الإمام عبد الله (الأول) بن سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود آل مقرن آل مريدي آخر أئمة الدولة السعودية الأولى والحاكم الخامس من أسرة آل سعود وأمير إمارة الدرعية الثامن عشر، وآخر حاكم اتخذ من الدرعية عاصمة لملكه، والابن الأكبر للإمام سعود الكبير ابن الإمام عبد العزيز ابن الإمام محمد آل سعود. واجه الإمام عبد الله بن سعود الكبير حملات كبرى من الدولة العثمانية بقيادة والي مصر محمد علي باشا والتي كانت قد بدأت منذ آواخر عهد والده الذي استطاع بحنكته صدها غير مرة في وقعة وادي الصفراء ووقعة تربة الأولى والثانية ووقعة الحناكية الأولى ووقعة القنفذة الأولى والثانية إلى أن توفي أثناء استعداده للمسير لملاقاة قوات محمد علي باشا التي زحفت نحو وادي بسل بعد سقوط مكة المكرمة فتوفي بالدرعية لعلة أصابته في بطنه[1]؛ فخلفه ابنه الإمام عبد الله الذي واصل حربه مع العثمانيين في فترة حكمه الممتدة لأربعة سنوات والتي انتهت بسقوط الحجاز ومحاصرة الدرعية.[2] أسر الإمام عبد الله بن سعود الكبير وأرسل إلى الأستانة بعد حصارٍ استمر ستة أشهر للدرعية حيث أعدم سنة 1234هـ/1818م.[3][4]
إمام المسلمين و أمير المؤمنين | ||
---|---|---|
| ||
إمام الدولة السعودية الأولى الرابع أمير إمارة الدرعية الثامن عشر |
||
الإمام عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود | ||
معلومات شخصية | ||
الميلاد | سنة 1785 الدرعية، الدولة السعودية الأولى |
|
الوفاة | 24 ديسمبر 1818 إسطنبول، الدولة العثمانية |
|
سبب الوفاة | قطع الرأس | |
الإقامة | قصر سلوى (1814–1818) | |
مواطنة | السعودية | |
عدد الأولاد | 5 | |
الأب | سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود | |
عائلة | آل سعود | |
مناصب | ||
وزارة الحربية | ||
في المنصب 1803 – 1814 |
||
في | الدولة السعودية الأولى | |
ولاية العهد السعودية | ||
في المنصب نوفمبر 1803 – أبريل 1814 |
||
في | الدولة السعودية الأولى | |
قائمة حكام آل سعود (4 ) | ||
في المنصب 1 مايو 1814 – 9 سبتمبر 1818 |
||
في | الدولة السعودية الأولى | |
الحياة العملية | ||
اللقب | إمام الدولة السعودية الأولى | |
المهنة | حاكم وإمام وأمير | |
اللغة الأم | العربية | |
مجال العمل | رجل دولة | |
الخدمة العسكرية | ||
الفرع | القوات المسلحة السعودية | |
الرتبة | رئيس الأركان (1814–1818) وزير (1803–1814) |
|
المعارك والحروب | الحرب العثمانية السعودية |
مولده ونشأته
ولد الإمام عبد الله بن سعود الكبير في الدرعية في القرن الثامن عشر للميلاد ولا يعرف بالتحديد تاريخ مولده. تدرب على أعمال الفروسية في سن مبكرة وكان والده ينيبه في الحكم إذا خرج من الدرعية في حملاته. قاد الإمام عبد الله بن سعود الكبير القوات في معركة وادي الصفراء التي حدثت بين قوات الدرعية وقوات طوسون باشا والتي تكللت بصد حملة طوسون باشا عن المدينة المنورة سنة 1226هـ/1812م.[5]
فترة حكمه ونهايتها
تولى الحكم عقب وفاة والده سنة 1229هـ/1814م وحتى سنة 1233هـ/1818م، وامتد حكمه لمدة أربع سنوات[2]، كانت البلاد فيها غير مستقرة ومضطربة، فقد أرسل والي مصر محمد علي باشا ابنه طوسون باشا على رأس جيش كبير إلى ناحية الحجاز ومن ثم سار بنفسه للحجاز بعد هزيمة طوسون باشا في تربة والحناكية فقاد الجبهة ما بين سنتي 1813م-1815م، ومن ثم لحقهما إبراهيم باشا بعد إصابة طوسون باشا وبأمر وتمويل من الدولة العثمانية لشن حملات عسكرية على الدولة السعودية الأولى. واجهت هذه الحملات الفشل تماما أول الأمر بل وتعثرت في ثلاث معارك كبيرة في تربة البقوم التي تعد العمق الإستراتيجي للدرعية ولنجد عموما. شهدت أيضا فترة حكمه اضطراب أمور دولته ناحية عمان بعد مقتل قائد الجيوش السعودية مطلق بن محمد المطيري في بلدة الواصل بولاية بدية الشرقية العمانية في آواخر عهد والده الإمام سعود الكبير[6]؛ بالإضافة إلى تعاظم تهديد الإمبراطورية البريطانية لموانئ حلفاء الدرعية الشيوخ القواسم منذ الحملة البريطانية الثانية على القواسم 1809م والتي كانت تسعى لاحتلال ساحل رأس الخيمة.[7]
