الرئيسيةعريقبحث

عملية رافيف


☰ جدول المحتويات


عملية رافيف أي عملية الرذاذ (بالعبرية: רביב)، أو عملية الزعفرانة أو حادثة الزعفرانة والمعروفة أيضاً باسم حرب العشر ساعات، كانت غارة شنها الجيش الإسرائيلي على ساحل البحر الأحمر في مصر خلال حرب الاستنزاف. رافيف التي جرت في 9 سبتمبر 1969، كانت الهجوم البري الرئيسي الوحيد الذي شنه الجيش الإسرائيلي ضد مصر طوال فترة الحرب. وشهدت العملية تستر القوات الإسرائيلية في شكل قوات مصرية واستخدامها المدرعات العربية المستولى عليها خلال حرب 67، في العملية.[6]

عملية رافيف
جزء من حرب الاستنزاف
Nt36raviv.jpg
سفينة الإنزال آي إن إس قيصرية (بي-39) تقوم بإنزال ناقلة بي تي آر-50 على الشاطئ خلال العملية
معلومات عامة
التاريخ 9 سبتمبر 1969
الموقع الزعفرانة، الساحل المصري للبحر الأحمر، جنوب غرب السويس
النتيجة نصر إسرائيلي
المتحاربون
 إسرائيل  مصر
القادة
حاييم بارليف
أبراهام أدان
أفراهام بوتسر
يوري بار-أون
باروخ هاريل (بينكو)
زئيف ألموج (أفروتسكي)
يعقوب لابيدوت
شلومو باوم
شاؤول سيلا
عوزي بن إسحاق
أحمد إسماعيل علي
فؤاد محمد ابوذكري
حسن كامل محمد
القوة
5 دبابات تي-55 (تيران) 2 زورق طوربيد فئة بي-4
عدد غير معروف من جنود المشاة والمركبات المدرعة
الخسائر
3 قتلى
1 طيار مفقود
1 مصاب
1 طائرة سكاي هوك
Flag of Syria.svg 100–200 قتيل[6]
  • غرق 2 زورق طوربيد
    تدمير 3 مدرعات ناقلة للجند و70 مركبة على الطريق الساحلي وتدمير عدد من أسلحة المدافع الرشاشة والأسلحة المضادة للدبابات والطائرات وموقعي رادار (حسب الإدعاء الإسرائيلي)
  • Flag of the Soviet Union.svg 1 مستشار سوفيتي قُتل[7]

خلفية تاريخية

مقالة مفصلة: حرب الإستنزاف

مع احتدام حرب الاستنزاف على طول قناة السويس في صيف عام 1969، وفي مارس تحديداً، كان الجيش الإسرائيلي مجبراً على التعامل مع ميزة التفوق العددي والمدفعي للجيش المصري، بدأ الجيش الإسرائيلي في اتخاذ إجراءات هجومية على طول قناة السويس وداخل العمق المصري. عبر شن سلسلة من الغارات الجوية هدفت إسرائيل من خلالها نقل القتال إلى الأراضي المصرية، لكسب التفوق الجوي، لإجبار المصريين على تقسيم قواتهم وإصابتهم بخسائر تكتيكية ومعنوية.

في عملية بوكسر، صعدّ الجيش الإسرائيلي استخدام القدرات الهجومية القوية لقواته الجوية التي وظفها "كمدفعية طائرة"، إضافة إلى استخدام قدرات شايطيت 13 في غارتي الجزيرة الخضراء والأدبية. لكن هذه العمليات كانت تحت تهديد التحسن المستمر في قدرات الدفاع الجوي المصري مما أدى إلى خفض حرية حركة الطيران الإسرائيلي. علاوة على ذلك، فإن الطبيعة الثابتة للحرب لم تكن تشمل جميع قدرات إسرائيل، بما في ذلك عدم استخدامها لقواتها البرية المتفوقة حركياً. ولذلك اعتمدت إسرائيل على سياسة وصفت بأنها "تصعيد مؤقت لإزالة التصعيد نهائياً"،[8] وعلى هذه الخلفية، بدأ سلاح المدرعات والبحرية الإسرائيلية البحث عن حل يقوم على عملية إنزال قوة مدرعة جنوب السويس على ساحل البحر الأحمر. بحيث تنقل المعركة إلى الجانب المصري مما سيجذب القوات المصرية من منطقة قناة السويس إلى الجنوب وحينها ستقصف إسرائيل الدفاعات الجوية على طول الجناح المصري المكشوف.[9][10][11]

قررت قيادة الجيش الإسرائيلي الاعتماد على عنصر المفاجأة وتفوقها الجوي التي كانت تتمتع به للمضي قدماً في هذه العملية، إلى جانب عنصر الخداع. كان الجيش الإسرائيلي قد استولى على كمية هائلة من الغنائم من ضمنها عدد كبير من الدبابات وناقلات جنود مدرعة سوفيتية الصنع، خلال حرب 67، بما في ذلك دبابات تي-55 (التي عُدلت لتستخدم في الجيش الإسرائيلي باسم "تيران 5") وناقلات جنود مدرعة طراز بي تي آر-50. هذه المعدات استخدمت في عملية الخداع بحيث ظنّ من رآها أنها قوات مدرعة مصرية.

