الرئيسيةعريقبحث

جسم مضاد

بروتين على شكل حرف Y الإنكليزي يتواجد في الدم والسوائل الجسمية الأخرى في الفقاريات، ويستخدم من قبل جهاز المناعة للتعرف على الأجسام الأجنبية وتحييدها مثل البكتيريا والفيروسات

☰ جدول المحتويات


يرتبط كل جسم مضاد بمستضد معين؛ وهذا تفاعل مشابه للتفاعل بين المفتاح والقفل، إذ أن الجسم المضاد لا يرتبط بالمستضد إلا إذا كان بنفس شكله.

في علم المناعة، مضاد مناعي أو جسم مضاد[1][2][3][4](Antibody)‏ أو الغلُوبولين المَناعِيّ [5] (immunoglobulin)‏ أو الكُرَيين المناعي [6] (حيث كلمة كُرَيين ترجمة لكلمة globulin المشتقة من الكلمة اللاتينية globus والتي تعني كرة)، هو بروتين على شكل حرف Y الإنكليزي ويتواجد في الدم والسوائل الجسمية الأخرى في الفقاريات، ويتم استخدامه من قبل جهاز المناعة للتعرف على الأجسام الأجنبية وتحييدها مثل البكتيريا والفيروسات.[7]

تكوين الضد وتحدده

تتكون الجسيمات المضادة مثل بقية البروتينات من وحدات ثانوية تدعى الأحماض الأمينية . وهناك 20 نوعاً من هذه الأحماض التي يمكن ربطها معاً بمختلف الارتباطات لتكوين سلسلة بروتينية أكبر حجما.[8] إن مكونات السلسلة من الأحماض الامينية والتتابع الذي تترتب فيه تلك الأحماض على طول السلسلة يحدد كيفية التفاف السلسلة في هيئة ثلاثية الأبعاد وربما ترتبط بسلاسل أخرى.

الكريينات المناعية هي جزيئات الأضداد التي لها مظهر تركيبي يعكس وظيفتها. تتكون جزيئة الضد من نوعين من سلاسل البروتين القريبة من بعضها توصف إحداها بالخفيفة والأخرى بالثقيلة.[9]

عندما قورنت تتابعات الأحماض الأمينية للسلاسل الخفيفة من مختلف الأضداد في آخر عقدين من القرن العشرين، وجد نوربيرت هيلشمان، الذي كان في حينها يعمل في معهد روكفلر للبحوث الطبية، أن تلك السلاسل ذات خواص غريبة. إذ أن تتابع السلاسل من الأضداد المختلفة يختلف من سلسلة لأخرى لكن الاختلافات تعزى إلى النصف الأول من كل سلسلة، أما بقية السلسلة ففيها نفس التتابع في جميع الأضداد العائدة لنوع معين.

الجزيئة ذات الوظيفتين

أنواع الأضداد في الثدييات
الاسم الأنواع الوصف مجمعات الأجسام المضادة
غلوبيولين مناعي A 2 يوجد في المناطق المخاطية مثل الأمعاء، المجاري التنفسية والمجارية البولية، وتحمي هذه المناطق من الاستعمار من قِبل المكروبات.[10] بعض الأضداد من المجمعات التي ترتبط بعدة جزيئات مستضدة.
جسم مضاد 1 يعمل بصورة أساسية كمستقبل مستضدات على سطح الخلايا البائية.[11] وظيفته معروفة بصورة أقل من الأنواع الأخرى.
كريين مناعي هـ 1 يرتبط بالمستأرجات ويحفز إطلاق الهستامين من الخلايا البدينة، وله دور في الحساسية. أيضاً يحمي ضد الديدان الطفيلية.[12]
IgG 4 بأشكاله الأربع، يوفر أغلبية المناعة المبنية على الأجسام المضادة ضد المكروبات الغازية.[12]
كريين مناعي م 1 متواجد على سطح الخلايا البائية ويتم إفرازه بغزارة عالية جدا. يقضي على المكروبات عند بداية نشوئها في المناعة المتوسطة للخلايا البائية قبل أن يكون هناك IgG بما فيه الكفاية.[11][12]