تحصيات الدرعية في عهد الإمام عبد الله بن سعود الكبير
كانت مدينة الدرعية تتألف من خمسة أحياء متجاورة يحيط بكل منها سور، فكانت المدينة محصنة تحصيناً منيعاً؛[8] حيث كانت تمتد على ضفتي وادي حنيفة على جبلين مرتفعين وحُفر لاحقا خندق لزيادة تحصينها، ويحيطها سور جامع يوفر لها الحماية المطلوبة مع أبراج المراقبة للتنبيه لكل حي والمزودة بالمدافع.[9]
حصار الدرعية والاستسلام
تقدمت آخر الحملات التي أرسلها العثمانيون على نجد سنة 1232هـ/1817م فوصلت إلى حدود الدرعية على ضفاف وادي حنيفة بعد معركة بسل الشهيرة التي استولت فيها قوات محمد علي باشا على معسكرات السعوديين وكلفتهم فيها خسائر مادية جسيمة تلاها تهاوي المدن الحجازية في أكثر من وقعة بعد الحملات على حصون بخروش (1814م-1815م)؛ وقعة بيشة (1815م)؛ وقعة قصر البعجاء (1815م)؛ معارك عسير (1815م-1816م)؛ وقعة الحناكية الثانية (1817م)؛ وما تلاها من توغل في نجد من حصار الرس الذي امتد من شهر شعبان لشهر ذو الحجة لسنة 1817م[10]؛ ووقعة عنيزة؛ ووقعة بريدة؛ وحصار شقراء؛ ومذبحة ضرما[11][12]؛ ومعارك منفوحة وعرقة وبقية حواضر نجد؛ عندها تحصن رجال الدولة السعودية في عاصمتهم الدرعية فحاصرها رجال إبراهيم باشا حصاراَ شديداً لستة أشهر إلى سنة 1233هـ/1818م، حتى نفد السلاح والزاد وكثر القتل برجال الدرعية وضعف من فيها؛ مما دفع الإمام عبد الله بن سعود الكبير إلى أن يخرج لمقابلة القائد للاتفاق حول الاستسلام وكانت شروط الإتفاق على النحو التالي:
- يخرج المحاربون من الدرعية ولا تهدم.
- تكون الدرعية تحت حكم الكتائب العثمانية.
- أن يسلم الإمام نفسه للباشا.
بعد أن قَبل الإمام عبد الله بن سعود الكبير بالشروط، قام بتنفيذ الاتفاق لكن سرعان ما نكث إبراهيم باشا بما تعهد به حيث قام بعد أن استولى على الدرعية بتدمير معظم أسوار وتحصينات وبيوت الدرعية وحرق نخيلها وسلب أرزاقها وقتل علمائها، ونهب معظم الوثائق والمخطوطات والكتب التي وصل إليها، وملاحقة من ترك الدرعية من عائلة آل سعود كتركي بن عبد الله بن الإمام محمد آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثانية لاحقا. لم يطل بقاء هذه الحملة إذ سرعان ما شُنَّت عليها مئات الغارات فاضطرت للانسحاب سنة 1819م وعادت الدولة السعودية للظهور ثانية بقيادة تركي بن عبد الله بن الإمام محمد آل سعود.[13]
روى الضابط البريطاني فورستر سادلير في مذكراته رحلة عبر الجزيرة العربية والذي كان مبعوثا من قبل الإمبراطورية البريطانية لملاقاة إبراهيم باشا من أجل حشد القوى المحلية من آل بوسعيد في عمان والإقليمية المتمثلة في إبراهيم باشا قائد الحملة العثمانية على نجد والحجاز لغاية تنفيذ هجوم مشترك على الشيوخ القواسم الذين يعتبرون آخر حلفاء متبقين للدولة السعودية الأولى في رأس الخيمة والشارقة ولتحجيم نفوذهم أن "إبراهيم باشا برر الدمار والحرق الذي طال الدرعية وأهلها بأنه أمر من والده محمد علي باشا".[14] من ثم تم ترحيل الإمام عبد الله بن سعود الكبير ومن معه من آل سعود إلى مصر.
