أبو جعفر هارون بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور، بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي (149 هـ - 193 هـ)، الخليفة العباسي الخامس. ولد في مدينة الري عام 149 هـ (766) وتوفي في مدينة طوس (مشهد اليوم) عام 193 هـ (809). بويع بالخلافة ليلة الجمعة التي توفي فيها أخوه موسى الهادي عام 170 هـ وكان عمره آنذاك 22 سنة. وأمه الخيزران بنت عطاء وهي أم ولد يمانية جرشية.[1]
هارون الرشيد | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
الرشيد | |||||||
دينار عباسي ضرب عند تولي الرشيد الخلافة عام 170هـ
| |||||||
الخليفة العباسي الخامس | |||||||
معلومات عامة | |||||||
الكنية | أبو جعفر | ||||||
الاسم الكامل | هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب | ||||||
الفترة | 23 سنة 786 - 809 (170 - 193 هـ) |
||||||
الـتـتـويج | 786 / 170 هـ | ||||||
|
|||||||
معلومات شخصية | |||||||
تاريخ الولادة | 766 / 149 هـ | ||||||
مكان الولادة | الري، إقليم الجبال، الدولة العباسية | ||||||
تاريخ الوفاة | 809 / 193 هـ (44 سنة) | ||||||
مكان الوفاة | طوس (مشهد)، خراسان | ||||||
زوج(ه) | زبيدة بنت جعفر · مراجل · قصف · ماردة · أمة العزيز · رثم · أم محمد · عزيزة بنت صالح · الجرشية · العثمانية | ||||||
الأبـنــاء | الذكور: محمد الأمين · عبد الله المأمون · محمد المعتصم · القاسم · أحمد السبتي · العبدان · علي · صالح · محمد أبو يعقوب · محمد أبو عيسى · محمد أبو العباس · محمد أبو علي
|
||||||
الأم | الخيزران بنت عطاء | ||||||
الأب | محمد المهدي | ||||||
الإخوة | موسى الهادي · إبراهيم · عبد الله · علي · عبيد الله · منصور · إسحاق · يعقوب · العباسة · علية بنت المهدي | ||||||
الـسـلالـة | العباسيون | ||||||
الـــديـــــانــة | مسلم سني |
يعتبر هارون الرشيد من أشهر الخلفاء العباسيين، وأكثرهم ذكرا حتى في المصادر الأجنبية كالحوليات الألمانية في عهد الإمبراطور شارلمان التي ذكرته باسم (ارون)، والحوليات اليابانية والصينية التي ذكرته باسم (الون)، أما المصادر العربية فقد أفاضت الكلام عنه لدرجة أن أخباره قد امتزجت فيها حقائق التاريخ بخيال القصص، ولا سيّما كتاب "ألف ليلة وليلة" التي صورته بالخليفة المسرف في الترف والملذات، وأنه لا يعرف إلا اللهو وشرب الخمور ومراقصة الغانيات. والواقع أن هذا الخليفة كان من خيرة الخلفاء فقد كان يحج عامًا ويغزو عامًا، وذكر أنه كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات، ويتصدق بألف، وكان يحب العلماء، ويعظم حرمات الدين، ويبغض الجدال والكلام، ويبكي على نفسه ولهوه وذنوبه، لا سيما إذا وعظ.[2] وقد تم فتح الكثير من البلدان في زمنه، واتسعت رقعة الإسلام واستتب الأمن وعم الرخاء وكثر الخير بما لا نظير له ثم إن هذا الخليفة كان حسن السيرة والسريرة.[3]
كذلك كان يصور بصورة الخليفة الحذر الذي يبث عيونه وجواسيسه بين الناس ليعرف أمورهم وأحوالهم، بل كان أحيانًا يطوف بنفسه متنكرًا في الأسواق والمجالس ليعرف ما يقال فيها.[4] والواقع هذه الصورة المتباينة للرشيد ما هي إلا انعكاس للعصر الذي عاش فيه بمحاسنه ومساوئه، وهو العصر العباسي الأول أو العصر الاسلامي الذهبي.[4] وقد تميز عصره بالحضارة والعلوم والازدهار الثقافي والديني، وأسس المكتبة الأسطورية بيت الحكمة في بغداد، وبدأت بغداد خلال فترة حكمه بالازدهار كمركز للمعرفة والثقافة والتجارة.[5]
حياته قبل الخلافة
هارون الرشيد هو ابن الخليفة محمد المهدي من زوجته الخيزران بنت عطاء التي كان لها نفوذ كبير في الدولة، ولد هارون عام 149 هـ (766م) في مدينة الري التي أصبحت جزءاً من إقليم الجبال في فترة الدولة العباسية. وكان والده واليًا على المدينة. تربى الرشيد مع أولاد الأمراء والقادة في الدولة العباسية ومع إخوته بالرضاعة، الفضل وجعفر أولاد يحيى البرمكي الذي صار له مكانة عظمى بالدولة العباسية، وفي عام 151 هـ وبعد وفاة جعفر الابن الأكبر للخليفة أبو جعفر المنصور عادت أسر المهدي إلى بغداد، وقد أصبح المهدي وليًا للعهد. وعاش الرشيد طفولة هادئة ومستقرة في ظلّ رعاية والده وجده، وكان ممن تولى تربيته وتعليمه عالم النحو علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي الكوفي المعروف (الكسائي)، الذي ظل معه حتى وفاته ثم صار أيضًا معلمًا لابن الرشيد محمد الأمين. كما تولى تربيته وتعليمه المعلم المفضل الضبي الذي صنف للمهدي كتاب "المفضليات".[6]
في عام 158 هـ توفي أبو جعفر المنصور وأصبح المهدي في منصب الخلافة ودفع بابنه هارون للتدرب على الفروسية والرمي وفنون القتال، [6] وقال محمد بن علي الخراساني: "الرشيد أول خليفة لعب بالصوّالجة والكرة، ورمى النشاب في البرجاس، وأول خليفة لعب بالشطرنج من بني العباس".[7]
عندما أصبح هارون شابًا يافعًا، عينه والده قائدًا في الجيش الذي يضم العديد من قادة الكبار وأمراء الدولة، وكان عمر هارون وقتها لا يتجاوز الخمس عشر عامًا، وخرج الجيش عام 163 هـ إلى أراضي الروم وتوغل فيها وأظهر هارون براعة في قيادته وحاصر قلعة رومية اسمها "سمالوا" ثمانية وثلاثين يومًا حتى انتهى الأمر بفتحها، وعاد الرشيد بالجيش سالمًا محملًا بالغنائم، فاستقبله أهل بغداد وكافأه المهدي بتوليته بلاد أذربيجان وأرمينية.