يعتبر وجود التغاير والثبات في جزيئة البروتين ذا أهمية وظيفية قيمة، وفي الواقع فإن جزيئة الضد مزدوجة الوظيفة فكل سلسلة فيها منطقة متغايرة، تشكل حوالي نصف السلسلة الخفيفة وربع السلسلة الثقيلة، ومنطقة أخرى ثابتة. والمناطق المتغايرة من السلاسل هي التي تنطوي في الفراغ لتشكل موقع ارتباط الجسم الضد من المستضد وهو الموقع الذي يرتبط بمستضد معين يوجه الضد نحوه، وإن تغيير تتابع الأحماض الأمينية في المنطقة المتغايرة يتغير التركيب الكيميائي لمواقع الارتباط وبذلك تتغير كفاءة تعامل الضد مع أي مستضد، مثل تغيير بروز في الجزء المسنن في مفتاح يؤدي إلى جعل المفتاح يناسب قفلاً آخر. أما المنطقة الثابتة للسلاسل الخفيفة للضد فهي مثل رأس المفتاح الذي يكون متطابقا من مفتاح لأخر لعلامة تجارية معينة ونوع معين ويؤدي وضيفة مشتركة لكل المفاتيح.

تؤدي المنطقة الثابتة في جزيئة الضد لنوع معين نفس الوظيفة، ففي كل جزيئة ضد من ذلك النوع، فمثلاً هناك نوعان من السلاسل الخفيفة في معظم الحيوانات الفقارية يُطبق عليهما "كابّا ولامدا" وكل جزيئة ضد يجب أن تحتوي على سلاسل خفيفة من هذا النوع أو ذاك، وفي أي نوع من الكائنات تتماثل المنطقة الثابتة للسلاسل الخفيفة (كابّا ولامدا) مع المنطقة الثابتة للسلاسل الأخرى العائدة لنفس النوع، وأكثر من ذلك فإن كل جزيئة ضد تمتلك نوعا واحداً من خمسة أنواع من السلاسل الثقيلة وهي: ألفا، غامّا، إبسيلون، ميو، ودلتا، وإن نوع السلسلة الثقيلة يحدد صنف الكريين المناعي بأنه غلوبيولين مناعي A, كريين مناعي ج, كريين مناعي هـ, كريين مناعي م, جسم مضاد. وعلى سبيل المثال، عند جميع السلاسل الثقيلة يكون للأضداد من صنف IgM نفس تتابع المنطقة الثابتة ميو، كما يكون لجميع السلاسل الخفيفة نفس تتابع المناطق الثابتة "كابّا ولامدا"، لكن من جهة أخرى تختلف المناطق المتغايرة من ضد لآخر لتعكس خواصها الوراثية المختلفة.[13]

تقوم المناطق الثابتة للسلاسل الثقيلة بتحديد الفعالية الوظيفية للضد وكيف يؤدي الضد مهمته المناعية في الجسم، فمثلاً عند النظر إلى ضد منطقته المتغايرة متخصصة بمستضد يوجد على حبوب اللقاح، فإن الضد الذي ستكونه هذه المنطقة هو IgD الذي سيبقى مرتبطا بسطح الخلية التي تكونه، إذا كانت السلسلة الثقيلة من نوع دلتا، وإذا كانت المنطقة الثقيلة غامّا فإن الضد الناتج سيكون IgG ويتوقع أن يدور في الدم وإذا كانت المنطقة الثقيلة إبسيلون فالضد هو IgE ويمكن أن يرتبط بسطح خلية معينة تفرز الهستامين الذي يسبب أعراض حمى القش أو الربو، وعندها يتدخل الضد ليتفاعل مع مستضد حبوب اللقاح. إن جميع الأضداد متخصصة نوعيا لنفس المستضد وخصوصاً مستضد حبوب اللقاح، وأكثر من ذلك فإن نفس الوظائف توجد في الأضداد الموجهة ضد مستضدات أخرى، لذلك فإن الوظيفة المؤثرة للضد لا تعتمد على المنطقة المتغايرة.

فرضية دراير وبينيت

لقد وفرت المظاهر التركيبية للأضداد أولى الحلول للأصل الوراثي لتنوعها فقد شخّص وليم ج. دراير وج.كلود بينيت، اللذان كانا يعملان في المعهد التكنولوجي في كاليفورنيا في منتصف ستينات القرن العشرين، بأن مليونا من الأضداد المختلفة يمكن تكوينها بدمج 1000 سلسلة خفيفة مختلفة مع 1000 سلسلة ثقيلة مختلفة. ومع ذلك فأنهما تساءلا حول إمكانية تشخيص المعلومات الوراثية لهذا التنوع في البروتينات وماهو التنظيم الذي ينتسب إليه التركيب الغريب (المتغاير والثابت) في كل سلسلة.

