الرئيسيةعريقبحث

نور الدين جهانكير

رابع سلاطين مغول الهند

☰ جدول المحتويات


لمعانٍ أخرى، انظر جهانكير (توضيح).

السُلطَانُ الأَعظَم والخَاقَانُ المُكرَّم خُسرو گیتی پناه أَبُو الفَتح نُورُ الدِّين مُحمَّد خان سَلِيم جِهَانكِير پادشاه غازي بن مُحمَّد أكبر بن مُحمَّد همايون الگوركاني (بالفارسية: السُلطَانُ الأَعظَم والخَاقَانُ المُكرَّم خسرو گیتی پناه ابوالفتح نورُالدِّین مُحمَّد خان سَلِیم جهانگیر پادشاه غازی مُحمَّد أكبر بن مُحمَّد همايون گورکانی، وبالأردية: السُلطَانُ الأَعظَم والخَاقَانُ المُكرَّم خسرو گیتی پناه ابوالفتح نورُالدِّین مُحمَّد خان سَلِیم جهانگیر پادشاه غازی مُحمَّد أكبر بن مُحمَّد همايون گورکانی) (17 ربيع الأوَّل 977هـ - 17 صفر 1037هـ المُوافق فيه 30 آب (أغسطس) 1569م - 28 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 1627م)[ِ 4] المعروف اختصارًا بِنُور الدين جهانكير أو نُور الدين مُحمَّد جهانكير أو جهانكيرشاه أو نورُ الدين مُحمَّد سليم،[ِ 5] هو رابع سلاطين دولة المغول الهندية الذين حكموا شبه القارة الهندية طيلة 300 عام، وقد حكم البلاد من سنة 1014هـ المُوافقة لِسنة 1605م إلى سنة 1037هـ المُوافقة لِسنة 1627م. معنى اسمه «جهانكير» هو «فاتح العالم» أو «قاهر العالم»؛ ورث عن والده دولة مُترامية الأطرف، ووقَّع مُعاهدةً تجاريَّةً مع شركة الهند الشرقيَّة الإنگليزيَّة واعدًا تُجَّارها مُعاملة تفضيليَّة، فاتحًا بِذلك شبه القارَّة الهنديَّة على مصراعيها لإنگلترا لِأوَّل مرَّة.

نور الدين جهانكير
(بالفارسية: نورالدین مُحمَّد سلیم جهانگیر)‏ 
Jahangircrop.jpeg

نوع الحكم سُلطان مغول الهند
الفترة 1014هـ\1605م - 1037هـ\1627م
معلومات شخصية
الاسم الكامل أبو الفتح نُورُ الدين مُحمَّد سليم جهانكير
الميلاد 17 ربيع الأوَّل 977هـ\30 آب (أغسطس) 1569م[1]
فاتح پور، Fictional flag of the Mughal Empire.svg سلطنة مغول الهند [ِ 1]
الوفاة 17 صفر 1037هـ\28 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 1627م (58 سنة)
راجوري، كشمير، Fictional flag of the Mughal Empire.svg سلطنة مغول الهند
مكان الدفن مقبرة جهانكير، لاهور، Fictional flag of the Mughal Empire.svg سلطنة مغول الهند
الديانة مسلم سُني حنفي[ِ 2][ِ 3]
الزوجة انظر
أبناء انظر
الأب جلالُ الدين أكبر
الأم مريم الزمان جواد باي
أخوة وأخوات
دانيال ميرزا بن أكبر،  ومراد ميرزا بن أكبر 
عائلة السُلالة التيمورية
سلالة سلاطين مغول الهند
معلومات أخرى
اللغات الفارسية[2] 

استكمل جُهُود والده في تطوير الدولة المغوليَّة، واشتهر بِكونه سُلطانًا عادلًا رحيمًا مُطلق التسامُح مع رعاياه، فكان يُتابع شكاوى المظلومين بِنفسه، فجعل سلسلةً من الذهب، مربوطة بسبعة أجراس، يدُقُّها المُشتكي فينزل السُلطان لِيحقق مظالم الناس بِنفسه، كما أصدر دُستُورًا من 12 وصيَّة أسَّس بها نظام دولة لِلصحَّة وتوطيد الأمن، وشجَّع العُلُوم والآداب والفُنُون، فازدهرت الحياة الفكريَّة والثقافيَّة في عهده، كما كان لزوجته نورجهان دورٌ كبيرٌ في إدارة الشُؤون التنظيمية والنسائيَّة في عصره. وكان جهانكير نفسه شغوفًا بِالمعرفة، وعلى درجةٍ عاليةٍ بِالثقافتين الفارسيَّة والتُركيَّة، واشتهر بِالإضافة إلى ذلك، بِالشجاعة والجُرأة.[3] شابت علاقته بِوالده أكبر عدَّة شوائب خِلال حُكم الأخير، وتطوَّرت الأُمُور بينهما إلى حد الصراع بِسبب عصيان جهانكير في أواخر عهد أكبر، غير أنَّ وفاة أبناء الأخير جميعهم، وبقاء جهانكير وحده لِيرث العرش المغولي، رأبت الصدع بين الطرفين. وعلى العكس من والده، نشأ جهانكير نشأةً إسلاميَّة صافية، فلم يكن إيمانه مُتضعضعًا أو ضعيفًا كأبيه، فشبَّ مُسلمًا سليم العقيدة، على مذهب أهل السُنَّة والجماعة، يحترم العُلماء ويُكرِّمُهم.[3][1] وعلى الرُغم من عدل جهانكير وميله إلى التسامُح كما أُسلف، إلَّا أنَّ دولة مغول الهند شهدت ثورات مُتعددة وفي أماكن مُتفرِّقة طيلة عهده، ما أعاقها عن المضي في الفُتُوح والتوسُّع كما كان الحال في عهد أبيه أكبر، فأمضى مُعظم الوقت وهو يعمل على وأد الفتن حتَّى وافاهُ الأجل أثناء عودته من إحدى حملاته العسكريَّة، وكان لهُ من العُمر نحو 58 سنة.

جُسِّدت شخصيَّة جهانكير في الكثير من الروايات واللوحات والأفلام السينمائيَّة، ومنها الفيلم الهندي الشهير «مُغَل أعظم»، الصادر سنة 1960م، بِالإضافة إلى العديد من الأفلام الأُخرى. كما ترك جهانكير أثرًا مُهمَّا على الصعيدين التاريخي والفني هو كتاب «تُزك جهانكيري» الذي سار فيه على نهج جد أبيه ظهير الدين بابُر في الـ«بابُر نامه» في تدوين الأحداث السياسيَّة التي وقعت خِلال عهده وإرفاقها بِالمُنمنمات البديعة التي تُصوِّرُ أبرز الوقائع، على أنَّ الكتاب المذكور يختلف عن سابقه في أنَّ جهانكير أرفقه بِآرائه وتوجُّهاته الشخصيَّة في مجاليّ السياسة والفن، كما ضمَّنهُ معلوماتٌ عن أُسرته وعن آبائه وأجداده.

حياته قبل السلطنة

مولده وتربيته

جهانكير في شبابه.
مُنمنمة مغوليَّة تُصوِّرُ الاحتفال بِمولد الشاهزاده جهانكير.

ولد جهانكير يوم 17 ربيع الأوَّل 977هـ المُوافق فيه 30 آب (أغسطس) 1569م، لِلسُلطان جلال الدين أكبر ومريم الزمان جودا باي الهندوسيَّة ابنة أمير جيبور «بيهار مال كاشهورها».[3][ِ 6] كان جلال الدين أكبر قبل مولد جهانكير قد بلغ الثامنة والعشرين من عُمره ولا يبقى أحد من أولاده حيًّا، فكان يتوجَّه إلى الصالحين ويلتمس منهم أن يدعوا له بولد، لِرغبته الشديدة في ولدٍ يرثُ الحُكم من بعده، وممن كان يتبرَّك بهم الشيخ سليم بن بهاء الدين الجشتي، الذي بشرَّهُ بِثلاثة أولاد، فنذر أكبر أن يُفوِّض أمر تربية أوَّل مولود له تحت عناية الشيخ، ولما حان أوان الوضع أرسل أكبر زوجته إلى دار الشيخ (الواقعة على سفح جبل «سكري» بالقرب من مدينة أغرة) فسمَّاه بعد ميلاده «مُحمَّد سليم» تيمنًا بِالشيخ المذكور.[1] وبنى في مكان إقامة الشيخ مدينة وجعلها عاصمة له مبالغة تبرُّكًا بِالأرض، وسماها فاتح پور سكري.[4][5]

تلقَّى جهانكير في صغره تربية دينية، فحينما بدأ يشدو في القراءة والكتابة أمره والده أن يذهب إلى بيت الشيخ «عبد النبي أحمد الكنكوهي» ويدرس عليه الحديث.[6] وأخذ عن الشيخ «صدر جهان الپهانوي» وحفظ عنه أربعين حديثًا،[7] وسمع الحديث كذلك من الشيخ «محمد سعيد الهروي» الشهير بميركلان، وقرأ عليه شيئًا من العلم بِأمر من والده.[8] وتثقَّف بِالثقافتين الفارسيَّة والتُركيَّة، كما حصَّل الكثير من المعارف الهندية.[9] يرى المُؤرِّخون أنَّ تربية جهانكير مع تأثير الشيخ سليم الجشتي قد وجهَّته وجهة مُغايرة لِوجة والده، فكان صحيح العقيدة في الإسلام، يحترم العُلماء ويُكرِّمهم.[8][3][4] وأنَّهُ امتاز بِسلامة الفطرة والذكاء والنُبُوغ، وسنحت له فُرصة مُخالطة مُختلف طبقات الناس بأن تنشأ لديه ملكة التعرُّف على طبائع الناس وخصائصهم.[10] وتُشير المصادر إلى أنَّ أكبر قد وضع ابنه جهانكير تحت رعاية بعض المُبشِّرين النصارى لِيُجرِّب أثر التعاليم المسيحيَّة في عقليَّة طفل صغير غير مُتعصِّب، لكنَّ التجربة فشلت، إذ لم يؤثر أي شيء في إيمانه.[11][12] شارك جهانكير في الأحداث السياسيَّة في سنٍ مُبكرة، فقد حاول والده أكبر أن يُهيِّء ابنه لِتحمُّل المسؤوليَّة، فعيَّنهُ في منصب قائد عشرة آلاف وهو في سن السابعة أو التاسعة، واصطحبه معه في حملته على كابُل في سنة 989هـ المُوافقة لِسنة 1581م وفي سن الثانية عشرة، ورقَّاه إلى منصب قائد اثني عشر ألفًا في سنة 993هـ المُوافقة لِسنة 1585م وهو في سن السادسة عشرة.[9][3]

عصيانه أكبر وولايته لِلعهد

مُنمنمة تُصوِّرُ جهانكير وهو يحملُ رسم أبيه جلال الدين أكبر.
الاحتفال بِتنصيب جهانكير على العرش في مدينة الله آباد.