وفي عام 165 هـ تزوج الرشيد ابنة عمه زبيدة بنت جعفر، وبعد الزواج بفترة قصيرة، أرسله والده المهدي لقيادة جيش آخر لغزو الروم، مكون من 95,793 رجل. وصل جنود الرشيد خليج البحر المطل على القسطنطينية، وكانت حاكمتهم يومئذ أيرين زوجة أليون الملقبة (أغسطه)، وهي وصية العرش لابنها قنسطنطين البالغ من العمر تسع سنوات، فطلبت الصلح من الرشيد، بعد أن رأت القتل في الروم، على أن تدفع له سبعين ألف دينار كل سنة، فقبل ذلك منها وأرسلت معه الهدايا لوالده الخليفة المهدي وتعاهدت مع الرشيد على هدنة ثلاث سنين. فقال في ذلك مروان بن أبي حفصة:
أطفت بقسطنطينية الروم مسندا | إليها القنا حتى اكتسى الذل سورها | |
وما رمتها حتى أتتك ملوكها | بجزيتها والحرب تغلي قدورها |
عاد هارون من تلك الغزوة إلى بغداد وقد فرح المهدي بانتصار ابنه وأطلق عليه لقب الرشيد، وأخذ له البيعة كولي للعهد بعد أخيه الأكبر موسى الهادي، فأصبح هارون الرشيد ولي العهد الثاني[8]
ولاية العهد ومبايعة أخيه الهادي
كانت الخيزران تحب ابنها هارون، وترغب في تقديمه على أخيه الهادي في ولاية العهد لما رأته فيه من بطولة وذكاء وحكمة، بالرغم من كون الاثنين ولديها، ولأن الخليفة المهدي كان يحب الخيزران حبًا كبيرًا، فعزم على تنفيذ رغبتها ونقل ولاية العهد من ولده موسى الهادي إلى هارون الرشيد، فأرسل في طلب ولده الهادي للحضور لديه وكان مقيمًا في جرجان.
لكن الهادي علم أن أباه يريد خلعه من ولاية العهد، فلم يمتثل لأمر أبيه وظل مقيمًا في جرجان، فغضب المهدي منه وجهز جيشًا وتوجه إلى جرجان ومعه ابنه هارون الرشيد، لكنه توفي في ماسبذان. فصلى عليه هارون ودفنه.[9] وأرسل هارون إلى أخيه الهادي بخاتم الخلافة وهنأه بالخلافة، وأخذ البيعة من الأمراء وقادة الجيش وعامة الشعب. وتسلم الهادي أمر الخلافة وتوجه إلى بغداد لممارسة مهام عمله وأخذ البيعة بنفسه وكان ذلك في عام 168 هـ. ولم تستمر مدة خلافته سوى سنة وثلاثة أشهر.
محاولة الهادي لخلع هارون من ولاية العهد
لم ينازع الرشيد أخاه الهادي من توليه الخلافة، ولم يدخل معه في صراع، لأنه يعلم أن الصراع على السلطة والحكم مِعول هدم للخلافة الإسلامية التي سعى العباسيون إليها، إلا أن أخاه الهادي أراد عزل الرشيد عن ولاية العهد وجعلها لابنه جعفر من بعده، وهذا يتطلب تنازل الرشيد عن ولاية العهد ومبايعة الولي الجديد.
أصبح الهادي ينتقد تصرفات أخيه الرشيد في مجالسه ويبدي عدم رضاه عنه، بل وطلب منه أكثر من مرة أن يتنازل عن ولاية العهد، فقد ذكر الطبري في تاريخه أن الهادي بعث إلى يحيى البرمكي، وكان أشد المناصرين للرشيد ليلا ولكن يحيى يشك أن الهادي سوف يقتله لدرجة أنه ودع أهله، وتحنط وجدد ثيابه، فلما أدخل عليه، قال له الهادي: يا يحيى، ما لي ولك! قَالَ: أنا عبدك يا أمير المؤمنين، فما يكون من العبد إلى مولاه إلا طاعته. قَالَ: فلم تدخل بيني وبين أخي وتفسده علي! قَالَ: يا أمير المؤمنين، من أنا حتى أدخل بينكما! إنما صيرني المهدي معه، وأمرني بالقيام بأمره، فقمت بما أمرني به، ثم أمرتني بذلك فانتهيت إلى أمرك، قَالَ: فما الذي صنع هارون؟ قَالَ: ما صنع شيئًا، ولا ذلك فيه ولا عنده. فسكن غضب الهادي.[10]
وسبب هذا الحوار أن الهادي قد علم أن يحيى البرمكي كان يشجع الرشيد على عدم التنازل عن ولاية العهد، ولذلك تكرر تحذير الهادي له أكثر من مرة، إلا أن يحيى البرمكي ظل معاونًا للرشيد يشجعه على عدم التنازل عن ولاية العهد بعد أن رأى أن الرشيد لا يريد أن يدخل في صراع على السلطة والخلافة مع أخيه، وانتهى الأمر بأن أصدر الهادي أمرًا باعتقال يحيى البرمكي، فظل في السجن حتى وفاة الهادي وأخرجته الخيزران ليكون الوزير المقرب من الرشيد.
توليه الخلافة
بويع الرشيد بالخلافة ليلة الجمعة التي توفي فيها أخوه موسى الهادي (14 ربيع الأول 170 هـ / 14 سبتمبر 786م) وكان عمر الرشيد وقتها اثنتين وعشرين سنة، [11] وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف متباعدة، تمتد من وسط آسيا حتى المحيط الأطلسي، معرضة لظهور الفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحاسمة يفرض سلطانها الأمن والسلام، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلاً لهذه المهمة الصعبة في وقت كانت فيه وسائل الاتصال صعبة، ومتابعة الأمور شاقة.
بتولي الرشيد الحكم، بدأ عصر زاهر كان واسطة العقد في تاريخ الدولة العباسية التي دامت أكثر من خمسة قرون، ارتقت فيه العلوم، وسمت الفنون والآداب، وعمَّ الرخاء ربوع الدولة الإسلامية، ولقد أمسك هارون الرشيد بزمام هذه الدولة وهو في نحو الثانية والعشرين من عمرهِ، فأخذ بيدها إلى ما أبهر الناس من مجدها وقوتها وازدهار حضارتها.
اتخذ الرشيد يحيى البرمكي وزيره الأول، وأبناؤه من خلفه، وفوض إليه أمر الرعية. وفي ذلك قال إبراهيم الموصلي:
ألم تر أن الشمس كانت سقيمة | فلما ولي هارون أشرق نورها | |
بيمن أمين الله هارون ذي الندي | فهارون واليها ويحيى وزيرها |
أمر هارون يحيى بأن يشاور والدته الخيزران بكل شيء، فكانت هي المشاورة في الأمور كلها، فتبرم وتحل وتمضي وتحكم. ورزق الرشيد في يوم خلافته بابنه محمد الأمين من زوجته زبيدة.
من أعماله
- أصدر الرشيد عند توليه الخلافة عفوا عامًا عن كل من كان هاربًا أو مستخفيًا عدا بعض الزنادقة.[12]
- كما استعمل مدينة الرقة عاصمة رديفة.
- أنشأ ما يعرف ببيت الحكمة في بغداد[13] وزودها بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من مختلف بقاع الأرض. وكانت تضم غرفًا عديدة تمتد بينها أروقة طويلة، وخُصصت بعضها للكتب، وبعضها للمحاضرات، وبعضها الآخر للناسخين والمترجمين والمجلدين.
- كما تمت في عهده أول ترجمة إلى العربية لأشهر كتاب علمي عرف في التاريخ وهو "كتاب الأصول (الأركان) في الهندسة والعدد لإقليدس [13].