الوظيفة

بسبب كون الأضداد متواجدة بصورة حرة في مجرى الدم، فإنه يتم تصنيفها ضمن "جهاز المناعة الخلطي"، أي الذي يحوي الأخلاط الأربعة: الدم والبلغم والصفراء والسوداء، التي زعم القدماء أنها تقرر صحة المرء ومزاجه.[14] يتم صنع الأجسام المضادة المتواجدة في الدم من قبل الخلايا البائية المنسوخة التي تحمل مستضدا على سطحها قادرا على تمييز فقط شكل واحد معين من المادة، مثل قطعة بروتين محددة متواجدة على غلاف الفيروس.[15]

تساهم الأضداد في المناعة بعدة طرق: منع الجراثيم من الدخول إلى الخلايا أو منع نشاطها عن طريق الالتصاق بها؛ أو تقوم بتحفيز عملية إزالة جرثومة معينة بتحفيز البلاعم وخلايا أخرى تبتلع الجرثومة؛ كما وتستطيع أيضاً بدأ عملية تدمير الجرثومة بصورة مباشرة عن طريق تحفيز حواس مناعية أخرى مثل الجهاز المتمم، أو عن طريق الالتصاق بمستقبلات الأضداد على سطح بعض خلايا المناعة مثل الخلايا البدينة والتي تقوم بإفراز مواد ذات خاصية مناعية تقوم بتحفيز خلايا مناعية أخرى أو تسميم الجرثومة.

المعادلة

رسم توضيحي لكيفية تشغيل الجهاز المتمم والخلية المؤثرة.

ينبغي أن تدخل الفيروسات والبكتيريا الداخلية الخلية لبدأ عملية النسخ؛ ويتمكن كل منها من الدخول إلى الخلية عن طريق الاتصال بجزيئات معينة على سطح الأخيرة. تقوم الأضداد التي تتعرف على الفيروسات بحجز قابلية هذا على الاتصال بالجزيئة المفضلة عن طريق الاتصال المباشر بها. ولا يستطيع الفيروس المحجوز أن يدخل الخلية بالتالي.[16] بعض الأضداد، مثل أجسام غلوبيولين مناعي A، تستطيع أن تتصل مباشرة بالمكروب في الغشاء المخاطي لمنع استعمار الأغشية المخاطية. وبعض الأضداد للسموم تقوم بمعادلة الأخيرة بعد الاتصال بها وحجزها.[17]

تستطيع بعض الفيروسات أن تتملص من الجهاز المناعي عندما لا يمكن معادلتها من قِبل الأضداد. فبعض الفيروسات مثل فيروس نقص المناعة البشري، لا يمكن تغطيتها بصورة كاملة من قبل ضد معادل، حيث أن في بعض الأحيان قد تقوم هذه الأضداد بمساعدة الإصابة بالفيروس بدل منعه؛ يفضل فيروس نقص المناعة البشري إصابة الخلايا التي تتصل بالأضداد.[12] خلال بعض الأمراض مثل الهربس، فإن الالتهاب يتم معالجته بصورة سريعة من قبل الجهاز المناعي، ولكن بعض الخلايا يبقى جزء من الفيروس فيها الأمر الذي يؤدي إلى بدأ الالتهاب مرة أخرى وظهور الأعراض من جديد؛ وبالتالي فلا يمكن أن يتم القضاء على الالتهاب بصورة تامة.[12]

تشغيل الجهاز المتمم

غلوبيولين الثدييات المناعي المخفي يمتلك 5 وحدات كريين مناعية (Ig)، وكل وحدة منها (المجموعة ذات الرقم 1) تمتلك حاتمتين تجمعان منطقة قابلة التبلور مفتتة، وبالتالي فإن الكريين المناعي قادر على جمع 10 حاتمات.

تقوم الأضداد التي تلتصق بسطح المستضدات، مثل البكتيريا، بجذب مكونة الجهاز المتمم أولاً عن طريق جزء "المنطقة قابلة التبلور المفتتة" (Fragment crystallizable region, Fc region)‏ منها والبدأ بتشغيل الجهاز المتمم التقليدي.[15] وينجم عن هذا قتل البكتيريا بطريقتين.[12] الأولى، هي عن طريق التصاق الضد والجزيئات المتممة، مما يؤشر للمكروب لأن يُبتلع من قِبل البلعميات في عملية تدعى الطهاية؛ وتُجذب هذه البلعميات من قبل بعض الجزيئات المتممة التي تتكون في الجهاز المتمم. أما الطريقة الثانية، فتكون عن طريق بعض مكونات الجهاز المتمم، التي تقوم بصنع نظام مهاجم للغشاء لمساعدة الأضداد على القضاء على البكتيريا مباشرة.[18]