أشار جهانكير في مُذكَّراته أنَّهُ كان بينه وبين والده شيءٌ من الجفاء، حيثُ كان يحُس بِعدم حُبِّه له كما يُحبُّ أخويه الأصغرين مُراد ودانيال. يرى بعض المُؤرِّخين أنَّ شُعُوره هذا قد يكون أحد أسباب ثورته على والده في سنة 1009هـ المُوافقة لِسنة 1600م، حيث نصَّب نفسه سُلطانًا في مدينة الله آباد حين كان والده مشغولًا بِفُتُوحات الجنوب،[4] ويُشير آخرون إلى أنَّ السبب في ثورة جهانكير هو تحريض بعض الأُمراء الهندوسيين الحاقدين على أكبر، وهناك من يعتقد أنَّ جهانكير كان يشعر بِضُعف شخصيَّته والحاجة إلى إثبات ذاته وأنَّهُ لا يقل عن أبيه قُوَّةً وعظمة وقُدرةَ على أن يبني لِنفسه مُلكًا بِحدِّ السيف.[13]

عاد أكبر من الجنوب مُسرعًا لِيُواجه تمرُّد جهانكير، وبعث جيشًا ضد ابنه بِقيادة أبي الفضل بن مُبارك -أحب خُلصاء أكبر إلى نفسه-، أدرك جهانكير أنَّهُ لا شكَّ سيُهزم إن واجه أبا الفضل في معركةٍ مكشوفة، ولهذا دبَّر خطَّةً لاغتيال أبي الفضل نُفِّذت بِنجاحٍ، فأدَّى مصرعه إلى إثارة ثائرة أكبر، ولكنَّهُ كان قادرًا على أن يكبح جماح نفسه في مثل هذه الظُروف العصيبة، ورأى أن يجب التغلُّب على تمرُّد جهانكير بِكُلِّ الطُّرق السلميَّة وإلَّا تعرَّضت سلطنته كُلُّها لِلضياع، فكبت آلامه وبعث إلى ابنه رسولًا استطاع أن يقنع جهانكير بِالعودة إلى طاعة أبيه. وظهر في البلاط حزبٌ قويٌّ يُنادي بِرفع خسرو بن جهانكير، ولهذا بقي جهانكير -بالرغم من تأكيدات أكبر له- يوجس خيفة من أبيه فشهر السِّلاح مرَّةً أُخرى ضدَّ أبيه، فعزم أكبر هذه المرة أن يزحف بِنفسه على ابنه، إلا أن وفاة والدته حميدة بانو بيگم وابنه دانيال في سنة 1013هـ المُوافقة لِسنة 1604م أثَّرت على نفسيَّة أكبر، وعكف على مُحاولةٍ جديدةٍ لِلتفاهم مع ابنه جهانكير، فراسله مرَّة أُخرى ودعاه إلى ترك الخصام وأكَّد أنَّهُ هو وارثُ كُل شيءٍ من بعده ولا داعي لِإسالة الدماء، ونجح أكبر في إقناع ابنه بالعودة إلى طاعته، فذهب إلى أبيه نادمًا ولكن هذه المرة اعتقلهُ أكبر حتى توسَّط من أجله عدد من سيِّدات البلاط ورجاله، فأطلق سراحه وذلك بعدما مرض أكبر مرض الموت، وظهرت في القصر اتجاهات قويَّة نحو إبعاد جهانكير عن العرش وإسناده إلى خسرو بن جهانكير، ولكن حال دون ذلك حُسن تدبير جهانكير الذي قدم إلى أبيه مُستتيبًا ما بدر من عصيانٍ في السابق، فصفح عنهُ وراح يُزوِّده بِنصائحه قبل وفاته.[13][3][14]

ويرى المُؤرِّخ عبد العزيز سُليمان نوَّار أنَّ وضع أكبر لِجهانكير تحت رعاية المُبشرين النصارى كما أُسلف، جعلته ينشأ مهزوز الشخصيَّة مُضطرب الوجدان زائغ العقيدة، وممَّا زاد اضطراب شخصية جهانكير في الضياع أنَّ أكبر نفسه كان لا يثق كثيرًا في الأديان والمُعتقدات، فعاش جهانكير في ضياعٍ نفسيٍّ لا يستطيع أن يفر منه إلَّا بِواسطة الخمر والأفيون، التي أصابته بمركب العظمة وخور العزيمة، ويرى أنَّ طبيعة الأعمال التي قام بها خلال ثورته ضدَّ أبيه تُثبت أن شخصيَّته كانت مهزوزة ومُتناقضة.[13]

مُبايعة جهانكير بِعرش المغول

تُوفي السُلطان جلالُ الدين أكبر في 30 جُمادى الأولى 1014هـ المُوافق فيه 13 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 1605م، مُتأثرًا بِالزحار،[15] فاستُدعي جهانكير لِيخلفه على عرش البلاد، فوصل إلى العاصمة أغرة يوم الخميس 8 جُمادى الآخرة 1014هـ المُوافق فيه 17 تشرين الأوَّل (أكتوبر) 1605م، وبايعه الأُمراء والوُزراء والقادة وكبار الأعيان، وتلقَّب بِلقب «الپادشاه الغازي نُوُر الدين مُحمَّد جهانكير»، وكان في الثامنة والثلاثين من عُمره. ورث جهانكير عن والده دولة واسعة الأرجاء مُثبَّتة الدعائم، ساعدت الأعوام الخمسون التي قضاها أبوه في الحُكم، مع حُسن سياسته، على توطيدها، فعزم على انتهاج هذه السياسة، وقد وعد مُنذُ اللحظة الأولى أن يعمل على حماية الإسلام ورفعة شأنه، فأبطل كثيرًا من المُكُوس التي كانت تُثقلُ كاهل الشعب، وأمر بِصُنع سلسلة من الذهب تتصلُ بِعددٍ من الأجراس في غُرفته تحمل إليه إذا دقَّت مُلتمش كُلِّ مظلومٍ أو صاحب شكاية.[16][14][17][1]

الاضطرابات في بداية عهد جهانكير

ثورة خسرو بن جهانكير

يعتبر الدكتور أحمد محمود الساداتي قتل جهانكير لزعيم السيخ گورو أرجونا خطأ شنيعًا، حيث كان كان بمقدوره أن يُلقي به في الحبس حتى يوافيه أجله، فيتجنب بذلك إثارة عداء طائفة السيخ، التي اعتبرته شهيدًا ورفعته إلى مرتبة القديسين، وراحت تنادي بِالثأر لمقتله، فساهم عدائها في تعجيل انهيار الدولة.[18]
إحضار أحد الأسرى أمام جهانكير.

كان الأمير خسرو الابن الأكبر لجهانكير طامعًا في المُلك ويُنافس أباه عليه،[19] وقد التفَّ حوله في آخر أيام جلال الدين أكبر حزبٌ قويّ في البلاط، ورشَّحُوه لِتولِّي عرش المغول بعد جدِّه، ولكنهم لم يُوفقوا في مسعاهم. ومع ذلك فقد أتى خسرو إلى القصر بعد تولِّي جهانكير العرش، فعفا عنه وأكرمه، ولكنَّه وضعه في الإقامة الجبريَّة بِقلعة أغرة لِيستبقيه تحت عينيه.[20]

تمكَّن خسرو من الفرار في يوم 28 ذي القعدة 1014هـ المُوافق فيه 6 نيسان (أبريل) 1606م،[ِ 7] وذلك بعدما تشجَّع بِما التف حوله من الأمراء النافذين في الدولة. واتجه إلى الپُنجاب، ورافقه ثلاثُمائة وخمسون من رجاله، واستطاع بِمُساعدة بعض الحُكَّام أن يُكوِّن جيشًا من اثني عشر ألف جُندي، كما انضم إليه گورو أرجونا زعيم السيخ وأمدَّهُ بِالأموال، وهُناك أعلن الثورة على أبيه، وزحف نحو مدينة لاهور وحاصرها، وما إن علم جهانكير بذلك أرسل جيشًا لِقتاله، ثم أقبل عليه بِنفسه، وهُزم خسرو، وحاول الهرب، ولكن أُلقي القبض عليه وحُمل إلى الأسر، وقتل جهانكير أتباعه ومثَّل بهم، وعلى رأسهم گورو أرجونا، وقد أثارت عملية قتل هذا الزعيم طائفته التي رفعته إلى مرتبة القدِّيسين.[20][18][21]

لم يفُتّ الأسر في عضُد الشاهزاده خسرو، فاستمال نفرًا من حُرَّاسه لِيتآمروا معه على قتل السُلطان، وبعد علم جهانكير بِتدبيرهم، أمر بقتل المُتآمرين، دون ابنه الذي سُملت عيناه. وبقي في محبسه حتى مات في سنة 1031هـ المُوافقة لسنة 1622م.[18]

الاضطرابات في البنغال

ضمَّ السُلطان جلال الدين أكبر البنغال في سنة 983هـ المُوافقة لِسنة 1571م، وجعلها إحدى صوبات دولته، لكنَّهُ لم يسحق قُوَّة الأفغان فيها، وكانت النتيجة توالي الانتفاضات على الحُكم المغولي لِلحُصُول على الاستقلال، كما كثُر توالي الحُكَّام على تلك البلاد وقُصر إقامة كُلُّ واحدٍ منهم بها، ممَّا زاد من اضطراب الأحوال.[22] وكان أوَّل كبار أُمراء الأفغان الذين أشهروا العصيان على المغول: موسى خان بن عيسى البوروبهوياني، فقد بقي هذا الأمير خالعًا لِلطاعة مُنذُ أواخر سنيّ أكبر حتَّى أوائل عهد جهانكير، فجرَّد عليه حملةً عسكريَّةً بِقيادة إسلام خان الجشتي، الذي تمكَّن من إخضاعه وقبض عليه وزجَّهُ في السجن يوم 19 ربيع الآخر 1019هـ المُوافق فيه 10 تمُّوز (يوليو) 1610م.[ِ 8] وفي سنة 1021هـ المُوافقة لِسنة 1612م، عاود الأفغان الثورة بِقيادة أميرٍ آخر يُدعى عُثمان خان اللوحاني، فعاد جهانكير وأرسل على الثُوَّار القائد إسلام خان، فسار الأخير على وجه السُرعة من مدينة جهانكيرنگر إلى حسنفور الواقعة شمال مدينة «بوقاي نگر»، عاصمة الأمير الثائر. وحاصر المغول المدينة المذكورة، واشتبكوا مع قُوَّات عُثمان خان فهزموها، وهرعت قبائل الپشتون المُجاورة إلى خلع طاعة عُثمان والدُخُول تحت جناح السُلطان المغولي. وفرَّ عُثمان خان إلى منطقة سيلهت حيثُ بقي لديه بعض الحُلفاء من شُيُوخ القبائل مثل أنور خان وبايزيد الكرَّاني السيلهتي ومحمود خان.[ِ 9] وفي يوم 2 شوَّال 1020هـ المُوافق فيه 7 كانون الأوَّل (ديسمبر) 1611م، سقطت «بوقاي نگر» بِيد المغول،[ِ 10] وتبعها إعلان بعض حُلفاء عُثمان خان خُضُوعهم لِلسُلطان المغولي، فما كان أمام الأمير الأفغاني إلَّا مُتابعة الهرب حتَّى بلغ سيلهت الجنوبيَّة وأعلن نفسه حاكمًا عليها، وأخذ يُعد العُدَّة لِحرب المغول مرَّةً أُخرى. ولم يسكت جهانكير عن هذا الأمر، فأرسل الرجال والعتاد إلى إسلام خان من مُختلف أنحاء السلطنة، وأمرهُ بِالقضاء على عُثمان خان وكسر شوكة الأفغان في البنغال. فسار إسلام خان على رأس جيشٍ مُكوَّنٍ من 500 فارس و4,000 راجل من حملة البنادق وأعدادٌ كبيرة من الفيلة الحربيَّة، يُرافقه بعض أبرز القادة المغول أمثال إفتخار خان التُركماني وشجاعت خان ومهابت خان،[ِ 11] فهزموا مُقدِّمة الأفغان بِسُهُولة، وتابعوا سيرهم حتَّى التقوا بِالجيش الرئيسي على ضفَّة إحدى الأنهار يوم 10 مُحرَّم 1021هـ المُوافق فيه 12 آذار (مارس) 1612م، واشتبك الجمعان في قتالٍ ضارٍ أُصيب فيه عُثمان خان بِسهمٍ في عينه أفقده البصر، فحمله أتباعه وانسحبوا به هاربين على أمل إنقاذه، لكنَّهُ لم يلبث أن فارق الحياة مُتأثرًا بِجراحه.[ِ 12] بعد هذه الهزيمة، انكسرت شوكة الأفغان في البنغال وأُقرَّت الأُمُور في هذه البلاد من جديد. واستطاع السُلطان جهانكير، بِحُسن سياسته، أن يستقطب زُعماء الثُوَّار، فعفا عنهم وقلَّد بعضهم مناصب في الدولة ولا سيَّما الجيش، فركنوا إلى الطاعة وتفانوا في خدمة سُلطانهم الجديد، وتجنَّبت الدولة المغوليَّة شُرُورهم.[22][23]