- تطورت العلوم خصوصًا الفيزياء الفلكية والتقنية، وابتكرت عدد من الاختراعات كالساعة المائية.[14]
- أنشئ في عهده أول مصنع للورق ببغداد سنة 795 م، وصار سوق الوراقين لاحقًا الذي يضم مئات الحوانيت التي تبيع السلع الورقية الفاخرة مفخرة عاصمة العباسيين، وكان ورق بغداد يقدر تقديرًا عاليًا في المنطقة، حتى أن بعض المصادر البيزنطية تسمي الورق بصحف بغداد (Bagdatixon) في ربط مباشر بينه وبين مدينة بغداد[15]
- اهتم هارون الرشيد بالإصلاحات الداخلية، فبنى المساجد الكبيرة والقصور الفخمة، وفي عهده استعملت القناديل لأول مرة في إضاءة الطرقات والمساجد.
- اعتنى الرشيد أيضًا بالزراعة ومؤسسة نظامها، فبنت حكومته الجسور والقناطر الكبيرة، وحفرت الترع والجداول الموصلة بين الأنهار، وأسس ديوانًا خاصًا للإشراف على تنفيذ تلك الأعمال الإصلاحية.
- من أعماله أيضًا تشجيع التبادل التجاري بين الولايات وحراسة طرق التجارة بين المدن، وقد شيّد مدينة الواقفة قرب مدينة الرقة على ضفاف الفرات لتكون مقرًا صيفيًا لحكمه.[14]
- أنشأ هارون الرشيد أكبر مستشفى في عصره، سماها باسمه "مستشفى الرشيد" في بغداد، ضمت في كادرها أمهر الأطباء، وتولى إدارتها كل من يوحنا بن ماسويه وجبريل بن بختيشوع، وكانت أشهر مستشفى في العالم القديم[16].
بغداد الرشيد
غدت بغداد قبلة طلاب العلم من جميع البلاد، يرحلون إليها حيث كبار الفقهاء والمحدثين والقراء واللغويين، وكانت المساجد الجامعة تحتضن دروسهم وحلقاتهم العلمية التي كان كثير منها أشبه بالمدارس العليا، من حيث غزارة العلم، ودقة التخصص، وحرية الرأي والمناقشة، وثراء الجدل والحوار. كما جذبت المدينة الأطباء والمهندسين وسائر الصناع. وكان الرشيد نفسه يميل إلى أهل الأدب والفقه والعلم، حتى ذاع صيت الرشيد وطبق الآفاق ذكره، وأرسلت بلاد الهند والصين وأوروبا رسلها إلى بلاطهِ تخطب وده، وتطلب صداقته، ويقول عبد الحي شعبان أن جل المؤرخين العالميين يعدون "بغداد في عهد الرشيد العصر الذهبي للحضارة الإسلامية العربية"[17].
لم تشتهر مدينة في التراث الإنساني الأممي، كما أشتهرت "بغداد" وأرتبط اسمها للأبد باسمي "ألف ليلة وليلة" و"هارون الرشيد" وباتا علامة حضارية كبرى في كل أرجاء المعمورة. —محسن مهدي[18] |
تصديه للفتن والثورات الداخلية
إخماد ثورات الخوارج
ظهرت طائفة الخوارج أثناء القتال الذي جرى بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، واستمر خروج هذه الطائفة على خلفاء بني أمية وبني العباس، لكنهم لم يكونوا بالخطورة التي كانوا عليها في العصور السابقة أثناء عصر الرشيد لذلك سهل على الرشيد القضاء على ثوراتهم. كانت أول ثورة قام بها الخوارج قادها الفضل بن سعيد الحروري، لكنه قتل بعد فترة وجيزة من خروجه. ثم الصحصح الخارجي بالجزيرة فتصدى له والي الجزيرة، لكنه انهزم أمامه وسار الصحصح إلى الموصل فقاومه عسكر المدينة بباجرمي، لكنهم لم يتمكنوا منه وعاد إلى الجزيرة، فأرسل له الرشيد جيشًا لحقه بدورين فقتله وقضى على ثورته.
في سنة 178 هـ خرج الوليد بن طريف التغلبي بالجزيرة فدخل إلى أرمينية وحاصر مدينة خلاط عشرين يومًا، فافتدوا منه أنفسهم بثلاثين ألفًا. ثم سار إلى أذربيجان ثم إلى أرض حلوان وأرض السواد، ثم عبر إلى غرب دجلة وقصد مدينة بلد وافتدى أهلها منه بمائة ألف، وبقي في أرض الجزيرة؛ فأرسل إليه الرشيد قائده يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني الذي واجه الوليد وانتصر عليه وقضى على ثورته وانتهت الأزمة بمقتل الوليد. في عام 179 هـ خرج حمزة بن أترك السجستاني وعظم أمره عام 185 هـ عندما عاث فسادًا في بادغيس بخراسان؛ فتصدى له عيسى بن علي بن عيسى وقتل الكثير من أعوانه وهرب حمزة إلى كابل. في سنة 191 هـ خرج ثروان بن سيف في سواد العراق فتصدى له طوق بن مالك مما أدى إلى فرار ثروان ولم يعد له من أثر يذكر.[19]
إنهاء الفتن الداخلية
ظهرت حركات استقلالية في دولة الخلافة، ترغب في الاستقلال وتصدى لها الرشيد وقضى عليها. في سنة 178 هـ قامت طائفة من قيس وقضاعة على والي مصر فقاتلوه؛ فبعث لهم الرشيد هرثمة بن أعين فقاتلهم حتى أذعنوا له الطاعة وأدوا ما عليهم من الخراج، كذلك أخمد هرثمة فتنة قامت في أفريقيا بقيادة عبدويه الأنباري، وكان الفضل فيها يعود ليحيى البرمكي الذي كاتب عبدويه ووعده الأمان إن استجاب له فاستسلم عبدويه ووفى له يحيى بالأمان.
ظهرت بعض الفتن في عام 176 هـ في الشام بين القبائل المضرية واليمانية، ودامت المعارك بينهما دهرًا طويلًا؛ فأرسل الرشيد جيشًا أنهى تلك الفتنة عام 177 هـ. في عام 185 هـ خرج أبو الخصيب وهيب بن عبد الله النسائي واحتل أبيورد وطوس ونيسابور ثم هزم في مرو، وخرج إليه علي بن عيسى بن ماهان، وواجهه وقضى عليه عام 186 هـ[20]
الرشيد والبرامكة
لما ولي هارون الرشيد الخلافة عرف ليحيى فضله عليه فاستوزره وزارة تفويض وهي الوزارة التي تستغني عن تواقيع الخليفة، على عكس وزارة التنفيذ التي يباشرها الخليفة بنفسه. قام يحيى البرمكي بإدارة شؤون الدولة خير قيام وكان يساعده في ذلك ولَداه الفضل وجعفر، أما الفضل فقد كان إداري ماهر، وكانت مهارته في إخماد ثورة يحيى بن عبد الله العلوي دون أن يسفك دمًا، كذلك كان كريمًا سخيًا، وقد ولاه الرشيد بلاد المشرق (خراسان وطبرستان وأرمينيا وبلاد ما وراء النهر)، قام الفضل هناك بأعمال إنشائية عظيمة الشأن من حفر القنوات وبناء المساجد والزوايا فحسنت سيرته في تلك البلاد.