وصلت أخبار سقوط الدولة السعودية الأولى إلى الباب العالي وعمت الأفراح الدولة العثمانية، روى المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي المعاصر لتلك الحقبة رد فعل محمد علي باشا عند سقوط الدرعية في كتابة تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار قائلاً: «واستهل شهر ذي الحجة الحرام بيوم الجمعة سنة 1233 وفي سابعه وردت بشائر من شرق الحجاز بمراسلة من عثمان آغا الورداني أمير الينبع بأن إبراهيم باشا استولى على الدرعية والوهابية فانسر الباشا لهذا الخبر سرورا عظيما وانجلى عنه الضجر والقلق وأنعم على المبشر وعند ذلك ضربوا مدافع كثيرة من القلعة والجيزة وبولاق والأزبكية وانتشر المبشرون على بيوت الأعيان لأخذ البقاشيش».[15]
وقال أيضا: «ووردت الأخبار من شرق الحجاز والبشائر بنصرة حضرة إبراهيم باشا على الوهابية قبل استهلال السنة بأربعة أيام فعند ذلك نودي بزينة المدينة سبعة أيام أولها الأربعاء السابع عشر من ذي الحجة ونصبت الصواوين خارج باب النصر عند الهمايل وكذلك صيوان الباشا وباقي الأمراء والأعيان خرجوا بأسرهم لعمل الشنك والحرائق وأخرجوا من المدافع مائة مدفع وعشرة وتماثيل وقلاعا وسواقي وسواريخ وصورا من بارود بدأوا في عمل الشنك من يوم الأربعاء فيضربون بالمدافع مع رماحه الخيالة من أول النهار مقدار ساعة زمانية وربع قريبا من عشرين درجة ضربا متتابعا لا يتخلله سكون على طريقة الإفرنج في الحروب بحيث أنهم يضربون المدفع الواحد اثنتي عشرة مرة وقيل أربع عشرة مرة في دقيقة واحدة فعلى هذا الحساب يزيد ضرب المدافع في تلك المدة على ثمانين ألف مدفع بحيث يتخيل الإنسان أصواتها مع أصوات بنادق الخيالة المترامحين رعودا هائلة ورتبوا المدافع أربعة صفوف ورسم الباشا أن الخيالة ينقسمون كذلك طوابير ويكمنون في الأعالي ثم ينزلون مترامحين وهم يضربون بالبنادق ويهجمون على المدافع في حال اندفاعها بالرمي فمن خطف شيئا من أدوات الطبجية الرماة يأتي به إلى الباشا ويعطيه البقشيش والأنعام».[15]
وقال كذلك في وصف الحفلات: «وحول محل الحراقة حلقة دائرة متسعة حولها ألوف من المشاعل الموقدة وطلبوا لعمل أكياس بارود المدافع مائتي ألف ذراع من القماش..، إلى أن قال: وبعد انقضاء السبعة أيام المذكورة حصل السكون».[16]
في نوفمبر 1818م وصل الإمام عبد الله بن سعود الكبير إلى مصر فاستقبله والي مصر محمد علي باشا بالحفاوة في قصره بشبرا، رغم أن بعض الكتب في تلك الفترة ذكرت بأن محمد علي باشا كتب للسلطان محمود الثاني بأن يعطي الأمان للإمام عبد الله بن سعود الكبير ويوصي به خيراً ومن معه وأنه سيتم ترحيله من مصر إلى الأستانة، وهذا ما أخبر به محمد علي باشا للإمام عبد الله بن سعود الكبير في مجلسه بقصر شبرا، ولكن حقيقة الأمر والواقع لدى محمد علي باشا، هو تسليم الإمام عبد الله ومن معه من قواده مقابل تسليم الحكم المطلق لمحمد علي باشا بمصر دون الرجوع للباب العالي، وتم تنفيذ طلبه من قِبل السلطان العثماني، وبذلك تم ترحيل الإمام عبد الله بن سعود الكبير ومن معه إلى الأستانة بعد يومين فقط من وصوله إلى مصر، وما أن وصلها حتى شهر به في شوارعها لثلاثة أيامٍ كاملة ثم أمر بإعدامه في سنة 1234هـ/1818م.[17]
جرى إعدامه مع عدد من رجالات دولته وفي نواحي متفرقة من الأستانة، منهم:[18]
- عبد الله السراء، كاتبه الأول.