أهداف العملية وأساليب تنفيذها

شملت أهداف العملية ومراحل تنفيذها، كما قُدمت أثناء التخطيط لها في نهاية أغسطس، الآتي:[12]

  • غارة برمائية على ساحل خليج السويس ليلاً.
  • التحرك نهاراً على طول الطريق الساحلي من الشمال إلى الجنوب.
  • استهداف قوات الجيش المصري في المنطقة (المشاة والمدرعات والمنشآت).
  • إخلاء سريع للقوات عقب العملية.

خلال تنفيذ العملية، جرى التأكيد على حقيقة أن معظم العملية سوف تستند إلى استخدام القوة المدرعة وعلى تجنب الخسائر والإصابات غير الضرورية بين القوات المتقدمة. يتمثل ذلك في إطلاق النار من مدى بعيد، فضلاً عن حظر خروج الأفراد من المركبات المدرعة. وهكذا وخلال تقديم خطط العملية إلى رئيس الأركان الإسرائيلي في 4 سبتمبر، جرت صياغة الرأي النهائي بأن جوهر العملية سوف يستند على القوة المدرعة، لاسيما وأن رئيس الأركان يعتقد أن الخطر الرئيسي خلال الغارة يكمن في القوات المصرية المدرعة بالمنطقة. لذلك، صدرت تعليمات لأفراد المشاة المشاركين بالتحرك خلف الدبابات والمساعدة في القضاء على المشاكل والتهديدات التي لا تستطيع القوات المدرعة مواجهتها، مثل جنود المشاة المصريين في المدى القريب جداً من القوة المدرعة.

القوات المشاركة في العملية

الجيش الإسرائيلي

قوات الإنزال

  • 6 دبابات تي-55 (تيران-5) من اللواء الثامن المدرع. اُختيرت هذه الدبابات بسبب وزنها الخفيف ولأنها عاملة في الجيش المصري، كما سبق واختير أطقمها من متدربي دبابات فئة تيران من مركز التدريب الوطني (מל"י 500) برتبة ضباط، وأوكلّ يعقوب لابيدوت لقيادة القوة المدرعة.[1]
  • 3 ناقلات جنود مدرعة بي تي آر-50 من الوحدة 88 المدرعة "دوف لابان" التابعة للواء الثامن وجنود من سرية الاستطلاع السابعة التابعة للواء السابع مدرع، مدعومين بجنود من لواء المظليين وبعض مقاتلي سييرت متكال الناطقين بالعربية، بقيادة شلومو باوم، بينما كان يقود المظليين عوزي بن إسحاق.[1]
  • 3 سفن إنزال بحري فئة (נט"קים) بطول 36 متر من الفوج البحري "شايطيت 11"[2] هي: عتسيون غبر، قيصرية وشيكمونا. بُنيّت هذه السفن في أحواض بناء سفن إسرائيلية ونُقلّت براً إلى ميناء إيلات.

قوات تأمين رأس الشاطئ:

  • جنود شايطيت 13 والوحدة 707 محمولين في قوارب مطاطية تحت قيادة شاؤول سيلا.[3]
  • تقدم طائرات سكاي هوك من السرب 109 الدعم الجوي.
  • يؤمن سلاح المدفعية التغطية على القوات المهاجمة ببطاريات مدفعية 130 ملم طويلة المدى.[4][5]

القوات المصرية

كان المكان المستهدف عبارة عن شريط ضيق من الأرض يجاوره طريق ضيق وحيد. والقوات المصرية الموجودة في المنطقة قليلة، فالحاجز الطبيعي لخليج السويس أدى إلى تقليل فرصة حدوث اشتباك بري في هذا القطاع. لذلك، وزعت القوات المصرية في المنطقة بشكل رئيسي على قوات للدفاع الجوي والبحري.