أما جعفر البرمكي وهو أصغر سنًا من الفضل، فقد ولاه الرشيد على الجزيرة والشام ومصر وأفريقية، وكان محبوبًا لدى الرشيد فاستبقاه في بغداد كي يكون قريبًا منه، وهذه الثقة الكبيرة التي أولاها الرشيد لجعفر البرمكي جعلت له نفوذًا في الدولة.[21]
أعطى الرشيد البرامكة سلطات واسعة، وأفسح لهم المجال في الإشراف على جميع مرافق الحياة العامة: في الإدارة والعلوم والفنون.[22]
نكبة البرامكة
- مقالة مفصلة: نكبة البرامكة
على الرغم من اهتمام المؤرخين بهذه الحادثة، إلا أن أسبابها ودوافعها ظلت غامضة ومجهولة، وأشار المؤرخون أمثال الطبري واليعقوبي وأبو الفداء والمسعودي، أن سبب غضب الرشيد على البرامكة وسخطه عليهم أمر مختلف فيه، وقد ذكر المؤرخون العديد من الأسباب واختلفوا في تعليلها وأخذوا يرجحون بعضها على بعض.[23]
الأقرب إلى الواقع أن نكبة البرامكة ترجع إلى حد كبير إلى ذلك الصراع الخفي الذي كان قائمًا بين حزبي العرب والعجم، والذي ظل مستمرًا بعد ذلك أيام الأمين والمأمون. في عهد الرشيد يظهر الصراع بين العرب والعجم بوضوح، حينما عهد إلى ابنه الأمين بولاية العهد من بعده سنة 175 هـ، وذلك تحت تأثير الحزب العربي الممثل في زوجته زبيدة بنت جعفر وحاجبه الفضل بن الربيع، وكان الأمين في الخامسة من عمره مما يدل على أنها كانت لها دلالة خاصة، وهي ضمان الخلافة للعصبية العربية، ولم يرض الجانب الفارسي، وعلى رأسه البرامكة بهذا الوضع، فأخذوا يسعون لدى الرشيد حتى نجحوا في جعله يعهد إلى ولده المأمون بولاية العهد بعد الأمين سنة 182 هـ، على أن يتولى المأمون ولاية المشرق بعد وفاة أبيه بمعنى أن خلافة الأمين بعد وفاة والده تصبح على بلاد المشرق خلافة صورية، والمعروف أن المأمون كان من أم فارسية ولهذا أيده البرامكة.[24]
في سنة 186 هـ، حج الرشيد ومعه أبناؤه الأمين والمأمون، وهناك في البيت الحرام (أي الكعبة)، أخذ عليهما المواثيق المؤكدة بأن يخلص كل منهما لأخيه وأن يترك الأمين للمأمون كل ما عهد إليه من بلاد المشرق، ثغورها وكورها وجندها وخراجها وبيوت أموالها وصدقاتها وعشورها وبريدها، وسجل الرشيد هذه المواثيق على شكل مراسيم وعلقها في الكعبة لتزيد في قدسيتها، ويؤكد تنفيذها كما كتب منشورًا عامًا بهذا المعنى للآفاق. وبذلك ضمن العرب الخلافة للعربي النسب والعجم بزعامة البرامكة ضمنوا الشرق لرجل أخواله عجم.[25]
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أخذ العرب يوغرون صدر الرشيد ضد البرامكة ويحذرونه من استبدادهم بالأمر وخلعهم له، وصار الرشيد يتلقى رقاعًا غفلا من التوقيع تصور خطورة الحالة، أدت كثرة الدسائس إلى إفزاع الرشيد وجعلته يشعر بأنه صار مغلوبًا على أمره، وأن البرامكة شاركوه في سلطانه بشكل أخل بتوازن الدولة وسلامتها، مما اضطره إلى التخلص منهم، والعباسيون عمومًا كانوا حساسين من هذه الناحية السياسية ولهذا قتلوا كل من شكوا في إخلاصه.[26]
عاقب الرشيد البرامكة جميعًا، وزج بهم في السجن، وصادر أموالهم ومنع الشعراء من رثائهم، وتوفي يحيى والفضل في السجن قبل وفاة الرشيد، أما سائر البرامكة فقد عفا عنهم الأمين بعد ذلك.[24] وهكذا تنتهي نكبة البرامكة بانتصار العرب هذه المرة، وقد تولى الوزارة بعدهم الفضل بن الربيع نصير الحزب العربي كما تولى الرشيد أمور الحكم بنفسه حيث كان يتنقل في أرجاء دولته ويقود الجيوش ضد الثائرين وضد البيزنطيين.[26]
يقول المؤرخ مصطفى جواد في موقفه من البرامكة: "لعل أغرب ما وهم فيه المؤرخون، فعمى عليهم سبب تدمير هارون الرشيد للبرامكة أنهم عدوا بني برمك دعاة للعلويين، والمشكلة التاريخية إذا استبهم جانب منها تشعبت فيها الظنون واختلفت الآراء واضطربت الأحكام. ولو علم المؤرخون أن البرامكة تقربوا إلى الرشيد بالسعي على العلويين والسعي بهم وتبغيضهم لوجدوا إلى سبب تلك الفتكة الهامشية سبيلًا، وعلى الجلية دليلًا، وعلموا أنهم إنما حق عليهم العذاب ودمرهم الله تدميرًا، بل وإن السبب الحقيقي وراء قضاء هارون الرشيد عليهم، هو تدبيرهم لقتل موسى بن جعفر، وولوغهم في دماء بني علي، وطلبوا الزلفى بتعذيبهم وأعلوا مراتبهم بخفض العصبية الهاشمية واجتثاث الشجرة النبوية. ولقد جرؤوا بإلحادهم وسوء سيرتهم أن جعفرهم حز رأس حبيسه العلوي عبد الله الشهيد بن الأفطس، في يوم النوروز وأهداه إلى الرشيد في طبق الهدايا، فلما رفعت المكبة من فوق الطبق ورأى الرشيد رأس بن عمه استعظم ذلك، فقال له جعفر: ما علمت أبلغ في سرورك من حمل رأس عدوك وعدو آبائك إليك. وكان الرشيد قد حبسه عند جعفر وأمره بأن يوسع عليه. وقال ذات يوم: اللهم أكفنيه، على يد ولي من أوليائي وأوليائك. فلم يجد هذا الشقي الكفاية إلا بقتله صبرًا، لا سيف يذود به عن نفسه ولا بنو علي حوله يحوطونه ويكلآونه ولا شفيع يرد عنه بؤم الزنادقة، وهو الذي شهد وقيعة "فخ" متقلدًا سيفين يذود بهما عن سيده. فلما أسر، أخذه الرشيد وحبسه عند جعفر، فضاق صدره بالحبس، وكتب إلى الرشيد رقعة يشتمه فيها شتمًا قبيحًا، فلم يلتفت الرشيد إلى ذلك، لأنه عالم بالعزة العلوية والاستبسال الهاشمي، ولم يأمر إلا بالتوسع عليه والترفيه عنه فكان من أمره مع جعفر البرمكي ما كان"، [27] ويقول المؤرخ فاروق عمر فوزي في تبعات هذه التفصيلة "ويظهر أن الرواة خلطوا في رواياتهم بين يحيى الحسني وموسى الكاظم، حيث نسبت المناظرات وظروف القتل مرة إلى الأول ومرة إلى الثاني، ولعل معاصرتهما للرشيد وتقارب زمن وفاتهما أدت إلى هذه الشبهات بين الرجلين"[28].