تشغيل الخلايا المؤثرة

تقوم الأضداد بالالتصاق بالجراثيم لربطها مع بعضها البعض، من أجل مقاومة تلك التي تستنسخ نفسها منها خارج الخلايا، مما يجعلها تلتصق. ولأن الأضداد لها طرفان، فإن الضد الواحد يستطيع أن يربط أكثر من مستضد واحد مع الآخر بالالتصاق مع نفس الموقع على سطح المستضد. تقوم الأضداد، عند تغليف المكروب، بلعب دور المؤثر ضد المكروب في الخلايا التي تميز جزء المنطقة قابلة التبلور المفتتة الخاص بها.[12]

يكون للخلايا التي تتعرف على مسببات الأمراض المغطاة مستقبلات للمنطقة قابلة التبلور المفتتة التي، كما يقترح الاسم، تتعرف على جزء تلك المنطقة لكل من الأضداد غلوبيولين مناعي A، كريين مناعي ج، كريين مناعي هـ. وعند ارتباط ضد معين مع أحد المستقبلات على خلية معينة، يتم تحفيز دور المؤثر لتلك الخلية؛ فالخلايا البلعمية تبدأ بالبلع، والخلايا البدينة والعدلة تبدأ بخسارة التحبب، والخلايا الفاتكة الطبيعية تبدأ بإطلاق السايتوكينات وجزيئات سم الخلايا؛ التي تنتج في النهاية بتدمير المكروب المصاب به. تكون مستقبلات المنطقة قابلة التبلور المفتتة محددة بالأبدال، وذلك يعطي ليونة كبيرة للجهاز المناعي، حيث تساعده على إطلاق استجابات مناعية محددة للمكروبات المختلفة.[19]

الاستخدامات

الاستخدامات الطبية

تستخدم الأضداد في تشخيص عدد من الأمراض ومعالجتها، بالإضافة إلى استخدامها في البحوث الطبية وتطبيقات عديدة أخرى.

تشخيص الأمراض

بحال تم التقاط تركيز معين من ضد في الدم، فهذا يعطي مؤشر على إصابة الجسم بعدوى جرثومية، فيروسية، أو طفيلية، حالية أو سابقة، حيث أن تواجد المكروب (المستضد) يحفز على إنتاج الأضداد له بصورة أكبر وهذا قد يساعد الأطباء على إتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الشخص المصاب.[20] ولكن تواجد هذه الأضداد قد يستمر مدة طويلة بعد حتى بعد الشفاء من العدوى قد تمتد حتى عدة سنوات ولذلك يجب التمييز بين الأضداد الناتجة عن العدوى الحالية وبين تلك الناتجة عن عدوى سابقة بالاعتماد على عدة أمور منها تركيز الأضداد بالمصل ونوعها وتاريخ الحالة المرضية والمطابقة بين الأعراض الظاهرة على المريض ونوع المكروب المحفز على إنتاج تلك الأضداد.

معالجة الأمراض

حقق استخدام الأضداد المستنسخة الموجهة نجاحا في معالجة أمراض مثل التهاب المفاصل الرثياني، [21] مرض التصلب اللويحي،[22] الصداف،[23] والعديد من السرطانات مثل سرطان القولون والمستقيم، سرطانات الرأس والرقبة وسرطان الثدي.[24]

الاستخدام في البحوث

صورة فلورية لخلايا.

يتم إنتاج الأضداد المحددة عن طريق حقن الثديات بالمستضد، مثل الفئران أو الجرذان أو الأرانب، في حالة الإنتاج قليل الكمية للأضداد، أو الماعز، الخرفان أو الأحصنة في حالة الإنتاج الكبير الكمية للأضداد. يحتوي الدم المعزول من هذه الحيوانات على عدة أضداد تستطيع كلها أن تتعرف على نفس المستضد، وهي تسمى بالأضداد متعددة النسخ، وتوضع في المصل، الذي يُسمّى في هذه الحالة بالمصل المضاد. يمكن حقن المستضدات في الدجاج لتكوين أضداد في صفار البيض.[25]

ينبغي عزل الخلايا اللمفاوية التي تنتج الأضداد، من أجل الحصول على ضد محدد لحاتمة من المستضد، ويتم تخليدها بدمجها مع خلية سرطانية. تدعى الخلايا المدمجة "ورما هجينا"، والتي تظل خالدة وتنمو وتنتج الأضداد في بيئة زرع الخلايا. يتم عزل الورم الهجين مفردا عن طريق الاستنساخ المخفف، لتكوين مستنسخات خلوية تنتج كلها نفس الضد؛ وعندها يتم إطلاق اسم "الضد المستنسخ" على هذه الأضداد.[26] يتم تصفية كل من الأضداد متعددة النسخ والأضداد المستنسخة باستخدام عملية فصل المواد على بروتين أ/ج مرتبط بالمستضد.[27]