- عبدالعزيز بن سلمان آل راجح، كاتبه الثاني وخازنه.
- عثمان المضايفي، حاكم الحجاز المعين من قبل الدولة السعودية الأولى والذي علقت جثته على الباب السلطاني.
في حين أعدم في نجد كل من:
- فهد بن عبد الله بن عبد العزيز بن الإمام محمد بن سعود.
- محمد بن عبد الله بن الإمام محمد بن سعود.
- فهد بن تركي بن عبد الله بن الإمام محمد بن سعود.
- سعود بن عبد الله بن الإمام محمد بن سعود.
- محمد بن حسن بن مشاري بن سعود.
- إبراهيم بن عبد الله بن فرحان بن سعود.
- عبد الله بن ناصر بن مشاري بن سعود.
- عبد الله بن إبراهيم بن مشارى بن سعود.
- أحمد محب عبد الصادق آل رشيد.
بالإضافة إلى إعدام أعيان نجد:
- العديد من آل هذلول وآل ثنيان وآل ناصر وآل سعود.
- ستة رجال من آل دغيثر.
- أكثر من 100 رجل من أهل الوشم.
- ما يقارب الـ 30 رجال من الحوطة والحريق.
- أربعين رجل من أهل المحمل.
- أربعين رجل من أهل عرقة.
- خمسين رجل من أهل المنفوحة.
- كما قتل أعداد من أهل القصيم والأفلاج وسدير والعيينة وحريملاء.
وكثيرا من هؤلاء القتلى تم إعدامهم في الدرعية على يد إبراهيم باشا.
روى الرحالة روتير في كتابه رحلة من تفليس إلى ستامبول والذي شهد مقتل آخر أئمة الدولة السعودية الأولى: «لقد رأيت بأم عيني إعدام عبد الله بن سعود، رئيس الوهابيين، الذي قتلوه مقابل قصر حدائق السراي. إن الترك وضعوا رأسه، بعد إعدامه، في فوهة مدفع ورموها، وأما جسده فعلقوه على عامود..، وثبتوه بخنجر وقد أعدم رفاقه في نفس اليوم في أماكن متفرقه من ستامبول في شهر نوفمبر 1818م»؛ و"ستامبول" هي الأستانة أو الباب العالي أو إسلامبول في القرنين التاسع عشر للميلاد وأوائل القرن العشرين للميلاد، حيث غالبًا ما وصفت بالمصادر الأوروبية والأمريكية الغربية بالقسطنطينية للإشارة إلى المدينة ككل، لكن ستامبول (بالإنجليزية: Stamboul) كان يشير إلى الأجزاء المركزية الواقعة في شبه الجزيرة التاريخية، أي القسطنطينية التي تعود للعصر البيزنطي داخل الجدران.[19][20][21]
وقد حاول بعض العلماء الترك حمله على نبذ معتقداته واعتناق مذهبهم لكي يحموه من القتل إلا أنه رفض ذلك فشهر به وقتل، فانتهت الدولة السعودية الأولى على أيدي العثمانيين بقيادة إبراهيم باشا، الذي نقض الاتفاق الذي أبرمه مع الإمام عبد الله بن سعود الكبير، وهدم بعض قصور الدرعية وأمر رجال الدولة السعودية المتبقين أن يهدموا بعض أسوار الدرعية بأيديهم.[22]
معركة الدفاع عن الدرعية
كان وصول إبراهيم باشا بقواته إلى مشارف الدرعية «الملقى» في غرة شهر جُمادى الأولى سنة 1233هـ/مارس 1818م، وبعدها ابتدأت وقائع معركة الدرعية والتي استمرت على جبهات عديدة لستة أشهر وقد استخدمت فيها السيوف، والرماح، والبنادق، والمدافع، والقبوس، والقنابر، ومنها:[23]
- واقعة العلب:
بعد أن عسكر إبراهيم باشا في الملقى سار مع بعض جنوده بالخيل ومعه بعض المدافع ليختار المواقع التي يريد النزول بها عند الدرعية حتى وصل إلى منطقة «العلب» في أعلى الدرعية فنزلوا فيها فقام إبراهيم باشا بحفر متاريس «خنادق» مقابل متاريس الإمام عبد الله بن سعود الكبير فابتدر الإمام عبد الله بن سعود الكبير بإطلاق النار من مدافعه، وقد ذكر ذلك إبراهيم باشا في رسالة وجهها إلى أبيه محمد علي باشا ضمن وثائق الأرشيف العثماني، قال فيها: «بما أن الدرعية كائنة بين جبلين فوزع قسم المذكور -أي عبدالله بن سعود- الوهابيين على الجبال وأطراف مضيق الدرعية وفي داخل الحدائق -أي المزارع- المختلفة وبقية أعوانه في داخل الأسوار والأبراج وقوى متاريسه تقوية جدية على وجه لا تنفذ فيها القذائف».