سياسته الخارجية
الإمبراطورية البيزنطية
كانت علاقة الرشيد بالإمبراطورية البيزنطية علاقة حرب وعداء كما كانت على عهد أبيه وجده، ولقد واصل هارون الرشيد استكمال تحصينات ثغوره المتاخمة للدولة البيزنطية، وأقام منطقة جديدة بين شمال الجزيرة وشمال بلاد الشام، أطلق عليها اسم منطقة العواصم، وجعل قاعدتها مدينة منبج في شمال شرق حلب، ورتب فيها جيشًا دائمًا، كذلك اهتم بمنطقة الثغور الشامية التي على الحدود بين آسيا الصغرى وسوريا؛ فعمّر فيها طرسوس وأضنة وعين زربه (ناورزا)، كما أقام فيها حصونًا جديدة، مثل حصن الهارونية بين مرعش وعين زربه، اهتم الرشيد بمناطق الثغور وولى عليها ابنه الثالث أبا القاسم الملقب بالمؤتمن، كذلك اهتم الرشيد بتقوية الجيش العباسي حتى صار من أقوى جيوش العالم في ذلك الوقت، ثم وجه الحملات المتكررة على المواقع البيزنطية في آسيا الصغرى.[29]
كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبهِ ضد الروم، فلما ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريبًا. وأضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت إيريني ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة 181 هـ، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم نقفور الأول، الذي خلف إيريني في سنة 186 هـ [30]، وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أما بعد، فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ (القلعة في الشطرنج)، وأقامت نفسها مقام البَيْدق (الجندي في الشطرنج)، فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقًا بحمل أمثالها إليها، لكن ذلك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وأفتدِ نفسك بما يقع به المبادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك".
فلما قرأ هارون هذه الرسالة غضب غضبًا شديدًا ورد عليها برسالة مماثلة قال فيها: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، والجواب ما تراه دون ما تسمعه، والسلام". خرج هارون الرشيد على رأس جيش كبير بلغ تعداده 135 ألفًا، سوى الأتباع والمطوعة وتوغل في آسيا الصغرى حتى وصل هرقلة عاصمة كورة بيثينيا فحاصرها واستولى عليها عنوة سنة 806 م، وأعقب ذلك توجيه حملات متلاحقة بقيادة كبار قواده، أمثال داود بن عيسى وشراحيل بن معن بن زائدة ويزيد بن مخلد، هزمت جيوش البيزنطيين ودمرت حصونهم، واضطر الإمبراطور نقفور أن يتناسى خطابه ويعترف بهزيمته ويتعهد بدفع الجزية من جديد وفي ذلك يقول الطبري: "وبعث نقفور إلى الرشيد بالخراج والجزية عن رأسه وولي عهده وبطانته وسائر أهل بلده خمسين ألف دينار منها عن رأسه أربعة دنانير، وعن رأس ابنه استبراق (هوستوراكيوس) بدينارين كما تعهد بأن لا يعيد ترميم الحصون التي دمرها الرشيد".
ويبدو أن الضربات التي وجهها الرشيد إلى الدولة البيزنطية كانت عنيفة وحاسمة، بدليل أنها لم تحاول الاستفادة بعد ذلك من الفتنة التي دبت بين الأمين والمأمون في استعادة ما فقدته في عهد الرشيد.[31]
الإمبراطورية الرومانية المقدسة
- مقالة مفصلة: التحالف العباسي الكارولينجي
اشتهرت شخصية الرشيد في أوروبا نتيجة لعلاقته الودية مع إمبراطور الدولة الرومانية المقدسة شارلمان (768 - 814 م)، بودلت بينهما السفارات، والبعثات الدبلوماسية المتنوعة كما وردت في الحوليات الملكية الكارولنجية "Carolingian Royal Annales" في المدة التي بين 797 - 806 م، أرسل شارلمان ثلاث سفارات مختلفة إلى البلاط العباسي في بغداد وفي المقابل أرسل الرشيد بعثتان تجاريتان على الأقل إلى أوروبا، [32] ففي عام 801 م وصلت أولى البعثات العباسية إلى بيزا بشمال إيطاليا[33] تبعتها سفارة ثانية إلى آخن بألمانيا[33] ولا شك أن المصالح السياسية كانت وراء هذا التفاهم الودي بين الملكين، فقد أراد شارلمان من وراء هذا الحلف أن يضعف من نفوذ إمبراطور الدولة البيزنطية، واستغل الرشيد هذا الحلف ضد أعدائه البيزنطيين والأمويين في الأندلس على السواء.[34] كانت تلك البعثات المتبادلة بين الملكين مرفقة عادة بالهدايا الوافرة وقد اختار شارلمان المنتجات القيمة من أقمشة ملكية فاخرة وأرسلها مع سفرائه إلى الرشيد، أراد شارلمان توسيع صادرات الأقمشة من فرنسا إلى أراضي الدولة العباسية، وبالتالي تعزيز التجارة في مملكته، ورد عليها الرشيد بأن أرسل إلى شارلمان عطورًا وأقمشة وفيلًا ولوحة شطرنج وساعة مائية، كما عرض عليه الخليفة أن يكون حاميًا للأماكن المسيحية المقدسة في بيت المقدس.[32]
ساعة الرشيد وشارلمان