  • كان على طول الساحل 25 نقطة حراسة مأهولة، حيث تتحرك الدوريات المصرية باستمرار.وكانت قوات الدفاع الجوي في المواقع المضادة للطائرات مجهزة بأسلحة خفيفة فقط، ومدى أسلحتها المضادة للدبابات (آر بي جي) يقتصر على 300 متر.
  • تمركزت قوة لواء مدرع كبيرة عند رأس السادات على بعد حوالي 35 كيلومتراً شمال نقطة الإنزال المخطط لها.[4] ومع ذلك، فإن المحور الضيق الوحيد المؤدي إلى جنوب منطقة العمليات جعل هذه القوة منعزلة.
  • تمركزت كتيبة مدرعة مصرية جنوب نقطة الإنزال المحددة بالقرب من رأس الزعفرانة، كانت غير معروفة للمهاجمين.
  • زورقا طوربيد فئة (بي-4) في القاعدة البحرية برأس السادات، شمال نقطة الإنزال.

تخطيط العملية

جاء تخطيط العملية في عمل مشترك بين سلاح المدرعات، بقيادة اللواء أفراهام أدان (باران) وسلاح البحرية، بقيادة قائد الأدميرال أفراهام بوتسر. وشُكلّت قوة عمل مُخصصة للغارة، مكونة من قوات لوحدات مختلفة. عينّ العقيد يوري بار-أون، قائد اللواء 875 وقائد العملية، المُقدم باروخ هاريل (بينكو)، الذي كان نائب قائد اللواء الثامن، قائداً للواء الرابع عشر، الذي وضع خطة هذه العملية. وانتدبّ الرائد شلومو باوم،[13] قائد الفصيلة السابعة نائباً له. وأسندت مهمة قيادة قوة الدبابات، المشاركة في العملية، إلى يعقوب لابيدوت. وتدربت القوة لمدة 6 أسابيع تقريباً استعداداً للعملية.[1][14]

في الأسبوع الذي سبق العملية، اُقتيدت الدبابات وناقلات الجنود المدرعة في الظلام لتجنب كشفها إلى نقطة الانطلاق في رأس سدر، حيث موهّت بعلامات وطلاء لون الرمال الأصفر للدبابات المصرية.[10][15][16] (كنوع من الخداع العسكري) كما جُهزّت الدبابات بالذخيرة اللازمة وبوقود احتياطي. كانت يشغل الدبابات أطقم من مدرسة مدرعات الجيش الإسرائيلي وكل دبابة يقودها ضابط. وزودت القوة بجنود مشاة من سرية الاستطلاع التابعة للواء المدرع السابع، كما عُززت بجنود يتحدثون اللغة العربية من سييرت متكال. وكان من المقرر أن تعبر هذه القوات خليج السويس باستخدام سفن الإنزال التابعة للفوج 11 البحري وأوكلّ لأفراد الكوماندوز البحري شايطيت 13 مهمة تأمينها. بينما كٌلفّ مقاتلين الوحدة 707، وحدة الأشغال تحت الماء التابعة للبحرية،[17] بتأمين أعمال الإنزال والانسحاب عند الشاطئ والتي سبق وأن تدربوا عليها. واستلم أفراد المشاة للقوة المهاجمة زي لجنود الجيش المصري إمعاناً في عملية الخداع.

عملية إسكورت

"الخنزيرة" غواصة إسرائيلية قزمية، 1967

عقب الغارة الإسرائيلية على الجزيرة الخضراء وعملية السعار 5 في لسان الأدبية، حيث شن الجيش الإسرائيلي هجمات ضد أهداف للجيش المصري في خليج السويس، نقلت مصر زورقي طوربيد فئة بي-4 من القاعدة البحرية في الغردقة إلى شمال خليج السويس برأس السادات، لعمل دوريات بحرية في المنطقة. وكان بمقدور هذه الزوارق السريعة نسبياً ضرب سفن عملية الإنزال الإسرائيلية البطيئة التي تحمل القوة المدرعة. لذلك، تقرر القيام بعملية فرعية عرفت باسم عملية إسكورت (بالعبرية: מבצע אסקורט) كان هدفها تحييد زورقي الطوربيد لمنع تدخلهما في عملية الإنزال، عبر عملية بحرية سرية بدلاً من استخدام القوات الجوية الإسرائيلية، لتجنب حدوث تصعيد محتمل في المنطقة قد يحدث عقب أي هجوم جوي. وقد أوكلت مهمة إغراق زورقي الطوربيد إلى عناصر الكوماندوز البحري شايطيت 13 تحت قيادة زئيف ألموج.[18] كان لإغرق الزورقين هدف مزدوج: ضمان عدم تدخلهما في إعاقة القوات المهاجمة وصرف أنظار المصريين بعيداً عن نقطة الإنزال إلى شمال المنطقة.[10] حيث تقرر أن ينسف ثمانية عناصر من شايطيت 13 زورقا الطوربيد بوضع ألغام زمنية لاصقة أسفل منهما، مما سيسمح بوقت مناسب لانسحاب آمن. وفي ليلة 5 سبتمبر 1969، جرت أول محاولة لإغراق الزورقان، لكنهما كانا قد غادرا الميناء في إخدى الدوريات، وخشت القوات الإسرائيلية من اكتشاف أمرها فتراجعت.[2][18]