- واقعة غبيراء:
وهي الشعيب الواقع في أقاصي المتاريس الجنوبية من الدرعية، وسببها أن إبراهيم باشا جمع خيلا هاجم بهم متاريس «خنادق» أهل الدرعية ليلاً من الخلف فحصلت الهزيمة على أهل الدرعية -كما يذكر ابن بشر المؤرخ النجدي المعاصر لسقوط الدولة السعودية الأولى في كتابه عنوان المجد في تاريخ نجد- منهم بعض رجال من الرؤساء والقادة من آل سعود وغيرهم مثل فهد بن تركي بن عبد الله بن الإمام محمد بن سعود، ولا يذكر ابن بشر عدد قتلى جيش إبراهيم باشا بل يقول: «إنهم قتل منهم مقتلة، وهرب من الدرعية تلك الليلة عدة رجال من أهل النواحي، هذا وأهل الدرعية في متاريسهم المذكورة لم يختلف منها شيء».
- واقعة سمحة النخل:
وهي في أعلى الدرعية وفيها انهزم أهل الدرعية وابتعدوا عن متاريسهم -كما روى ابن بشر المؤرخ النجدي المعاصر لسقوط الدولة السعودية الأولى- وذلك أن أناسا من أهل البلد خرجوا إلى إبراهيم باشا وأخبروه بعورات البلد ومواطن الضعف فيها فجمع إبراهيم جنوده وخيالته وهاجم بهم على بعض متاريس الدرعية وبروجها حسب ما أرشدهم إليه الذين انضموا إليهم من أهل الدرعية. فاقتحم إبراهيم مترس عمر بن الإمام سعود الكبير ومترس فيصل بن الإمام سعود الكبير في سمحة وغيرهم فثبت بعضهم واضطر البعض الآخر إلى الانسحاب بالإضافة لسقوط البرج الذي يلي المتراس. وفي وثيقة أخرى تشتمل على رسالة بعثها إبراهيم باشا إلى أبيه محمد علي باشا يرسم فيها خطة اقتحام الدرعية وتتلخص في إنه سيخصص جنود المشاة للزحف على الدرعية وباقي أبراجها ومتاريسها، كل جماعة تتجه إلى قسم من أقسام الدرعية وتستفرد بها والتي ذكر أنها خمسة أقسام، وذلك بدلا من إحاطتها كلها بجنود وهذا يتطلب عدداً كبيرا من الجنود حيث يذكر «أن الرجل من المشاة لا يمكن أن يُتم السير في طول الدرعية وعرضها بأقل من مدة ساعتين ونصف». كما يذكر في رسالته تلك بوقوع معارك كبيرة على أحد الأسوار مع الإمام عبد الله بن سعود الكبير وأتباعه قتل فيها أخواه فيصل بن الإمام سعود الكبير وتركي بن الإمام سعود الكبير منذ بداية حصار الدرعية حتى تاريخ الرسالة وهو 9 رمضان سنة 1233هـ.
- واقعة السلماني:
وذلك أن أهل الدرعية بعد انسحابهم من متاريس «سمحة» السابقة الذكر عسكروا في السلماني ووقع بينهم وبين جنود إبراهيم باشا قتال شديد قتل من جنود إبراهيم باشا قتلى كثيرون -كما يذكر ابن بشر- واستمر القتال من العصر إلى ما بعد العشاء.
- واقعة شعيب البليدة:
في الجهة الجنوبية من الدرعية حيث نشب فيها قتال بين الجانبين، ثم قام قتال آخر من بعد الظهر إلى ما بعد العصر حيث حمل جنود إبراهيم باشا على متاريس أهل الدرعية، لكن أهل الدرعية -كما يقول ابن بشر- حملوا عليهم وأخرجوهم منها.
