الرئيسيةعريقبحث

خس

من الخضروات

☰ جدول المحتويات


الخَسّ المزروع

Romaine lettuce.jpg

المرتبة التصنيفية نوع[1] 
التصنيف العلمي
النطاق: حقيقيات النوى
المملكة: النباتات
الشعبة: البذريات
الشعيبة: مستورات البذور
الطائفة: ثنائيات الفلقة
الرتبة: النجميات
الفصيلة: النجمية
الأسرة: الشيكوريات
الجنس: الخس
النوع: الخس المزروع
الاسم العلمي
Lactuca sativa [1]
لينيوس، 1753

الخَسّ المزروع (الاسم العلمي:Lactuca sativa) نوع نباتي يتبع جنس الخس من الفصيلة النجمية أو المركبة (باللاتينية: Asteraceae). والخس من الخضراوات التي تؤكل أوراقها طازجة أو في السلطات وهي غنية بالمواد الغذائية وبخاصة الفيتامينات والأملاح والزيوت والبروتين.

كان المصريون القدماء أوَّل من زرع الخس لغرض الاستهلاك، فحوَّلوه من حشيشة تُستخدم بذورها لتسميد التُربة، إلى نبتةٍ تؤكل أوراقها. انتشر الخس إلى بلاد الإغريق ومن ثمَّ الرومان عبر التجارة مع مصر، وكان الرومان هم من أطلق عليه تسمية Lactuca التي اشتُقَّت منها عدَّة أسماء أوروبيَّة مثل الإنجليزية «Lettuce» والفرنسية «Laitue». بحلول عام 50م كان الخس قد انتشر في في جميع أنحاء الشرق الأدنى وأوروبا، وظهر منه عدَّة أشكال وصفها الكُتَّاب في كتاباتهم من العصور الوسطى، بما فيها عدَّة نباتات طبيَّة. شهدت الفترة الممتدة من القرن السادس عشر حتى القرن الثامن عشر ظهور عدَّة ضروب من الخس في أوروبا، وبحلول أواسط القرن الثامن عشر ظهرت الضروب الشائعة حتى الوقت الحالي. سيطرت أوروبا والولايات المتحدة على تجارة الخس العالميَّة في نهاية المطاف، وبحلول نهاية العقد الأول من القرن العشرين كان استهلاك الخس قد أصبح عالميًّا.

حقول زراعة نبات الخس بمصر.

يُزرع هذا النوع شديد القدرة على الاحتمال موسميًّا في العادة، على الرغم من أنَّه يتطلَّب درجات حرارة مُنخفضة نسبيًّا تحول بينه وبين التزهير مُبكرًا. يُمكن للخس المزروع أن يُعاني من نقص المغذيات ومن تطفّل الحشرات والثدييات ومن عدَّة أمراض فطرية وبكتيرية. يتهجَّن الخس المزروع بسهولة مع أنواع أخرى تنتمي إلى نفس الفصيلة، ومع أعضاء أخرى من جنس الخس، الأمر الذي يُبغضه بعض المزارعين الراغبين بالحفاظ على نقاوة البذور، والذي يلجأ إليه علماء الأحياء لتوسيع تجميعة المورثات الخاصة بضروب الخس. بلغ الإنتاج العالمي من الخس والهندباء البريَّة في سنة 2010 حوالي 23,620,000 طن متري (23,250,000 طن طويل؛ 26,040,000 طن قصير)، وكانت الصين وحدها تُنتج أكثر من نصف هذه الكميَّة.

يُستخدم الخس غالبًا في إنتاج السلطات، كما يُمكن أن يُستعمل في أنواعٍ أخرى من الأطعمة، من شاكلة: الحساء، والشطائر، واللفائف. أحد الضروب يُزرع بغرض الحصول على سوقه، التي تؤكل نيئة أو مطبوخة. الخس مصدرٌ جيِّد للفيتامين ألف والبوتاسيوم، كما أنه مصدر أقل شأنًا لبضعة أنواع أخرى من المُغذيات والفيتامينات. على الرغم من منافعه الكثيرة، فإنَّه يستحيل مصدرًا للبكتيريا والفيروسات والطفيليات بحال تلوَّث بأي من الملوثات، ومن الأدواء التي يُصاب بها البشر جرَّاء تناولهم خسًّا ملوثًا: الإشريكية القولونيَّة والسلمونيلا. كان للخس المزروع أهميَّةً دينيَّة وطبيَّة، إلى جانب أهميته الغذائيَّة، خلال قرون زراعته الطويلة.

التصنيف والتسمية

نبات خس الكابوتشى في إحدى الحقول في محافظة الجيزة وهي في مرحلة النمو.