الحملات على ميوار

أمار سينگه.

عندما اعتلى جهانكير عرش المغول، قرر أن يتابع ما بدأه والده جلال الدين أكبر بالسيطرة على إقليم ميوار، حيثُ لم يُحقِّق أكبر نجاحًا كبيرًا فيه، واستطاع الأمير الهندوسي المهرانا پرتاپ اقتطاع أجزاء واسعة من هذه الولاية واستقلَّ بها. وقد خلفه على حكم الإقليم ابنه «أمار سينگه الأوَّل » الذي واصل تحديِّه لِلسلطنة المغوليَّة، فأرسل جهانكير إليه جيشًا بقيادة ابنه الشاهزاده «پرويز ميرزا » في سنة 1014هـ المُوافقة لِسنة 1605م («معركة ديوار »)، إلَّا أنَّهُ لم يُحقِّق نجاحًا يُذكر، وانسحب من ميوار.[ِ 13][ِ 14] وفي سنة 1017هـ المُوافقة لِسنة 1608م أرسل جهانكير حملة أُخرى بِقيادة «مهابت خان »، واستطاع أن يُطارد أمار سينگه، وأجبره على الالتجاء إلى التلال والمُرتفعات لِلاحتماء بها، ولكنَّهُ لم يُحقق نصرًا حاسمًا.[24][25]

وفي سنة 1023هـ المُوافقة لِسنة 1614م أرسل جهانكير حملة ثالثة بقيادة ابنه الشاهزاده خُرَّم مُحمَّد، فاستطاع بِمهارته أن يُحرز أكثر من نصر، وأن يتَّبع الراجپوت في فرارهم، وأن يأسر عائلات كثيرة من قادتهم. واضطرَّ أمار سينگه أن يطلب إيقاف القتال وأعلن خُضُوعه لِنُفوُذ المغول، وطلب الصُلح، ودخل في مُفاوضات مع الشاهزاده خُرَّم من أجل إحلال السلام انبثق عنها توقيع اتفاقية صُلح في سنة 1024هـ المُوافقة لِسنة 1615م تضمَّنت ما يلي:[25][24]

  • إعفاء أمار سينگه من المُثُول بين يديّ السُلطان، على أن ينوب ابنه «قران سينگه الثاني » مكانه.
  • تسليم كامل مُقاطعة ميوار بِما فيها قلعة چتور (التي استولى عليها المغول في عهد جلال الدين أكبر) إلى أمار سينگه على أن يحكم باسم المغول.
  • لا تُقام أيَّة تحصينات على قلعة چتور.
  • يُقدِّم أمار سينگه ألف فارس إلى الجيش المغولي عند الحاجة.
  • منح قران بن أمار سينگه وظيفة منصبدار خمسة آلاف.[ِ 15]

وافق جهانكير على الاتفاقيَّة، ولم يُصر على دفع أمار سينگه الجزية - كباقي زُعماء الهندوس الآخرين - مُظهرًا كرمًا زائدًا تجاه حاكم ميوار. وأنهت هذه الاتفاقية قرنًا من العداء والحُرُوب المُتواصلة بين الأُسرتين الحاكمتين في أغرة وچتور، وتُعدُّ نصرًا سياسيًّا لِجهانكير، ونصرًا شخصيًّا لِلشاهزاده خُرَّم.[25]

الاضطرابات في الدكن

ملك عنبر (يسارًا) ووصيُّه السُلطان الفتى مُرتضى بن عليّ.

ظهر في الدكن، قُبيل وفاة أكبر، رجُلٌ حازمٌ وشُجاع هو ملك عنبر الحبشي، وكيل السلطنة والصدر الأعظم للسُلطان بهادُر النظامشاهي صاحب أحمد نگر،[ِ 16] وعندما تُوفي هذا خلفه نسيبه الصغير مُرتضى بن عليّ تحت وصاية ملك عنبر الذي استبدَّ بِشُؤون الحُكم،[ِ 17] فاستقرَّ في مدينة كھڑكي واستكثر من شراء العبيد الأحباش، فاتَّخذ منهم بطانة ودرَّبهم حتَّى أضحوا قُوَّةً خطيرةً في الدولة النظامشاهيَّة، ثُمَّ راح يستخدمهم في مُحاربة المغول والتوسُّع على حسابهم، واستطاع أن يستردَّ منهم مُعظم الأراضي عند أسيرگاه وما حولها، وهي التي كان استولى عليها أكبر ومنعهُ خُرُوج ابنه جهانكير عليه من التوغُّل عند الجنوب منها. حتَّى إذا ما توالى قادة السُلطان المغولي على الدكن مُحاولين إخضاع الحاكم الحبشي، فصدَّهم عنها وأجبرهم على الارتداد إلى الگُجرات، فأرسل جهانكير جيشًا بِقيادة عبد الرحيم خان خانان اصطدم به، إلَّا أنَّهُ تعرَّض لِلخسارة، وإذ عُدَّ مُقصِّرًا استدعاه السُلطان لِلعودة إلى أغرة.[26][27][28] وأدرك ملك عنبر، على الرُغم من انتصاره، أنَّهُ لا قِبل لهُ بِمُواجهة الجُيُوش المغوليَّة في معارك مكشوفة، فلجأ إلى حرب العصابات لِإنهاكها وإضعافها، وقادته بصيرته النافذة إلى الإفادة من المراثيين الهندوس وما عُرفوا به من شجاعةٍ وتهوُّرٍ في القتال، فدرَّبهم على حرب العصابات ومعارك الأدغال،[26] وأمام المُباغتات والوقعات الخاطفة المُتكرِّرة، اضطرَّ المغول إلى الانسحاب من أحمد نگر إلى بُرهانفور في صوبة خاندش، وبِذلك ضاعت أحمد نگر من المغول، وذلك في سنة 1018هـ المُوافقة لِسنة 1609م.[27][28]

الشاهزاده خُرَّم مُحمَّد، شاهجهان لاحقًا، مُخضع الدكن وخصم ملك عنبر الرئيسي.

وعندما وصلت هذه الأنباء إلى جهانكير أعدَّ جيشًا كبيرًا وجهَّزهُ بِكُلِّ ما يحتاج إليه، وجعل على رأسه قائدين أحدهما يُدعى «پرويز» والآخر «خان جهان» يُعاونهما الراجا «مان سينگه» الراجپوتي على رأس قُوَّات صوبة «بيرار» في الدكن، وعبد الله خان أوزبك على رأس قُوَّاتٍ من الگُجرات، على أن يلتقوا جميعًا عند أسوار أحمد نگر.[27][28] ويبدو أنَّ تلك الجُيُوش افتقرت إلى التنسيق، فأسرع عبد الله خان في زحفه، فوصل قبل الجيشين الآخرين، فباغتهُ ملك عنبر وانتصر عليه وأجبره على الرُجُوع، وكان لِذلك تأثيره في الجُيُوش الأُخرى التي كانت تتقدَّم إلى أحمد نگر، فهبطت معنويَّات الجُند وجبُن القادة عن التقدُّم، فأقام پرويز في بُرهانفور واستمرَّ ملك عنبر مُسيطرًا على أحمد نگر وراح يُوطِّد أركان دولته، ويدعم فيها سُلطانه وهو مُطمئن،[27][28] وتضاعف عديدُ جيشيه فأضحى في سنة 1610م يتكوَّن من نحو 10,000 عبد حبشيّ و40,000 حُرّ من أبناء الدكن.[ِ 18]

لم يركن جهانكير إلى الهُدُوء، وهو يرى انهزام قُوَّاته وخُرُوج أحمد نگر من بين يديه، فأعدَّ جيشًا آخر في سنة 1025هـ المُوافقة لِسنة 1616م، وجعل على قيادته ابنه الشُجاع خُرَّم مُحمَّد، فزحف بِاتجاه أحمد نگر، وخرج السُلطان إلى ماندو في مالوة بِوسط الهند لِيكون قريبًا من مجرى الأحداث في الدكن. وصل الشاهزاده خُرَّم مُحمَّد إلى بُرهانفور في شهر ربيعٍ الأوَّل 1026هـ المُوافق فيه آذار (مارس) 1617م، ثُمَّ تابع تقدُّمه بِاتجاه أحمد نگر، وكانت أوضاع البلاد حول ملك عنبر قد تغيَّرت آنذاك، فدبَّ فيها الفساد والفتن من واقع الصراع على السُلطة بين الصدر الأعظم ملك عنبر والسُلطان بُرهان بن مُرتضى النظامشاهي، فخشي ملك عنبر الدُخُول في صدامٍ مع الشاهزاده المغولي ومال إلى الصُلح، ووافق على ما عُرض عليه، وهو أن يُسلِّم مُقاطعة بالاگھاٹ، التي كان قد انتزعها مُؤخرًا من المغول، بِالإضافة إلى قلعة أحمد نگر، ووافق السُلطانين جهانكير وبُرهان على المُعاهدة، وكافأ السُلطان ابنه خُرَّم مُحمَّد ورقَّاه إلى رُتبة قائد لِثلاثين ألفًا وأضفى عليه لقب «شاهجهان»، وهو اسمٌ منحوت من كلمتين: «شاه» أي «ملك» و«جهان» أي «العالم»، فهو يعني «ملك العالم» بِالفارسيَّة، وهو اللقب الذي عُرف به طيله حياته، وسمح لهُ أن يكون الرّجُل الوحيد الذي يجلس في حضرته.[27][28][29] ولم يكد خُرَّم يُغادرُ بلاد الدكن حتَّى تجدَّدت الاضطرابات، ويبدو أنَّ ملك عنبر أراد الانعتاق من الطوق المغولي، وكان قد انحنى للعاصفة مُؤقتًا، فلمَّا صفا الجو بِعودة شاهجهان رفع رأسه مُجددًا. ففي سنة 1029هـ المُوافقة لِسنة 1620م، نقض المُعاهدة مع المغول وعقد حلفًا مع الدولة القطبشاهيَّة في گُلكُندة، والعادلشاهيَّة في بيجافور، وهاجم عبد الرحيم خان خانان في قلعة أحمد نگر وحاصرها. وكان الشاهزاده خُرَّم مُحمَّد آنذاك مُنهمكًا في حصار حصن كانگرة، فلم يتمكَّن من التحرُّك الفوري ضدَّ ملك عنبر.[28]

فتح كانگرة وإخضاع الدكن

حصن كانگرة كما يبدو اليوم.