وفي ليلة 7 سبتمبر، أغار جنود شايطيت 13 ثانية على زورقي الطوربيد حينما كانا يتواجدا في قاعدتيهما في رأس السادات جنوب السويس. حيث وصل ثماني عناصر من شايطيت 13 إلى الميناء مستخدمين غواصات قزمية صغيرة يسميها الإسرائيليون "خنازير" وأغرقوا الزورقين باستخدام الألغام اللاصقة. وبرغم من نجاح العملية، إلا أنه أثناء انسحاب القوة المغيرة انفجرت إحدى غواصاتهم التي بها خاصية التدمير الذاتي.[19][20] (ربما بسبب تسرب المياه إلى جهاز التدمير الذاتي)[21] وهذه الخاصية مزودة بتلك الغواصات الإسرائيلية حتى تنفجر في حال أسرها المصريون. وقد قُتل خلال الانفجار الملازم شلومو إشل، الرقيب عوديد نير والرائد رافي ميلو. بينما كان الناجي الوحيد هو آريه إسحاق (آريو)، الذي كان يقود الغواصة، والذي رصدته مروحية سوبر فريلون وهو يسبح بعد فترة طويلة بينما يسحب خلفه أجساد القتلى الثلاثة.[2][22]

مجريات العملية

في ليلة الثامن من سبتمبر، الساعة العاشرة مساءً، حُملّت القوة المدرعة في رأس سدر في ثلاث سفن إنزال بحري،[3] بواقع اثنان من الدبابات وناقلة جنود مدرعة واحدة لكل سفينة.[2] وفي نفس الليلة، أبحرت قوات المشاة إلى الساحل الغربي لخليج السويس، المؤمّن من قبل شايطيت 13 والوحدة 707، الذين أبحروا بجانبهم في قوارب مطاطية. وأمنت قوات الكوماندوز البحرية نقطة الإنزال، عند الحافر بمنطقة الدير، على بعد حوالي 40 كم جنوب مدينة السويس و 20 كم جنوب مرسى رأس السادات محملة بوقود وذخيرة إضافية.[23]

دبابة تي-55 مطلية بلون الدبابات المصرية، بمتحف الدبابات ياد لا شيريون، اللطرون

حطت القوة الإسرائيلية بقيادة باروخ هاريل "بينكو" المكونة من حوالي مائة جندي وست دبابات تيران 5 وثلاث ناقلات جند بي تي آر-50 على الساحل المصري في الساعة 3:37 صباح التاسع من سبتمبر دون أن يكتشفها المصريون.[24] بدأت القوة المدرعة بالتحرك بسرعة نحو الجنوب، مباشرة بعد إنزالها. بعدما سدت الطريق الضيق في وجه التعزيزات مصرية عن طريق ألغام ومتفجرات طورتها وحدة "يفتاح" التابعة لسلاح المهندسين في نقطة يرتفع فيها جرف من على جانبي الطريق.[4] وعلى طول 70 كيلومتراً، ستدمر القوة المهاجمة خلال مسارها القواعد العسكرية، ومحطات الرادار البحرية والجوية، والعربات العسكرية والمدنية المتحركة على طول الطريق، بالإضافة إلى أبراج الكهرباء والخيام.[4]

وقبل تحركها، أطلقت الدبابات النار على صخور الجرف حتى تقع على الطريق وذلك لمنع وصول التعزيزات المصرية من الشمال.[10][25] ثم تحركت القوة بسرعة وبرفق وبحلول الساعة 7:00 صباحاً هاجمت قاعدة خفر السواحل المصري في رأس أبو الدرج.[4] حيث دمرت المعسكر ومحطة الرادار البحرية وأمنت الموقع بحلول الساعة 07:17 صباحاً.[11][25] ومنها، استمرت القوة بالتحرك تجاه الجنوب نحو معسكر للجيش في رأس الزعفرانة، حيث كانت تتمركز قيادة إقليمية لفرع الدفاع الجوي. وأثناء التقدم نحو الجنوب، تقابلت القوة مع ركب قائد قطاع البحر الأحمر ومحافظ المنطقة، اللواء حسن كامل محمد. الذي حاول إيقاف الدبابات ظناً منه أنها مصرية، لكن الدبابات دهسته في سيارته.[4] ومن أجل اقتحام المعسكر، طوقت الدبابات المنطقة من كلا الجانبين، ثم دخلت كلاً من قوة المشاة المرتكزة على الدبابات والقوة المحمولة في ناقلات الجنود المدرعة إلى المعسكر، حيث دمرت ثلاث ناقلات جنود مدرعة ونسفت عدة منشآت، من بينها محطة رادار جوية، بإطلاق قذائف وعبوات ناسفة من ناقلات الجنود المدرعة.[4]