الخس المزروع هو أحد أنواع جنس الخس، الذي يتبع بدوره فصيلة النجمية.[2] وُصِفَ الخس المزروع للمرة الأولى في سنة 1753 على يد الأحيائي كارلوس لينيوس، في المجلّد الثاني من كتابه أنواع النباتات.[3] ومن مرادفات هذا النوع الخس الشائك، وهو النوع البري من الخس.[4][5][6] تتبع نوع الخس المرزوع عدَّة مجموعات وتحت أنواعٍ وضروبٍ تصنيفية من النباتات الأخرى القريبة منه، تشكّل معاً مجموعة زراعية كبيرة.[7] يرتبط الخس بعدَّة أنواعٍ من جنس الخس من منطقة جنوب غرب آسيا، أوثقها صلةً به هو الخس الشائك، وهو عبارة عن حشيشة شائعة في المناطق المعتدلة وشبه المدارية بأغلب أنحاء العالم.[8]

جاء في تسمية الخَسِّ بالعربية في كتاب لسان العرب لابن منظور:[9]

«والخَسُّ، بالفتح: بقلة معروفة من أَحرار البقول عريضة الورق حُرَّة لَيِّنة تزيد في الدم»

.

أطلق الرومان القدماء على الخس اسم لاكتوكا (باللاتينية: lactuca)، وهو اسم مشتقٌّ من كلمة "لاك" التي تعني الحليب باللغة اللاتينية، في إشارةٍ ضمنيّةٍ إلى المادة البيضاء الموجودة في ساق النبتة، والتي تُعرَف في الوقت الحاضر باسم لاتيكس.[10] وقد أصبحت هذه الكلمة هي الاسم العلمي لجنس الخس، وأما اسم النّوع فهو ستافيا (باللاتينية: sativa) أي "المرزوع" أو "المحصود"، وتشكّل الكلمتان معاً اسم الخس المزروع العلمي (باللاتينية: Lactuca sativa).[11] وقد انتقل الاسم الروماني مع بعض التحريف إلى الفرنسية القديمة والإنكليزية الوسطى، وأخيراً إلى اللغة الإنكليزية الحديثة.[12] وأما اسم أحد أنواعه وهو الروماني فقد جاء من زرع النوع في حدائق البابا الرومانية، كما يوجد نوع آخر باسم كوس اشتقّ اسمه من اسم جزيرة كوس الإغريقية، التي كانت مركز زراعة الخس في الإمبراطورية البيزنطية.[13]

الوصف

نبات خس الكابوتشى في إحدى الحقول في الجيزة وهي في مرحلة النمو (أكثر من واحدة)، متادخلًا مع نبات الكرنب.

يمتد انتشار الخس الجغرافي الأصلي من حوض البحر الأبيض المتوسط غرباً وحتى سيبيريا شرقاً، إلا أنّه أصبح الآن موجوداً في أغلب أنحاء العالم. عادةً ما يتراوح ارتفاع نبتة الخس من 15 إلى 30 سنتيمتراً،[14] وتكون أوراقها ملوَّنة، باللونين الأخضر والأحمر غالباً، وتكون مُرقَّطة في بعض الأحيان،[15] كما توجد أنواع قليلةٌ قد تكون أوراقه باللون الأصفر أو الذهبي أو السماوي.[16] تختلف أشكال أوراق الخس كثيراً من نوع إلى آخر، من الرأس المُدوَّر الكبير في نوع جبل الجليد، وحتى المُسنَّنة والمحارية والمُهدَّبة والمُجعَّدة.[15] يتألف نظام الجذور عند نبات الخس من جذرٍ أساسيٍّ كبيرٍ يتّصل بجذورٍ ثانوية أصغر. ولدى بعض الأنواع - خصوصاً في الولايات المتحدة وغرب أوروبا - جذور رئيسية طويلة ونحيلة، ومجموعات صغيرة من الجذور الثانوية، وأما في الأنواع الآسيوية فإن الجذر الأساسي يكون أطول وتكون الجذور الثانوية أكثر عدداً.[16]