يُعدُّ فتح حصن كانگرة الهندوسي الشهير من بين أبرز إنجازات السُلطان جهانكير، ويقع هذا الحصن في وادي كانگرة في شمال شرقيّ الپُنجاب، وهو مبنيّ على تلٍّ مُرتفع ومُحصَّن تحصينًا جيِّدًا، ويُعدُّ من أمنع حُصُون المنطقة، وقد استعصى على السلاطين المُسلمين قبل جهانكير، فقد حاول محمود الغزنوي فتحه سنة 1009م، وفيروز شاه تغلق سنة 1360م، وشير شاه سنة 1540م،[ِ 19] كما حاول السُلطان أكبر نفسه فتح هذا الحصن، فحاصره فترة ولكنَّهُ استعصى عليه، حتَّى ذُلِّل لِابنة جهانكير.[ِ 20] فعندما تسلَّم الأخير الحُكم قرَّر فتح الحُصن وإتمام مقاصد أبيه ومن سبقه من الحُكَّام المُسلمين، فكلَّف مُرتضى خان والي الپُنجاب بِهذه المُهمَّة، غير أنَّهُ فشل في ذلك بعدما رفض القادة الراجپوتيُّون في جيشه الانصياع له بِدافع الحقد والغيرة، فكُلِّف عندئذٍ الشاهزاده خُرَّم مُحمَّد بن جهانكير بِفتح الحصن المذكور، فحاصرهُ مُدَّة أربعة عشر شهرًا قاطعًا عن حاميته المدد والمُؤن، فاضطرُّوا إلى غلي الأعشاب اليابسة وأكلها من شدَّة اليأس، ولمَّا كادت المجاعة أن تحلَّ بهم استسلم صاحب الحصن «بيكرماجيت» لِلمغول، وطلب الأمان، فدخل الشاهزاده خُرَّم إلى الحصن يوم 20 ذي الحجَّة 1029هـ المُوافق فيه 16 تشرين الثاني (نوڤمبر) 1620م، وضحَّى بِثورٍ شُكرًا لله على تحقيق هذا النصر، وابتنى بِداخل الحصن مسجدًا إيذانًا بِدُخُوله تحت جناح الإسلام، كما سمح لِجُنُوده بِنهب الأموال والكُنُوز في معبد «نكرگُت»، الواقع ضمن نطاق الحصن.[30][ِ 21]

بعد إنجازه مُهمَّته بِفتح الحصن، أسرع الشاهزاده خُرَّم مُحمَّد وتقدَّم نحو أحمد نگر، وتمكَّن، بِمُساعدة عبد الله حسن وبيرم بك، من الانتصار على قبائل المراثيين الذين سبَّبوا له متاعب كثيرة، ولم تلبث جميع الأراضي التي سبق أن استولوا عليها في إقليميّ أحمد نگر وبيرار أن فُقدت منهم. وعندما وصل إلى بانان لِإنقاذ مدينة بُرهانفور استسلم ملك عنبر وأعلن خُضُوعه لِلمغول، لِلمرَّة الأُخرى، لِإنقاذ حياته وحُكمه، وعقد الشاهزاده خُرَّم مُحمَّد الصُلح معهُ بِالشُرُوط السابقة نفسها.[28][29]

زواج جهانكير من نورجهان وأثره على الحياة السياسيَّة

نورجهان والسُلطان جهانكير.

كان لِهذا الزواج ألَّا يأخذ حيِّزًا كبيرًا لولا ما صاحبه وما أعقبه من أحداثٍ جسامٍ أثَّرت كثيرًا في سياسة الدولة المغوليَّة. فقد أحبَّ جهانكير أرملة أحد قادته وتزوَّجها بُعيد مقتل الأخير. وهذه السيِّدة تُدعى مهرُ النساء وهي ابنة تاجر فارسيّ يُدعى الميرزا غيَّاث الدين بن مُحمَّد شريف الطهراني، انتقل والدها من طهران إلى بلاد الهند بعدما تُوفي أبوه مُحمَّد شريف سنة 984هـ، فلمَّا وصل إلى قندهار وُلدت مهرُ النساء وجاءت مع والديها إلى فاتح پور في أيَّام السُلطان جلال الدين أكبر، فوُلِّي والدُها ديوان كابُل، وتعلَّمت الخط والحساب والشعر واللُغتين العربيَّة والفارسيَّة، وكانت نادرة في الجمال فافتتن بها جهانكير، فلمَّا علموا ذلك زوَّجُوها بِقائدٍ عسكريّ تُركُماني يُدعى علي قُلي استجلو الأصفهاني، وكانت في السابعة عشرة من عُمرها.[31][32][33][ِ 22] ومن المعروف أنَّ علي قُلي المذكور كان قد التحق بِخدمة السُلطان أكبر الذي لقَّبه «شيرأفگن خان‎» أي «صائد الببر»، نظرًا لِضُرُوب الشجاعة والبسالة التي أبداها خلال الحملات على ميوار، ممَّا أثار سُرُور وأعجاب السُلطان. وكان هذا القائد أيضًا من جُملة القادة الذين انضمُّوا إلى جهانكير عندما عصى والده أكبر وخرج عليه، فلبث معهُ بعض الوقت بِالدكن، ثُمَّ تخلَّى عنه وترك مُعسكره عائدًا لِخدمة السُلطان أكبر.[33][32][ِ 23][ِ 24][ِ 25] ولمَّا تولَّى جهانكير عرش آبائه، تناسى لِكُلِّ رجال أبيه السابقين ما كانوا قد ارتكبوه بِحقِّه وشملهم جميعًا بِبرِّه، فولَّى علي قُلي على مدينة بردوان بِالبنغال، ولم يلبث السُلطان طويلًا حتَّى تناهى إلى مسامعه أنَّ شيرأفگن يعتزم الخُرُوج والثورة، وكان قد شكَّ في ولائه له من واقع اتصاله بِثُوَّار الأفغان، وأنَّهُ سار سيرة أهل البغي والفساد، فأرسل إلى والي صوبة البنغال، قُطب الدين خان الجشتي، الذي هو أخوه من الرضاعة، يأمرهُ بِتسيير شيرأفگن إلى العاصمة المغوليَّة، فاجتمع به وأخبرهُ بِرسالة السُلطان، فرفض الإذعان لِأنَّهُ اشتمَّ منها رائحة الخطر على حياته، واستغلَّ علي قُلي فُرصة انفراده بِوالي البنغال فهوى عليه بِسيفه حتَّى كاد يقضي عليه، لولا أن أسرع إليه حرس قُطب الدين فمزَّقوه إربًا بِسُيُوفهم وأنقذوا قائدهم.[32][33] وقبض الجُنُود على أهل القائد القتيل واستصفوا أمواله وأرسلوها إلى جهانكير في أغرة، فأُرسلت أرملته مهرُ النساء، وابنته الصغيرة، إلى البلاط حيثُ عُيِّنت وصيفةً لِلسُلطانة الأُم، وجرت هذه الأحداث في سنة 1016هـ المُوافقة لِسنة 1607م، وبقيت مهرُ النساء في البلاط سنواتٌ أربع حتَّى تزوَّجها جهانكير سنة 1020هـ المُوافقة لِسنة 1611م.[33]

رسمٌ لِلسُلطانة مهرُ النساء بنت غيَّاث الدين الطهراني، نورجهان لاحقًا.

وثمَّة رواية أُخرى تقول أنَّ جهانكير لم ينسَ مهرً النساء مُنذُ أن رآها وأحبَّها أيَّام أبيه، فلمَّا صار سُلطانًا دبَّر مقتل زوجها بِالبنغال لِتخلص له، فوصفه بِأنَّهُ سار سيرة أهل البغي والفساد، وأنَّهُ كان مُجرَّد ساقٍ عند الشاه الصفوي إسماعيل بن طهماسب. ولعلَّ زواج جهانكير بِهذه السيِّدة، بعد أن تركها تُقيمُ أربع سنوات في حرم أُمِّه، إنما كان لِينسى الناس قصَّتها ولِتخفّ لوعتها على زوجها وما لقيه من مصيرٍ أليم. ومهما يكن من أمر فإنَّ السُلطان أظهر هيامًا بِزوجته الجديدة، وأحبَّها حُبًّا جمًّا، وأصبح أسيرًا لها، فسمَّها «نورجهان» أي «نُورُ الدُنيا»، وبلغ من حُبَّه واعتزازه لها أن أمر بِضرب اسمها على السكَّة إلى جانب اسمه، وهي حالة وحيدة ليس لها مثيل في تاريخ العُملة الإسلاميَّة، ومن أبرز ما ضُرب على الدراهم والدنانير باسم الزوجين، بيتٌ من الشعر بِالفارسيَّة:[33][32][34][31]

بِحُکْمِ شاهْ جَهانْگیرْ یافت صد زیوربِنامِ نورجَهانْ پادِشاهْ بِیگُمْ زَرْ

وتعريبه: «بِحُكم الشاه جهانكير صار لِلذهب باسم الملكة نورجهان بیگم مائة حُلية، بِضرب اسم نورجهان بيگم على الذهب زُيِّن الذهب بِمائة زينة». وهكذا دخل إلى بلاط السُلطان عُنصرٌ جديد كان لهُ أثرٌ كبير في توجيه سياسة الدولة، ذلك أنَّ نورجهان كانت من خيار النساء حُسنًا وجمالًا وعلمًا وعقلًا، اخترعت أُمُورًا كثيرة في الزِّي واللباس والحُليّ والعُطُورات، وكانت ماهرة بِالسياسة والتدبير، وأوتيت من قُوَّة الشخصيَّة وحدَّة الذكاء ورجاحة العقل ما يسَّر لها أن تُصبح صاحبة الكلمة الأولى في الدولة، حتَّى خضع لِمشيئتها السُلطان والقادة وتقبَّلوا جميعًا مشورتها بِأحسن القبول. أضف إلى ذلك، كانت نورجهان تمتاز بِطيبة القلب ، فعملت دائمًا على مُساعدة الفُقراء، ويُقال أنها تبرَّعت بِصداق مئاتٍ من البنات عند زواجهن. وإلى هذا كان خيرُ ما يُميِّزُها قُدرتها النادرة على فهم المُعضلات والعمل على حلِّها، وطُمُوحها الذي لا حدَّ له، وإرادتها الحديديَّة. ولِهذا فسُرعان ما أصبحت القُوَّة الفعَّالة وراء العرش، ولِتوكيد صلتها بِالبيت التيموري السُلطاني وفي سبيل الإحاطة بِمُقدرات الدولة، زوَّجت الشاهزاده خُرَّم مُحمَّد - شاهجهان - من ابنة أخيها آصف، كما زوَّجت ابنتها «لادلي بيگم»، التي أنجبتها من شيرأفگن، من أخيه الشاهزاده شهريار،[33][32][34] على أنَّهُ تبيَّن فيما بعد سوء نيَّتها من وراء هذا التدبير.