خلال العملية لم تكن هناك ردة فعل مصرية بعد استهداف الهدفين الرئيسيين في أبو الدرج والزعفرانة حيث لم تصل أي تعزيزات مصرية. وكان ذلك على ما يبدو نتيجة لعملية الخداع الناجحة. ومع قرب نهاية العملية، رصدت القوة المدرعة الإسرائيلية قوة مدرعة مصرية عند الساحل، جنوب معسكر رأس الزعفرانة، لكنها لم تتلقى إذن بمهاجمتها، وفقاً لتعليمات رئيس الأركان الذي حظر الاشتباك مع القوات المدرعة المصرية إلا إذا وقعت القوة الإسرائيلية تحت خطر تهديد مباشر من الدبابات المصرية.[12]

كان من ضمن العملية المشتركة سرب طائرات سكاي هوك من السرب 109 "سرب الوادي"، لدعم القوات البرية، وتوفير غطاء جوي مستمر. حيث غادر تشكيلان من ثمان طائرات قاعدة رمات ديفيد في هذا الصباح، كُلفّ التشكيل الأول بضرب بطارية سام-2 والتشكيل الثاني بتقديم الدعم الجوي القريب للقوات المتقدمة.[26] ونظراً لأن القوات الإسرائيلية لم تواجه سوى مقاومة ضئيلة، توجه التشكيل الثاني لمهاجمة موقع رادار مصري. وخلال الهجوم، أصيبت طائرة قائد السرب، حاجي رونين، بالنيران المضادة للطائرات في منطقة الحفاير،[27] وانقطع الاتصال معه. حاول رونين التوجه بالطائرة نحو شبه جزيرة سيناء ولكنه أجبر على التخلى عنها وسقطت الطائرة في خليج السويس. بينما شوهد رونين لآخر مرة وهو يهبط بمظلته في الماء ويبدو أن معدات الإنقاذ خاصته قد واجهت مشكلة ما واختفى في مياه الخليج. ولم تسفر عمليات البحث عنه عن شئ وأعتبر لاحقاً في عداد المفقودين.[8][28]

انسحاب القوات الإسرائيلية عقب انتهاء العملية

وفرت المدفعية 130 ملم المنتشرة على الجانب الشرقي من خليج السويس مساعدة إضافية للقوة المهاجمة (أسرتها إسرائيل سابقاً في حرب 67). كما قامت مروحية إيروسباسيال ألويت 2 بإجلاء مصاب واحد وإحضار معدات لإصلاح جنزير إحدى الدبابات.[4][5]

بعد حوالي 10 ساعات من العملية انسحبت القوة المدرعة إلى نقطة مختلفة عن نقطة الإنزال شمال الزعفرانة،[10] جهزتها الوحدة 707 حيث نُقلت القوة المدرعة إلى أبو زنيمة على الشاطئ الشرقي من خليج السويس،[10] بينما أجلت طائرات الهليكوبتر جنود المشاة إلى رأس سدر.[4]

نتائج العملية

الخسائر

الخسائر المصرية:

قٌدرت الخسائر البشرية المصرية في العملية من 100 إلى 150 قتيل[29]، هناك تقدير آخر يرفع الرقم إلى 200 قتيل من الجنود وأفراد الشرطة، كما دُمرت 70 مركبة من بينها ثلاث ناقلات جنود مصفحة.[4] ومحطتي رادار و12 نقطة عسكرية.[11][23][30] ومع ذلك لا توجد أرقام رسمية مصرية عن الخسائر المصرية. كان من بين القتلى محافظ البحر الأحمر اللواء حسن كامل الذي تعددت الروايات بشأن ظروف مقتله، منها أنه ظن أن الدبابات الإسرائيلية ما هي إلا دبابات مصرية توقف لتحيتها فأطلقت عليه وابلاً من النيران وبعضها يدعي أن الدبابات دهست سيارته وهو بداخلها، بينما تزعم رواية أُخرى أنه فر وسائقه من السيارة إلى الصحراء بعيداً عن منطقة القتال حيث تاه فيها وعثر قصاصو الأثر على جثته لاحقاً بعد يومين.[31]

الخسائر السوفيتية:

خلال هذا اليوم، خسر الاتحاد السوفيتي اثنين من مستشاريه العسكريين لقوات الدفاع الجوي في مصر هما: العقيد كورنيف فاسيلي جريجورفيتش والرائد كاراسيف بافل جريجورفيتش،[32] أحدهما كان متواجداً في منطقة الزعفرانة وقُتل خلال العملية.