يعيش الخس - حسب نوعه ووقت زراعته من السنة - نحو 65 إلى 130 يوماً، منذ الزّراعة إلى الحصاد. ولأن الخس الذي يُزهِر يُصبِح مرًّا وغير مناسبٍ للبيع، فنادراً ما يتركه المزراعون ينمو حتى مرحلة البلوغ. يُزهِر الخس أسرع في المناخ الحارّ، وأبطأ في المناخ البارد، إلا أنّ الثاني قد يؤذي أوراق النبات.[17] عندما يَمرُّ الخس بالمرحلة القابلة للأكل يبدأ بإنماء سيقان أزهارٍ تصل حتى طول 0.9 متر، تفتّح فوقها أزهار صغيرةٌ صفراء اللون. نورة نبات الخس - المعروفة برؤوس الأزهار - تتألّف من زهيراتٍ (أزهار صغيرة) عدَّة، لدى كلٍّ منها كأس زهرة مُعدَّل يشمل السداة، وهو يشكّل أنبوباً يُطوِّق المتاع والميسم. وعندما تُصَبّ على النبات حبوب اللقاح يطول المتاع ليسمح للميسم - المُغطّى باللقاح - بالخروج من الأنبوب.[16][18] وُتشكِّل المبايض ثماراً مُجفَّفة ذات شكل ورقيٍّ دمعيٍّ مضغوطٍ لا تتفتح عند النضوج، ويبلغ طولها 3 إلى 4 ملليمترات. للثمرة 5 إلى 7 أضلاع على كل جانب، ويحيط بها صفّان من الزغب الأبيض الصغير.[4]

نتج عن زراعة الخس عبر الزّمن طروء تغيّرات عديدة عليه خلال عملية الاستيلاد الانتقائي، مثل تأخير عمر الإزهار، وتضخيم البذور، وتضخيم الأوراق والرؤوس، وتحسين الطّعم والبنية، وتقليل كمية اللاتيكس، وتنويع الأشكال والألوان. ولا زال العمل في هذا المجال مستمراً حتى الآن،[19] كما لا زالت الأبحاث العلمية في الهندسة الوراثية للخس جارية، إذ جرت أكثر من 85 تجربة ميدانية بين سنوات 1992 و2005 في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لاختبار أنواع مُعدَّلة ذات تحمُّلٍ أكبر لمبيدات الأعشاب والحشرات والفطور ومُعدَّل إزهار أقلّ. إلا أن الخس المعدل وراثياً لا زال غير مستخدمٍ في الزراعة التجارية حتى الآن.[20]

التاريخ

زُرِعَ الخس للمرة الأولى في مصر القديمة، بغرض استخراج الزيت من بذوره. وربَّما قام المصريُّون القدماء بزراعته انتقائياً لتحويله إلى نباتٍ ذي أوراقٍ صالحةٍ للأكل،[21] إذ تعود دلائل زراعته الأولى إلى سنة 2,680 ق.م.[10] وقد أصبح الخس عندهم نباتاً مقدساً لإله التكاثر مين، إذ كانوا يحملون أوراق الخس خلال احتفالاته، ويضعونها بجانب تماثيله،[22] وأدَّت كثرة استعماله في الأعياد الدينية إلى نحت الكثير من الصور له على القبور ورسمه في الرسوم الجدرانية. يبدو أن طول النوع الذي كان يزرعه قدماء المصريّين من الخس كان نحو 76 سنتيمتراً، وهو يشبه نوعاً كبيراً من الخس الروماني الحديث. وقد كان المصريون هم من توصلوا إلى هذا الخس بالأصل، ثم أخذه عنهُمُ الإغريق، الذي نقلوه بدورهم إلى الرومان. ووصف المزارع الروماني كولوميلا في حوالي سنة 50 م عدة أنواعٍ من الخسّ، ربَّما كان بعضها أسلافاً للخس الحديث.[10]

ظهر الخس في الكثير من كتابات العصور الوسطى، خصوصاً بصفته عشباً طبياً. ذكرته الفيلسوفة الألمانيَّة هايلديغارد البنجنية في كتاباتها عن الأعشاب الطبية بين سنتي 1098 و1179 م، كما ذكره أيضاً الكثير من أطباء الأعشاب القدماء الآخرين، وقام الألماني جوشيم كاميراريوس في سنة 1508 بوصف الأنواع الثلاث الأساسية من الخس الحديث، وهي الخس الرأسي والخس فضفاض الورق والخس الروماني.[13] كان الأوروبي كريستوفر كولمبوس أوَّل من جلَبَ الخس إلى الأمريكيَّتين، حيث كان ذلك في القرن الخامس عشر الميلاديّ،[23] وبين نهاية القرن السادس عشر ومطلع الثامن عشر توصل الأوروبيون إلى أنواعٍ كثيرة من الخس، ونشرت في القرنين الثامن والتاسع عشر كتب عديدة تُعنَى بوصفها.[24]

كان يباع الخس فيما مضى بأماكن قريبة من مواقع زراعته، بالنظر إلى قصر حياته بعد حصاده. غير أن مطلع القرن العشرين شهد تطوُّرَ وسائلٍ جديدةٍ لتعبئته وتخزينه وشحنه، مما زاد طول حياته وإمكانيَّة نقله لمسافات طويلة، ومن ثم انتشاره في الأسواق بأنحاء العالم.[25] حدثت ثورة في إنتاج الخس خلال الخمسينيَّات عقب تطور تقنية التبريد الفراغي، التي أتاحت تهيئته وتبريده باستمرار داخل الحقل، بدلاً من التقنية القديمة التي اعتمدت على تبريده بالجليد خارج الحقول وفي مخازن التعبئة.[26]