- واقعة شعيب قليقل:
في الجهة الشمالية من الدرعية حيث حصل فيها قتال حينما حمل جنود إبراهيم باشا على أهل الدرعية في ذلك المكان فثبتوا لهم، ثم إن إبراهيم باشا بعث جنودا له إلى بلدة عرقة -قرب الدرعية- التي كانت تمد الدرعية فهجم عليها ودمرها.
- وقعة حريق المستودع:
وهو حريق نشب في مستودع أسلحة جيش إبراهيم باشا وقد خسر فيه أعداد كبيرة من معداته وقواته، قال المؤرخ المصري عبدالرحمن الجبرتي الذي عاصر تلك الفترة في كتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار: «إنه في منتصف شهر رمضان سنة 1233هـ وصل نجاب وأخبر أن إبراهيم باشا ركب إلى جهة من نواحي الدرعية لأمر يبتغيه وترك عرضة -نائبا عنه- فأغتنم الوهابية غيابه وكبسوا على العرضة على حين غفلة وقتلوا من العساكر عدة وافرة واحرقوا الجبخانة -الذخيرة- فعند ذلك قوي الاهتمام وارتحل جملة من العساكر في دفعات ثلاث براً وبحراً يتلو بعضهم بعضاً لضرب الدرعية».[24]
- واقعة الرفيعة:
وهي نخل في شرق الدرعية حيث حصل فيها مقتلة عظيمة بين الجانبين ووقعات عديدة، كما أن أهل الناحية الشمالية للدرعية حملوا على معسكر إبراهيم باشا فقتلوا عدة قتلى منهم، ويقول -ابن ابشر- المؤرخ النجدي: «إنه جرت واقعة أخرى كبيرة في الرفيعة سببها أن إبراهيم باشا سار ببعض جنوده الخيالة ومعهم رجال من أهل الخرج ورجال من أهل الرياض الذين كانوا قد انضموا إلى إبراهيم باشا وعلى رأسهم ناصر بن حمد العايذي أمير الرياض، فحملوا على متاريس الدرعية في الرفيعة فقاتلهم من كان فيها وعلى رأسهم فهد بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ومعه جمع من أهل الدرعية وأهل سدير وغيرهم، ودارت معركة قتل فيها فهد المذكور لكن لم يلبث أن خرج مدد من أهل الدرعية لإخوانهم فأوقعوا في أتباع إبراهيم باشا القتل واستمر القتال من طلوع الشمس إلى وقت الظهيرة وسقط قتلى كثيرون من الفريقين».
- الهجوم العام على الدرعية:
يذكر -ابن بشر- أن ذلك الهجوم العام قد بدأ في الثالث من ذي القعدة سنة 1233هـ/سبتمبر 1818م أي بعد ستة أشهر من حصار الدرعية، حينما حمل إبراهيم باشا بجيشه على جهات الدرعية الأربع كلها الجنوبية والشمالية والشرقية والغربية مستغلا وصول إمدادات ضخمة سيرها والده سابقا منذ محرقة المستودع من مصر حينذاك، وكذلك ما توفر من معلومات هامة عن مواطن الضعف في الأسوار والمتاريس والأبراج والجنود لأهل الدرعية، وكان الاستعداد لهذا الهجوم قد بدأ من الليل حيث جمع إبراهيم باشا مدافعه حول جهات الدرعية الأربع وجمع أكثر خيالته وجنوده عند الجهة الجنوبية من الدرعية بينما ركز مدافعه على الجهة الشمالية أكثر من غيرها وعند الفجر اتجه الخيالة والجنود إلى «مشيرفة» في الجهة الجنوبية وفيها نخل الإمام سعود الكبير بن عبد العزيز فوجدوا المكان خاليا فدخلوه واستولوا عليه، ثم ابتدأ الهجوم العام من جميع الجهات ليشغلوا أهل الدرعية عن استيلائهم على مشيرفة. فاشتد القتال بين الجانبين ولم يلبث أن خرجت خيالة وجنود إبراهيم باشا على أهل الدرعية من جهة مشيرفة ففاجأوا أهل الدرعية وحصل منهم الارتباك ثم الانهزام فتركوا مواقعهم وتفرقوا، كل أهل نزلة قصدوا منازلهم وتوزعوا على الأحياء واعتصموا فيها ومنهم سعد بن الإمام عبد الله بن سعود الكبير تحصن في قصر غصيبة ومعه خمسمائة من أعوانه، أما الإمام عبد الله بن سعود الكبير فقد كان في سمحان عند بوابتها حينذاك مع مجموعة من أهل الدرعية يقاتلون عنها، فلما علم بهذا التطور انتقل من سمحان إلى قصره في الطريف وتحصن فيه، فاستولى جنود إبراهيم باشا على سمحان وأخذوا يرمون أصحاب البيوت بالمدافع. فخرج عليهم أهل السهل بين الجبلين وعلى رأسهم الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي وابنه الشيخ سليمان مستميتين في طرد قوات إبراهيم