفصة تسمى فاطمة، ولم يرد ذكرها في أي كتاب أخر.[8]
سيرتها
في حياة النبي محمد
تزوَّجت حفصة من خُنَيْس بن حذافة بن عدي السهمي، وأسلما معًا في مكة، ولما اشتد أذى أهل مكة للمسلمين، هاجر خُنَيْس منفردًا إلى الحبشة، ثم عاد وهاجر مع زوجته حفصة إلى يثرب. شارك خنيس في غزوة أحد مع المسلمين، وأصيب فيها بجراح تُوفِّي على إثرها فيما بعد. ولما تُوفي خنيس، عرض عمر على كل من عثمان بن عفان وأبي بكر أن يتزوج أحدهما من حفصة، فأبيا. ثم خطبها النبي محمد لنفسه، فقبل عمر. كان ذلك الزواج في شعبان 3 هـ على صداق قدره 400 درهم،[9] وذلك بعد زواج النبي محمد من عائشة، وهي الرابعة في ترتيب زوجاته بعد خديجة وسودة وعائشة. وكان عمر حفصة نحو 20 عامًا.[10] وقد اشتكت نساء النبي محمد يومًا من ضيق النفقة، وتكلمن معه في ذلك في وقت كان أبو بكر وعمر دخول على النبي محمد، فهمّ كل منهما بضرب وتأنيب ابنته لولا أن نهاهما النبي محمد عن ذلك. فنزل الوحي بتخيير نساء النبي، قائلاً: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾، فاخترن الله ورسوله.[9][11]
حياتها بعد النبي محمد
بعد وفاة النبي محمد، لزمت حفصة بنت عمر بيتها، ولم تخرج منه، ولم يرد ذكرها سوى في حدثين هامين، الأول بعد حروب الردة، وما أصاب المسلمين من فقد الكثير من حفظة القرآن. قرر أبو بكر جمع القرآن بمشورة من عمر بن الخطاب، فأمر زيد بن ثابت بجمعه في مصحف واحد ظل عند أبي بكر حتى وفاته، ثم صار عند عمر. وبعد وفاة عمر، صار هذا المصحف في حوزة حفصة. ثم اختلف الناس في زمن عثمان بن عفان، لاختلاف القراءات حول أيها أصح، فأرسل عثمان إلى حفصة يطلب المصحف لينسخ منه عددًا من النسخ. والثاني لما أرادت عائشة الخروج إلى البصرة إثر الفتنة التي ضربت المسلمين بعد مقتل عثمان بن عفان، همَّت حفصة بالخروج معها، إلا أن أخاها عبد الله بن عمر حال بينها وبين الخروج.[9]
دار حفصة بنت عمر بن الخطاب
تقع هذه الدار جنوب المسجد النبوي، وقد أشار السمهودي إلى هذه الدار فيما رواه ابن زبالة عن عبد الله بن عمر بن حفص قائلاً:" مد عمر بن الخطاب جدار القبلة إلى الأساطين التي إليها المقصورة، ثم زاد عثمان بن عفان حتى بلغ جداره، قال: فسمعت أبي يقول: لما احتيج إلى بيت حفصة قالت: فكيف بطريقي إلى المسجد، فقال لها: نعطيك أوسع من بيتك ونجعل لك طريقاً مثل طريقك فأعطاها دار عبد الله بن عمر، وكانت مربداً" وكانت حفصة بنت عمر بن الخطاب قد ابتاعت تلك الدار من أبي بكر الصديق، وبقيت في يدها إلى أن أراد عثمان بن عفان توسعة المسجد، فطلبت منها فأمتنعت قائلة:" كيف بطريقي إلى المسجد، فقال لها عثمان: نعطيك داراً أوسع منها ونجعل لك طريقاً مثلها، فسلمت ورضيت".[12]
وفاتها
توفيت حفصة في شعبان 41 هـ بالمدينة في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان، وصلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة في ذلك الحين، ودفنت في البقيع، ونزل في قبرها أخواها عبد الله وعاصم.[9]
شخصيتها