سُقُوط قندهار بِيد الصفويين

الشاه عبَّاس (يسارًا) والسُلطان جهانكير يتعانقان، في إشارةٍ إلى استئناف العلاقات الوديَّة رُغم حرب قندهار.

كانت قندهار مثار نزاع قديم بين مغول الهند والصفويين في فارس. فهذه المدينة، فضلًا عن أهميَّتها التجاريَّة، والمعروف أنَّها كانت محطَّة تجاريَّة لِلقوافل بين الهند وفارس، كانت مركزًا عسكريًّا استراتيجيًّا عند الحُدُود الشماليَّة الغربيَّة، ما حدا بِالسُلطان ظهير الدين بابُر وأولاده من بعده أن يحرصوا على الاحتفاظ بها. ولئن كان الصفويُّون في إيران قد اضطرُّواا تحت ظُرُوفٍ مُعيَّنة إلى التخلِّي عنها إلَّا أنَّهم لم يفتئوا يتطلَّعون إلى اليوم الذي ستعيدونها فيه بِوصفها حقًّا ثابتًا لهم.[35][ِ 26] فانتهز الشاه عبَّاس بن مُحمَّد خُدابنده‎ الشهير بِـ«عبَّاس الكبير» فُرصة اضطراب الأوضاع في الهند، عقب وفاة السُلطان جلال الدين أكبر، وانهماك جهانكير بوأد الفتن والاشطرابات في مُختلف أنحاء دولته، كما أُسلف، وانتهاء الحرب الصفويَّة مع العُثمانيين، فأوعز إلى والي خُراسان حُسين خان المُقيم في هراة، بِمُهاجمة قندهار واستعادتها، فتصدَّت حاميتها، بِقيادة «شاهبك خان»، لِلهُجُوم الصفوي وأفشلته، وأُرغم الصفويُّون على التراجُع خائبين.[35][ِ 27][ِ 28] أمام هذه النتيجة، تحرَّج موقف الشاه عبَّاس، وكان عليه أن يُبرِّر تصرُّفه هذا أمام السُلطان المغولي. وفعلًا نفض يده من الحملة واتهم الأُمراء الخُراسانيين بِالتفرُّد بِالهُجُوم من دون علمه، وحاول التقرُّب من جهانكير تدليلًا على حُسن نيَّته، وأرسل إليه الهدايا، وبِذلك استمرَّت قندهار تحت السيادة المغوليَّة.[35]

وأرسل الشاه عبَّاس الكبير في سنة 1030هـ المُوافقة لِسنة 1621م جيشًا كبيرًا لِلاستيلاء على قندهار، فاستاء جهانكير من تصرُّفه، وأمر ابنه شاهجهان بِالسير من الدكن إلى قندهار لِدفع الصفويين عنها. لكنَّ الشاهزاده المذكور رفض الأوامر السُلطانيَّة، ذلك أنَّ العلاقة بينه وبين السُلطانة نورجهان كانت مُتوترة آنذاك بِفعل مُحاولة الأخيرة إقصائه من ولاية العهد، فاعتقد أنَّ إبعاده إلى قندهار ما هو إلَّا جُزءٌ من المُؤامرة، فاستغلَّت السُلطانة نورجهان هذه الفُرصة وراحت تحط من قدره أمام السُلطان وترفع من قدر أخيه شهريار، حتَّى عقد لهُ السُلطان لواء حملة قندهار.[ِ 29][35] وفيما كانت السُلطانة مُنهمكةً في تنفيذ خططها، سقطت قندهار بِأيدي القُوَّات الصفويَّة، بعد حصارٍ دام خمسةٍ وأربعين يومًا، إذ لم تستطع حاميتها الصغيرة المُكوَّنة من 3,000 جُندي الصُمُود أمام الصفويين،[ِ 30][35] وسُرعان ما تقدَّم هؤلاء فسيطروا على «بلد داور»، وهو وادٍ خصيبٍ واسع يقع في إقليم هلمند.[ِ 31] وأرسل الشاه عبَّاس الكبير رُسُلًا إلى جهانكير يُؤكِّد حقَّه المُتوارث في هذه المدينة. ويبدو أنَّهُ اقتنع بِوجهة نظره أو أنَّهُ استحال عليه إعادتها لِانشغاله بِثورة ابنه شاهجهان، فأمر الجُيُوش المغوليَّة بِالعودة إلى الديار الهنديَّة.[35][ِ 32]

ثورة شاهجهان بن جهانكير

ترتبط ثورة شاهجان بِما جرى من مُحاولة إقصائه عن ولاية العهد لِصالح أخيه الأصغر شهريار بِتأثير السُلطانة نورجهان، وهي حادثةٌ أثَّرت سلبًا على العلاقة بين جهانكير وابنه وزادت التباعد بينهما. وتفصيل ذلك أنَّ نورجهان، في سبيل سعيها إلى تمتين صلتها بِالبيت التيموري وإلى الإحاطة بِالسُلطان ومُقدرات الدولة، كما أُسلف، راحت تُقنع جهانكير بِتعيين ابنه شهريار وليًّا لِلعهد بدلًا من أخيه شاهجهان، بعد أن رأت بِنظرتها الثاقبة أنَّ الشاهزاده شهريار كان أضعف شخصيَّةً من أخيه خُرَّم، وأنَّهُ لِذلك يصلح أن يكون أداةً طيَّةً في يدها، في الوقت الذي خشيت على مُستقبلها السياسي من قُوَّة شخصيَّة شاهجهان فيما لو تولَّى العرش.[35][32] وعملت نورجهان على الهيمنة على مناصب الدولة، من خلال تعيين أُسرتها والمُقرَّبين منهم في المراكز الهامَّة. فعيَّنت والدها صدرًا أعظمًا ولقَّبته بِلقب «اعتماد الدولة»، كما عيَّنت أخاها آصف رئيسًا لِلتشريفات في القصر السُلطاني، فأمَّنت بِذلك انتقال السُلطة الفعليَّة إليها وإلى أُسرتها والمُقرَّبين منها. وقد ساعدها على ارتقاء هذا المجد وَلَهُ جهانكير بها وانصرافه إلى الشراب وتعاطيه الأفيون، خاصَّةً بعد أن تقدَّم به السن ولازمه المرض، فقد كان يشرب كُلَّ مساء عشرين كأسًا من العرق القوي، بِحيثُ أنَّ رائحته كانت تجعل كُل من يتحدَّث معه يعطس.[35] وقد اعترف جهانكير بِهذه الهيمنة في سيرته الذاتيَّة، فقال: «إِنَّ الْحَالَةَ الْآنَ فِي عَهْدِ حُكْمِي هِي أَنَّ الْأَبَ هُوَ دِيوَانُ الْكَلِّ، وَالْاِبْنُ هُوَ الْوَكِيلُ الْمُطْلَقُ، وَالْبِنْتُ هِي صَاحِبَةُ السِّرِّ وَالنَّدِيمَةِ». ويذهب البعض إلى القول بِأنَّ هذه العائلة لمَّا كانت فارسيَّة الأصل، شيعيَّة المذهب، فقد تغلغل أصحاب المصالح الطائفيَّة في أوساط الحُكم وأجهزة الدولة عن طريقها. ويُضيف هؤلاء بِأنَّ نورجهان حاكت خطَّةً لِلقضاء على أهل السُنَّة والجماعة في بلاد الهند ومد النُفُوذ الصفوي إليها، وعاونها في ذلك أنصارها وجماعتها وكبار القادة الشيعة والهندوس، ولمَّا كان شاهجهان سُنيًّا مُتدينًا وكان أخوه شهريار مُتشيِّعًا، كان من الضروري إبعاد الأوَّل عن ولاية العهد وتنصيب أخوه مكانه.[36] وحدث أن طلب شاهجهان من أبيه منحه إقطاع «دهلفور» وتوقَّع أن يُلبِّي طلبه، لِذلك أرسل قُوَّاته إليها، لكن تدخَّلت نورجهان في هذه القضيَّة وأقنعت السُلطان بِمنحها لِابنه شهريار، فكانت تلك هي القشَّة التي قصمت ظهر البعير بِالنسبة لِشاهجهان، فبعد أن دبَّ اليأس في قلبه من أفعال زوجة أبيه، شقَّ عصا الطاعة وأعلن الثورة علنًا.[35][32]

وعندما علم السُلطان بِخُرُوج ابنه عليه، أرسل إليه يطلب أن يُرسل قُوَّاته إلى العاصمة، وهو يُريدُ تجريده منها حتَّى يُضعف موقفه، فرفض شاهجهان ذلك وراح يستعد لِلقتال سياسيًّا وعسكريًّا. فعلى الصعيد السياسي، فقد حاول التقرُّب من الشاه الصفوي، فأرسل إليه رسولًا من قِبله هو زاهد بك، وعلى الصعيد العسكري، فقد راح يجمع المُؤن من گوندوانة وولايات الجنوب ويُخزِّنها، ويجمع العساكر استعدادًا لِلصُمُود والمُواجهة.[37] وقد وقف في صفِّ شاهجهان ودعموا تولِّيه العرش عددٌ من العُلماء المُسلمين كان في مُقدِّمتهم الإمام أحمد بن عبد الأحد السرهندي، المعروف بِـ«مُجدد الألف الثاني»، الذي خشي تمدُّد النُفُوذ الصفوي الشيعي في بلاد الهند فيما لو فازت الكُتلة الشيعيَّة المُمثلة بِنورجهان وأصحابها في الاستيلاء على الحُكم، فعمل على إثارة الرأي العام وكتب مكاتيب ورسائل طويلة مُضادَّة لِلشيعة مُعلنًا في إحداها: «إِنَّ صُحْبَةَ الْمُبْتَدِعِ أَسْوَأُ وَأَشَدُّ فَسَادًا مِنْ صُحْبَةِ الْكَافِرِ، وَشَرُّ الْمُبْتَدِعِينَ هِي الطَّائِفَةُ الَّتِي تَبْغَضُ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم، وَهُمِ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَىٰ: ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾».[36] أرسل جهانكير الشاهزاده پرويز والقائد مهابت خان لِقمع ثورة شاهجهان، وذهب هو مع زوجته إلى أجمير لِيكون قريبًا من الأحداث.

ثورة مهابت خان

مهابت خان.

