الغساسنة هم سلالة عربية أسست مملكة في الشام ضمن حدود الإمبراطورية البيزنطية في فترة ما قبل الإسلام. أسس المملكة العربية أحفاد قبيلة أزد من اليمن والذين هاجروا في أوائل القرن الثالث الميلادي إلى بلاد الشام،[1] حيث اندمج بعضهم مع المجتمعات المسيحية المُتهلينة،[2] وقد تحولوا إلى الديانة المسيحية في العقود الأولى من القرون الميلاديَّة بينما كان البعض الآخر من المسيحيين وذلك قبل الهجرة إلى الشمال للهروب من الاضطهاد الديني.[1][3]
دوْلة الغساسنة | ||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|
الغساسنة | ||||||||
دولة عميلة لإمبراطورية الروم | ||||||||
علم | شعار | |||||||
مملكة الغساسنة في القرن السادس
| ||||||||
عاصمة | الجابية | |||||||
نظام الحكم | ملكية | |||||||
اللغة الرسمية | العربية | |||||||
الديانة | أرثوذكسية شرقية سريانية أرثوذكسية |
|||||||
ملك | ||||||||
| ||||||||
التاريخ | ||||||||
| ||||||||
اليوم جزء من | سوريا الأردن السعودية العراق |
بعد استقرارهم في بلاد الشام، أصبحت دوْلة الغساسنة دولة حليفة للإمبراطورية الرومانية الشرقية وقاتلوا معهم ضد الساسانيين الفارسيين وحلفائهم العرب من سلالة المناذرة. كما كانت أراضي الغساسنة بمثابة منطقة عازلة تحمي الأراضي التي ضمها الرومان ضد غارات القبائل البدوية. اعتنق عدد قليل من الغساسنة الإسلام بعد الفتح الإسلامي؛ وظلَّ معظم الغساسنة على الديانة المسيحية وانضموا إلى المجتمعات الملكانيَّة والسريانيَّة ضمن ما هو الآن الأردن وفلسطين وإسرائيل وسوريا ولبنان.[1]
نسب الغساسنة
ينسب المؤرخون الغساسنة إلى قبيلة الأزد القحطانية، وهم بنو: جفنة بن عمرو (مزيقياء) بن عامر (ماء السماء) بن حارثة (الغطريف) بن امرؤ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.[4][5] وقد قال في ذلك الشاعر حسان بن ثابت في مطلع قصيدته:[6]
أولاد جفنة حول قبر أبيهمُ | قبر ابن مارية الكريم المفضلِ | |
يسقون من ورد البريص عليهمُ | برَدى يصفّق بالرحيق السلسلِ | |
بـِيضُ الوجوه كريمةُ أحسابهم | شمَ الأنوف من الطراز الأولِ | |
يغشون حتى ما تهرّ كلابهم | لا يسألون عن السواد المقبلِ |
النشأة
الغساسنة هم قبيلة وسلالة حاكمة من قبائل التنوخيين القاطنة في جنوب سوريا والأردن (مملكة الأنباط سابقا) وقد تحالفوا مع الرومان. يقول بعض المؤرخين العرب ان الغساسنة هجروا من جنوب الجزيرة العربية في بداية القرن الأول للميلاد عقب انهيار سد مأرب في اليمن وبعد سيل العرم. بدأت هجرات القبائل الأزدية ومن ضمنهم الغساسنة من جنوب الجزيرة العربية في بداية القرن الأول للميلاد عقب انهيار سد مأرب في اليمن وبعد سيل العرم، حيث اتجهوا شمالا حيث أقاموا فترة قرب عين ماء تسمى "غسان" في تهامة حيث عرفوا بالغساسنة،[7][8]وواصلوا هجرتهم نحو الشام، حيث استقروا في الأردن وجنوبي سورية في بصرى التي كانت تقع ضمن سلطان سليح، وكان الروم قد ولوا "الضجاغمة" من آل سليح القضاعيين على تلك البلاد وأعطوهم القابا مثل "فيلارخوس" وأول من حصل على هذا اللقب هو جدهم ضجعم الذي أعطي هذا اللقب في عهد تيتوس (79ـ81)م، وكانت ديار قضاعة في المناطق الواقعة بين جبل الشيخ وَ جبال فلسطين وَالبلقاء وَالغور والعقبة وَجبال الكرك، وقام الضجاعمة بضرب إتاوات على الغساسنة مما أثار فيما بعد خلافات أدت إلى حدوث معارك انتهت لصالح الغساسنة وتولوا حكم ماكانت تتولاه سليح، ولم يجل الغساسنة سليحا بل أبقوهم وظلت بعض منشآتهم حية حينا من الدهر لاسيما "دير أيوب" أحد أشهر أسواق الجاهلية ضمن شبكة التجارة العربية وظل قائما فترة في الإسلام، وآل سليح بدورهم كانوا قد تغلبوا على تنوخ الذين سبقوهم، واتخذ الغساسنة من بصرىعاصمة لهم قبل تحويل عاصمتهم لاحقا إلى الجابية (بمرتفعات الجولان)، وسرعان ما امتد حكمهم ليشمل كل الأردن والجولان وحوران وغوطة دمشق وجنوب سوريا، ووصلوا في غزواتهم حتى خيبر.