باشا واستمر قتالهم في الشوارع وأمام الدور حتى الليل، واستطاعوا زحزحة قوات إبراهيم باشا من مكانها بعد أن سقط العديد من القتلى وأرادوا الصلح مع إبراهيم باشا على البلد كلها فأبى إلا على السهل فقط. فعاد القتال بين الجانبين وركز إبراهيم باشا مدافعه على الطريق حيث يعتصم الإمام عبد الله بن سعود الكبير، فتهدمت جوانب من القصر، فخرج الإمام عبد الله مدافعه منه ونقلها إلى مسجد الطريف وأخذ يرمي عدوه منه ومعه مجموعة من أهل الدرعية، واستمروا على ذلك يومين في قتال عنيف، ثم حصل تناقص في أتباع الإمام عبد الله حيث وقعت كافة الحصون في اليوم الثاني من الهجوم ولم يبق غيره -وكما يقول ابن بشر-: «تفرق عن عبدالله أكثر من كان عنده، فلما رأى عبدالله ذلك بذل نفسه وفدى بها عن النساء والولدان والأموال، فأرسل إلى الباشا وطلب المصالحة، فأمره أن يخرج إليه، فخرج إليه وتصالحا على أن يركب إلى السلطان فيحسن إليه أو يسيء وانعقد الصلح على ذلك».
بنود صلح الدرعية:
- دخول الدرعية في طاعة إبراهيم باشا.
- بذل الأمان لأهل الدرعية على أنفسهم وأموالهم، وعدم هدم الدرعية وتخريبها وحرق زروعها.
- يسافر الإمام عبد الله بن سعود الكبير إلى مصر ثم إلى الأستانة.
صفاته
وصفه ابن بشر، قائلاً: «كان عبد الله بن سعود ذا سيرة حسنة، مقيما للشرائع، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، كثير الصمت، حسن السمت، كثير الوقار، باذل العطاء وموقراً للعلماء».[25]
حال نجد بعد مقتله
قال ابن بشر: «عن هذه السنة، كثر فيها الاختلاف والاضطراب، ونهب الأموال، وقتل الرجال، وتقدم أناس وتأخر آخرون وذلك بحكمة الله سبحانه وتعالى. وقد انحل فيها نظام الجماعة، والسمع والطاعة، وعدم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، حتى لا يستطيع أحد أن ينهى عن منكر أو يأمر بطاعة» إلى أن قال:«وسُل سيف الفتنة بين الأنام، وصار الرجل في جوف بيته لا ينام، وتعذرت الأسفار بين البلدان، وتطاير شرر الفتن في الأوطان، وظهرت دعوة الجاهلية بين العباد، وتنادوا بها على رؤوس الأشهاد».[26]
وقال محمد بن عمر الفاخري التميمي -أحد مؤرخي الدولة السعودية الأولى والمعاصر لها- المتوفي سنة 1277هـ في وصف تلك الحقبة بقصيدته:
عام به الناس جالوا حسبما جالوا | ونال منا الأعادي فيها ما نالوا | |
قال الأخلاء أرّخه فقلت لهم أرخت | قالوا بماذا؟ قلت:غربال |
كما قال في قصيدته المشهورة في عمال الأتراك:
عمال بحذف اللام جاؤوا | يريدون الخراص من غير صاد | |
لبيت المال دون اللام سهم | وســـهم دون دال للزنـــــاد |
إخوانه
- تركي بن سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود.
- خالد بن سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود.
- مشاري بن سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود.
- عمر بن سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود.
- إبراهيم بن سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود.
- فيصل بن سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود.
- ناصر بن سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود.
- سعد بن سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود.
- فهد بن سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود.
- حسن بن سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود.
- عبد الرحمن بن سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود.
أبناؤه
ذكر الشيخ عبدالرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي الذي فر من مصر سنة 1825م في كتابه المقامات، أن أبناء الإمام عبد الله بن سعود الكبير الذكور قد أسروا ونقلوا إلى مصر بعد مقتل والدهم ما نصه: «بعد روحة عبد الله بن سعود تبعه عياله».