كان مهابت خان أحد أكبر قادة الدولة المغولية، وقد نال شهرة كبيرة كقائد ناجح، فقد تم على يديه إقرار الأمور بالبنغال، ودحر قوات شاهجهان من بعد ذلك،[38] وكان محبوبًا من الجيش ومقربًا من الشاهزاده پرويز، فساء نورجهان هذا التقارب لأنها رأت فيه ما يهدد بالقضاء على خطتها وهدفها الأكبر وهو تأمين ولاية العهد لزوج ابنتها شهريار، وخاصة أن مهابت خان كان يعارض توجهاتها باستمرار وينافسها في نفوذها، لذلك أرادات أن تعيد التوازن السياسي في الدولة وخلط الأوراق من جديد، ومن أجل تحقيق ذلك أقنعت السلطان بالعفو عن ابنه شاهجهان.[39] ضاق مهابت خان ذرعًا بتصرفات بتصرفات نورجهان التي غدت تسيطر بنفوذها على شؤون ومقدرات الدولة، وأدى بها غرورها إلى الحط من أقدار كبار الأمراء، فانطلق يدعو لأخذ البيعة لپرويز ثاني أبناء السلطان، وكان طوع يمينه، ليضمن بذلك خلاص الأمر له مستقبلًا، فتصدت له نورجهان ووصمته بالخيانة، وحرضت السلطان على اضطهاده، فاستدعاه جهانكير من البنغال، وكان في طريقه إلى كابل لإخضاعها، هنا أحس مهابت خان بالخطر على حياته، فخرج في حماية خمسة آلاف مقاتل من الراجپوت ، وكمن للسلطان في كشمير، فقبض عليه وهو يعبر أخد الأنهاء وأسره، وتمكنت السلطانة نورجهان من الفرار، ولم تفلح في أول الأمر من فك أسر زوجها، فباءت قواتها بالهزيمة وسقطت وأخاها بدورهما في الأسر، وكان ذلك في سنة 1036هـ الموافقة لسنة 1626م.[38] استطاعت السلطانة نورجهان بذكائها ودهائها أن تتغلب على مهابت هان وتطلق سراح السلطان، فقد دبرت حيلة لإبعاد مهابت خان عن حرسه، ثم استولت على خزائنه حتى أضحى في ضيق مالي شديد، وفر إلى الجبال للاحتماء بها، ثم طلب العفو، فرأت نورجهان أن تعفو عنه لستعمله أداة ضد جهانكير الذي كان يريد الفرار إلى إيران، ثم رجع إلى الدكن حيث مزارعه وإقطاعه، فذهب إلى شاهجهان وبدلًا من تعقبه انضم إليه، وأصبح من أنصاره.[40] هذا وكان شاهجهان قد سارع بدوره لنجدة أبيه حين علم بوقوعه في الأسر، فلم يبلغ السند حتى وافته رُسل نورجهان تخبره بما أشاعه خبر مقدمه من الاضطراب في صفوف مهابت خان، حتى تم لهم الخلاص مما وقعوا فيه، وتشير إليه بالارتداد سريعًا إلى الدكن لإقرار الأمور فيها.[38]

وفاة جهانكير

تولى بعد ملك عنبر الحبشي في الدكن "ياقوت الحبشي"، فأعلن الحرب على المغول، فأرسل له جهانكير جيشًا وذهب هو إلى كشمير للاستشفاء وليقضي فيها بعض الوقت كما هي عادة السلاطين، وهناك عاوده مرض ضيق التنفس بشكل أكثر شدة، فعادوا به، ولكن اشتدت به العلة وتوفي الطريق في 17 صفر 1037هـ الموافق فيه 28 تشرين الأول (أكتوبر) 1627م وكان له من العمر نحو 58 سنة، وامتد حكمه اثنين وعشرين عامًا. ودفن في المقبرة المعروفة باسمه «مقبرة جهانكير» في لاهور.[40][41]

وصف عبد الحي بن فخر الدين الحسني المتوفى في سنة 1341هـ في كتابه «الهند في العهد الإسلامي» مقبرة جهانكير فقال: «ومنها مقبرة جهانكير بن أكبر شاه، المتوفى سنة 1037هـ بشاهدره، على أربعة أميال من لاهور، بناها ولده شاهجهان من حمر الحجارة وبيضها، على ربوة كبيرة، مرتفعة من حمر الحجارة، وفرشوها بأنواع الحجارة الحسنة، لا يكاد يوجد لها نظير، وبنوا قبره على ضفة ربوة صغيرة، داخل بناء عال، من الأحجار الثمينة، كالعقيق، واللازورد، والنيلم، والسليماني، والزهرمهره، والمرجان، والإبري وغيرها، وهذا مما لا يوجد له نظير.»[42]

مآثر جهانكير

شخصيته وصفاته

يقول المؤرخ أحمد محمود الساداتي في كتابه «تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية وحضارتهم»: «لولا محنة الشراب الي ابتلي بها جهانكير لأفادت الهند منه خيرًا كثيرًا. فلقد كان لهذا السلطان الكثير من صفات أبيه العالية التي أرادها له حين حرص على تزويده بالكثير من العلم والمعرفة والفضائل فنهج نهج التسامح المطلق في حكمه وقرب إليه المسلمين والهنادكة على السواء، ولاطف الأوروبيين ومبشريهم حين قدموا إليه.»[41] ويقول المؤرخ عبد المنعم النمر في كتابه «تاريخ الإسلام في الهند»: «ومن المسلم به بين المؤرخين أن جهانكير لم يكن في عزم أبيه وقوة شخصيته، بل كان يغلب عليه التردد والاستسلام لمن يثق به، وكان ومفرطًا في شرب الخمر وتعاطي الأفيون حتى أفسد صحته في أواخر حياته.»[43]

ثقافته

يقول عبد الحي بن فخر الدين الحسني في كتابه «الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام»: «وكان جهانكير رحيمًا حليمًا كريمًا شاعرًا لطيف الطبع حسن المعاشرة ظريف المحاضرة حسن الصورة سليم الذهن باهر الذكاء فصيح العبارة».[8] صنف جهانكير كتاباً في أخباره، على غرار ما فعل آباؤه في الغالب، وضمنها الكثير من أعماله ومشاهداته وسماه «تزك جهانگيري» أي «يوميات جهانكير».[41] يقول عبد المنعم النمر: «وتعتبر يومياته من أهم ما تركه، فإن مذكرات يكتبها الملك يومًا، فيومًا، يدون فيها حوادثه وخواطره، ويكشف للناس ما استتر عنهم وراء الحجب الملكية لتعتبر من أمتع ما يقرأ، كما تعتبر من أهم المصادر لمعرفة اتجاهات الملك ونفسيته، ومن خلالها يمكن للقارئ أن يعيش معه في حربه وسلمه، في قصره الخاص ومع الناس، في لهوه وجده، في مجالس الحكم وفي ميادين الصيد يطارد الوحوش، ويدون ملاحظاته عليها، ومما يزيد هذه اليوميات قيمة ما دونه من أشياء تؤخذ عليه ولم يحاول إخفاءها.»[43] ويقول أحمد محمود الساداتي: «ويؤكد صدق روايته عمومًا، ما كتبه معاصروه من الأوروبيين عن هذه البلاد حين زاروها.»[41] ويقول عبد الحي الحسني: «صنف كتابًا في أخباره وسماه تزك جهانگيري وهو مقبول متداول في أيدي الناس.».[8] ومن مصنفات جهانكير «پندنامه» بالفارسية في أوراق عديدة، ضمنه نصائحه لأبنائه.[43][8]

وكان أديبًا شاعرًا.[43] من أبياته بالفارسية:[8]

اَزْ مَنْ مَتابْ رُخْ كِه نيمِ تو يِک‌ْنَفَسْیِکْ‌دِلْ شِكَسْتَنْ تو بِصَدْ خونْ بَرابَرْ اَسْتْ

وله:

جامِ مِیْ را بَرْ رُخْ گُلْزارْ می‌بايَدْ كِشيدْاَبْرْ بِسْيارْ اَسْتْ مِیْ بِسْيارْ می‌بايد كِشيدْ

وله:

ما نامِه بِبَرْگِ گُلْ نِوشتيمْشایَد كه صبا بِاو رِسانَدْ


نزعاته الدينيَّة

مُنمنمة لِلسُلطان جهانكير وهو يدعو الله.

ورث جهانكير عن والده ملكًا مستقرًا ثابتًا واسع الأرجاء، لكنه وجد أيضًا ما أثاره أبوه من أبحاث وأعمال من الناحية الدينية كانت موضع غضب الكثير من رعيته المسلمين، ولم يكن جهانكير على شاكلة أبيه من هذه الناحية، فقد كان صحيح العقيدة في الإسلام، يحترم الدين وتعاليمه وعلمائه، فحرص منذ بداية حكمه إلى إعادة الإسلام إلى مكانته في شبه القارة الهندية وسارع إلى إبطال ما أثاره أبوه خلافًا للشريعة الإسلامية، فألغى الدين الإلهي والأفكار التي قامت حوله، فهدأت بذلك نفوس المسلمين.[44][45] وصف العالم الهندي أبو الحسن علي الحسني الندوي جهانكير بكونه لا يعدو أن يكون مسلمًا ساذجًا سني العقيدة، ويرى نفسه مسؤولًا عن حماية عقائد المسلمين والحفاظ عليها. وكان فيه نوع من سلامة القلب وحسن السيرة ورسوخ العقيدة، ولم يكن يفكر إطلاقًا في تنفيذ دين جديد -كوالده-، إنما كان منصرفًا مثل جده إلى الترف والبذ وحياة اللهو.[46]

رافق جهانكير أحد أشهر العلماء المسلمين وهو أحمد السرهندي والذي كان من أشد المعارضين للدين الإلهي وما خلفه من آثار، وسعى لإزالة الآثار التي خلفتها حكومة أكبر.[47][48][49] ويشير المؤرخون أن مرافقة جهانكير لهذا العالم أثرت فيه، فنشأت لديه نزعة دينية، فاعتنى بتعمير المساجد المنهدمة من جديد، وشغف بإقامة المدارس الدينية، وأبطل القوانين المعارضة للشريعة الإسلامية، وعين القضاة والمحستبين في مختلف المدن الهندية، وما ظهر منه في عام 1031هـ/1622م بمناسبة فتح قلعة كانكره من عواطف إسلامية، وإظهار شعائر الإسلام فيها.[50][48] يقول جهانكير في كتابه «تزك جهانكيري»: «فخرجنا يوم 24 من شهر دي(1) المذكور للتفرج والنزخة في قلعة (كانكره)، فأمرنا أن يرافقنا القاضي ومير عدل وغيرهما من العلماء، ليظهروا في هذه القلعة شعائر الدين الإسلامي، وأحكام الشريعة المحمدية، على سبيل الإيجاز، ووصلنا بعد سير فرسخ واحد إلى ذورة القلعة، فأمرت -بتوفيق الله تعالى- بالأذان، فأُذن، ثم ألقيتُ خطبة، وأمرتُ بذبح البقرة -ولم يتفق ذلك قطُّ منذُ بِناء هذه القلعة- ثم خَررتُ للهِ ساجدًا على أن وفَّقني إلى لم يُوفق إليه أيَّ سُلطان قَبل، وأَمرتُ ببناء مسجد واسع في داخل القلعة.»[51]

الدولة في عهده

إصلاحاته الإداريَّة والاجتماعيَّة

دستور أمل

الفن والثقافة

نُمُوّ التجارة مع أوروپَّا

زوجاته وأولاده

شجرة نسب جهانكير.