الحالة السياسية
وجد الرومان في الغساسنة حلفاء أقوياء يمكن الاعتماد عليهم في الصراع ضد الفرس الساسانيين الذين دأبوا علي تهديد الولايات الرومانية الشرقية، لذلك زادوا من صلاحيات الغساسنة ليتمكنوا من تكوين دولة حدودية لكن ضمن نطاق الدولة الرومانية، وكانوا حلفاء الروم فاشتركوا معهم في حروبهم مع الفرس وحلفائهم المناذرة. امتد حكم الغساسنة من عام 220 إلى 638 ميلادي، أي أربع مئة وثماني عشرة سنة. وأول ملوكهم هو جفنة بن عمرو الذي حكم ما بين 220-265م، ولذا يطلق بعضهم على ملوك الغساسنة: آل جفنة. امتد سلطانهم على قسم كبير من بلاد الشام مثل تدمر والرصافة في وسط سوريا والبلقاء والكرك في الأردن وإلى البحر، وكانت عاصمتهم بالجابية في الجولان.
أولى البيزنطيون الولايات الشرقية اهتماما خاصة نظرا للتهديد الساساني واللخمي، لذا فقد كانت المملكة الغسانية بمثابة الحارس الرئيس لطرق التجارة، كما أنضم الكثير منهم للجيش البيزنطي. قام الملك الغساني الحارث بن جبلة (حكم من 529-569) بمساعدة بيزنطة في حربها ضد الفرس وقد منحه الأمبراطور جستنيان لقب بتريسيوس سنة 529 مكافأة له علي إخلاصه.
العلاقة بين الغساسنة وبيزنطه كانت في احسن حال وكانت علاقة تكاملية ولكل من الدولتين دوره في تاريخ المنطقة وقد ساند البيزنطيين الغساسنة، وكان لمملكتهم سلطانها وأهميتها، عندما غادر الملك الغساني جبلة الشام ومعه 30000 ألف غساني من سوريا حيث شدوا الرحال إلى الإمبراطورية البيزنطية، واحتلوا مكانوا عالية في الدولة حتى تبوأ نقفور منصب الإمبراطور (حكم 802-811) ثم حكم ابنه بعده ونقفور كان أول إمبراطور بيزنطي يرفض دفع الجزية السنوية لدولة الخلافة الإسلامية في عهد الخليفة الكبير هارون الرشيد. تنتسب العديد من القبائل والعوائل العربية المسيحية المعاصرة في سورية والأردن ولبنان وفلسطين إلى الغساسنة، وأكبر تجمع لمن تبقى على ديانة ومعتقد الغساسنة هو في مدينة خبب وبعض بلدات محافظة درعا في سوريا وفي مدينتي الكرك ومادبا في الأردن وكذلك مدينة زحلة في لبنان بعد أن انتقلو من موطنهم في الأردن، جنوب سوريا. عدد من الغساسنة ونسلهم اليوم من المسلمون.
الحالة الثقافية
اعتنقوا المسيحية الأرثوذكسية المشرقية المعروفة في سورية آنذاك باليعقوبية وهي مخالفة لمذهب الروم الأرثوذكس (الملكاني). كان الغساسنة كما المناذرة من رعاة الأدب والشعر فقد التحق بالغساسنة لمدحهم جهابذة الشعر الجاهلي مثل لبيد بن ربيعة والنابغة الذبياني وحسان بن ثابت. تتمثل آثارهم في صهاريج الرصافة وقصر الرصافة ودار الضيافة خارج سور الرصافة وكاتدرائية الرصافة[9] والبناء الذي داخل قلعة عمان وقلعة القسطل وقصر برقع، ومن المباني الدينية: كنيسة مادبا، والدير ذو البرج الموجود في قصر الحير الغربي،[10] وكنيسة الرفيد،[10] وكنيسة بريقة،[10] وكنيسة كفر ناسج،[10] وكنيسة كفر شمس[10] وكنيسة القديس سرجيوس في النتل.[10]
ظهور الإسلام
ظلت المملكة الغسانية موالية للبيزنطيين حتي الربع الأول من القرن السابع الميلادي عندما أسقط المسلمون مملكتهم عقب معركة اليرموك سنة 636م. دخل الغساسنة في تحالف مع العرب المسلمون ودخلوا في جيوش الفتح فكان لهم فيها سهم كبير، فشاركوا في فتح شمال أفريقيا والأندلس وانتشروا فيها واسهموا في اعمارها. اعتمد عليهم الخلفاء الأمويين في إدارة الدولة لخبرتهم في إدارة الدواوين ودور المال. اعتنق عدد قليل من الغساسنة الإسلام بعد الفتح الإسلامي؛ وظلَّ معظم الغساسنة على الديانة المسيحية وانضموا إلى المجتمعات الملكانيَّة والسريانيَّة ضمن ما هو الآن الأردن وفلسطين وإسرائيل وسوريا ولبنان.[1]
ملوك الغساسنة
مراجع
- Bowersock, G. W.; Brown, Peter; Grabar, Oleg. Late Antiquity: A guide to the Postclassical World. Harvard University Press. مؤرشف من الأصل في 18 أكتوبر 2017.
- "Deir Gassaneh". مؤرشف من الأصل في 04 نوفمبر 2017.
- bury, john. History of the Later Roman Empire from the Death of Theodosius I. to the Death of Justinian, Part 2. courier dover publications. مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2016.
- الأشتقاق – ابن دريد – الصفحة 435 . - تصفح: نسخة محفوظة 16 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- المختصر في أخبار البشر –أبو الفداء – الصفحة 72 . - تصفح: نسخة محفوظة 24 فبراير 2016 على موقع واي باك مشين.
- الأعلام - خير الدين الزركلي - ج ٢ - الصفحة ١٣١.
- وصفة جزيرة العرب 329،والعمدة 2/948،951.
- المعارف 640،645.
- بشيد زهدي، الرصافة لؤلؤة بادية الشام،
- تيسير خلف كنيسة العرب المنسية: أديرة الغساسنة في دمشق والجولان وحوران ولبنان