يذكر أن الساعة المائية التي أرسلها الرشيد إلى شارلمان، مصنوعة من النحاس الأصفر بارتفاع نحو أربعة أمتار وتتحرك بواسطة قوة مائية، وعند تمام كل ساعة يسقط منها عدد من الكرات المعدنية يتبع بعضها البعض الآخر بحسب عدد الساعات فوق قاعدة نحاسية؛ فتحدث رنينًا جميلًا في أنحاء القصر الإمبراطوري، كانت الساعة مصممة بحيث يفتح باب من الأبواب الإثني عشر المؤدية إلى داخل الساعة، ويخرج منه فارس يدور حول الساعة ثم يعود إلى المكان الذي خرج منه، وعندما تحين الساعة الثانية عشر يخرج اثنا عشر فارسًا مرة واحدة، يدورون دورة كاملة ثم يعودون من حيث أتوا، وتغلق الأبواب خلفهم، أثارت الساعة دهشة الملك وحاشيته، واعتقد الرهبان أن في داخل الساعة شيطان يسكنها ويحركها، وجاؤوا إلى الساعة أثناء الليل، وأحضروا معهم فؤوسا وحطموها إلا أنهم لم يجدوا بداخلها شيئا سوى آلاتها، وقد حزن الملك شارلمان حزنًا بالغًا، واستدعى حشدًا من العلماء والصناع المهرة لمحاولة إصلاح الساعة وإعادة تشغيلها، لكن المحاولة فشلت، فعرض عليه بعض مستشاريه أن يخاطب الخليفة هارون الرشيد ليبعث فريقًا عربيًا لإصلاحها، فقال شارلمان "إنني أشعر بخجل شديد أن يعرف ملك بغداد أننا ارتكبنا عارًا باسم فرنسا كلها"[35]
غير أن السفارات المتبادلة بين الرشيد وشارلمان قد ذكرت في المصادر الأوروبية فقط، ويرجع بعض المؤرخين الأوروبيين أمثال بارتولد وبروكلمان أن بعض التجار العرب الذين ذهبوا إلى مدينة إكس لاشابيل (آخن) قاعدة شارلمان، انتحلوا صفة السفراء الناطقين باسم الرشيد لدى شارلمان من غير تفويض، ولهذا لم يرد ذكرهم في المراجع العربية، وكان اعتماد الجانبين في أداء هذه المهام الدبلوماسية على العلماء والفقهاء في أغلب الأحيان.[34]
المغرب والأندلس
أما عن سياسة الرشيد نحو المغرب والأندلس، فكانت تقوم على سياسة الاعتراف بالأمر الواقع في تلك البلاد وعدم الخوض في مغامرات غير مأمونة العواقب كما فعل أبوه المهدي وجده المنصور، ولهذا، اكتفى بمحالفة جارهم القوي شارلمان، كما أقام في أفريقية دولة مستقلة في نطاق التبعية للخلافة العباسية وهي دولة الأغالبة، التي كانت بمثابة ثغر عباسي أو دولة حاجزة لحماية أطرافه الغربية من أخطار الخوارج، والأدارسة، والأمويين، فضلًا عن البيزنطيين، ولم يلبث إبراهيم بن الأغلب مؤسس هذه الدولة أن شرع في بناء مدينة جديدة على بعد ثلاثة أميال جنوبي القيروان سماها العباسية، وجعلها قاعدة لإمارته سنة 800 م - 183 هـ.[31]
أسرته
تزوج الرشيد زبيدة بنت جعفر وهي ابنة عمه. ورغم أن الرشيد قد تزوج أكثر من امرأة إلا أن زبيدة كانت أهم الزوجات لديه. ومن زوجاته أيضا أمة العزيز وأم محمد ابنة صالح المسكين بنت عمه سليمان بن أبي جعفر، وتزوج أيضا ابنة عبد الله التي تعود بالنسب إلى عثمان بن عفان وتلقب الجرشية لأنها ولدت بجرش باليمن، ومن زوجاته أيضا عزيزة بنت صالح وهي بنت خاله أخو أمه الخيزران. هذا بخلاف الجواري ملك اليمين، حيث كان وجود الجواري والحظايا أمرًا معروفًا في ذلك الوقت، وخاصة عند الملوك والأمراء وكبار القوم.[36]
ولد لهارون الرشيد عشرة أبناء واثنتا عشر بنتًا. أما الأبناء فهم: محمد الأمين من زوجته زبيدة، وعبد الله المأمون من جارية فارسية اسمها مراجل، والقاسم بن الرشيد وأمه قصف، وأبو إسحاق محمد المعتصم بالله ووالدته تركية اسمها ماردة خاتون، وأحمد السبتي وعلي من زوجته أمة العزيز، وصالح من جارية اسمها رثم، ومحمد أبو يعقوب ومحمد أبو عيسى ومحمد أبو العباس ومحمد أبو علي وهؤلاء من أمهات أولاد.
أما بنات الرشيد فهن: سكينة أخت القاسم، وأم حبيبة أخت المعتصم من ماردة خاتون، وأروى وأم الحسن وحمدونة وفاطمة وأمها عفص، وأم سلمة وخديجة وأم القاسم رملة وأم علي وأم الغالية وريطة وكلهن من أمهات أولاد.[37]
اهتمامه بالعلماء والأدباء
كان الرشيد مثقفا ثقافة عربية واسعة وكان يملك أدبًا رفيعًا وتذوقًا للشعر، لذلك قيل: كان فهم الرشيد فهم العلماء. وكانت مجالسه تملأ الشعراء والعلماء والفقهاء والأطباء والموسيقيين، [38] وكان كثيرًا ما يناقش العلماء والأدباء، كذلك كان ينقد الشعر والشعراء. كان يقول: "البلاغة، التباعد عن الإطالة، والتقرب من معنى البغية، والدلالة بالقليل على المعنى"، [39] قال عنه الذهبي: "وكان يحب العلماء، ويعظم حرمات الدين، ويبغض الجدال والكلام، ويبكي على نفسه ولهوه وذنوبه لا سيما إذا وعظ" ويقول الخطيب البغدادي: "وكان يحب الفقه والفقهاء، ويميل إلى العلماء"، [40] ومن أشهر الأدباء الذين عاصروا الرشيد وحضروا مجالسه الشاعر الكبير أبو العتاهية وأبو سعيد الأصمعي. ومن علماء الدين الذين عاشوا في عصره الإمام الشافعي صاحب المذهب الشافعي والإمام مالك بن أنس صاحب المذهب المالكي في الفقه الذي التقى بالرشيد حين قصد الخليفة منزله بالمدينة المنورة وقرأ عليه الإمام كتاب الموطأ[41] وعلى الصعيد العلمي، دعم الرشيد عالم الكيمياء المشهور جابر بن حيان وأسس وتلامذته منهج التجربة في العلوم.[42]
كان العلماء يبادلونه التقدير، روي عن الفضيل بن عياض أنه قال: (ما من نفس تموت أشد علي موتًا من أمير المؤمنين هارون، ولوددت أن الله زاد من عمري في عمره)، فقال في ذلك أحد أصحاب الفضيل: (فكبر ذلك علينا فلما مات هارون الرشيد وظهرت الفتن، وكان من ذلك في عهد المأمون عندما حمل الناس على القول بخلق القرآن قلنا الشيخ كان أعلم بما تكلم).