من السَّهل جداً زراعة الخس، مما جعله مورداً هاماً للمبيعات للكثير من شركات البذور. ويُعقِّد هذا الأمر مهمة متابعة تاريخ تطوير أنواعه، إذ كثيراً ما كانت أمثال هذه الشركات - وخصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية - تغير اسم نوع الخس من سنة إلى أخرى لأسبابٍ عدّة، من أبرزها زيادة المبيعات بعرض "نوعٍ جديد" من الخس، أو لكي لا يعلم الزبائن أن ذلك النوع الذي تبيعه الشركة قد طوَّرته بالأصل شركة بذورٍ منافسة لها. تُظهِر وثائق أواخر القرن التاسع عشر ما بين 65 و140 نوعاً مختلفاً من الخس فقط، من أصل 1,100 اسم كانت تُعرَض في الأسواق على أساس أنّها أنواعٌ مختلفة. كما أن هناك مشكلة أخرى، هي في تفاوت تسميات الأنواع من بلدٍ إلى آخر.[27] مع أنّ معظم الخس الذي يُزرَع اليوم يُستَخدم للأكل، فإن قدراً صغيراً منه يُستَخدم لإنتاج السيجارات الخالية من التبغ، ولو أن الخس البري - على عكس المزروع - له أوراقٌ تشبه أوراق التبغ أكثر.[28]

الزراعة

زراعة الخس

الأنواع

مشكلات الزراعة

الإنتاج

المنتجون العشر الأوائل للخس والهندباء البرية — 2010[29]
البلد الإنتاج بالطن المصدر
 الصين 12,574,500 تقدير فاو
 الولايات المتحدة 3,954,800 رقم رسمي
 الهند 998,600 تقدير فاو
 إيطاليا 843,344 رقم رسمي
 إسبانيا 809,200 رقم رسمي
 اليابان 537,800 رقم رسمي
 إيران 402,800 تقدير فاو
 فرنسا 398,215 رقم رسمي
 تركيا 358,096 رقم رسمي
 المكسيك 340,976 رقم رسمي
العالم 23,622,366 الإجمالي

نبات الخس هو النوع الوحيد في جنس الخس الذي يُزرَع لأغراضٍ تجاريّة.[30] حسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فقد بلغ حجم الإنتاج العالمي من الخس والهندباء البرية (الذين جمعتهما المنظّمة معاً في الإحصاء لأغراض تنظيمية) في سنة 2010 بلغ 23,622,366 طنٍّ متري. وقد كانت الصين الأولى في الإنتاج، إذ شغلت وحدها 53% من هذه النسبة، ثم الولايات المتحدة بـ17%، فالهند بـ4%.[29] ومع أن الصين هي المنتج العالمي الأول للخس، إلا أنّ غالبية محاصيلها تستَخدم في إطعام الماشية. وأما على صعيد التصدير فإنّ إسبانيا تحتلّ المرتبة الأولى، تليها الولايات المتحدة في الثانية.[25]

كان غرب أوروبا وأمريكا الشمالية السوقين الأساسيَّين المستهلكين للخس بالأصل، لكن بحلول نهاية العقد الأول من القرن العشرين أصبحت آسيا وأفريقيا وأستراليا وأمريكا الجنوبية الأسواق الأساسيّة له. وقد اختلف تفضيل أنواع الخسّ من منطقة إلى أخرى، فكان رأس الزبدة هو النوع المفضّل في شمال أوروبا وبريطانيا العظمى، والروماني هو المفضل في حوض البحر الأبيض المتوسط، وأما الساقيّ ففي مصر والصين. إلا أن هذه التفضيلات بدأت بالتغيّر مع نهاية القرن العشرين، إذ أصبح النوع متموّج الرأس - وخصوصاً جبل الجليد (آيسبيرغ) - الأكثر شيوعاً في شمال أوروبا وبريطانيا العظمى، ونوعاً بارزاً في عموم غرب أوروبا. أما في الولايات المتحدة فلم يكن هناك أيّ نوعٍ شعبيٍّ حتى مطلع القرن العشرين، عندما بدأ النوع متموّج الرأس بكسب شعبية كبيرة، خصوصاً بعد الأربعينيات إذ أصبح النوع السائد في البلاد مع نموّ استهلاك نوع جبل الجليد، إلى حدّ أن 95% من الخس المزروع في الولايات المتحدة كان من الخس متموّج الرأس. إلا أنّ التنوّع ازداد مع نهاية القرن، حتى تراجعَ إلى نحو 30%.[31] وأما الخس الساقي فقد ظهر للمرة الأولى في الصين، ولا زالت هي المنتج الأساسيّ له.[32]