في التُراث الشعبي والثقافة العامَّة

مراجع

هوامش

باللغتين العربيَّة والفارسيَّة

  1. مُوسى الشريف، مُحمَّد بن حسن بن عُقيل (1415هـ - 1995م). المُختار المصون من أعلام القُرُون (الطبعة الأولى). جدَّة - السُعُوديَّة: دار الأندلُس الخضراء. صفحة 1194 - 1195. مؤرشف من الأصل في 16 أيَّار (مايو) 2020م.
  2. وصلة : معرف المكتبة الوطنية الفرنسية (BnF) — تاريخ الاطلاع: 31 أغسطس 2016
  3. طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1428هـ - 2007م). تاريخ مغول القبيلة الذهبيَّة والهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 261.  . مؤرشف من الأصل في 13 مايو 202013 أيَّار (مايو) 2020م.
  4. النمر، عبد المنعم (1401هـ - 1981م). تاريخ الإسلام في الهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: المُؤسسة الجامعيَّة لِلدراسات والنشر والتوزيع. صفحة 298 - 300. مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 201914 مايو (أيار) 2020م.
  5. الساداتي، أحمد محمود (1957). تاريخ المُسلمين في شبه القارَّة الهنديَّة وحضارتهم ( كتاب إلكتروني PDF ). الجزء الثاني. القاهرة: مكتبة الآداب. صفحة 114. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 12 يوليو 2019.
  6. الندوي، أبو الحسن علي الحسني (المتوفى في سنة 1420هـ/1999م); ترجمه عن الأردية: سليمان الحسيني الندوي (1428هـ - 2007م). رجال الفكر والدعوة في الإسلام ( كتاب إلكتروني PDF ). الجُزء الثالث (الطبعة الثالثة). دمشق-بيروت: دار ابن كثير. صفحة 85-86. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 3 يوليو 201914 مايو (أيار) 2020م.
  7. الحسني، عبد الحي بن فخر الدين (المتوفى في سنة 1341هـ/1923م) (1420هـ - 1999م). الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ«نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر»، الجزء الخامس (الطبعة الأولى). بيروت - لبنان: دار ابن حزم. صفحة 543. مؤرشف من الأصل في 17 ديسمبر 201914 مايو (أيار) 2020م.
  8. الحسني، عبد الحي بن فخر الدين (المتوفى في سنة 1341هـ/1923م) (1420هـ - 1999م). الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ«نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر»، الجزء الخامس (الطبعة الأولى). بيروت - لبنان: دار ابن حزم. صفحة 516-517. مؤرشف من الأصل في 17 ديسمبر 201914 مايو (أيار) 2020م.
  9. الشيَّال، جمالُ الدين (1421هـ - 2001م). تاريخ دولة أباطرة المغول الإسلاميَّة في الهند ( كتاب إلكتروني PDF ) (الطبعة الأولى). بورسعيد - مصر: مكتبة الثقافة الدينيَّة. صفحة 124. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 20 يونيو 201914 مايو (أيار) 2020م.
  10. الندوي، أبو الحسن علي الحسني (المتوفى في سنة 1420هـ/1999م); ترجمه عن الأردية: سليمان الحسيني الندوي (1428هـ - 2007م). رجال الفكر والدعوة في الإسلام ( كتاب إلكتروني PDF ). الجُزء الثالث (الطبعة الثالثة). دمشق-بيروت: دار ابن كثير. صفحة 325. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 3 يوليو 201914 مايو (أيار) 2020م.
  11. الشيَّال، جمالُ الدين (1421هـ - 2001م). تاريخ دولة أباطرة المغول الإسلاميَّة في الهند ( كتاب إلكتروني PDF ) (الطبعة الأولى). بورسعيد - مصر: مكتبة الثقافة الدينيَّة. صفحة 92. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 20 يونيو 201914 مايو (أيار) 2020م.
  12. الساداتي، أحمد محمود (1957). تاريخ المُسلمين في شبه القارَّة الهنديَّة وحضارتهم ( كتاب إلكتروني PDF ). الجزء الثاني. القاهرة: مكتبة الآداب. صفحة 137. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 12 يوليو 2019.
  13. نوَّار، عبدُ العزيز سُليمان (1998). تاريخ الشعوب الإسلاميَّة ( كتاب إلكتروني PDF ). بيروت - لُبنان: دار الفكر العربي. صفحة 528 - 531. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 7 يونيو 201916 أيار (مايو) 2020م.
  14. الساداتي، أحمد محمود (1957). تاريخ المُسلمين في شبه القارَّة الهنديَّة وحضارتهم ( كتاب إلكتروني PDF ). الجزء الثاني. القاهرة: مكتبة الآداب. صفحة 164. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 12 يوليو 2019.
  15. طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1428هـ - 2007م). تاريخ مغول القبيلة الذهبيَّة والهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 249.  . مؤرشف من الأصل في 16 مايو 202030 حُزيران (يونيو) 2019م.
  16. الشيَّال، جمالُ الدين (1421هـ - 2001م). تاريخ دولة أباطرة المغول الإسلاميَّة في الهند ( كتاب إلكتروني PDF ) (الطبعة الأولى). بورسعيد - مصر: مكتبة الثقافة الدينيَّة. صفحة 125. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 20 يونيو 201914 مايو (أيار) 2020م.
  17. طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1428هـ - 2007م). تاريخ مغول القبيلة الذهبيَّة والهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 262.  . مؤرشف من الأصل في 13 مايو 202030 حُزيران (يونيو) 2019م.
  18. الساداتي، أحمد محمود (1957). تاريخ المُسلمين في شبه القارَّة الهنديَّة وحضارتهم ( كتاب إلكتروني PDF ). الجزء الثاني. القاهرة: مكتبة الآداب. صفحة 168-169. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 12 يوليو 2019.
  19. النمر، عبد المنعم (1401هـ - 1981م). تاريخ الإسلام في الهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: المُؤسسة الجامعيَّة لِلدراسات والنشر والتوزيع. صفحة 303. مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 201918 مايو (أيار) 2020م.
  20. الشيَّال، جمالُ الدين (1421هـ - 2001م). تاريخ دولة أباطرة المغول الإسلاميَّة في الهند ( كتاب إلكتروني PDF ) (الطبعة الأولى). بورسعيد - مصر: مكتبة الثقافة الدينيَّة. صفحة 124 - 126. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 20 يونيو 201918 مايو (أيار) 2020م.
  21. طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1428هـ - 2007م). تاريخ مغول القبيلة الذهبيَّة والهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 263-264.  . مؤرشف من الأصل في 13 مايو 202018 أيَّار (مايو) 2020م.
  22. الساداتي، أحمد محمود (1957). تاريخ المُسلمين في شبه القارَّة الهنديَّة وحضارتهم ( كتاب إلكتروني PDF ). الجزء الثاني. القاهرة: مكتبة الآداب. صفحة 169 - 170. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 12 يوليو 2019.
  23. الشيَّال، جمالُ الدين (1421هـ - 2001م). تاريخ دولة أباطرة المغول الإسلاميَّة في الهند ( كتاب إلكتروني PDF ) (الطبعة الأولى). بورسعيد - مصر: مكتبة الثقافة الدينيَّة. صفحة 126. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 20 يونيو 201914 مايو (أيار) 2020م.
  24. الشيَّال، جمالُ الدين (1421هـ - 2001م). تاريخ دولة أباطرة المغول الإسلاميَّة في الهند ( كتاب إلكتروني PDF ) (الطبعة الأولى). بورسعيد - مصر: مكتبة الثقافة الدينيَّة. صفحة 126 - 128. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 20 يونيو 201920 مايو (أيار) 2020م.
  25. طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1428هـ - 2007م). تاريخ مغول القبيلة الذهبيَّة والهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 264-265.  . مؤرشف من الأصل في 19 مايو 202020 أيَّار (مايو) 2020م.
  26. الساداتي، أحمد محمود (1957). تاريخ المُسلمين في شبه القارَّة الهنديَّة وحضارتهم ( كتاب إلكتروني PDF ). الجزء الثاني. القاهرة: مكتبة الآداب. صفحة 170 - 171. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 12 يوليو 2019.
  27. النمر، عبد المنعم (1401هـ - 1981م). تاريخ الإسلام في الهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: المُؤسسة الجامعيَّة لِلدراسات والنشر والتوزيع. صفحة 301 - 302. مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 201918 مايو (أيار) 2020م.
  28. طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1428هـ - 2007م). تاريخ مغول القبيلة الذهبيَّة والهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 265 - 267.  . مؤرشف من الأصل في 19 مايو 202019 أيَّار (مايو) 2020م.
  29. الشيَّال، جمالُ الدين (1421هـ - 2001م). تاريخ دولة أباطرة المغول الإسلاميَّة في الهند ( كتاب إلكتروني PDF ) (الطبعة الأولى). بورسعيد - مصر: مكتبة الثقافة الدينيَّة. صفحة 128 - 130. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 20 يونيو 201914 مايو (أيار) 2020م.
  30. الساداتي، أحمد محمود (1957). تاريخ المُسلمين في شبه القارَّة الهنديَّة وحضارتهم ( كتاب إلكتروني PDF ). الجزء الثاني. القاهرة: مكتبة الآداب. صفحة 171 - 172. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 12 يوليو 2019.
  31. الحسني، عبد الحي بن فخر الدين (المتوفى في سنة 1341هـ/1923م) (1420هـ - 1999م). الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ«نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر»، الجزء الخامس (الطبعة الأولى). بيروت - لبنان: دار ابن حزم. صفحة 660 - 661. مؤرشف من الأصل في 23 مايو 202014 مايو (أيار) 2020م.
  32. الشيَّال، جمالُ الدين (1421هـ - 2001م). تاريخ دولة أباطرة المغول الإسلاميَّة في الهند ( كتاب إلكتروني PDF ) (الطبعة الأولى). بورسعيد - مصر: مكتبة الثقافة الدينيَّة. صفحة 132 - 133. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 20 يونيو 201914 مايو (أيار) 2020م.
  33. الساداتي، أحمد محمود (1957). تاريخ المُسلمين في شبه القارَّة الهنديَّة وحضارتهم ( كتاب إلكتروني PDF ). الجزء الثاني. القاهرة: مكتبة الآداب. صفحة 176 - 178. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 12 يوليو 2019.
  34. النمر، عبد المنعم (1401هـ - 1981م). تاريخ الإسلام في الهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: المُؤسسة الجامعيَّة لِلدراسات والنشر والتوزيع. صفحة 304 - 305. مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 201918 مايو (أيار) 2020م.
  35. طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1428هـ - 2007م). تاريخ مغول القبيلة الذهبيَّة والهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 270 - 271.  . مؤرشف من الأصل في 29 مايو 202013 أيَّار (مايو) 2020م.
  36. غازي، محمود أحمد (2009). تاريخ الحركة المُجدديَّة: دراسة تاريخيَّة تحليليَّة لِحياة الإمام المُجدِّد أحمد بن عبد الأحد السرهندي المعروف بِمُجدِّد الألف الثاني (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتُب العلميَّة. صفحة 139 - 140.  . مؤرشف من الأصل في 28 مايو 2020.
  37. طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1428هـ - 2007م). تاريخ مغول القبيلة الذهبيَّة والهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 271 - 273.  . مؤرشف من الأصل في 29 مايو 202013 أيَّار (مايو) 2020م.
  38. الساداتي، أحمد محمود (1957). تاريخ المُسلمين في شبه القارَّة الهنديَّة وحضارتهم ( كتاب إلكتروني PDF ). الجزء الثاني. القاهرة: مكتبة الآداب. صفحة 174 - 176. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 12 يوليو 2019.
  39. طقُّوش، مُحمَّد سُهيل (1428هـ - 2007م). تاريخ مغول القبيلة الذهبيَّة والهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 273-274.  . مؤرشف من الأصل في 19 مايو 202026 أيَّار (مايو) 2020م.
  40. النمر، عبد المنعم (1401هـ - 1981م). تاريخ الإسلام في الهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: المُؤسسة الجامعيَّة لِلدراسات والنشر والتوزيع. صفحة 306. مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 201926 مايو (أيار) 2020م.
  41. الساداتي، أحمد محمود (1957). تاريخ المُسلمين في شبه القارَّة الهنديَّة وحضارتهم ( كتاب إلكتروني PDF ). الجزء الثاني. القاهرة: مكتبة الآداب. صفحة 180-181. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 12 يوليو 2019.
  42. الحسني، عبد الحي بن فخر الدين (1422هـ/2001م). الهِندُ في العَهدِ الإِسلاميِّ ( كتاب إلكتروني PDF ). الهند: دار عرفات. صفحة 383. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 20 مايو 2020.
  43. النمر، عبد المنعم (1401هـ - 1981م). تاريخ الإسلام في الهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: المُؤسسة الجامعيَّة لِلدراسات والنشر والتوزيع. صفحة 308-309. مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 201927 مايو (أيار) 2020م.
  44. النمر، عبد المنعم (1401هـ - 1981م). تاريخ الإسلام في الهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: المُؤسسة الجامعيَّة لِلدراسات والنشر والتوزيع. صفحة 307. مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 201927 مايو (أيار) 2020م.
  45. محفوظ، حازم محمد أحمد (1425هـ - 2004م). إزدهار الإسلام في شبه القارة الهندية (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: الدار الثقافية للنشر. صفحة 59.  . مؤرشف من الأصل في 27 مايو 202027 أيار (مايو) 2020م.
  46. الندوي، أبو الحسن علي الحسني (المتوفى في سنة 1420هـ/1999م); ترجمه عن الأردية: سليمان الحسيني الندوي (1428هـ - 2007م). رجال الفكر والدعوة في الإسلام ( كتاب إلكتروني PDF ). الجُزء الثالث (الطبعة الثالثة). دمشق-بيروت: دار ابن كثير. صفحة 163-164. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 3 يوليو 201927 مايو (أيار) 2020م.
  47. العفاني، سيد حسين (1426هـ - 2005م). زهرة البساتين من مواقف العلماء الربانيين، الجزء الثاني. القاهرة - مصر: دار العفاني. صفحة 74. مؤرشف من الأصل في 17 ديسمبر 201927 تموز (يوليو) 2019م.
  48. الشيَّال، جمالُ الدين (1421هـ - 2001م). تاريخ دولة أباطرة المغول الإسلاميَّة في الهند ( كتاب إلكتروني PDF ) (الطبعة الأولى). بورسعيد - مصر: مكتبة الثقافة الدينيَّة. صفحة 118 - 120. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 20 يونيو 201927 مايو (أيار) 2020م.
  49. غازي، محمود أحمد (2009م). تاريخ الحركة المجددية: دراسة تاريخية تحليلية لحياة الإمام المجدد أحمد بن عبد الأحد السرهندي المعروف بمجدد الألف الثاني وعمله الإصلاحي التجديدي الذي قام به في شبه القارة مع ترجمة لبعض رسائله وكتاباته المختارة (الطبعة الأولى). بيروت - لبنان: دار الكتب العلمية. صفحة 129 - 133.  . مؤرشف من الأصل في 27 مايو 202027 أيار (مايو) 2020م.
  50. الندوي، أبو الحسن علي الحسني (المتوفى في سنة 1420هـ/1999م); ترجمه عن الأردية: سليمان الحسيني الندوي (1428هـ - 2007م). رجال الفكر والدعوة في الإسلام ( كتاب إلكتروني PDF ). الجُزء الثالث (الطبعة الثالثة). دمشق-بيروت: دار ابن كثير. صفحة 174. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 3 يوليو 201927 مايو (أيار) 2020م.
  51. الندوي، أبو الحسن علي الحسني (المتوفى في سنة 1420هـ/1999م); ترجمه عن الأردية: سليمان الحسيني الندوي (1428هـ - 2007م). رجال الفكر والدعوة في الإسلام ( كتاب إلكتروني PDF ). الجُزء الثالث (الطبعة الثالثة). دمشق-بيروت: دار ابن كثير. صفحة 325-326. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 3 يوليو 201927 مايو (أيار) 2020م.