وفاته
كان الرشيد رغم كل هذه الأعمال التي قام بها يشعر في قرارة نفسه بقلة الحيلة أمام المنافسات والتيارات الخفية في داخل مملكته، وأن نكبة البرامكة لم تكن حلًا للموقف، فهناك ولداه الأمين والمأمون يضمران النقمة لبعضهما البعض، ومن ورائهما حزبا العرب والعجم ينتظران خاتمة الرشيد ليستأنفا نضالهما من جديد، لذلك كان الرشيد في أواخر أيامه وحيدًا حزينًا يخفي علته عن الناس، إذ يؤثر عنه أنه كشف عن بطنه لأحد أصدقائه فاذا عليها عصابة من حرير ثم قال له: "هذه علة اكتمها عن الناس كلهم وكل واحد من ولدي علي رقيب، وما منهم أحد إلا وهو يحصي أنفاسي ويستطيل دهري" و اشتدت العلة بالرشيد وهو في طريقه إلى خراسان للقضاء على ثورة رافع ابن الليث وتوفي بمدينة طوس (مشهد الحالية في شمال شرق إيران) ودفن بها في جمادى الآخر في سنة 193 هـ / 809م)[43]
ضريحه
- مقالة مفصلة: ضريح هارون الرشيد
ذكر سالم الالوسي أن أحمد حسن البكر في بداية حكمه، طالب إيران باسترجاع رفات هارون الرشيد، كونه رمزًا لبغداد في عصرها الذهبي، وذلك بدعوة وحث من عبد الجبار الجومرد وزير الخارجية العراقي السابق في عهد عبد الكريم قاسم، ولكن إيران امتنعت، وبالمقابل طلبت استرجاع رفات الشيخ عبد القادر الجيلاني، كونه من مواليد كيلان في إيران، وعندها طلب الرئيس من مصطفى جواد بيان الأمر، فأجاب مصطفى جواد: إن المصادر التي تذكر بأن الشيخ عبد القادر من مواليد كيلان في إيران، مصادر تعتمد رواية واحدة وتناقلتها بدون دراسة وتحقيق، أما الأصوب فهو من مواليد قرية تسمى (الجيل) قرب المدائن، ولا صحة لكونه من إيران أو أن جده اسمه جيلان، وهو ما أكده حسين علي محفوظ في مهرجان جلولاء الذي أقامه اتحاد المؤرخين العرب وكان الألوسي حاضرًا أيضًا سنة 1996، وفعلًا أبلغت مملكة إيران بذلك ولكن بتدخل من دولة عربية أغلق الموضوع.[44] ويروى [45] عن علي الرضا: "وكان موته بمدينة طوس، فصلى المأمون عليه ودفنه عند قبر أبيه الرشيد". إنَّ المكان الذي فيه الضريح والذي كان سابقًا دارًا لحميد بن قحطبة الطائي أحد قواد أبي مسلم الخراساني، وعندما توفي هارون الرشيد عام 193هـ دفن في هذا المكان وأقام ولده المأمون على قبره قبة سميّت فيما بعد (القبة الهارونية). ولما توفي الرضا مسمومًا، جيء بجثمانه ودفن بالقرب من قبر هارون الرشيد، والثابت أن ضريح هارون الرشيد في طوس (مشهد) مشترك مع ضريح علي الرضا.[46][47]
صفاته
كان من أنبل الخُلفاء، وأحشم الملوك، ذا حجًّ وجهاد، وغزوٍ وشجاعةٍ ورأي. وكان أبيض طويلاً، جميلاً، وسيماً، إلى السَّمن، ذا فصاحة وعلمٍ وبصرٍ بأعباء الخلافة، وله نظر جيد في الأدب والفقة، قد وَخَطَه الشَّيب. قيل: إنه كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات، ويتصدق بألف، وكان يحب العلماء، ويعظم حرمات الدين، ويبغض الجدال والكلام، ويبكي على نفسه ولهوه وذنوبه، لا سيما إذا وُعِظ. وكان يحب المديح، ويجيز الشعراء، ويقول الشعر. وقد دخل عليه مرة ابن السماك الواعظ، فبالغ في إجلاله، فقال: تواضعك في شرفك أشرف من شرفك، ثم وعَظَهُ، فأبكاه. ووعظه الفُضَيل مرةً حتى شهق في بكائه.[48]
الإرث الثقافي
ألف ليلة وليلة
- مقالة مفصلة: ألف ليلة وليلة
في معظم حكايات ألف ليلة وليلة“ يقدم الخليفة العباسي هارون الرشيد في صورة الأمير الضجر الذي يطلب السلوى فيأتيه وزيره جعفر البرمكي ببعض رواة العصر وسمّاره، مثل الأصمعي وأبي نواس وإسحاق الموصلي، يروون له أغرب ما سمعوا أو شهدوا من القصص والأخبار، أو يدفعه الأرق إلى التماس السلوى بالطواف ليلاً في أنحاء العاصمة العباسية، وتفقد أحوال الرعية.
وعندئذ يقدم إلينا الرشيد وقد تنكر في زي التجار، وتنكر معه بعض رفاق سمره وضجره الذين يلازمونه، مثل وزيره جعفر وسيافه مسرور، ومغنيه إسحاق وغيرهم، وعندئذ يطوف الجميع معًا أحياء بغداد، فتسوقهم المقادير إلى بقعة أو منزل يقعون فيه على أغرب المشاهد، ويسمعون أغرب القصص والروايات.
ومن القصص التي نسبت إلى عصر الرشيد قصة السندباد البحري الشهيرة وسفراته السبع. أما القصص التي اتخذ لها الرشيد بطلًا فهي عديدة منها قصة “قوت القلوب” الجارية الحسناء التي شغف بها الرشيد، ومنها قصة الرشيد مع خليفة الصياد، وقصته مع البنت العربية التي أنشدت أبياتًا أعجب بها، ثم طلب منها تغيير القافية واستبقاء المعنى، فغيرتها مرارًا في مقطوعات عجيبة فأعجب بها وتزوجها.
وثمة طائفة أخرى من القصص لا يبدو فيها الرشيد بطل القصة الأصلي، ولكنه يكتشف هذا البطل أثناء طوافه في أحياء بغداد، ومن هذه القصص قصة الشاب العماني الذي أضاع ثروته على الغواني وقصة محمد بن علي الجوهري. وفي مناسبات أخرى يستمع الرشيد إلى سمّاره وندمائه مثل الأصمعي وإسحاق حتى يصيبه الأرق.. وهكذا نجد الرشيد في “ألف ليلة وليلة” بطلًا من أبطال القصة، أسبغت عليه الصفات المبهرة والتي أسبغت على أبطال "ألف ليلة وليلة" الخياليين.
في معظم هذه القصص نرى شخصية الرشيد تحتفظ بكثير من صفاتها التاريخية المعروفة من الجود والتواضع والنبل والفروسية وشغف البذخ والتقى والورع وحب العلماء والعلم وغيره مما تؤيده المصادر التاريخية الحقة، بيد أن طائفة أخرى من الوقائع والصفات المبتكرة نسبت إلى الرشيد لكي تستكمل صورة بطل القصة الحقيقي.
والحق أن كتاب "ألف ليلة وليلة" قد أسبغ على هارون الرشيد وعصره روعة وشهرة وبهاءًا لم تزده القرون إلا تخليدًا ورسوخًا، وقد أثرت هذه الصورة في الآداب الغربية التي ترجم إلى لغاتها الكتاب، حيث بات هارون الرشيد أشهر الخلفاء المسلمين على الإطلاق في الغرب الذي تعرّف إليه من خلال قصص "ألف ليلة وليلة"[49][50].
هارون الرشيد في السينما والتلفاز
جسدت شخصية هارون الرشيد في عدة أعمال تلفازية منها:
- مسلسل هارون الرشيد عن قصة حياته من إخراج المصري أحمد توفيق ولقد جسد الدور الممثل نور الشريف.
- مسلسل هارون الرشيد (مسلسل 2018) من إخراج عبد الباري أبو الخير وجسد دور هارون الرشيد الفنان قصي خولي.
- مسلسل أبناء الرشيد من إخراج التونسي شوقي الماجري ولقد جسد الدور الممثل رشيد عساف.
- مسلسل أعقل المجانين ولقد قام بتجسيد الدور الممثل محمد خير الجراح.
- مسلسل الإمام عن شخصية الإمام أحمد بن حنبل قام بتجسيد الدور سلوم حداد من إخراج عبد الباري أبو الخير.