أصبحت طرق إنتاج الخس - من زراعته حتى بيعه - اليوم أكبر حجماً ومستوى بكثيرٍ ممًّا كانت عليه خلال القرن العشرين. فأغلب الإنتاج الزراعيّ الآن يكون عبر استخدام كميَّات ضخمة من المواد الكيميائية، تشمل السمادات ومبيدات الآفات، إلا أنّ الزراعة العضوية أصبحت تشغل حيّزاً متنامياً من سوق الاستهلاك أيضاً، وهو اتجاه بدأ حديثاً مع منتجين صغارٍ ثم تحوَّل إلى أسلوبٍ صناعيٍّ واسع الانتشار.[31] بدأت منتجات السلطة المعلّبة مع مطلع القرن الواحد والعشرين بشغل حيّزٍ بارزٍ من سوق الخس، خصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية. وتُصنَّع هذه المنتجات من خسٍّ معالج، كان في الماضي يُتلَف لأنه لا يوافي معايير سوق الاستهلاك الطازج، ويُعبَّأ الخس المستخدم في هذه السّلطات بأسلوب يجعله يعيش لأمدٍ أطول من الخس الطازج الاعتيادي.[33] أتى 70% من إنتاج الخس الإجمالي بالولايات المتحدة في سنة 2007 من ولاية كاليفورنيا، حيث يُعَدّ ثالث أكثر المزروعات المنتجة استهلاكاً بعد الطماطم والبرتقال.[34]

الخس كطعام

كثيراً ما كان الرومان يَطبخون أوراق الخس ويقدِّمونها على الموائد مع مرق الزيت والخلّ، كما ورَدَ في نصوص تعود إلى سنة 50 م، لكنهم في المقابل كانوا يأكلون أوراقه حافاً في أحيانٍ أخرى عندما تكون صغيرة الحجم. وقد ظهر - بالإضافة إلى ذلك - تقليد خلال عهد الإمبراطور الرومانيّ دوميتيان (81 - 96 م) يقضي بتقديم سلطة الخس كمقبّلات قبل الطعام الرئيسي. لكن في باقي أوروبا وفي الحقبة الزمنية ذاتها كان التقليد المُتَّبع هو السلق الحار للخس، وعلى الأغلب يكون ذلك مع أنواع الخس الروماني الكبيرة، كما كانوا يقومون أحياناً بصبّ مزيج من الزيت والخل السَّاخنين على أوراق الخس.[10] غالباً ما يُزرَع الخس الآن للاستفادة من أوراقه، مع أن هناك نوعاً واحداً منه يُزرَع من أجل سيقانه وآخر من أجل بذوره، التي يُستَخرج منها الزيت.[21] وأغلب الخس المستخدم كطعام يُوضَع في السلطات، إما وحده أو مع خضارٍ أو نباتاتٍ أو أجبان، وكثيراً ما يُضَاف الخس الروماني إلى سلطة سيزر، مع إضافة الأنشوفة والبيض إليه. يمكن أن تُستَعمل أوراق الخس أيضاً في الأحسية والسندويتشات، وأما جذوره فتأكل إمَّا حافاً أو مطهوَّة.[11] تطورت استعمالات مختلفة للخس في الصين عمَّا هي الحال في دول الغرب، ويعود ذلك إلى الأخطار الصحية، ولعدم التقبل الثقافي عند الصينيين لأكل الأوراق حافاً. تصنع السلطات بالصين من خضار مطبوخة، ويمكن أن تقدَّم باردة أو ساخنة على حدِّ سواء، كما يمكن أن يُضَاف الخس فيها إلى عدد أكبر من الأطباق عمَّا هي الحال في الغرب، ومن بين هذه الأطباق التوفو واللحوم والأحسية والمقليَّات، ويمكن أيضاً أن ترافقه خضارٌ أخرى مع بعض هذه الأطعمة.[32]