الاستخدام

تستخدم الأضداد المصفاة في الأبحاث، في العديد من التطبيقات . فهي تُستخدم لتحديد هوية ومكان البروتينات داخل وخارج الخلية. كما تستخدم في جهاز عد الخلايا للتفريق بين أنواع الخلايا من البروتينات الذي يظهر في المختبرات؛ تُظهر مختلف أنواع الخلايا مجموعات مختلفة من البروتينات أو جزيئات التمايز عن السطح، ويتم التعرف على مختلف البروتينات داخل الخلية والتي يتم إفرازها.[28] ويتم أيضاً استخدامها في الترسيب المناعي لفصل البروتينات عن أي شيء آخر ملتصق بها (الترسيب المناعي المشارك) من جزيئات أخرى في الخلية،[29] في تحاليل البلوت الغربي للتعرف على البروتينات المفصولة كهربائياً.[30] وكذلك في كيمياء الأنسجة المناعية أو التألق المناعي لفحص وجود البروتين في أقسام نسيجية أو لتحديد مكان البروتين دخل الخلاية بمساعدة المجهر.[28][31] كما يمكن أيضاً اكتشاف البروتين وتحديده مع الأضداد، باستخدام تقنية "فحص المناعي المرتبطة بالإنظيم" (Enzyme-linked immunosorbent assay, ELISA)‏ وتقنية "بقعة المناعي المرتبطة بالإنظيم" (Enzyme-linked immunosorbent spot, ELISPOT)‏.[32][33]

تاريخ

تمّ استخدام كلمة "ضد" لأول مرة في مقالة نشرها "بول إرليخ" في أكتوبر 1891. وقد ظهرت كلمة "Antikörper" الألمانية (بمعنى جسم مضاد) في خاتمة مقالته، حيث قال: "إن كانت مادتين قد أبرزتا جسمين مضادين مختلفين إلى حيّز الوجود، فلا بد وأن تكونا أيضا مختلفتين بدورهما".[34] إلا أن هذه الكلمة لم تعتمد وتُقبل مباشرة من قبل المجتمع العلمي، حيث تم اقتراح عدد من الكلمات الأخرى.[34] إن كلمة "جسم مضاد" تعتبر مرادفة رسميا لكلمة "ترياق"، وهي ذات مفهوم مماثل لكلمة "Immunkörper - مناعي" الألمانية.[34]

منحوتة ملاك الغرب (2008) للنحات الألماني "جوليان فوس أندريا"، في حرم معهد سكريبس للأبحاث بفلوريدا.[35] صُنعت هذه المنحوتة بناء على بنية الجسم المضاد التي نشرها الباحث "إ. بدلان".[36] وُضع الضد في حلقة بشكل يرمز إلى لوحة الرجل الفيتوري لليوناردو دا فينشي، مما يسلط الضوء على الأبعاد المماثلة للضد وجسد الإنسان.[37]

بدأت دراسة الأضداد عام 1890 عندما قام "إميل فون بيرنج" و"شيباسابورو كيتاساتو" بوصف فعالية ضد سموم الكزاز والدفتيريا.وضع هذان العالمان نظرية "المناعة الخلطية"، مقترحين أن هناك متوسط في المصل الذي قد يتفاعل مع المستضد الأجنبي.[38][39] وقد دفعت فكرتهما العالم الألماني "بول إرليخ" ليقترح نظرية "السلسة الجانبية"، عام 1897، لتفسر طبيعة التفاعل بين الضد والمستضد، وفي هذه النظرية يفترض إرليخ أن المستقبلات (التي وصفها على أنها "سلاسل جانبية") الواقعة على سطح الخلايا تستطيع أن ترتبط بالذيفان المحدد الذي لا يمكن لسواه أن يرتبط بها – وذلك في علاقة "المفتاح والقفل"، وأن هذا الارتباط هو ما يحفز على إنتاج الأضداد.[40] وبالمقابل، قال باحثون أخرون أن الأضداد تتواجد بصورة حرة في مجرى الدم، وفي عام 1904، اقترح عالم البكتيريا البريطاني، السير "ألمروث رايت"، أن الأضداد القابلة للذوبان تقوم بتغليف البكتيريا وإرسالها إلى البلعمة حيث يتم القضاء عليها في عملية تدعى "الطهاية".[41]