الخسائر الإسرائيلية:

خلال العملية على الأرض لم تخسر القوة المهاجمة فرداً واحداً أو أي معدة عسكرية، أصيب فقط ضابط استخبارات عندما خرج من المركبة المدرعة لإحضار أي وثائق هامة قد يجدها في محطة الرادار البحرية في أبو دراع.[4][11] وخلال عملية مرافقة التمهيدية قُتلّ ثلاث أفراد من عناصر الكوماندوز البحري عندما انفجرت غواصتهم ذاتياً. بينما خسرت القوات الجوية طائرة سكاي هوك واحدة بفعل النيران الأرضية واعتُبرّ قائدها الرائد حاجاي رونين في عداد المفقودين.[33]

ردود الفعل

في إسرائيل:

إسرائيل التي صورت العملية إعلامياً، ونشرت تفاصيلها في الصحف الأجنبية والمحلية اعتبرت نجاح العملية من أحد العوامل التي عززت التفوق الجوي للقوات الجوية الإسرائيلية في الساحة، التي كان معروفاً أن لها أهمية تكتيكية ومعنوية. كما ساعد نجاح العملية أيضاً في تحديد مفهوم جيش الدفاع الإسرائيلي حول الميزة الساحقة للقوات البرية الإسرائيلية على الأرض المصرية، وهذا ما ستستفيد منه لاحقاً في حرب أكتوبر بعد عبور ثغرة الدفرسوار. وصفت الصحافة الإسرائيلية العملية بأنها "غزو مصر" و"حرب العشر ساعات" حيث غطت العملية مساحة 45 كيلومتر من الأرض في قرابة العشر ساعات واعتبرت أول هجوم بري إسرائيلي كبير على أراض مصرية بعد حرب 67.[34] أعرب رئيس الأركان حاييم بارليف عن سروره بالعملية في خطاب أرسله إلى المشاركين في العملية، 12 سبتمبر 1969:

عملية "رافيف" هي الأولى من نوعها لجيش الدفاع الإسرائيلي، بالرغم من عدم وجود خبرة في مثل هذه العمليات والتعقيدات الكثيرة التي انطوي عليها الأمر، فقد نُفذّت العملية من البداية إلى النهاية بدون اضطرابات، التي عادة ما تصاحب مثل هذه العمليات.
رئيس الأركان حاييم بارليف، 12 سبتمبر 1969

وبالرغم من اعتقاده أن العملية أنهكت القوات المصرية إلا أن حاييم بارليف اعترف أنها لن تنهي حرب الاستنزاف.

في مصر:

نشرت الصحافة الأجنبية عن العملية ونتائجها، بينما لم تكن القيادة المصرية على علم بها بعد، لأن القيادات المحلية لم تبلغ عن العملية فور حدوثها. وفي الساعة 4:00 بعد الظهر أذاع راديو القاهرة أخباراً غير دقيقة عن العملية،[35] عن صد هجوم إسرائيلي على ساحل البحر الأحمر وتكبيد الإسرائيليين خسائر فادحة أجبرتهم على الانسحاب من بينها إسقاط ثلاث طائرات. وفي حين تصف بعض المصادر المصرية العملية بأنها عملية دعائية (شأن كل العمليات الإسرائيلية) صورتها إسرائيل لأهداف معنوية إلا إنها تتجنب في نفس الوقت ذكر الخسائر المصرية.

هذه "العملية الدعائية" كما توصف تسببت في أزمة قلبية للرئيس جمال عبد الناصر عندما علم بها،[11][36] والذي أقال قيادات كبيرة في الجيش بسببها، على رأسها رئيس الأركان، الفريق أحمد إسماعيل علي[37] وقائد القوات البحرية فؤاد أبو ذكري وقيادات منطقة البحر الأحمر.[11][23] جاء عزل أحمد إسماعيل لمخالفته أوامر عبد الناصر الذي طلب منه التوجه إلى مكان العملية ومتابعتها بنفسه إلا أنه توجه إلى مكتبه بالقاهرة معتبراً أن متابعتها من مكتبه كافياً،[38] بينما عُزلّ اللواء البحري فؤاد أبو ذكي لعدم اعتراض القوات البحرية المصرية لسفن الإنزال الإسرائيلية. جدير بالذكر أن الرئيس السادات أعاد خدمة أحمد إسماعيل إلى الجيش ثانية كمدير للمخابرات العامة ثم وزيراً للحربية في 1972 وفي نفس العام أعاد فؤاد أبو ذكري إلى نفس منصبه الذي استمر فيه حتى نوفمبر 1976، كما عينه نائب وزير الحربية من 12 فبراير 1972 إلى 29 أكتوبر 1973.