المحتوى الغذائي

الخس (مُكوَّر الشكل)
Iceberg lettuce in SB.jpg
 

القيمة الغذائية لكل (100 غرام)
الطاقة الغذائية 55 كـجول (13 ك.سعرة)
الكربوهيدرات 2.23 g
السكر 0.94
ألياف غذائية 1.1 g
البروتين
بروتين كلي 1.35 g
ماء
ماء 95.63 g
الدهون
دهون 0.22 g
الفيتامينات
فيتامين أ معادل. 166 ميكروغرام (18%)
الثيامين (فيتامين ب١) 0.057 مليغرام (4%)
الرايبوفلافين (فيتامين ب٢) 0.062 مليغرام (4%)
فيتامين ب٥ أو حمض بانتوثينيك 0.15 مليغرام (3%)
فيتامين بي6 0.082 مليغرام (6%)
ملح حمض الفوليك (فيتامين ب9) 73 ميكروغرام (18%)
فيتامين ج 3.7 مليغرام (6%)
فيتامين إي 0.18 مليغرام (1%)
فيتامين ك 102.3 ميكروغرام (97%)
معادن وأملاح
كالسيوم 35 مليغرام (4%)
الحديد 1.24 مليغرام (10%)
مغنيزيوم 13 مليغرام (4%)
منغنيز 0.179 مليغرام (9%)
فسفور 33 مليغرام (5%)
بوتاسيوم 238 مليغرام (5%)
صوديوم 5 مليغرام (0%)
زنك 0.2 مليغرام (2%)
معلومات أخرى
Link to USDA Database entry
النسب المئوية هي نسب مقدرة بالتقريب
باستخدام التوصيات الأمريكية لنظام الغذاء للفرد البالغ.
المصدر: قاعدة بيانات وزارة الزراعة الأميركية للمواد الغذائية

يختلفُ محتوى الخسّ من بعض الفيتامينات بحسب نوعه وشكله، وهو يعتبرُ بصورة عامَّة مصدراً ممتازاً لفيتامين ك (97% من الحصَّة اليومية المنصوحِ بها) وفيتامين أ (21% من الحصة اليومية)، كما يحتوي تركيزاتٍ مرتفعةً من مركب البيتاكاروتين، وخصوصاً في الخسّ الأخضر الغامق مُدوَّر الشكل.[35] وباستثناء الخس الكرويّ، يعتبرُ الخس مصدراً جيداً (بنسبة 10-19% من الحصة اليومية) لحمض الفوليك والحديد.[35]

الصحة

يُعَد الخس مصدراً جيداً للبوتاسيوم وفيتامين ألف مع اختلاف مقدارهما حسب النوع، ويكون تركيز الثاني أكبر في الخس ذي اللون الأخضر الغامق. كما يحتوي الخس على كمية جيّدة من الألياف، مركزة في العامود وأضلاعه المتشعّبة (وسط ورقة الخس)، بالإضافة إلى الكبروهيدرات والبروتين وقدرٍ صغيرٍ من الدهن. وباستثناء نوع خس جبل الجليد (آيسبرغ)، فإن الخس فيه أيضاً فيتامين ج والكالسيوم والحديد والنحاس، وعددٍ آخر من الفيتامينات والمعادن. والخس يمتصُّ ويركز الليثيوم بشكل طبيعيّ.[36]

التسمم الغذائي

أغلب ممارض التسمم الغذائي يمكن أن تُحفَظ في الخس المُخزَّن، لكن مع ذلك فإنها تقلّ كلَّما زادت فترة التخزين. هناك استثناء واحدٌ من هذا هو جرثومة "Listeria monocytogenes" التي تسبِّب داء الليستيريات، إذ أنها تزداد عدداً خلال فترة التخزين بدلاً من أن تنقص. عموماً غالباً ما يحوي الخس الجاهز للأكل أعداداً كبيرة من الجراثيم، غير أن الدراسات لم تجد ارتباطاً بين هذه الجراثيم والإصابة بمرض التسمم الغذائي. ويعتقد بعض الباحثين أن هذا الأمر قد يكون نتيجة لعمر الخس القصير على الرفوف، أو التنافس بين الجراثيم النباتية وجراثيم الليستيريات، أو خواصٍّ أخرى للخس لا تسمح للجراثيم بتسبيب داء الليستيرا.[37]

من أنواع الجراثيم الأخرى الموجودة في الخس الإيروموناس، التي لم يتمكن العلماء من الرّبط بينها وبين أي مرض، بالإضافة إلى العطيفة التي تُسبّب مرض العطيفية، كما يوجد في الخس نوعان من جرثومة اليرسينيا، التي لا تكثر في أي نباتٍ غيره.[38] رُبِطَ الخسّ بتسبيب الكثير من الأمراض التي تنقلها جرثومتا شيغيلا وإ. كولي أو157:إتش7، وغالباً ما تصل إلى الخس عبر احتكاكه ببراز الحيوانات.[39] وجدت دراسة أجريت في سنة 2007 أن تقنية تبريد الحجرة - خصوصاً في ولاية كاليفورنيا الأمريكية - زادت من معدلات تكاثر ونجاة جرثومة إ. كولي أو157:إتش7.[40] كما تسبّب جرثومة سلمونيلا أمراضاً أخرى تبيَّن أنها مرتبطة بالخس.[41] عثر أيضاً على بعض أنواع الفيروسات في الخس، ومنها التهاب الكبد الوبائي أ والفيروسات الكأسية وشبيهات النورووك، كما ربط الخس بأمراضٍ طيفليّة، منها الجياردية المعوية.[38]