خلال عقد العشرينات من القرن العشرين، لاحظ عالم المناعة الأمريكي، مايكل هايدلبرغر والباحث الكندي - الأمريكي أوزوالد آفري، أن الأضداد يمكن أن تقوم بترسيب وتكثيف المستضدات، وقإلا أن الأولى مكونة من البروتين.[42] تمّ إجراء أبحاث بشكل أكثر دقة على الخصائص الكيميائية الأحيائية لتفاعل ارتباط الأضداد بالمستضدات في أواخر عقد الثلاثينات من قبل البروفيسور "جون مراك".[43] أما التطور الأكبر التالي في هذا المجال، فقد حصل في عقد الأربعينات، عندما أكد الكيميائي الأمريكي "لينوس باولنغ" صحة نظرية "المفتاح والقفل" التي قال بها "بول إرليخ"، وذلك عن طريق إظهاره أن التفاعلات بين الأضداد والمستضدات تعتمد على شكلها بشكل أكبر من اعتمادها على تركيبتها الكيميائية.[44] وفي عام 1948، اكتشف "أستريد فاغريوس" أن الخلايا البائية، ذات الشكل البلازمي، هي المسؤولة عن إنتاج الأضداد.[45]

ركزت الأبحاث اللاحقة على مسألة تحديد وتمييز بنى بروتينات الأجسام المضادة. ومن أبرز التقدمات التي تحققت في هذا المجال، الاكتشاف الذي تم على يد عالم الأحياء الأمريكي "جيرالد إدلمان" و"جوزيف غالي" للسلسلة الخفيفة للضد،[46] واستنتاجهما أن هذا البروتين هو نفسه "بروتين بنس جونز" الذي وُصف عام 1845 بواسطة الكيميائي الإنكليزي "هنري بينز جونز".[47] اكتشف "إدلمان" أيضا أن الأضداد تتكون من روابط كبريتيدية متصلة بسلاسل خفيفة وثقيلة، وفي نفس الوقت تمّ تعريف مناطق ملزمات الأضداد والمنطقة قابلة التبلور المفتتة من قبل عالم الكيمياء الأحيائية الإنكليزي "رودني بورتر".[48] وقد استطاع هذان العالمان سويا أن يكملا جدلية أجسام الكريين مناعي ج الحمضية الأمينية، واستنتجا بنيتها، الأمر الذي جعلهما يفوزان سويّا بجائزة نوبل للطب لعام 1972.[48] وعلى الرغم من أن معظم هذه الدراسات الأولية ركزت على أجسام الكريين مناعي م والكريين مناعي ج (IgM وIgG)، فإن جزيئات الكريينات المناعية الأخرى تم اكتشافها وتعريفها في عقد الستينات من القرن العشرين:[49] فقد اكتشف "طوماس توماسي" الكريين مناعي أ (IgA)، كما اكتشف العالم الأمريكي "ديفيد رو" و"جون فاهاي" أجسام الكريين مناعي د (IgD)، كما اكتشف علماء أخرون الكريين مناعي هـ (IgE) على أنها طائفة من الأضداد المخصصة للدفاع عن الجسد ضد العوامل المسببة للحساسية.[50][51] حددت الدراسات الوراثية أساس التنوع الكبير لبروتينات الأضداد هذه عندما تمت إعادة تركيب أجسام مورثات الكريينات المناعية من قبل العالم الياباني "سوسومو تونيغاوا" عام 1976.[52]