رداً على العملية، في 11 سبتمبر، شن الطيران المصري غارات مكثفة بعدد 60 إلى 102 طائرة على المواقع الإسرائيلية في سيناء.[39][40] وخلال هذا الهجوم، أُسقطّت طائرة واحدة طراز ميج-17 بواسطة الدفاعات الجوية الإسرائيلية، بينما تزعم القوات الجوية الإسرائيلية تدمير 5 طائرات ميج-21 وطائرتين سوخوي-7 (مصادر أخرى ترفع الرقم إلى 11 طائرة)[40] بينما فقد الطيران الإسرائيلي طائرة ميراج واحدة أسقطها الرائد فوزي سلامة.[41] ووقع قائدها، غيورا روم، في الأسر.[23] بينما ادعت مصر تدميرها لثلاث طائرات إسرائيلية.[39]

معرض الصور

  • دبابة تي-55 (تيران-5)، بمتحف الدبابات ياد لا شيريون، اللطرون

  • ناقلة الجنود المدرعة بي تي آر-50 موجودة بمتحف الدبابات ياد لا شيريون، اللطرون ويلاحظ لون طلائها الأصفر.

  • بي تي آر-50 وهي من سلسلة مركبات (TOPAZ) التي يسميها المصريون توبازه، من مخلفات حرب 67، متحف الدبابات ياد لا شيريون، اللطرون

  • غواصة إسرائيلية من نوع "Maiale" أو الخنزير ممائلة، لتلك المستخدمة في عملية مرافقة

  • مدفعية 130 ملم إسرائيلية خلال معارك الجولان 1973، استولت إسرائيل على حوالي 100 قطعة منها واستخدمتها خلال حرب الاستنزاف وأكتوبر.[42]

  • قدمت طائرات سكاي هوك الدعم والمساندة خلال العملية

  • رئيس الأركان الإسرائيلي حاييم بارليف

  • رئيس الأركان المصري أحمد إسماعيل

  • الجنرال أبراهام أدان

  • زئيف ألموج (أفروتسكي) قائد الكوماندوز البحري "شايطيت 13"

  • قائد القوات البحرية المصرية فؤاد محمد أبو ذكري، 1969

ملاحظات

  • بعض المواقع المصرية تخلط بين عملية استيلاء إسرائيل على رادار متطور من نوع بي-12 خلال عملية روستر وعملية الزعفرانة التي دمرت فيها إسرائيل محطتي رادار لكنها لم تستولي على أي رادار.
  • تشير بعض المصادر المصرية إلى أن سبب استهداف سفن الإنزال والنقل الإسرائيلية بيت شيفع وبيت يام في ميناء إيلات يرجع إلى مشاركتهما في عملية الزعفرانة لكن السفينتان لم تشتركا فيها وسفن الإنزال الإسرائيلية المشتركة هي : عتسيون غبر (עציון גבר)، قيصرية (קיסריה) وشيكمونا (שקמונה).