الاستخدام الطبي

لم يكن الخس يستخدم بالقدم للأكل فقط، إنّما كانت له - ولا زال يوجد بعضها أيضاً - استخدامات عديدة كنبات طبيّ أو مُقدَّسٍ دينيّ. فقد كان المصريون القدماء على سبيل المثال[31] يعتقدون أن الخس يعزز الحب وقدرة الإنجاب عند النساء،[42] وعلى النقيض من ذلك كانت النساء البريطانيات في مطلع القرن التاسع عشر يعتقدن أنه يسبب العقم، فيما كان الإغريق يقدمونه بالجنازات (ربما بسبب دوره في أسطورة موت أدونيس). للخس خصائص مخدرة وملطفة، حتى أن الأنغلوسكسونيين القدماء كانوا يسمونه "عشبة النوم".[42] وهذا التأثير ناتجٌ عن مادة سائلة من عصارة الشجر موجودة في ساق الخس،[28] وتُسمَّى أفيون الخس.

يستخدم الخس أحياناً في صناعة مراهم الجلد التي تخشّن الجلد وتجنّبه الاحتراق جرَّاء أشعة الشمس. كان يُعتَقد سابقاً أيضاً أن الخس مفيدٌ لأمراض الكبد، وزعم بعض المستوطنين الأمريكيين أن أكله يمكن أن يجنب الإصابة بمرض الجدري،[42] فيما كان الإيرانيون ينصحون ببذوره لمعالجة الحمى التيفية.[43] كما زعم الطب الشعبيّ القديم أن الخس يعالج الألم والرثية والتوتر والعصبية والسعال ونقص العقل، غير أنه ما من دليلٍ علميٍّ يؤيد أياً من هذه المزاعم، ولو أن بعض الآثار المشابهة قد لوحظت في فئران وعلاجيم التجارب.[28]