- مسلسل عصر الأئمة عن سيرة الأئمة الثلاثة الشافعي ومالك وابن حنبل وقام بدوره الممثل حلمي فودة.
من أقواله
- يا أيتها الغمامة أمطري حيث شئتِ، فإن خراجكِ لي.
- من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم.. إن الجواب ما ترى، لا ما تسمع.
- من شاور كثر صوابه.
- كل ذهب وفضة الأرض لا يبلغ ثمن نخلة في البصرة.
- انقل المعركة إليهم، ولا تدعهم يحضرونها إليك.[51].
وصلات داخلية
- الخلافة العباسية
- الرشيد، سير أعلام النبلاء، الحافظ الذهبي
وصلات خارجية
- عرض كتاب: هارون الرشيد ولعبة الأمم، المعرفة، الجزيرة نت، 26 سبتمبر 2005
- أهم الأحداث في حياة هارون الرشيد حسب موقع فهرس.نت
- أمير المؤمنين هارون الرشيد من موقع باوزير العباسية الهاشمية
- الرشيد.. والعصر الذهبي للدولة العباسية
- موقع الأشراف العباسيون في العالم
- المؤرخ مصطفى جواد وموقفه من نكبة البرامكة_مجلة الرسالة 1933
- كتاب: هارون الرشيد الخليفة المجاهد للدكتور فاروق عمر فوزي pdf.
مصادر ومراجع
- تاريخ الخلفاء، للسيوطي.
- تاريخ الإسلام، للذهبي.
- سير أعلام النبلاء، للذهبي.
- كتاب الدولة العباسية، لعطية القوصي.
- هارون الرشيد، للجومرد.
- هارون الرشد، أحمد أمين.
- هارون الرشيد ولعبة الأمم، مترجم.
- كتاب: هارون الرشيد الخليفة المجاهد فاروق عمر فوزي pdf.
مراجع
- تاريخ الطبري: تاريخ الرسل والملوك ج8 ص230 نسخة محفوظة 26 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
- سير أعلام النبلاء ط الرسالة ج9 ص287 نسخة محفوظة 05 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- فتاوى إسلامية ج4 ص487 نسخة محفوظة 12 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
- في التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي نسخة محفوظة 22 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- Audun Holme, Geometry: Our Cultural Heritage p. 150.
- هارون الرشيد، الخليفة الذي شوه تاريخه عمدا، منصور عبد الحكيم - دار الكتاب العربي ص104 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- تاريخ الخلفاء ص218 نسخة محفوظة 12 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
- هارون الرشيد، الخليفة الذي شوه تاريخه عمدا، منصور عبد الحكيم - دار الكتاب العربي ص106
- الكامل في التاريخ ج5 ص253 نسخة محفوظة 02 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- تاريخ الطبري ج8 ص208 نسخة محفوظة 26 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
- تاريخ الطبري ج8 ص230 نسخة محفوظة 16 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
- الدولة العباسية تكامل البناء الحضاري، عيسى الحسن ص122
- ابن الهيثم عالم الهندسة الرياضية د. علي اسحق عبد اللطيف ص26 - منشورات الجامعة الأردنية - عمادة البحث العلمي 92/5 - 1993 عمان، الأردن
- حضارة وادي الفرات، مرجع سابق، ص.275
- بيت الحكمة: كيف أسس العرب لحضارة الغرب، جوناثان ليونز ص86 الدار العربية للعلوم والنشر
- الدكتور عبد الجبار ناجي الياسري وآخرون، تاريخ الحضارة العربية الاسلامية، 126، دار الكتاب، بغداد الطبعة الاولى 2015
- كتاب "Islamic History- A New Interpretation" (مطبعة جامعة كمبريدج 1980م) للدكتور محمد عبد الحى شعبان، جامعة إكستر البريطانية أستاذ التاريخ الإسلامي ورئيس قسم اللغة العربية ومدير مركز دراسات الخليج العربي، ص 23
- كتاب ألف ليلة وليلة - ترجمة محسن مهدي، جامعة هارفارد، 2001، ص 455
- هارون الرشيد الخليفة الذي شوه تاريخه عمدا ص315 ص316 ص317
- هارون الرشيد الخليفة الذي شوه تاريخه عمدا ص318 ص319
- في التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي ص83 - 84
- في التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي ص84
- في التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي ص85
- في التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي ص87
- في التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي ص88
- في التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي ص89
- مجلة الرسالة العدد 27 السنة الثانية - القاهرة ليوم 8 كانون الثاني يناير 1934.
- د.فاروق عمر فوزي، هارون الرشيد الخليفة المجاهد، دار الشيد للنشر، بغداد، 1988، ص 41
- في التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي ص91
- إسلام أون لاين: هارون الرشيد.. والعصر الذهبي للدولة العباسية
- في التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي ص92
- Charlemagne, Muhammad, and the Arab roots of capitalism by Gene W. Heck p.179-181 نسخة محفوظة 27 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
- Gil, p.286
- في التاريخ العباسي والأندلسي: أحمد مختار العبادي ص90
- هارون الرشيد الخليفة الذي شوه تاريخه عمدا، منصور عبد الحكيم ص292
- هارون الرشيد، الخليفة الذي شوه تاريخه عمدا، منصور عبد الحكيم - دار الكتاب العربي ص51
- هارون الرشيد، الخليفة الذي شوه تاريخه عمدا، منصور عبد الحكيم - دار الكتاب العربي ص52
- هارون الرشيد، الخليفة الذي شوه تاريخه عمدا، منصور عبد الحكيم - دار الكتاب العربي ص113
- الدولة العباسية تكامل البناء الحضاري - عيسى الحسن ص108
- هارون الرشيد، الخليفة الذي شوه تاريخه عمدا، منصور عبد الحكيم - دار الكتاب العربي ص276
- هارون الرشيد، الخليفة الذي شوه تاريخه عمدا، منصور عبد الحكيم - دار الكتاب العربي ص114 - ص128 - ص169 - ص192
- جابر بن حيان.. مؤسس علم الكيمياء، مجلة الشندغة، 3 نيسان 2011. نسخة محفوظة 14 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
- في التاريخ العباسي والأندلسي - أحمد مختار العبادي - دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت
- كتاب الشيخ عبد القادرالكيلاني رؤية تاريخية معاصرة، د/جمال الدين فالح الكيلاني، ص24
- ابن الأثير في الكامل ج9، ص43
- محمد عبد الحي محمد شعبان، مقابر العباسيين، مجلة التراث، بغداد، 1966.
- أحمد عطية الله، القاموس الإسلامي، القاهرة، 1966، مادة هارون الرشيد.
- الرشيد، سير أعلام النبلاء، الحافظ الذهبي
- الشحاذ، احمد محمد -- الملامح السياسية في حكايات ألف ليلة وليلة -- 1986 -- ص 431
- ألف ليلة وليلة، بتحقيق محسن مهدي، ص 234
- العباسيون الأوائل، د.فاروق عمر، دار الارشاد، بيروت 1977 ج1 ص 54
قبلــه: أبو محمد موسى الهادي |
الخلافة العباسية 786 - 809 |
بعــده: أبو عبد الله محمد الأمين |