بلغاتٍ أجنبيَّة

  1. Henry Beveridge, Akbarnama of Abu'l Fazl Volume II (1907), p. 503
  2. Andrew J. Newman, Twelver Shiism: Unity and Diversity in the Life of Islam 632 to 1722 (Edinburgh University Press, 2013), online version: p. 48: "Jahangir [was] ... a Sunni."
  3. John F. Richards, The Mughal Empire (Cambridge University Press, 1995), p. 103
  4. "Jahāngīr". Encyclopædia Britannica. مؤرشف من الأصل في 24 يوليو 20182 يونيو 2018.
  5. Singh, Pashaura; Fenech, Louis E., المحررون (2014). The Oxford handbook of Sikh studies. Oxford University Press. صفحة 647.  .
  6. Jahangir (1909–1914). The Tūzuk-i-Jahangīrī Or Memoirs Of Jahāngīr. تُرجم بواسطة Alexander Rogers; Henry Beveridge. London: Royal Asiatic Society. صفحة 1. مؤرشف من الأصل في 05 مارس 201619 نوفمبر 2017.
  7. Majumdar, R.C. (ed.)(2007). The Mughul Empire, Mumbai: Bharatiya Vidya Bhavan, p.179
  8. Sen, Sailendra (2013). A Textbook of Medieval Indian History. Primus Books. صفحة 165.  .
  9. Shahnaj Husne Jahan. "Tajpur Fort". Banglapedia: National Encyclopedia of Bangladesh. Asiatic Society of Bangladesh.
  10. Khan, Muazzam Hussain. "Khwaja Usman". Banglapedia: National Encyclopedia of Bangladesh. Asiatic Society of Bangladesh.
  11. Lobato, Manuel. Relações comerciais entre a Índia e a costa africana nos séculos XVI e XVII (باللغة البرتغالية). صفحة 168.
  12. "মৌলভীবাজারের ঐতিহাসিক গয়ঘর খোজার মসজিদ" (باللغة البنغالية). Moulvibazar: The Dhaka Times. 15 June 2016. مؤرشف من الأصل في 23 مارس 201923 فبراير 2019.
  13. Eraly, Abraham. (2004). The Mughal Throne: The Saga of India's Great Emperors. p. 259. London: Phoenix. (ردمك )
  14. Prasad, Beni. (1922). History of Jahangir. p. 227. London: H Milford, Oxford University Press. OCLC 5530634 - تصفح: نسخة محفوظة 29 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
  15. Chandra, Satish (2006), Medieval India: From Sultanat to the Mughals (1206–1526) p. 123, 2, Har-Anand Publications
  16. Majumdar, R.C. (ed.) (2007). The Mughul Empire, Mumbai: Bharatiya Vidya Bhavan, , pp.415–45
  17. Shyam, Radhey (1966). The Kingdom of Ahmadnagar. Motilal Banarsidass Publ. صفحة 241.  . مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  18. Tumbe, Chinmay (2018). India Moving: A History of Migration. Penguin Random House India Private Limited. صفحة 29.  . مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2020.
  19. Narayan, Kirin (22 November 2016). Everyday Creativity: Singing Goddesses in the Himalayan Foothills.  . مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2020.
  20. Sen, Sailendra (2013). A Textbook of Medieval Indian History. Primus Books. صفحات 165–166.  .
  21. "Jahangir's Conquest of Kangra and Kistwar". preservearticles.com. مؤرشف من الأصل في 18 أيَّار (مايو) 2020م18 أيَّار (مايو) 2020م.
  22. Renuka Nath (1 January 1990). Notable Mughal and Hindu women in the 16th and 17th centuries A.D. Inter-India Publications. صفحة 67.  . مؤرشف من الأصل في 23 مايو 2020.
  23. Eraly, Abraham (2000). Emperors of the Peacock Throne: The Saga of the Great Mughals. Penguin Books India. صفحة 272.  .
  24. Chandra, Satish (2005). Medieval India: From Sultanat to the Mughals Part - II. Har-Anand Publications. صفحة 237.  .
  25. Ali Q (Beg, Istajlu, Sher Afgan Khan) Ain-i-Akbari, by Abul Fazl, tr. Heinrich Blochmann, The Asiatic Society of Bengal., Calcutta, 1873. Volume I, chpt. 310, "'Alí Q.'s daughter, who, like her mother, had the name of Mihrunnisa, was later married to Prince Shahryar, Jahángír's fifth son.". Istajlu (Ustajlu), a Turkmen tribe surname نسخة محفوظة 19 يوليو 2018 على موقع واي باك مشين.
  26. Burton, Audrey (1997). The Bukharans:a dynastic, diplomatic, and commercial history, 1550–1702. Palgrave Macmillan. صفحة 159.  . مؤرشف من الأصل في 28 أكتوبر 2016.
  27. "KANDAHAR iv. From The Mongol Invasion Through the Safavid Era". Encyclopædia Iranica. مؤرشف من الأصل في 26 مايو 202013 أكتوبر 2011.
  28. Kohn, George C. (2007). Dictionary of wars. Infobase Publishing. صفحة 337.  . مؤرشف من الأصل في 27 ديسمبر 2019.
  29. Chandra, Satish (2005). Medieval India:from Sultanat to the Mughals. 2. Har-Anand Publications. صفحة 242.  . مؤرشف من الأصل في 23 ديسمبر 2019.
  30. Chandra, Satish (2005). Medieval India:from Sultanat to the Mughals. 2. Har-Anand Publications. صفحة 221.  . مؤرشف من الأصل في 23 ديسمبر 2019.
  31. Burton, Audrey (1997). The Bukharans:a dynastic, diplomatic, and commercial history, 1550–1702. Palgrave Macmillan. صفحة 160.  . مؤرشف من الأصل في 04 يوليو 2014.
  32. Burton, Audrey (1997). The Bukharans:a dynastic, diplomatic, and commercial history, 1550–1702. Palgrave Macmillan. صفحة 162.  . مؤرشف من الأصل في 04 يوليو 2014.

وصلات خارجية

موسوعات ذات صلة :