المراجع

  1. معرف مكتبة تراث التنوع البيولوجي: https://biodiversitylibrary.org/page/358816 — المؤلف: كارولوس لينيوس — العنوان : Species Plantarum — المجلد: 2 — الصفحة: 795
  2. "Lactuca sativa L". Integrated Taxonomic Information System. مؤرشف من الأصل في 15 أكتوبر 201827 مارس 2010.
  3. "The Linnaean Plant Name Typification Project". Natural History Museum. مؤرشف من الأصل في 04 يناير 201402 أبريل 2012.
  4. "Lactuca sativa". Kew Royal Botanical Gardens. مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 201302 أبريل 2012.
  5. "Lactuca sativa L". United States Department of Agriculture. مؤرشف من الأصل في 05 مايو 201302 أبريل 2012.
  6. "Lactuca serriola L". United States Department of Agriculture. مؤرشف من الأصل في 02 يونيو 201302 أبريل 2012.
  7. Porcher, Michael H. (2005). "Sorting Lactuca Names". Multilingual Multiscript Plant Name Database. University of Melbourne. مؤرشف من الأصل في 04 مارس 201602 أبريل 2012.
  8. Zohary, Daniel; Hopf, Maria; Weiss, Ehud (2012). Domestication of Plants in the Old World: The Origin and Spread of Domesticated Plants in Southwest Asia, Europe, and the Mediterranean Basin. Oxford University Press.  . مؤرشف من الأصل في 15 أبريل 2017.
  9. كتاب لسان العرب، ابن منظور، باب جذر خسس.
  10. Weaver, pp. 170–172
  11. Katz and Weaver, p. 376.
  12. Chantrell, Glynnis, المحرر (2002). The Oxford Dictionary of Word Histories. Oxford University Press. صفحة 300.  .
  13. Weaver, p. 172.
  14. "Lactuca sativa". Missouri Botanical Garden. مؤرشف من الأصل في 16 يونيو 201327 مارس 2012.
  15. Fine Cooking Magazine (2011). Fine Cooking in Season: Your Guide to Choosing and Preparing the Season's Best. Taunton Press. صفحة 28.  . مؤرشف من الأصل في 31 ديسمبر 2013.
  16. Ryder, J. and Waycott, Williams (1993). "New Directions in Salad Crops: New Forms, New Tools, and Old Philosophy". In Janick, J and Simon J.E (المحرر). New Crops. Wiley. صفحات 528–532. مؤرشف من الأصل في 12 يوليو 2017.
  17. Smith, Richard; Cahn, Michael; Daugovish, Oleg; Koike, Steven; Natwick, Eric; Smith, Hugh; Subbarao, Krishna; Takele, Etaferahu; Turin, Thomas. "Leaf Lettuce Production in California" ( كتاب إلكتروني PDF ). University of California Vegetable Research and Information Center. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 20 أكتوبر 201311 أبريل 2012.
  18. "187e. Asteraceae Martinov tribe Cichorieae". Flora of North America. Efloras.org. مؤرشف من الأصل في 05 أكتوبر 201824 سبتمبر 2012.
  19. Davey, et al., pp. 222–225.
  20. "Lettuce". GMO Compass. مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 201603 أبريل 2012.
  21. Katz and Weaver, pp. 375–376
  22. Hart, George (2005). The Routledge Dictionary of Egyptian Gods and Goddesses (الطبعة 2nd). Routledge. صفحة 95.  . مؤرشف من الأصل في 15 يونيو 2014.
  23. Subbarao, Krishna V. and Koike, Steven T. (2007). "Lettuce Diseases: Ecology and Control". In Pimentel, David (المحرر). Encyclopedia of Pest Management, Volume 2. CRC Press. صفحة 313.  . مؤرشف من الأصل في 5 يناير 2014.
  24. Weaver, pp. 172–173
  25. Boriss, Hayley and Brunke, Henrich (October 2005). "Commodity Profile: Lettuce" ( كتاب إلكتروني PDF ). University of California. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 16 مايو 201801 يوليو 2012.
  26. Enochian, R.V. and Smith, F.J (November 1956). "House Packing Western Lettuce" ( كتاب إلكتروني PDF ). California Agriculture. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 18 سبتمبر 2017.
  27. Weaver, pp. 173–174
  28. Katz and Weaver, p. 377.
  29. "FAO Statistics Database". Food and Agriculture Organization of the United Nations. مؤرشف من الأصل في 17 أكتوبر 201624 مارس 2012.
  30. Koike, Steven T; Gladders, Peter; Paulus, Albert O. (2006). Vegetable Diseases: A Color Handbook. Gulf Professional Publishing. صفحة 296.  . مؤرشف من الأصل في 29 ديسمبر 2019.
  31. Katz and Weaver, p. 378.
  32. Simoons, Frederick J. (1991). Food in China: A Cultural and Historical Inquiry. CRC Press. صفحات 147–148.  . مؤرشف من الأصل في 14 يونيو 2014.
  33. Fulmer, Melinda (August 19, 2002). "Lettuce Grows Into A Processed Food". Los Angeles Times. مؤرشف من الأصل في 25 نوفمبر 201830 يونيو 2012.
  34. Davey, et al., p. 222.
  35. "Lettuce". University of Illinois Extension. مؤرشف من الأصل في 15 مارس 201225 مارس 2012.
  36. Hullin, R. P. (28 June 2007). "The lithium contents of some consumable items". International Journal of Food Science & Technology. 4 (3): 235–240. doi:10.1111/j.1365-2621.1969.tb01519.x. ISSN 0950-5423.
  37. Hanning, I.B.; Johnson, M.G.; Ricke, S.C (December 2008). "Precut prepackaged lettuce: a risk for listeriosis?". Foodborne Pathogens and Disease. 5 (6): 731–746. doi:10.1089/fpd.2008.0142. PMID 18847382.
  38. "Chapter IV. Outbreaks Associated with Fresh and Fresh-Cut Produce. Incidence, Growth, and Survival of Pathogens in Fresh and Fresh-Cut Produce". Analysis and Evaluation of Preventive Control Measures for the Control and Reduction/Elimination of Microbial Hazards on Fresh and Fresh-Cut Produce. US Food and Drug Administration. April 12, 2012. مؤرشف من الأصل في 14 مارس 201319 أبريل 2012.
  39. Davis, J. G., and Kendall, P. "Preventing E. coli from Garden to Plate". Colorado State University. مؤرشف من الأصل في 24 سبتمبر 201526 مارس 2012.
  40. Li, Haiping; Tajkarimi, Mehrdad; Osburn, Bennie I (2008). "Impact of Vacuum Cooling on Escherichia coli O157:H7 Infiltration into Lettuce Tissue". Applied and Environmental Microbiology. 74 (10): 3138. doi:10.1128/AEM.02811.07.
  41. Gajraj, Roger; Pooransingh, Shalini; Hawker, Jeremy; Olowokure, Babatunde (April 2012). "Multiple outbreaks of Salmonella braenderup associated with consumption of iceberg lettuce". International Journal of Environmental Health Research. 22 (2): 150–155. doi:10.1080/09603123.2011.613114.
  42. Watts, Donald (2007). Dictionary of Plant Lore. Academic Press. صفحة 226.  . مؤرشف من الأصل في 21 أبريل 2016.
  43. Duke, James A.; Duke, Peggy-Ann K.; DuCellie, Judith L. (2007). Duke's Handbook of Medicinal Plants of the Bible. CRC Press. صفحة 232.  . مؤرشف من الأصل في 31 ديسمبر 2013.

موسوعات ذات صلة :