- سعد بن عبد الله بن سعود الكبير آل سعود
- سعود بن عبد الله بن سعود الكبير آل سعود
- محمد بن عبد الله بن سعود الكبير آل سعود
- عريب بن عبد الله بن سعود الكبير آل سعود
- موضي بنت عبد الله بن سعود الكبير آل سعود
انظر أيضاً
- الدولة السعودية الأولى.
- الدولة العثمانية.
- الإمام تركي بن عبد الله ابن الإمام محمد آل سعود.
- الثورة العربية الكبرى.
سبقه سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد آل سعود |
إمام أو أمير الدولة السعودية الأولى | تبعه تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثانية |
مراجع
- تاريخ المجد في تاريخ نجد، صفحة 364، نجد ابن بشر
- دارة الملك عبد العزيز, المحرر (1424هـ-2004م). مختصر الأطلس التاريخي للمملكة العربية السعودية. الطبعة الأولى-صفحة 20.
- Dr. Abdullah Mohammad Sindi. "The Direct Instruments of Western Control over the Arabs: The Shining Example of the House of Saud" ( كتاب إلكتروني PDF ). Social sciences and humanities. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 12 أكتوبر 201704 يونيو 2012.
- The National Interest: "Turkey's 200-Year War against 'ISIS'" by Selim KoruJuly 24, 2015 نسخة محفوظة 06 فبراير 2018 على موقع واي باك مشين.
- الدرعية نشأةً و تطوراً في عهد الدولة السعودية الأولى : عبدالله الصالح العثيمين
- عنوان المجد في تاريخ نجد، ابن بشر، ص337
- السعدون، خالد (2012). مختصر التاريخ السياسي للخليج العربي منذ أقدم حضاراته حتى سنة 1971. جداول للنشر والتوزيع، بيروت. ط1
- الرافعي عصر محمد علي ص149
- المراسلات بين إبراهيم باشا ومحمد علي باشا نصت أن بداية القتال بين إبراهيم باشا وأهل الدرعية بعد وصوله إليها وكانت في اليوم الرابع من شهر جمادى الأولى سنة 1233هـ، حينما قام إبراهيم باشا بحفر متاريس «خنادق» مقابل متاريس عبدالله بن سعود فابتدر عبدالله بن سعود بإطلاق النار من مدافعه الثمانية والعشرة، وقد ذكر ذلك ابراهيم باشا في رسالة وجهها الى أبيه محمد علي وقال فيها أيضا: «بما أن الدرعية كائنة بين جبلين فوزع قسم المذكور «أي عبدالله بن سعود» الوهابيين، على الجبال وأطراف مضيق الدرعية وفي داخل الحدائق «أي المزارع» المختلفة وبقية أعوانه في داخل الأسوار والأبراج وقوى متاريسه تقوية جدية على وجه لا تنفذ فيها القذائف
- تاريج المجد في تاريخ نجد، ص387، ابن بشر
- كتاب المجد في عنوان نجد، ابن بشر، ص395-396
- تاريخ مصر في عهد محمد علي عرض الحوادث التاريخية والعسكرية منذ جلاء الفرنسيين حتى عام 1823م
- عنوان المجد في تاريخ نجد، ابن بشر، باب سقوط الدرعية
- كتاب مذكرات عن رحلة عبر الجزيرة العربية خلال عام لـ الكابتن ج فورستر سادلير
- تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبدالرحمن الجبرتي، المجلد الثالث، ص581-582
- تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبدالرحمن الجبرتي، المجلد الثالث، ص592
- "الإمام عبد الله بن سعود بن عبد العزيز من الدرعية إلى الأستانة". مؤرشف من الأصل في 28 مارس 2019.
- (التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول ــ طبعة 1298 هـ)
- H. G. Dwight (1915): Constantinople Old and New. New York: Scribner's.
- Edmondo De Amicis (1878) Costantinopoli Milano, Treves, passim
- وصلة ويكيبيديا تسمية إسطنبول - تصفح: نسخة محفوظة 03 مايو 2019 على موقع واي باك مشين.
- تاريخ مصر في عهد محمد علي، فليكس مانجان
- كتاب عنوان المجد في تاريخ نجد، ابن بشر، من ص400 حتى ص416
- تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبدالرحمن الجبرتي، المجلد الثالث، ص579-580
- كتاب عنوان المجد في تاريخ نجد، صفحة422، لابن بشر
- كتاب عنوان المجد في تاريخ نجد، صفحة426-427، لابن بشر