مقالات ذات صلة

المصادر

  1. قاموس المورد، البعلبكي، بيروت، لبنان.
  2. كتاب الأحياء للصف الثاني ثانوي علمي، المملكة الأردنية الهاشمية، طبعة عام 1997، صفحة 247
  3. المعاني، تاريخ الولوج 26 نوفمبر 2014 نسخة محفوظة 17 يناير 2015 على موقع واي باك مشين.
  4. جامعة أم القرى، تاريخ الولوج 26 نوفمبر 2014 نسخة محفوظة 14 أبريل 2015 على موقع واي باك مشين.
  5. المعجم الطبي الموحد
  6. Litman GW, Rast JP, Shamblott MJ (1993). "Phylogenetic diversification of immunoglobulin genes and the antibody repertoire". Mol. Biol. Evol. 10 (1): 60–72. PMID 8450761.
  7. Eleonora Market, F. Nina Papavasiliou (2003) V(D)J Recombination and the Evolution of the Adaptive Immune System PLoS Biology1(1): e16. نسخة محفوظة 16 فبراير 2008 على موقع واي باك مشين.
  8. Mattu T, Pleass R, Willis A, Kilian M, Wormald M, Lellouch A, Rudd P, Woof J, Dwek R (1998). "The glycosylation and structure of human serum IgA1, Fab, and Fc regions and the role of N-glycosylation on Fc alpha receptor interactions". J Biol Chem. 273 (4): 2260–72. doi:10.1074/jbc.273.4.2260. PMID 9442070.
  9. Woof J, Burton D (2004). "Human antibody-Fc receptor interactions illuminated by crystal structures". Nat Rev Immunol. 4 (2): 89–99. doi:10.1038/nri1266. PMID 15040582.
  10. Underdown B, Schiff J, Immunoglobulin A: strategic defense initiative at the mucosal surface. Annu Rev Immunol 4 389-417.1986 PMID=3518747
  11. Geisberger R, Lamers M, Achatz G, The riddle of the dual expression of IgM and IgD. Immunology 118 4 429-37. 2006. ببمد 16895553
  12. Pier GB, Lyczak JB, Wetzler LM (2004). Immunology, Infection, and Immunity. ASM Press. .
  13. Goding J (1978). "Allotypes of IgM and IgD receptors in the mouse: a probe for lymphocyte differentiation". Contemp Top Immunobiol. 8: 203–43. PMID 357078.
  14. قاموس المورد، منير البعلبكي، 1994، دار العلم للملايين، صفحة: 438
  15. Ravetch J, Bolland S (2001). "IgG Fc receptors". Annu Rev Immunol 19: 275-90.
  16. Rus H, Cudrici C, Niculescu F (2005). "The role of the complement system in innate immunity". Immunol Res. 33 (2): 103–12. doi:10.1385/IR:33:2:103. PMID 16234578.
  17. Chippaux J, Goyffon M (1998). "Venoms, antivenoms and immunotherapy". Toxicon 36 (6): 823-46
  18. Rus H, Cudrici C, Niculescu F (2005). "The role of the complement system in innate immunity". Immunol Res 33 (2): 103-12. ببمد 16234578.
  19. Janeway CA, Jr et al (2001). Immunobiology., 5th ed., Garland Publishing. .
  20. Stern P (2006). "Current possibilities of turbidimetry and nephelometry" ( كتاب إلكتروني PDF ). Klin Biochem Metab. 14 (3): 146–151. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 27 فبراير 2008.
  21. Feldmann M, Maini R (2001). "Anti-TNF alpha therapy of rheumatoid arthritis: what have we learned?". Annu Rev Immunol 19: 163-96. ببمد 11244034
  22. Doggrell S (2003). "Is natalizumab a breakthrough in the treatment of multiple sclerosis?". Expert Opin Pharmacother 4 (6): 999-1001. ببمد 12783595.
  23. Krueger G, Langley R, Leonardi C, Yeilding N, Guzzo C, Wang Y, Dooley L, Lebwohl M (2007). "A human interleukin-12/23 monoclonal antibody for the treatment of psoriasis". N Engl J Med 356 (6): 580-92. ببمد 17287478.
  24. Vogel C, Cobleigh M, Tripathy D, Gutheil J, Harris L, Fehrenbacher L, Slamon D, Murphy M, Novotny W, Burchmore M, Shak S, Stewart S (2001). "First-line Herceptin monotherapy in metastatic breast cancer". Oncology 61 Suppl 2: 37-42. ببمد 11694786.
  25. Tini M, Jewell UR, Camenisch G, Chilov D, Gassmann M (2002). "Generation and application of chicken egg-yolk antibodies". Comp. Biochem. Physiol., Part A Mol. Integr. Physiol. 131 (3): 569-74. ببمد 11867282.
  26. Cole SP, Campling BG, Atlaw T, Kozbor D, Roder JC (1984). "Human monoclonal antibodies". Mol. Cell. Biochem. 62 (2): 109-20. ببمد 6087121.
  27. Kabir S (2002). "Immunoglobulin purification by affinity chromatography using protein A mimetic ligands prepared by combinatorial chemical synthesis". Immunol Invest 31 (3-4): 263-78. ببمد 12472184.