عُرف عن حفصة بنت عمر غيرتها على النبي محمد من زوجاته الأخريات، فقد روى البخاري أن نساء النبي محمد كن حزبين، حزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والآخر فيه أم سلمة وباقي نساء النبي محمد.[13] وقد ذكر الشوكاني في فتح القدير أن النبي محمد قد أصاب جاريته مارية القبطية أم ولده إبراهيم في غرفة زوجته حفصة، فغضبت حفصة وقالت «يا رسول الله لقد جئتَ إليَّ بشيء ما جئتَه إلى أحد من أزواجك، في يومي وفي دوري وعلى فراشي»، فقال: «أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلا أَقْرَبُهَا أَبَدًا؟» فقالت حفصة: «بلى» فحرَّمها النبي على نفسه، وقال لها: «لاَ تَذْكُرِي ذَلِكَ لأَحَدٍ»، فذكرته لعائشة، فكان ذلك سببًا لتطليق النبي محمد لها.[14] ثم ردّها بعد أن جاءه جبريل قائلاً له: «رَاجِعْ حَفْصَةَ؛ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَإِنَّهَا زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ.»[9] وقد نزل الوحي يروي تلك القصة، بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ﴾، فكفّر النبي محمد عن يمينه، وأصاب مارية. وعن غيرتها من زوجته صفية، روى أنس بن مالك أن صفيَّة بلغها أن حفصة قالت: «صفيَّة بنت يهودي»، فبكت واشتكت للنبي محمد، فقال لصفية: «إِنَّكِ لابْنَةُ نَبِيٍّ، وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ، وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ، فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ؟» ثم قال لحفصة: «اتَّقِي اللَّهَ يَا حَفْصَةُ.» وغير ذلك من المواقف التي تحدث بين النساء.[15]
كما عُرف عنها البلاغة والفصاحة، ولها خطبة مشهورة قالتها بعد مقتل أبيها،[9][16] وقد كانت حفصة من قلة النساء اللاتي تعلمن الكتابة وقتئذ، تعلمتها على يد الصحابية الشفاء بنت عبد الله.[9] وقد أشادت أم المؤمنين، عائشة، بحفصة بنت عمر، فقالت عنها: «هي التي كانت تساميني من أزواج النبي»، وقالت أيضًا عنها: «ما رأيت صانعاً مثل حفصة، إنها بنت أبيها».
وقد روت أم المؤمنين حفصة بنت عمر أحاديث عن النبي محمد وعن أبيها بلغت ستين حديثًا، منها ثلاثة متفق عليها، وانفرد مسلم بستة أحاديث، وروى عنها جماعة من الصحابة والتابعين؛ كأخيها عبد الله وابنه حمزة وزوجته صفية بنت أبي عبيد وحارثة بن وهب والمطلب بن أبي وداعة وأم مبشر الأنصارية وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن صفوان والمسيِّب بن رافع وغيرهم، وأورد بقيّ بن مخلد في مسنده ستون حديثًا عنها.
انظر ايضاً
وصلات خارجية
- مقال حفصة بنت عمر على الشبكة الإسلامية.
- حفصة بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنيين - أعلام النساء، عمر رضا كحالة، 1959م.
مصادر
- الخراط, أمينة عمر (2001). حفصة بنت عمر الصوامة القوامة. دار القلم، دمشق الطبعة الأولى.
مراجع
- الخراط 2001، صفحة 13-14
- الخراط 2001، صفحة 9
- الخراط 2001، صفحة 10
- الخراط 2001، صفحة 11
- الخراط 2001، صفحة 22
- الخراط 2001، صفحة 15
- الخراط 2001، صفحة 23
- الخراط 2001، صفحة 27
- حفصة زوجة الرسول 29/07/2008 قصة الإسلام نسخة محفوظة 14 ديسمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
- الخراط 2001، صفحة 31-35
- الخراط 2001، صفحة 60-64
- معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، عبدالعزيز بن عبدالرحمن كعكي، ج2، ط1، الشركة السعودية للنشر والتوزيع، 1419هـ/1998م، ص109.
- فتح الباري، 51 كتاب الهبة، 8 باب من أهدى إلى صاحبه وتحرى بعض نسائه دون بعض، 5\243
- سبب طلاق النبي لحفصة دون عائشة،إسلام ويب الإثنين 18 محرم 1428 - 5-2-2007 نسخة محفوظة 02 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
- الخراط 2001، صفحة 43-57
- الخراط 2001، صفحة 94-97