للمزيد من القراءة

روابط خارجية

مراجع

المصادر

  1. מתוך יחידת אמל"ח מיוחד גדוד 88 "דב לבן", 1969-1974, זרקור היסטורי, תמוז תשע"ב (יולי 2012), עמ' 11.
  2. מבצע אסקורט ומבצע רביב באתר חיל הים הישראלי.
  3. מייק אלדר, שייטת 13 סיפורו של הקומנדו הימי, ספריית מעריב, ירושלים, 1993, עמ' 422
  4. ברוך הראל, לא לקחנו סיכון, השמדנו הכל, שריון 3, ינואר 1999, עמ' 19-18, באתר "יד לשריון".
  5. שאול נגר (מנחה), הטירן עשה את שלו! - שיח מפקדים, שריון 8, מאי 2000, עמ' 24 - דברי ברוך הראל (פינקו), באתר "יד לשריון".
  6. "The War And The Woman". Time Magazine. 19 سبتمبر 1969. مؤرشف من الأصل في 24 أغسطس 20138 أكتوبر 2016.
  7. Россия (СССР) в войнах второй половины XX века Вооруженные конфликты Египта с Израилем электронная библиотека истории России - تصفح: نسخة محفوظة 12 فبراير 2018 على موقع واي باك مشين.
  8. Aloni 2009, p. 22.
  9. Time Magazine. September 19, 1969. Retrieved 16 June 2010.
  10. Moores, Lawrence W. (December 21, 1992). "The Mounted Raid: An Overlooked Deep Operations Capability" (PDF). Fort Leavenworth, Kansas: School of Advanced Military Studies, United States Army Command and General Staff College. Retrieved 16 June 2010.
  11. Gawrych 2000, p. 111.
  12. מתוך יחידת אמל"ח מיוחד גדוד 88 "דב לבן", 1969-1974, זרקור היסטורי, תמוז תשע"ב (יולי 2012), עמ' 13.
  13. Operation "Raviv"" (in Hebrew). Yad-Lashirion. Retrieved 17 June 2010.
  14. מתוך מבצע רביב פשיטת כוח משוריין של צה"ל על החוף המערבי של מפרץ סואץ בתאריך 9 ספטמבר 1969, מפג"ש תח"ש/מדור תחקירים והיסטוריה, אוגוסט 1970, עמוד 3.
  15. Shalom 2007, p. 428.
  16. "The Armor between the Six Day and Yom Kippur Wars" (in Hebrew). Yad-Lashirion. Retrieved 21 June 2010.
  17. הטירן עשה את שלו! (PDF). Shiryon (in Hebrew). Armor Society (8): 20–26. May 2000.
  18. מייק אלדר, שייטת 13 סיפורו של הקומנדו הימי, ספריית מעריב, ירושלים, 1993, עמ' 415-416.
  19. מייק אלדר, שייטת 13 סיפורו של הקומנדו הימי, ספריית מעריב, ירושלים, 1993, עמ' 417–421.
  20. "Operation Escort" (in Hebrew). Israel Navy Heritage Website. Retrieved 20 June 2010.
  21. מייק אלדר, שייטת 13 סיפורו של הקומנדו הימי, ספריית מעריב, ירושלים, 1993, עמ' 425.
  22. מייק אלדר, שייטת 13 סיפורו של הקומנדו הימי, ספריית מעריב, ירושלים, 1993, עמ' 421.
  23. Aloni 2001, pp. 63–64.
  24. מייק אלדר, שייטת 13 סיפורו של הקומנדו הימי, ספריית מעריב, ירושלים, 1993, עמ' 423.
  25. "The War And The Woman". Time Magazine. September 19, 1969. Retrieved 16 June 2010.
  26. Shalom 2007, p. 430.
  27. Accident Douglas A-4H , 09 Sep 1969 - تصفح: نسخة محفوظة 25 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
  28. דף חקירת העלמותו של חגי רונן, ביחידה לאיתור נעדרים.
  29. אריק וייס, דרסנו אותם, מוסף "סופשבוע" של "מעריב", 2.10.2009 (וכן הכתבה ב"טיים", בקישורים החיצוניים).
  30. Herzog 2005, p. 212.
  31. محيط تفتح ملف استشهاد اللواء حسن كامل محمد في حادث الزعفرانة عام 1969 - اخبار - تصفح: نسخة محفوظة 28 أبريل 2019 على موقع واي باك مشين.
  32. Россия (СССР) в войнах второй половины XX века Вооруженные конфликты Египта с Израилем электронная библиотека истории России - تصفح: نسخة محفوظة 09 فبراير 2019 على موقع واي باك مشين.
  33. דוד מושיוב, צה"ל הנחית כח פשיטה משוריין בגדה המזרחית של מפרץ סואץ, דבר, 10 בספטמבר 1969
  34. Israel, Egypt Invasion Briefing | Ap Archive - تصفح: نسخة محفوظة 12 أبريل 2019 على موقع واي باك مشين.
  35. 150 מטוסים מצריים השתתפו במטריה, דבר, 10 בספטמבר 1969
  36. Copeland, Miles (October 1, 1970). "Humiliation by Israel was Nasser's Bitterest Pill". Saratoga Journal. pp. 4–C. Retrieved 19 June 2010.
  37. הודח הרמטכ"ל המצרי, דבר, 19 בספטמבר 1969 נמשכת המולת השמועות במצרים, דבר, 21 בספטמבר 1969
  38. الهلال اليوم: في ذكرى رحيل المشير أحمد إسماعيل.. لماذا عزله ناصر وكرمه السادات - تصفح: نسخة محفوظة 16 فبراير 2018 على موقع واي باك مشين.
  39. Nicolle and Cooper 2004, pp. 30–31.
  40. מטוסים מצריים הופלו באזור התעלה, דבר, 12 בספטמבר 1969
  41. Nicolle and Cooper (2004), pp. 30–31
  42. Leon Engelbrecht. "G6 L45 self-propelled towed gun-howitzer". Retrieved 13 November 2014.

موسوعات ذات صلة :