  28. Brehm-Stecher B, Johnson E (2004). "Single-cell microbiology: tools, technologies, and applications". Microbiol Mol Biol Rev 68 (3): 538-59. ببمد 15353569.
  29. Williams N (2000). "Immunoprecipitation procedures". Methods Cell Biol 62: 449-53. ببمد 10503210.
  30. Kurien B, Scofield R (2006). "Western blotting". Methods 38 (4): 283-93. ببمد 16483794.
  31. Scanziani E. "Immunohistochemical staining of fixed tissues". Methods Mol Biol 104: 133-40. ببمد 9711649.
  32. Reen DJ. (1994). "Enzyme-linked immunosorbent assay (ELISA).". Methods Mol Biol. 32: 461-6. ببمد 7951745.
  33. Kalyuzhny AE (2005). "Chemistry and biology of the ELISPOT assay". Methods Mol Biol. 302: 15-31. ببمد 15937343.
  34. Lindenmann, Jean (1984). "Origin of the Terms 'Antibody' and 'Antigen". Scand. J. Immunol. 19 (4): 281–5. PMID 6374880. مؤرشف من الأصل في 27 مارس 202001 نوفمبر 2008.
  35. "New Sculpture Portraying Human Antibody as Protective Angel Installed on Scripps Florida Campus". مؤرشف من الأصل في 14 يناير 201912 ديسمبر 2008.
  36. Padlan, Eduardo (1994). "Anatomy of the antibody molecule". Mol. Immunol. 31(3): 169–217. doi:10.1016/0161-5890(94)90001-9.
  37. "Protein sculpture inspired by Vitruvian Man". مؤرشف من الأصل في 10 مايو 201912 ديسمبر 2008.
  38. Emil von Behring - Biography. Retrieved on 2007-06-05.
  39. "The Late Baron Shibasaburo Kitasato". Canadian Medical Association Journal: 206.
  40. Winau F, Westphal O, Winau R (2004). "Paul Ehrlich--in search of the magic bullet". Microbes Infect. 6 (8): 786–9. doi:10.1016/j.micinf.2004.04.003. PMID 15207826.
  41. Silverstein AM (2003). "Cellular versus humoral immunology: a century-long dispute". Nat. Immunol. 4 (5): 425–8. doi:10.1038/ni0503-425. PMID 12719732.
  42. Van Epps HL (2006). "Michael Heidelberger and the demystification of antibodies" ( كتاب إلكتروني PDF ). J. Exp. Med. 203 (1): 5. doi:10.1084/jem.2031fta. PMC . PMID 16523537. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 09 أغسطس 2008.
  43. Marrack, JR (1938). Chemistry of antigens and antibodies (الطبعة 2nd). London: His Majesty's Stationery Office. OCLC 3220539.
  44. "The Linus Pauling Papers: How Antibodies and Enzymes Work". مؤرشف من الأصل في 08 مايو 201905 يونيو 2007.
  45. Silverstein AM (2004). "Labeled antigens and antibodies: the evolution of magic markers and magic bullets" ( كتاب إلكتروني PDF ). Nat. Immunol. 5 (12): 1211–7. doi:10.1038/ni1140. PMID 15549122. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 06 فبراير 2012.
  46. Edelman GM, Gally JA (1962). "The nature of Bence-Jones proteins. Chemical similarities to polypetide chains of myeloma globulins and normal gamma-globulins". J. Exp. Med. 116: 207–27. doi:10.1084/jem.116.2.207. PMC . PMID 13889153.
  47. Stevens FJ, Solomon A, Schiffer M (1991). "Bence Jones proteins: a powerful tool for the fundamental study of protein chemistry and pathophysiology". Biochemistry. 30 (28): 6803–5. doi:10.1021/bi00242a001. PMID 2069946.
  48. Raju TN (1999). "The Nobel chronicles. 1972: Gerald M Edelman (b 1929) and Rodney R Porter (1917-85)". Lancet. 354 (9183): 1040. PMID 10501404.
  49. Tomasi TB (1992). "The discovery of secretory IgA and the mucosal immune system". Immunol. Today. 13 (10): 416–8. doi:10.1016/0167-5699(92)90093-M. PMID 1343085.
  50. Johansson SG (2006). "The discovery of immunoglobulin E". Allergy and asthma proceedings : the official journal of regional and state allergy societies. 27 (2 Suppl 1): S3–6. PMID 16722325.
  51. Preud'homme JL, Petit I, Barra A, Morel F, Lecron JC, Lelièvre E (2000). "Structural and functional properties of membrane and secreted IgD". Mol. Immunol. 37 (15): 871–87. doi:10.1016/S0161-5890(01)00006-2. PMID 11282392.
  52. Hozumi N, Tonegawa S (1976). "Evidence for somatic rearrangement of immunoglobulin genes coding for variable and constant regions". Proc. Natl. Acad. Sci. U.S.A. 73 (10): 3628–32. doi:10.1073/pnas.73.10.3628. PMC . PMID 824647.

وصلات خارجية

موسوعات ذات صلة :